“حرتقات” انتخابية… و”ميغاسنتر” نصرالله يوزّع الأدوار عن بُعد

لبنان الكبير

على طريقة الاستمرار في قيادة شؤون الدولة اللبنانية من الخلف، يصرّ “حزب الله” على غسل يديه من كلّ الوقائع المأسوية الانهيارية التي وصلت اليها البلاد على الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ولم يكن ارتداء القفّازات الخطابية في إطار المواقف المعلنة على لسان أمينه العام السيد حسن نصرالله أمس، سوى محاولة “قديمة جديدة” على طريقة “ميغاسنتر” تحكميّ عن بعد وتوزيع الأدوار وإصدار الشعارات التبريدية انطلاقاً من دعوته “الدولة اللبنانية إلى مواجهة كل من الاحتكار ورفع الأسعار”، ومروراً بالمطالبة بإنقاذ “بقية اللبنانيين العالقين في أوكرانيا”.

ووصولاً إلى نفي “هيمنة حزب الله على الدولة” في زمن أكثريته النيابية، غامزاً من قناة بيان وزارة الخارجية إزاء الحرب الروسية على أوكرانيا، تساءل نصرالله: “لو كان حزب الله يهيمن على قرار الدولة، هل كان يمكن أن تصدر وزارة الخارجية بياناً من هذا النوع؟”. وتناسى أن وزير الخارجية محسوبٌ على فريق أكثرية حزبه السياسية، في زمن تراقص خياراتها الاقليمية تزامناً مع اللعب على طاولة أوراق الخيار الايراني في المنطقة. وانتخابياً، اعتبر أن “بعض القوى السياسية ليس لها أي برنامج انتخابي سوى رفع شِعار كاذب بشأن هيمنة حزب الله”، متغافلاً عن دور الحزب التعطيلي للاستحقاقات الدستورية وصولاً إلى نيله الأكثرية.

وعلى مشارف استحقاق انتخابي جديد يواجه تحديات التأجيل وسط مسعى مستمرّ للإرجاء على صعيد القوى الحاكمة، علم “لبنان الكبير” أن نقاشات ومشاورات عقدت في الساعات الثماني والأربعين الماضية بين وجوه قيادية محسوبة على أحزاب الأكثرية النيابية بغية البحث في إمكان إرجاء الانتخابات النيابية أشهراً عدّة. وقد اتخذت بعض وجوه 8 آذار الوزارية على عاتقها طرح عنوان تأجيل الاستحقاق الانتخابي بصوت غير خافت انطلاقاً من ذرائع مادية ولوجيستية، لكنها اصطدمت بتأكيد رئاسة الحكومة ووزارة الداخلية المضي قدماً في التحضيرات المطلوبة لانجاز الانتخابات في موعدها.

ولم تتبدّد بعد الشكوك إزاء الدفع المستمرّ لإرجاء الانتخابات النيابية على أثر العزف المستجدّ على نغمة “الميغاسنتر” أيضاً، في وقت علم “لبنان الكبير” أن اجتماع اللجنة الوزارية الثاني الذي عقد بعد ظهر أمس لبحث “الميغاسنتر”، عرض وجهتي نظر حيال ما إذا كان القانون وحده يسمح بإقامة “الميغاسنتر” أم لا. ومن سمع وجهتي النظر لا بد وأن يخرج بخلاصة مفادها أنه اذا كان لا بد من “الميغاسنتير”، فيجب أن يقر ذلك بموجب قانون في المجلس النيابي يشكل غطاء للعملية الانتخابية، لكي لا تتعرض للطعن في المستقبل.

وعلم أن التوصية التي يرجح أن تصدر عن اللجنة، ستشير إلى أنه بالإمكان تنفيذ “الميغاسنتر” لوجيستياً ومالياً. أما قانونياً فسيصدر مجلس الوزراء في جلسة يعقدها غداً الخميس توصية يطلب فيها من مجلس النواب عقد جلسة للهيئة العامة يوم الجمعة أو الاثنين كحد أقصى ويجب أن تنتهي من كل شيء قبل 16 آذار والا فلا إمكان على الاطلاق لتنفيذ “الميغاسنتر” خاصة وأن الأموال المرصودة للانتخابات لا تزال في اللجان وطريقها لا يزال طويلاً لتصل الى وزير المالية. وهنا لا بد من طرح السؤال المشير إلى أنه اذا لم يكن الأمر بحاجة الى قانون من المجلس النيابي، فلماذا عرض في الجلسة السابقة للمجلس التي انعقدت خلال شهر تشرين الثاني الماضي؟

وانتخابياً، عقدت لجنة الشؤون الخارجية والمغتربين النيابية جلسة أمس برئاسة رئيس اللجنة النائب ياسين جابر، وحضور وزير الخارجية عبد الله بو حبيب، لدرس مشروع القانون الوارد بالمرسوم 8813 الرامي إلى فتح اعتماد اضافي استثنائي في الموازنة العامة لعام 2022 في موازنة وزارة الداخلية والبلديات – الدوائر الإدارية – (المديرية العامة للشؤون السياسية واللاجئين) وفي موازنة وزارة الخارجية والمغتربين – الإدارة المركزية والبعثات في الخارج للعام 2022 لتأمين التمويل لاقتراع المغتربين. وأقرّت اللجنة مشروع القانون المذكور أعلاه مع الأخذ بتعديل لجنة المال والموازنة لجهة إضافة بند يتعلق بفتح اعتماد لتغطية نفقات جوازات السفر.

قائد الجيش

وإلى جانب محاولات الصمود أمام التحديات الانتخابية والسياسية، برز أمس موقف قائد الجيس العماد جوزف عون خلال تفقّده فوج مغاوير البحر في عمشيت، وإذ أكّد أن “المؤسسة العسكرية لا تزال متماسكة وقادرة على القيام بدورها على الرغم من كل التحدّيات، والفضل يعود لكم، لإصراركم على الصمود ومواجهة الأزمات بعزيمة ووفاء”، أشار إلى أنه “ليس أمامنا سوى خيار واحد، وهو البقاء في وطننا، لن نتركه مهما اشتدّت الصّعاب. سنبقى على عهدنا في حمايته إلى حين اجتياز هذه الأزمة، التي هي أصعب من الحروب والمعارك العسكرية، ولكن أنتم تدرّبتم على مواجهة الصّعاب والتحدّيات، فلا تفقدوا الثقة والأمل”. ولفت إلى أنَّ “القيادة لا تزال تسعى مع الدول والجيوش الصديقة إلى توفير المساعدات والدعم لعناصرها”.

وتوجٌه العماد عون إلى العسكريين، قائلاً: “كونوا على ثقة بأن الجيش صامد في وجه كلّ التحديات. المرحلة صعبة ودقيقة وتتطلّب منّا الوعي الكبير، خاصة أنَّنا قادمون على استحقاقات مفصلية، نحن جاهزون لمواكبتها، ولكن للأسف فإنَّ البعض يستغلها للتصويب على الجيش”.

وتناول ملف ترسيم الحدود البحرية، في تأكيده أن “الجيش أنجز مهمته التقنية في المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية بناءً على تكليف من السلطة السياسية، وبذلك يكون دورنا انتهى عند هذا الحد. بالتالي، وكما أعلنتُ سابقاً منذ نحو عام، ولاحقاً عبر بيان رسمي أنَّ المؤسسة العسكرية هي مع أيِّ قرار تتّخذه السّلطة السياسيّة في موضوع الترسيم، وبالتالي فنحن غير معنيّين بأيّ تحاليل إعلامية أو مواقف تصدر في هذا الشأن وتزجّ اسم المؤسّسة”.

شارك المقال