ارتباك 8 آذاريّ بين اللوائح… ودعوات صارخة للتغيير

لبنان الكبير

لا عودة إلى الوراء على مشارف الانتخابات النيابية المقبلة. كلّ القوى السياسية باتت على يقين بأن الاستحقاق حاصل، ولا مجال للمزيد من المراوغة أو الممطالة التي بقيت قائمة حتى اللحظات الأخيرة بين قوى 8 آذار في غير دائرة على طريقة “بيع وشراء” مقاعد على اللوائح. وحَصَل أن أُعلن أمس عن “بيعة صباحية” من خلال الاتفاق بين أجنحة 8 آذار الدرزية و”التيار الوطني الحر” على خوض الانتخابات ضمن لائحة واحدة بعد مفاوضات عسيرة، علم “لبنان الكبير” أنها شهدت الكثير من الأخذ والرد بسبب الكباش الذي استمر حول هوية المرشح من آل البستاني الذي ستتضمّنه اللائحة والا الاتجاه نحو خيار الانفصال.

وحاول كل من فريقي طلال أرسلان ووئام وهاب و”التيار البرتقالي” شدّ الحبال لمصلحة كل من مرشحيهما ناجي وفريد البستاني الى أن استقرّ القرار الذي تقبّله التيار على مضض، على اختيار ضم المرشحَيْن الى لائحة واحدة. وعُلم أن أسباب التباين الذي أخذ وقتاً كبيراً للعمل على حلّه ارتبط بثلاثة معطيات رئيسة: الأوّل هو أن المرشحَيْن ينتميان الى منطقة كما إلى عائلة واحدة، بما يوزّع الأصوات بينهما ويرجّح فرص فوز أحدهما على الآخر. والثاني هو احتكام قوى 8 آذار الدرزية الى مقاربة مختلفة لجهة عدم قبول انضمام المرشحين المحسوبين عليها الى تكتل التيار بما في ذلك ناجي البستاني، بل الاتجاه الى تشكيل كتلة خاصة بها. والثالث هو لعبة كسر الحاصل الانتخابي وانعكاساتها ما بين تشكيل لائحتين أو الاكتفاء بلائحة واحدة.

وفي النهاية، استقرت المحصلة على قبول التيار تشكيل لائحة واحدة تضم المرشح ناجي البستاني، بما اعتبر مكسباً لمصلحة قوى 8 آذار الدرزية التي ستستفيد من أصوات مرشحها المشكّلة عدداً أكبر من أصوات فريد البستاني في الانتخابات الماضية، بما يكسبها قدرة على الفوز بنائب إضافي على حساب التيار في حال حالف اللائحة الكسر. وتألفت اللائحة من الأسماء التالية: في الشوف، عن المقاعد المارونية: أنطوان عبود وناجي البستاني وفريد البستاني. عن المقعد الدرزي: وئام وهاب. عن المقعدين السنيين: أحمد نجم الدين وأسامة المعوش. عن المقعد الكاثوليكي: غسان عطا الله. في عاليه، عن المقعد الدرزي: طلال أرسلان. عن المقعدين المارونيين: سيزار أبي خليل وأنطوان البستاني. عن المقعد الأرثوذكسي: طارق خير الله.

واستمر أمس عدّاد الاعلان عن اللوائح. ومن بينها لائحة أساسية أعلنت من منزل رئيس لقاء “سيدة الجبل” فارس سعيد، في قرطبا، وحملت عنوان لائحة “الحرية قرار” في سبيل خوض الانتخابات المقبلة. وضمت عن قضاء جبيل: فارس سعيد، أسعد رشدان والمحامي مشهور حيدر. عن كسروان – الفتوح وجبيل: منصور غانم البون، موسى زغيب وبهجت سلامة. وأشار سعيد في المناسبة إلى أن “كل قرى قضاء جبيل الجنوبي بأكملها ترحب بأعضاء اللائحة الذين رغبوا في أن تكون أول إطلالة لهم من قضاء جبيل ومن قرطبا بالتحديد”، مؤكّداً أن “جرد جبيل هو منزلهم”. وقال: “هذه اللائحة شفافة صادقة ومتحرّرة من كل القيود”.

دعوات للتغيير

وفي الاطار الداعم لاجراء الانتخابات في موعدها، رأى البطريرك الماروني بشارة الراعي أمس، أن ” شعبنا الناخب يحتاج في هذه الفترة القصيرة الاستعداديّة للإنتخابات النيابيّة في 15 أيّار المقبل، لأن يستمدّ النور الإلهيّ كي يحسن انتخاب من هم الأفضل لاجراء التغيير المنشود في الهيكليّات والقطاعات والاداء، ومن هم مخلصون للبنان دون سواه ومخلصون لشعب لبنان. فقيمةُ الانتخاباتِ في المجتمعات الديموقراطيّة أنّها مناسبةٌ للشعوب لتغييرِ واقعِها نحو الأفضل”.

أضاف: “أنْ ننتخبَ يعني أن نُغيّرَ. أن نَقترعَ يعني أن نختارَ الأفضل. وإذا كانت الانتخاباتُ ركيزةَ الديموقراطيّة، فيجب ألا تكونَ الشعبويّةُ ركيزةَ الانتخابات. وجديرٌ بالمرشّحين أن يُحدّثوا اللبنانيّين عن مشاريعهم الإصلاحيّة الممكنة، بدلاً من التراشق باتهامات تزيد في الإنقسام والضغينة، وقد شبعنا منها. فليبادر الشعب اللبنانيّ بكلّيته إلى إنتخاب الأفضلين، إذا أراد حقّاً التغيير وإصلاح الواقع. وهذا لا يتم اذا ظل المواطنون في منازلهم والانتخابات جارية”. ولفت إلى أنّ “انتخابات نيابيّة ناجحة في إجرائها ونتائجها هي ضمانة لنجاح إنتخاب رئيس جديد للجمهوريّة قبل شهرين من نهاية الولاية الحاليّة بموجب المادة 73 من الدستور، رئيس يكون على مستوى تحدّي النهوض بلبنان”.

بدوره، أكد متروبوليت بيروت للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده، أن “على الشعب ألا يخضع للترهيب ولا يضعف بسبب الوعيد أو التجويع والضغوط الحياتية المتزايدة، وألا يتخلى عن التمسك بإجراء الانتخابات في موعدها. قوة الشعب تكمن في صوته الحر، إذا مارس حقه الدستوري بشفافية وحرية، بعيداً عن الرشوة والتبعية، واضعاً نصب عينيه خلاص البلد أولاً. إن لم يبتعد شعبنا عن العصبيات الطائفية والحزبية، لن يقوم وطننا من الحفرة الجهنمية، وسيبقى ذوو السلطة متحكمين برقاب الناس إقتصادياً ومالياً وثقافياً وتربوياً. لا تكونوا مشاركين في تنفيذ حكم الاعدام بحق هذا البلد، الذي كان قبلة أنظار العالم أجمع لتنوعه الاجتماعي، ورقيه الثقافي، ورفعة قطاعه الطبي، وإبداع أبنائه الذين لمعوا في العالم بأسره وكانوا رواداً في شتى المجالات. حكّموا ضمائركم، وابتعدوا عمن يستزلمكم ويستعبدكم ويحاول شراءكم واستغلال أصواتكم. تذكروا ودائعكم المنهوبة، وبيوتكم المخروبة، ومصيركم الغامض”.

وتوجه عودة بدعوة الى اللبنانيين، قال فيها: “لا تنسوا أحباءكم الذين رحلوا في ريعان طفولتهم وشبابهم وعز عطائهم، بسبب الفساد والإهمال واسترخاص النفوس. تذكروا من تهاون بأرواح البشر ومصير البلد، ومن فجّر بيروت وأعاق سير العدالة، وصرف ودائعكم، وقتل ما تبقى من سحر الطبيعة وجمالها بالمرامل والكسارات والنفايات والتعدي على البحر والغابات. تذكروا من لا تعنيهم همومكم الاقتصادية والمعيشية، ومن لم يتخذوا القرارات الضرورية لوقف التدهور، ومن لم يحترموا فصل السلطات، واستقلالية القضاء، وحق المواطن بالعدالة. تمردوا على من أذلكم وقهركم وخرب حياتكم وأظلم أيامكم وبذّر أموالكم. لا تتنازلوا عن تأمين مستقبل مشرّف لأولادكم، وآمنوا أن صوتكم هو صوت الحق والحرية، وأنه ضروري يوم الإنتخاب، لكي لا تكون الانتخابات مجرد محطة عابرة، بل استحقاق دستوري يرتب واجباً على المواطنين هو اختيار ممثليهم بصوتهم الحر”.

شارك المقال