عون “لن ينفرد بشيء”… والراعي يصرخ: الى الانهيار

لبنان الكبير

“لا يمكن لأحد التفرد بشيء”. القائل هو ذاته الذي “لا يريد لنفسه شيئاً”. هو الرئيس الذي طبع المئوية الأولى لـ”لبنان الحزين” بالبصمة العائلية، من أعلى هرم مؤسسات الجمهورية الى أدناه مشبعاً رغباته التي نفس عليها سابقاً بحروب مدمرة، ومحققاً إرادة عرابه، الايراني، بما يتناقض تماماً مع “الوجود المسيحي في المشرق” بل وبما أوصلنا الى مأزق “الوجود اللبناني في الكيان الرسالة”، فيما البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي ما زال يصرخ: “نحن ذاهبون الى الانهيار” في حال لم نشخّص المشكلة، في حين المشكلة مشخوصة في عيون الجميع: إنها في التقاطع بين بعبدا وبئر العبد.

وهذا التكامل في الخراب، يتجلى تماماً في ما يسعى اليه “حزب الله” من نفخ عضلات برلمانية لحليفه “التيار الوطني الحر” عبر تعويض ما كان متوقعاً له خسارته في الانتخابات القريبة.

صحيح أن المؤشرات الانتخابية تقول إن مساري إجراء الاستحقاق الدستوري أو عدمه يسيران في خطين متوازيين ومتقاربين، إلا أن معظم الأطراف السياسية ينكب على خوض المعركة التي بدأت طبولها تقرع في الدوائر كافة، وبدأت تتظهر معالمها شيئاً فشيئاً. ولعل الأبرز على هذا الصعيد، سعي “حزب الله” الى لم شمل حلفائه ودعمهم في الانتخابات بهدف تحقيق الأكثرية البرلمانية، وما قاله الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله عن أن “ليس الهدف فوز مرشحي الحزب، بل بلوغ حواصل لتعزيز وضع حلفائنا في جبيل وكسروان والشوف وعاليه وفي كل الدوائر” يدل على أنه يخوض معركة “مصيرية” باستخدام الأدوات اللازمة لتغطية المواقع التي سيخسرها “التيار الوطني الحر” انطلاقاً من جزين ومروراً ببعبدا وكسروان وجبيل والمتن وصولاً الى دائرة الشمال الثالثة التي تعتبر “أم المعارك”، وحيث يبدو وضع النائب جبران باسيل صعباً.

هذا الاستشراس في دعم الحزب لحلفائه المسيحيين وأبرزهم “التيار الوطني الحر” ليس مستغرباً، انما يدخل ضمن استراتيجية الحزب التي تقضي بتأمين الأكثرية في المجلس المقبل تحصيناً لمعركة رئاسة الجمهورية، وتأميناً أو تدعيماً للغطاء المسيحي الذي حصل عليه على مدى سنوات.

ومن البديهي أن يعتبر “حزب الله” الاستحقاق الدستوري مصيرياً، لأنه في حال الفوز، الذي يحاول ضمانه، سيثبت قوته ويؤكد شرعيته خاصة وأن الغرب يصنّفه كحزب ارهابي. وبالتالي، سيفرض نفسه بعد الانتخابات بقوة الشرعية حتى أن البعض ذهب في تحليلاته الى أنه سيستخدم الأكثرية لتشريع السلاح من خلال تعديل القوانين، إذ أن مساندته للحلفاء لن تكون “ببلاش” بل سيضمن ولاءهم له في المرحلة المقبلة المليئة بالتحديات على مستوى المنطقة، والتي تشهد تغيرات في السياسة الاقليمية والدولية.

ويرى مراقبون أن “حزب الله” لا يستخدم أوراقه دفعة واحدة بل يتنقل من خطة الى أخرى. وإذا فشل في تحقيق الأكثرية النيابية فسيعمد الى استخدام القوة عند الحاجة في المرحلة المقبلة.

مجلس الوزراء

التأم مجلس الوزراء بعد ظهر أمس في القصر الجمهوري، برئاسة العماد ميشال عون وحضور رئيس الحكومة نجيب ميقاتي والوزراء، مسبوقاً بـ”جرصة”، إذ هدّد الوزراء العونيون بالانسحاب من الجلسة في حال حضر حاكم المصرف المركزي رياض سلامة. وعلم موقع “لبنان الكبير” أن الرئيس ميقاتي أبلغ أن “الوزراء المحسوبين على رئيس الجمهورية ميشال عون وجبران باسيل سينسحبون من الجلسة في حال حضرها الحاكم نظراً الى عدم شرعيته ولأنه ملاحق من القضاء”.

ولفتت مصادر إلى أنه “اذا تجرأ سلامة وحضر الى بعبدا فسيكون عرضة للتوقيف من قبل الحرس الجمهوري”.

في الجلسة، عرض الرئيس عون نتائج زيارته إلى الفاتيكان وروما، وقال: “طلبت مساعدة قداسة البابا في حل مسألة النازحين السوريين من خلال تقديم المساعدة للسوريين في ديارهم بدل مساعدتهم في لبنان، وجددت دعوة قداسته لزيارة لبنان”. وأكد أنه “لا يجوز الحديث عن التفرد عند طرح أي قضية طالما أن كل مبادرة ستكون في النتيجة أمام مجلس الوزراء لمناقشتها ثم مجلس النواب اذا اقتضى الأمر، لذلك لا يمكن لأحد أن يتفرد بشيء”.

أما الرئيس ميقاتي فقال: “منذ تسلمنا المسؤولية ونحن ندرك حجم التحديات التي تواجهنا. أمامنا مسؤوليات جسام في وقف الانهيار الحاصل في البلد ومعالجة ما أمكن من ملفات ووضع الملفات الأخرى على سكة الحل، من هنا كانت صرختي بالامس حول وجوب التوقف عن المناكفات”.

أضاف: “المجتمع الدولي كله مساند لنا ويدعم الحكومة بكل معنى الكلمة، وهذا الأمر لمسته أيضاً خلال زيارتي الى قطر، ولقاءاتي مع أمير قطر ورئيس الحكومة ووزراء خارجية قطر وسلطنة عمان والكويت والأردن”.

بعثة صندوق النقد

استأنفت بعثة صندوق النقد الدولي برئاسة ارنستو ريغو راميريز اجتماعاتها في بيروت أمس، في وقت كانت القوى السياسية تسوّق لقرب التوقيع على اتفاق أولي على مذكرة تفاهم تسبق خطوة التوقيع النهائي في ختام زيارة البعثة التي تستغرق أسبوعين.

فالبيان الصادر من قصر بعبدا عقب لقاء رئيس الجمهوية البعثة، أن “الوفد لاحظ تقدماً في مسار المفاوضات من شأنه أن يؤدي الى توقيع أولي على مذكرة تفاهم قبل التوقيع على العقد النهائي”، وأنه “طلب التزاماً من رؤساء الجمهورية والمجلس النيابي ومجلس الوزراء، بالسير نحو إنجاز الاصلاحات المطلوبة للخطة كاملة، لا سيما منها إقرار الكابيتال كونترول وإدخال تعديلات على قانون السرية المصرفية، وإعادة هيكلة القطاع المالي والمصرفي بما في ذلك مصرف لبنان، ليكون على مستوى معايير الحوكمة”.

كما أعلن الرئيس ميقاتي في مستهل جلسة مجلس الوزراء “أننا في انتظار انجاز الاتفاق مع صندوق النقد الدولي”. فيما أعرب نائب رئيس الحكومة رئيس اللجنة المكلفة التفاوض مع الصندوق سعادة الشامي عن أمله في التوصّل الى اتفاق أولي في غضون أسبوعين من النقاشات. وقال في تصريح: “نعمل على التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي في أسرع وقت ممكن، ونبذل قصارى جهدنا للتوصل إلى اتفاق على مستوى الموظفين قبل الانتخابات”.

والاتفاق الأولي يعني التوصل الى إبرام مذكرة تسمّى مذكرة السياسات الاقتصادية والمالية، والتي تتضمن لائحة بالاجراءات التي يحتاج إليها لبنان من أجل تمهيد الطريق نحو حصوله لاحقاً على حوالي أربعة مليارات دولار. لكن هذا الباب قد يفتح المجال أمام الافراج عن التزامات مالية أخرى تعهد بها المانحون للبنان خلال مؤتمر “سيدر”.

الا أن الصندوق يمتنع عن التعليق على تقدم المحادثات، وهو اكتفى بالقول مؤخراً إن “المناقشات تتقدم بشكل جيد”.

في الواقع، فان هذه الصورة الايجابية التي يحاول فريق رئيس الحكومة رسمها تصطدم بوقائع عديدة، على الرغم من أنه جرى تمرير مشروع قانون الكابيتال كونترول، “بعد إدخال تعديلات بسيطة عليه ليست في الجوهر” في جلسة مجلس الوزراء في بعبدا أمس وسط اعتراض الثنائي الشيعي على الصيغة المعدلة، من أجل ارساله الى مجلس النواب وفق الأصول بعد مطالبة اللجان المشتركة يوم الاثنين بأن يسلك المشروع الذي وصل اليها من دون عراب، المسلك القانوني.

فلا يزال أمام لبنان شرطان أساسيان للدخول الى دار الصندوق هما إقرار مشروع الموازنة الذي لم تنجزه بعد لجنة المال والموازنة النيابية والذي يطالب الصندوق بوجوب خفض العجز الى مستويات مقبولة وأن تكون أرقام الايرادات واضحة وشفافة، وإقرار رزمة الاصلاحات المطلوبة ووضعها على سكة التنفيذ. ناهيك عن مسألة فائقة الأهمية وهي التوصل الى تحديد حجم الخسائر في القطاع المالي وتوزيعه بشكل لا يضر المودعين لاسيما الصغار منهم. وهنا، سيكون التوصل الى توافق صعباً جداً.

كما أن التراشق بين مجلس النواب والحكومة من شأنه أن يعقد الأمور وأن يكون مؤشراً الى ما ستؤول اليه الأوضاع.

مصادر مالية متابعة قالت إن مسار موافقة مجلس المديرين التنفيذيين في صندوق النقد الدولي لا يزال بعيداً لأن الاتفاق مع الصندوق يفترض موافقة الحكومة ومجلس النواب، وإقرار تشريعات اصلاحية وعدم الاكتفاء بذلك بل وضعها موضع التنفيذ.

الى ذلك، أصدر مصرف لبنان بياناً أعلن فيه التمديد لمفاعيل التعميم 161 شهراً اضافياً حتى آخر نيسان المقبل.

شارك المقال