تحذيرات كنسيّة من تطيير الانتخابات

لبنان الكبير

على خطوط تماس الأزمات المتزاحمة ضبابياً بمتفرّعاتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والانتخابية، تظهّرت “ملهاة” على شاكلة محاولة تلميع “حزب الله” في الوقت الضائع خلال الساعات الماضية من بوابة “تأويل وتقويل” ما ليس واقعياً أو حقيقياً من بوابة الفاتيكان. وتؤكّد مصادر مواكبة جديّاً للزيارات اللبنانية الى الفاتيكان والعكس لناحية لقاءات مسؤولين فاتيكانيين في بيروت، عبر “لبنان الكبير”، أنّ الفاتيكان لا يتدخل في الشؤون الداخلية ولا يتموضع مع طرف سياسي ضدّ آخر، ولا يدخل في لعبة إبداء الآراء والنصائح على صعيد القوى السياسية، بل تهمه المقاربة الوطنية العامة بما يخصّ الحفاظ على لبنان الرسالة والعيش الواحد بين المسيحيين والمسلمين، ويتمسك بالتأكيد على سيادة الدولة واستقلالها.

وتشدد المصادر على عدم وجود أي تعارض في التوجهات أو المقاربة بين الفاتيكان وبكركي، خلافاً لما يحاول البعض تصويره لجهة تعارض أو اختلاف بحيث تشكّل مبادئ الصرح البطريركي صورة عن رسالة الفاتيكان. وتذهب المصادر أبعد في الاشارة إلى أن العناوين التي طرحها البطريرك بشارة بطرس الراعي في زيارته مع المطارنة على نية الصلاة من أجل لبنان إلى الفاتيكان، لاقت معارضة من بعض رجال الدين الذين رافقوه في الرحلة لجهة عرض عناوين سيادية منها حصرية السلاح، لكن ذلك لم يمنع البطريرك من المضي في المقاربة التي عبّر عنها والتي لا تعني بالضرورة الحبر الأعظم بها، لكنها لا تلغي أن البطريرك طرحها وساهم في التعبير عنها بوضوح في الفاتيكان. وإذا كان البابا لا يدخل في تفاصيل داخلية لبنانية، إلا أنه في الوقت نفسه لا يتبنى أي نظرية قائمة أو داعمة للعمل على تعويم فريق “الممانعة” أو تلميع صورته. وهو ينطلق من مبادئ عامة تؤكد على سيادة الدولة اللبنانية واحترام الدستور اللبناني والالتزام بالاستحقاقات الدستورية على مشارف مرحلة يراهن فيها اللبنانيون على استحقاق الانتخابات النيابية.

إنذارات انتخابية

وفي مواقف تحذيرية من تأجيل الانتخابات النيابية، أشار البطريرك الراعي في عظة الأحد إلى “أنّنا نقف أمام حالة القضاء المحزنة. فأين القضاة ليحموا الجسم القضائي، وهل الهدف من هذه الاجراءات الصارمة هو تطيير الانتخابات النيابية وعدم إجرائها في موعدها؟”، لافتاً إلى “ضرورة عدم التفكير في تأجيل الانتخابات أو تطييرها، مع دعوة رئيس الجمهورية المقبل إلى انتشال لبنان من المحاور”. وتساءل: “ماذا تفعلون لتقصّروا هذا الليل الحالك الظالم؟ أما لليل الأزمات والفتن والأحقاد أن ينجلي؟ أما لتسيّب الحدود والفلتان الأمني أن ينجلي؟ أما للفقر والجوع أن ينجلي؟ أما لليل القضاء الانتقائي والانتخابي والسياسي أن ينجلي؟”، مضيفاً: “أما لتجميد التحقيق في جريمة انفجار مرفأ بيروت أن ينجلي، ولليل الخروج عن الدولة أن ينجلي، ولليل ضرب المؤسّسات الأساسية والمصارف أن ينجلي؟”.

واذ أكد الراعي أن “حقّ التعبير عن الرأي يولد مع الانسان” حذر من “المسّ به، ونقل البلاد إلى نظام بوليسيّ”، معتبراً أن “هذه الأساليب لا تشبه لبنان والتمادي في القمع يؤسّس لانتفاضة شعبية”.

بدوره، أكد متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده، أن “على كل لبناني أن يجاهر بصوت العدالة والحرية والكرامة في الانتخابات المقبلة، وأن يساهم في إيصال ممثلين له يحسنون تمثيله ولا يستغلون ثقته. أما من يتقاعس عن القيام بواجبه، ومن يعتبر يوم الإنتخابات يوم عطلة أو يوم نزهة، أو من لا يؤمن أن صوته فاعل، فهو يسيء إلى نفسه أولاً، وإلى أولاده الذين لن يتمكنوا من العيش في بلد تسوده الفوضى والفساد ويفتقر إلى العدالة والمساواة بين المواطنين، ولا مكان فيه لأدنى مقومات الحياة الكريمة”، مشيراً إلى أن “من لا يقوم بواجبه في انتخاب طبقة جديدة واعية نزيهة، تعمل وفق برنامج واضح على إنقاذ البلد، يكون مشاركاً في استمرار انهيار البلد وغياب العدالة واستمرار الظلمة والفساد وسوء الادارة، وتساقط دموع كل أم فقدت ثمرة بطنها إما تفجيراً أو تهجيراً”.

شارك المقال