زيارة البابا: بمحاذاة “الدويلة المسالمة” وعلى وقع “حساب البيدر” الانتخابي

لبنان الكبير

سيأتي البابا فرنسيس الى لبنان في حزيران المقبل بعدما يكون حصاد “الحقل الانتخابي” انتهى وبدأ “حساب البيدر” وعدّ المكاسب والخسائر، استعداداً لاستحقاق دستوري أهم: انتخاب رئيس للجمهورية خلفاً للعماد ميشال عون، الذي يعدّ اللبنانيون باليوم والساعة والدقيقة والثانية لانتهاء ولايته، التي أخذت البلد الى الجحيم، بأمل أن تكون الزيارة البابوية “مكافأة التقاعد” لفخامته لا “إبرة في العضل” تقوّي شهيته المفتوحة أصلاً للتمديد حتى ولو على حساب تسليم القصر للصهر.

وسيطل قداسته، لو انحرف موكبه قليلاً عن طريق المطار الى داخل الضاحية الجنوبية، على “دويلة حزب الله” التي تتعايش بسلام تام مع “الدولة اللبنانية” كما أسرّ له الرئيس عون في الفاتيكان منذ أسابيع قليلة، وسيسمع بسهولة صرخات الشكوى كيفما تنقل في البلد الصغير جراء الأزمات المفتوحة في كل المجالات، وسيلمس جيداً أن “الوطن الرسالة” أوصلته “شهوة السلطة” الى اختلال ميزانه الوطني بعد انتخابات ستشهد مقاطعة شبه شاملة لمكون رئيس، يشكل قاعدة للرابط العروبي، هو الطائفة السنية.

أساساً، لم يأت اعلان القصر الجمهوري عن زيارة البابا فرنسيس بريئاً، بل استكمال لسياسة العهد في تسخير كل الظروف والمناسبات لصالحه، واستخدامها كرافعة شعبوية عشية الانتخابات النيابية وصولاً الى تخطي كل اللياقات والأصول البروتوكولية والديبلوماسية، التي تقضي بأن يصدر بيان رسمي من الفاتيكان يحدد فيه موعد الزيارة وبرنامجها خاصة وأن نصّ الرسالة الخطية التي تسلّمها القصر الجمهوري من السفير البابوي المونسنيور جوزيف سبيتري، بحسب بيان الرئاسة الأولى لفت الى ترك اعلان الزيارة الى وقت لاحق بالتنسيق بين لبنان والفاتيكان.

وفي حين أشار بيان المطارنة الموارنة الى “أننا في انتظار الاعلان الرسمي عن زيارة البابا فرنسيس في حزيران”، ردّت الدوائر الفاتيكانية على “البلبلة” التي أثارها الاعلان عن موعد الزيارة، بحيث قال مدير الموقع الرسمي للفاتيكان ماتيو بروني على تغريدة الصفحة الرسميّة التابعة لرئاسة الجمهورية: “الزيارة فرضيّة قيد الدراسة”، مشيراً إلى أن “الرئيس ميشال عون هو من أعلن الخبر عبر تغريدة على تويتر، أمّا الفاتيكان فلم يأخذ أيّ قرار رسميّ في هذا الأمر”.

وفي هذا الاطار، أكدت مصادر معنية لموقع “لبنان الكبير” أن بعبدا تقصدت الاعلان عن موعد زيارة البابا لاستثمارها في السياسة، ولتحقيق مآرب ومصالح صغيرة ضيقة، لتبدو كأنها أتت تلبية لدعوة رئيس الجمهورية. وبالتالي، فإن وضع الزيارة التاريخية في الخانة “الاستثمارية الضيقة” لا تليق بالضيف الكبير الذي يريد أن تكون زيارته رسالة دعم للبنان “الوطن والكيان والهوية”.

وإذا كانت هناك بروباغندا وغرفة عمليات تقود محاولة توريط الكرسي الرسولي بمواقف وخيارات لا علاقة له بها، فإن الاستغلال السياسي والشعبوي لزيارة البابا هو خارج سياق هذه الزيارة لأن هناك ثوابت فاتيكانية واضحة في التعاطي مع لبنان، والبابا هو المدافع الأكبر ضد الهجمة الشرسة لتغيير هوية لبنان الحضارية، ويريد من خلال زيارته توجيه رسالة أمل ورجاء، متعالياً عن التكتيكات والفبركات السياسية الرخيصة.

انتخابات

وفق غالبية استطلاعات الرأي، الصوت السني لن يهرع الى الانتخابات هذه السنة، وذهبت بعض الاستطلاعات إلى حد اعتبار أن نسبة الاقتراع السنية ستكون متدنية أكثر من النسبة المسيحية في العام 2018، الأدنى بين كل الطوائف وقتها، وستختلف نسبة المقاطعة من دائرة إلى أخرى تبعاً للخصوصيات في الدائرة، ولكن يبدو أن هناك إجماعاً بين الإحصائيين على أن دائرة بيروت الثانية ستشهد أكبر مقاطعة. أما في دوائر أخرى فستكون المقاطعة كبيرة أيضاً ولكن قد يشهد بعضها اقتراعاً انتقامياً، ربما يذهب إلى المجموعات المدنية.

وكان ملفتاً أمس توجيه مشرّعين أميركيين من الحزبين الجمهوري والديموقراطي كتاباً الى وزير الخارجية أنتوني بلينكن، حضوا فيه إدارة الرئيس جو بايدن على المساعدة في ضمان انتخابات حرة وعادلة في لبنان، داعين إلى إدانة سريعة للمسؤولين في أي تأخير.

شارك المقال