“لا ثقة” بعد تطيير طرح الثقة… وانتخابات “على القطعة”

لبنان الكبير

تبدو كلّ الاستحقاقات مؤجلة إلى ما بعد محطة الانتخابات التي ينظر اليها على أنها محطة مفصلية وما بعدها ليس كما قبلها. فلا “كابيتال كونترول” ولا من يحزنون. ولا إقرار خطة اقتصادية قبل برلمان جديد. وحتى إذا كانت الانتخابات بدورها تبدو غير مضمونة، لكنها وسط الخواء المسيطر على الحياة السياسية والاقتصادية تعتبر “إذا مش صحيح، فال منيح” لتحريك الرمال الراكدة بعد كلّ أنواع التطيير التي وصلت في الساعات الماضية إلى تطيير الجلسة النيابية المخصّصة لمناقشة طرح الثقة بوزير الخارجية عبد الله بو حبيب لعدم اكتمال النصاب بعد حضور 54 نائباً فقط إلى قصر “الأونيسكو”. ويبدو أن شباب المجلس دخلوا في عطلة مبكرة أو وداع سريع للبرلمان على مسافة أسابيع قليلة من مجلس نواب جديد.

وتشكّك مصادر سياسية معارضة عبر “لبنان الكبير” في الأهداف من الذبذبة المستمرّة على مقربة من الانتخابات، بدءاً من تظهر صورة هشاشة الأوضاع الأمنية التي طبعت الأحداث المتنقلة من خلال استهداف مرشحين في عكار، إلى الأحداث الأمنية في طرابلس بما يثير علامات استفهام ومخاوف من محاولة تحريك طوابير خامسة لاستهداف المدينة وتأجيل الانتخابات التي هناك محاذير جدية منها على صعيد محور “الممانعة”، على الرغم من الاستطلاعات التي تعطي الأرجحية لهذا الفريق الذي لا يبدو واثقاً من فوزه بالأكثرية بما يدفعه إلى القلق من مفاجآت غير منتظرة.

وترجع المصادر أسباب هذه المخاوف إلى خشية من كيفية تعامل الشارع السني مع الانتخابات وعلى وجه الخصوص مناصري تيار “المستقبل” الذين يمكن أن تكون لهم الكلمة الفصل في غالبية الدوائر. وحتى الآن، يمكن الاشارة الى تنوع في المقاربات الناخبة بين اتجاه نحو المشاركة أو المقاطعة أو عدم بلورة القرار النهائي حتى اللحظة وفق ما يظهر في الاستطلاعات التي تشير إلى أن 40% من الناخبين بشكل عام لم يقرروا الاختيار بين مشاركة أو مقاطعة. ويمكن أن يشكل هذا السبب الأساس الذي يضاعف حجم الحذر من مفاجآت انتخابية ممكنة على صعيد النتائج.

جلسة الثقة

وفي وقت كان يفترض أن يمثُل وزير الخارجية أمس، أمام مجلس النواب على خلفية طلب طرح الثقة به المقدّم من “القوات اللبنانية”، لم يستطع النواب تحقيق النصاب لعقد الجلسة. واستخدم بو حبيب منبر مجلس النواب في محاولة للتلطي والتغطية على البعثرة الواضحة لأسماء المغتربين الذين سجلوا أسماءهم للاقتراع وتشتيتهم بين مراكز اقتراع بعيدة ومن بينها ما يحتاج الى سفر ساعات في الطائرة.

وفي المقابل، لم يتكبد بو حبيب عناء الانتقال خطوات للتصريح بل اختار منصة المجلس النيابي، ليعتبر أن “السياسة المطبقة في الوزارة تهدف الى إبعادها والعاملين فيها، قدر الممكن، وبكل صدق وإخلاص عن التجاذبات السياسية الانتخابية، وحصر دورها بعمل تنظيمي تقني. ومن خلال ما تعلمناه كوزارة من دروس الانتخابات السابقة وملاحظات المراقبين الدوليين ومنهم بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات السابقة التي أوصت في تقريرها بالأخذ في الاعتبار محل إقامة الناخب، هدفنا الى تسهيل حركة الاقتراع بدل تعقيدها، بصورة علنية وبتعليمات خطية ومسبقة للبعثات، تم نشرها وتوزيعها بوضوح على الجميع من دون استثناء”.

توقيع إطار الأمم المتحدة

إلى ذلك، شهد يوم أمس توقيع رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي والمنسقة المقيمة للأمم المتحدة ومنسقة الشؤون الإنسانية في لبنان نجاة رشدي “إطار الأمم المتحدة للتعاون من أجل التنمية المستدامة” في لبنان للفترة الممتدة بين 2022 و2025 في السرايا الحكومية. وعبّر ميقاتي عن أمله في أن “تكون الأمور ميسّرة وننجز الاصلاحات المطلوبة بالتعاون الكامل مع مجلس النواب وكل الهيئات الحكومية والرسمية والخاصة”، لافتاً إلى أنّ “هذه الاصلاحات تشكّل مطلباً لبنانيّاً ملحّاً ونحن بحاجة اليها، قبل أن تكون مطلبا دولياً”.

بدورها، لفتت رشدي إلى أن “عُنوان لقائِنا اليوم هو العَمل معاً على وَضعِ لُبنان مِن جَديد على سِكَّةِ التنمية… لُبنان يَمُرُّ اليوم بمُنعَطَفٍ حاسمٍ يَستَوجِبُ مُضافَرَة كُلِّ الجهود لِوَضْعِ حَدٍّ للعَقَبات والتّحدّيات التي تُقَيِّدُ تَقَدُّمَهُ نحو أهداف التنمية المستدامة ونحو تعافيه”. وقالت: “صَحيحٌ أنَّ لُبنانَ لا يَزالُ يَتَخَبَّطُ في أزماتٍ لَمْ يَسبِق لها مثيل، وأنَّ الاحتياجات الإنسانية لا تَلبَث تتزايد، ولكن لا يُمكِنُنا الاستمرار في إيجادِ الحلول القصيرة الأمد لإنهاء هذه الاحتياجات الإنسانية، بل نحتاجُ إلى حُلولٍ مُستَدامَة تُعالِجُ الأسباب الجَوْهَريَّة الكامِنَة وراءَ الأَزَمات المُتراكِمَة التّي يَرْزَحُ تَحْتَ وَطأَتِها لُبنان. وهذا يَتَطَلَّبُ نَهْجاً تنموياً استثنائياً”.

شارك المقال