“القصر” ينتقم من “لبنان الكبير”

لبنان الكبير

مع قضاء مثل غادة عون. ومع مستشارين كالموجودين في القصر. وفي عهد فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية الجنرال ميشال عون وولي عهده الصهر المدلل جبران باسيل. ومع تيار وصل الى السلطة بشعارات براقة فاشتغل عكسها تماما… لا يتفاجأ المرء بإخبار من القصر الرئاسي تتحرك النيابة على اثره بسرعة عجيبة ويتم استدعاء رئيس تحرير موقع “لبنان الكبير” الزميل محمد نمر الى “المباحث الجنائية” صباح الاثنين المقبل، ردا أو ربما إنتقاما من خبر نشره الموقع عن “خوات” على مسؤولي مصارف لتمويل انتخابات التيار الحاكم مقابل حمايتهم من “القاضية المتمردة على القضاء”.

انجاز جديد لعهد أوصلت انجازاته المشؤومة اللبنانيين الى جهنم فعلا وسوّدت حياتهم وصارت فضائحه على ألسن الجميع، وذهب كثيرون بحملة للمطالبة بمحاكمة “فخامة الرئيس” على ما ارتكبه بحق الشعب ومخالفته الدستور والقوانين، بعدما أباح الدولة بمؤسساتها لأنصاره وأقربائه وحلفائه الذين أجلسوه على الكرسي. وكان لنا في “لبنان الكبير” فخر الانخراط في هذه الحملة.

أكيد أن لا ود سياسيا بيننا وبين هذا العهد، حالنا كحال معظم هذا الشعب سيء الحظ، لا بل نحن، ومن موقعنا المهني والتزامنا الوطني وقلبنا العربي، على طرف نقيض مع هذا العهد العوني، الذي انتهك كل الأعراف والأصول في ممارسة الحكم فأوصل البلد الى الشلل والخراب داخليا والى عزلة خانقة عن مداه العربي خارجيا.

نعترف بأننا سلّفنا “عهد جهنم” الكثير ليحمل علينا بل وينقض إذا استطاع، وربما رأى “مستشار الزوايا” في القصر أن خبر “الخوات” على المصارف فرصة مناسبة للانقضاض فدّس إخباره.

يغفل هذا العهد، الذي داس حقائق كثيرة، عن مسلّمة تتمثل بـ”حرية الرأي والتعبير” التي قام عليها الاعلام اللبناني، والتي سارع كثيرون الى الدفاع عنها من خلال التضامن مع الزميل نمر باعتبارها “الجدار الأخير” للحريات كافة.

“كانو ناطرينكن” قال زميل متضامنا بمزح. فيما اعتبر محام “عتيق” أنه “نظرا الى انحياز رئاسة الجمهورية في تعاطيها في الملفات أصبح كل خبر يُتداول عن ممارسات خارجة عن القانون وعلى الأصول في أروقة بعبدا قابلا للتصديق”.

فعلا “الحق على من جعل القصر الجمهوري بيتا من زجاج”.

بالنسبة لنا في “لبنان الكبير”، فإن الإخبار والإستدعاء دليلان على أن عملنا، خلال أقل من عام، كان في المسار الصحيح، ما سيحفزنا أكثر على جعل موادنا الصحافية بمثابة إخبارات يومية بحق هذا العهد ليبقى ماثلا أمام “المباحث الشعبية المركزية” أملا برؤيته أمام المحكمة.

يريد “القصر الرئاسي” الانتقام من “لبنان الكبير” بعدما فكك أوصاله. ويريد “لبنان الكبير” الانتقام فعلا من عهد أوصل الشعب الى الحضيض.

وربما “داس” خبرنا عن “الخوات” على المصارف على قدم “القصر” فأراد النيل منا في إطار حرب أوسع يشنها على القطاع المصرفي عموما وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة خصوصا.

فمع استمرار الحرب التي فتحتها النّائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون بالوكالة عن رئيس الجمهورية و”التيار الوطني الحر” ضد سلامة ومنعه من السفر، استخدمت عون وسيلة جديدة لاستهدافه. فأصدرت قراراً بمنع سفر 5 من رؤساء مجالس إدارة 5 مصارف لبنانية، هم: رئيس جمعية المصارف رئيس “بنك بيروت” سليم صفير، سمير حنا عن “بنك عوده”، أنطوان الصحناوي عن “سوسيتيه جنرال”، سعد الأزهري عن “بلوم بنك” وريا الحسن عن “بنك ميد”.

وجاء ذلك على خلفية شكوى قدّمتها مجموعة “الشعب يريد إصلاح النظام” للتحقيق في ملف تحويل مصرف لبنان 8 مليارات دولار إلى سبعة مصارف في أواخر العام 2019 لدفعها الى مودعين خارج لبنان، قبل أن يتبين للمجموعة إياها أنّ مجموع المبالغ التي دفعتها المصارف فعلاً لم يتجاوز المليار دولار، وأنها احتفظت بالمليارات السبعة المتبقّية في خزناتها.

في هذا الاطار، استغربت مصادر قانونية ما تقوم به عون لا سيما وأن النيابة العامة التمييزية كانت سحبت منها الملفات المالية منذ العام الماضي. وقالت ان هذا الملف سياسي بامتياز لا سيما وأن العهد لا يوفر جهداً في سبيل “قبع” حاكم مصرف لبنان من منصبه. وعُلم هنا أن الاسم البديل بات جاهزا في دوائر بعبدا.

وقالت مصادر مالية لـ”لبنان الكبير” ان الهدف من إجراء غادة عون هو الوصول الى سلامة، الذي كان رفض حضور جلسة الاستماع إليه في دعوى مقدمة ضده من مجموعة “الشعب يريد اصلاح النظام” نفسها، فأرسلت غادة عون اليه جهاز أمن الدولة في محاولة لإحضاره من دون أن يتمكن من تحديد مكانه.

وأضافت المصادر أن عون تسعى الى ملاحقة سلامة في ملف جديد، كون الدعوى تشير الى أن مصرف لبنان “متورط” أيضاً في تحويل المبالغ الى المصارف.

وتساءلت المصادر عن مصير المصارف الأخرى التي تم استجوابها (علما أن التحقيق طال رؤساء مجالس مصارف أخرى) والى أي جهة سياسية تنتمي حتى “استبعدت من المعاقبة”.

وأبدت مصادر في جميعة المصارف استغرابها من قرار منع السفر، وقالت: “ان رؤساء مجالس ادارات المصارف لا ينوون الهروب من البلاد، وان غادروها فلفترة من أجل العمل ويعودون بعدها”.

شارك المقال