زكزكات “الممانَعة” تحوم فوق المرحلة الانتخابية النهائية

لبنان الكبير

“لا نوم بعد اليوم” حتى موعد الانتخابات النيابية المقبلة في 15 أيار. وعلى الرغم من تلاقي أزمنة الأعياد والعطل من استراحة نهاية الأسبوع مروراً بعيد العمال وصولاً إلى عيد الفطر، إلا أنّ المناطق اللبنانية على امتدادها لم تسترح بل كانت منشغلة باللقاءات والمهرجانات الانتخابية التي لم تخلُ من الحماوة الخطابية السياسية والمشاركة الشعبية. ووصلت الحرارة الانتخابية إلى الذروة مع استمرار الحرتقات على طريقة الضرب تحت الزنار، بما بدا أنه بمثابة محاولات قديمة جديدة لوضع العصي في دواليب الانتخابات من جهة القوى المحسوبة على محور “حزب الله” وحلفائه من التضييق على المرشحين وسحب آخرين في المناطق المحسوبة على الحزب، بحيث شهدت الساعات الماضية تصاعد الضغوط التي أدت إلى سحب مرشح ثالث من اللائحة التي يرأسها الشيخ عباس الجوهري في دائرة “البقاع الثالثة” (بعلبك – الهرمل)، وصولاً إلى الرشقات الكلامية التي عزفت على وتر الاستمرارية الانتخابية على لسان النائب جبران باسيل من عكار.

وتثبت كلّ هذه التفاصيل أن محور “الممانعة ” ليس ممنوناً من الانتخابات ويخشى ما هو غير ظاهري من نتائج مفاجئة على الرغم من كل الاشارات المنبثقة من مراكز الدراسات والأبحاث الانتخابية بأن “حزب الله” وحلفاءه سينالون الأكثرية في الانتخابات المقبلة. ويبدو أن هناك ما يجعل محور “الممانعة” لا يقبض جدياً الحسابات الانتخابية التي تلوح بفوزه انتخابياً أو أنه يخشى مفاجأة ما مادية أو معنوية خصوصاً أن أي خرق غير متوقع قد يكون بداية لسبحة تكرّ فصولها في الدورات الانتخابية المقبلة. و”اكتمل النقل بالزعرور” مع حركة مفاجئة مجهولة الدوافع والمصدر حتى اللحظة، ومشبوهة التوقيت و”الزكزكة” السياسية لأزيز طائرة “الدرون” التي حلّقت فوق منزل النائب السابق فارس سعيد في قرطبا في الزمن الانتخابي وعلى بعد أيام قليلة من اليوم المنتظر. وفي سرد تفاصيل الواقعة، اعتبر سعيد في تغريدة عبر “تويتر” أن “الدرون” حلّقت فوق منزله في قرطبا الساعة 7 و15 دقيقةً صباح السبت. ووضع المعلومة برسم القوى الامنية، متسائلاً “من يحقّ له تسيير كاميرات تصوير فوق بيوت الناس، خاصة في لحظة انتخابية حادة وفي منطقة حامية؟ لا أتهم أحداً، من حقّي أعرف”.

استذكار طرابلس

إلى ذلك، لم تبرد بعد مأساة حادثة قارب الموت في طرابلس التي شكلت محلّ استذكار في عيد الفطر وبداية الشهر المريمي. وتوجه الرئيس سعد الحريري إلى اللبنانيين معايداً بمناسبة عيد الفطر. ووجه “أطيب التمنيات للأخوة العرب والمسلمين وأصدق الدعاء لأهلنا في لبنان وعماله في عيدهم بظروف أفضل”. واستذكر ضحايا قارب طرابلس، سائلاً “الله سبحانه وتعالى في هذا اليوم المبارك أن يتغمّد ضحايا زورق الموت في طرابلس برحمته وأن يسبغ على قلوب أهلهم وأحبتنا المفجوعين بنعمة الصبر وأن يعوضهم العدالة التي ينادون بها. كل عام وبلادنا بخير”.

بدوره، استذكر البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي مأساة طرابلس في عظة ألقاها مع بداية الشهر المريمي، مشيراً إلى أن “صور كارثة غرق الزورق قبالة طرابلس لا تزال بادية أمام أعيننا، ولا يزال الألم يحز في قلوبنا ونحن نرى موت الأطفال والشباب والأمهات والآباء، وقد صلينا لراحة نفوس الضحايا وعزاء أهاليهم”. ورأى أنه “لا يجوز أن تمر هذه الفاجعة كأنها حدث عابر، وتضيع في المزايدات ويحاول البعض طي صفحتها كما يحاولون طي صفحة تفجير مرفأ بيروت وانفجار قرية التليْل في عكار وغيرها”، داعياً “الدولة إلى إجراء تحقيق شفاف وحيادي لتحديد المسؤوليات ولوضع حد للتساؤلات والتشكيك، خصوصاً أننا عشية انتخابات نيابية”. وأكد “أننا مع ذوي النيات الحسنة نحرص على أن تجري الإنتخابات في جو أمني وديموقراطي”.

واعتبر البطريرك الراعي “أننا أمام مرحلة مليئة بالأحداث لبنانياً وإقليمياً ودولياً: من حرب أوكرانيا وحروب المنطقة والتقارب بين بعض الدول والتباعد بين دول أخرى، مروراً بأحداث المسجد الأقصى في القدس والغارات الإسرائيلية على الأراضي السورية، وصولاً إلى تسخين جبهة الجنوب اللبناني. مطلوب تهدئة هذه الجبهة ليستأنف لبنان برعاية دولية مفاوضات ترسيم الحدود مع إسرائيل، فيصبح بإمكانه استخراج النفط والغاز في محيط مسالم. إن أولويتنا هي تثبيت كيان لبنان وأمنه القومي ليتمكن من إجراء الاستحقاقات الدستورية من دون مفاجآت”. وجدد دعوته المواطنين إلى “الاقتراع الكثيف لكي يستعيدوا مبادرة تقرير مصيرهم من الذين عبثوا بهذا المصير وعرضوا لبنان للانهيار وهويته للتزوير وتغاضوا عن وضع اليد على مؤسسات الدولة وقراراتها”، مؤكداً أن “الانتخابات تعطي لكل مواطن فرصة أن يترجم شعار أن الديموقراطية هي حكم الشعب من الشعب. واجب اللبنانيين أن يستفيدوا من هذا الاستحقاق ليقولوا للعالم أي لبنان يريدون، وليبلغوا أنهم يرفضون كل اقتراح لمشروع تسوية أو مساومة لا ينسجم مع حقيقة لبنان، ولا يحترم التضحيات التي قدمها الشعب اللبناني للحفاظ على استقلاله وحضارته وخصوصية وجوده هنا”.

 

 

 

شارك المقال