ضوء سعودي بانتظار “التعاون”… وعون يروّج لـ”حزب الله” في الفاتيكان

لبنان الكبير

ضوءٌ في زحمة الأزمات اللبنانية المتصاعدة على الصعد السياسية والاقتصادية والمصرفية والانتخابية لمع، أمس، من جهة السعودية التي رحّبت من خلال وزارة خارجيتها “بما تضمنه بيان رئيس الوزراء اللبناني من نقاط ايجابية”، معربةً عن “أملها بأن يُسهم ذلك في استعادة لبنان لدوره ومكانته عربيًا ودوليًا” مؤكدة “تطلع المملكة إلى أن يعم لبنان الأمن والسلام، وأن يحظى الشعب اللبناني الشقيق بالاستقرار والأمان في وطنه والنماء والازدهار”.

البيان الذي صدر عن المملكة العربية السعودية “يحمل الكثير من الرسائل” حسب مصدر مطلع، فهو “جاء كرد إيجابي على بيان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وليس الحكومة بالكامل، ولا شك أن رئيس الحكومة يمثل حكومته لكن البيان السعودي خصص رده ليكون موجها إلى الرئيس ميقاتي”.

ورأى المصدر أن البيان السعودي “تحدث عن نقاط إيجابية في بيان ميقاتي تتمثل ببند وقف كل الأنشطة السياسية والعسكرية والأمنية والإعلامية التي تنطلق من ‎لبنان وتمسّ سيادة الخليج، وبالالتزام بما تضمنته بنود المبادرة الكويتية وبكل قرارات جامعة الدول العربية”.

وسيعقد مجلس التعاون الخليجي جلسة في 27 آذار الجاري على مستوى وزراء الخارجية وسيكون الملف اللبناني أساسيا في الجلسة حيث سيتم تقويم مدى التزام لبنان بمقتضيات بيان الحكومة اللبنانية ومدى التزامه ببيان قمة جدة وبالمبادرة الكويتية ويُبنى على الشيء مقتضاه.

وتزامنا مع هذه الإيجابية “يواصل صندوق المساعدات طريقه للنهايات ومن المفترض أن يعقد اجتماعا سعوديا فرنسيا اليوم الأربعاء لبحث آليات العمل بتوزيع المساعدات وهي إنسانية تنموية وتعليمية وغذائية وطبية، وإذا سارت الأمور في العلاقة على أكمل وجه فمن المتوقع أن توقع اتفاقية في بيروت بين الجهات المانحة للمساعدات وعلى رأسها السعودية وبين الجمعيات العربية واللبنانية والعالمية المشهود لها بمصداقيتها، وستتم العملية بإشراف مركز الملك سلمان للإغاثة والجهات الفرنسية”.

وقال المصدر المطلع: “على حزب الله أن يدرك أن لبنان عربي ولا يمكن ضرب هويته أو سلخه عن حضنه العربي، وأن العدوان الإيراني وتدخل حزب الله في الدول العربية تسبب بعزلة لبنان وليس هناك سوى العرب والسعودية خصوصا التي يشهد لها التاريخ بوقوفها إلى جانب لبنان في محنه”.

المأزق الداخلي

لكنّ بصيص الانقشاعة اللبنانية – الخليجية على أهميته، لم يمنع استمرار ذبذبات التقاتل الداخلي وغياب بشائر المسار الصحيح الذي لا بدّ من سلوكه على صعيد القوى السياسية التي تتصارع في ما بينها خلال جولة جديدة من فصول العمل باتجاه تأجيل استحقاق الانتخابات النيابية. وعلى طريقة “غادة vs رجا”، يشتدّ النزاع الذي تخوضه عضلات العهد – “حزب الله” في مواجهة حاكمية المركزي وفريقه مع استمرار رمي “قشرة موز” جديدة يومياً في طريق إجراء الانتخابات في موعدها. وقد أقفلت دائرة التحقيق الأول القضائية أمس بسبب إصابة المساعد القضائي بفيروس كورونا، مما تعذّر إجراء استجواب شقيق حاكم مصرف لبنان رجا سلامة.

وأشارت معطيات “لبنان الكبير” إلى أنّ ثمة جولة تحضيرية جديدة في إطار الاتجاه المستمرّ نحو تأجيل الانتخابات النيابية، عنوانها هذه المرّة اقتراع المغتربين، في ظلّ مؤشّرات تشير إلى ارتباط حركة اعتراضية اضرابية متصاعدة سيقوم بها عدد من السفراء المقرّبين من قوى 8 آذار تزامناً مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية. وتتّخذ الحركة الاعتراضية في أسبابها الظاهرية الواقع الاقتصادي والرواتب مع العزف على وتر “حقوق” البعثات الديبلوماسية، في وقت تتمثل الأسباب العميقة بتقاطعات مشتركة غايتها العمل على تأجيل الانتخابات من بوابة الاغتراب بالحدّ الأكبر، أو نسف التصويت الاغترابي كلياً بالحدّ المتوسط، أو عرقلة تصويت عدد وازن من المغتربين بالحدّ الأدنى.

وأتى الإسناد السياسي المباشر أمس بأوزان و”تقالات” صفراء في مواجهة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، على لسان “نائب المستندات” الملوّح بها حسن فضل الله، والذي لفت في مستهلّ اجتماع لجنة المال لمناقشة الموازنة العامة “أننا نناقش أرقاماً شبه وهمية على ورق الحكومة، بينما سعر الدولار ارتفع إلى 24 ألفاً وتنكة البنزين إلى 441 ألفاً والمازوت 445 ألفاً، والمصرف المركزي والمصارف يردون على القضاء بمعاقبة الشعب اللبناني، والضغط عليه أكثر مما هو مضغوط”.

وتناسى فضل الله مسؤولية “حزب الله” عن ضرب أواصر القطاع المصرفي ومفاصله والعقوبات التي سطّرت في حقّ مصارف عدّة لبنانية في ظلّ تسلّله إليها، و”ضاق في عينه” إضراب المصارف، متسائلاً: “هل يحقّ للمصارف الإضراب، وهل يتواطأ معها المصرف المركزي؟”. ومن باب الغيرة على “الكابيتال كونترول”، قال: “هناك قوانين يتم تجاهلها، وللتذكير المصارف هي من استنفرت حماتها السياسيين والطائفيين لتعطيل قانون الكابيتال كونترول، لإبقاء تحكمها واستنسابيتها”.

عون من الفاتيكان

وعلى مسافة بعيدة من الصراع الداخلي المستمرّ، استكمل رئيس الجمهورية ميشال عون زيارته إلى ايطاليا، حيث أدلى بحديث صحافي أمس بعد يوم على اللقاء الذي جمعه بالبابا فرنسيس في الفاتيكان. وأشار عون إلى أنّه “يعرف أنّ البابا فرنسيس سيقوم بمبادرة لمساعدة لبنان”، معتبراً أنّه “بإمكان إيطاليا دعم الأطراف اللبنانيين للتلاقي والتوافق على حلّ”. ولفت إلى أنّ “مقاومة الاحتلال ليست إرهاباً، وليس لـ”حزب الله” المكوَّن من لبنانيين وحرّر الجنوب من الاحتلال الإسرائيلي أي تأثير في الواقع الأمني الداخلي للبنانيين”. وفي ما يخصّ مفاوضات السلام مع إسرائيل، أكد عون أنّ “أجزاء من أراضي لبنان وسوريا لا تزال محتلّة من قبل إسرائيل وعند التوصّل إلى تحريرها يمكن الانطلاق بمسيرة مفاوضات سلام لحفظ الحقوق”.

الانتخابات

وفي ظلّ المخاوف المستمرّة من تأجيل استحقاق الانتخابات النيابية، أشارت الجمعية اللبنانية من أجل ديموقراطية الانتخابات LADE، أمس إلى “رفض التمديد للمجالس المحلية، كما رفض التهميش في حق البلدات والبلديات ودورها اللامركزي في تأمين وتسهيل عمل وحياة الساكنين في القرى. ولذلك نطالب الحكومة بالتراجع عن قرارها بتأجيل الانتخابات البلدية، ونطالب المجلس النيابي بعدم القبول بهذا التأجيل”، لافتةً إلى “التخوّف من أن السلطة السياسية نفسها، التي ناقضت مضمون البيان الوزاري وبادرت الى تأجيل الانتخابات البلدية، لا رادع قد يمنعها من أن تحذو الحذو نفسه لتأجيل الانتخابات النيابية تحت ذرائع عدة منها الأمني أو المالي كعدم صرف الاعتمادات اللازمة لتنظيم العملية الانتخابية، وصرف الاعتماد الكافي والمخصص لهيئة الإشراف على الانتخابات كي تباشر فوراً بالعمل على رصد المخالفات ومراقبة الإعلام والإعلان الانتخابيين ومراقبة الإنفاق الانتخابي”.

ولفتت “لادي” في مؤتمر صحافي مخصّص للانتخابات النيابية، إلى حمل شعار “إذا في نية في إمكانية، الانتخابات النيابية والبلدية بموعدها”، وإلى أنّ “الانتخابات العامة، سواء كانت نيابيّةً أو بلديةً أو اختياريّةً، تكاد تكون أحد المظاهر القليلة، وربما النادرة، الباقية للديموقراطية في لبنان حيث تنهار فيه مقومات الدولة وحقوق المشاركة السياسية تباعاً”، متسائلةً: “كيف تُتاح الفرصة للمواطنين لمحاسبة السلطة، وبالتالي كيف يمكن إتاحة فرصة حقيقية وسلميّة لتداول السلطة، ولتبادل الافكار والمشاريع والسياسات الجديدة، من دون انتخابات دوريّةِ، تُنتج مجلساً نيابياً مُعبّراً عن إرادة الأمّة، ومجالس محليّةً يجد فيها أهالي المدن والبلدات والقرى مُتنفساً لهم في ظل هذا الاختناق الذي لا ينفكُّ يزدادُ يوماً بعد آخر؟”.

شارك المقال