“لقالق” إعلامية “ممانِعة”… و”مقعدي أو لا أحد”

لبنان الكبير

لم تهدأ الماكينة الاعلامية التابعة للمحور الممانع، على الرغم من أن التوقيت “زمن أعياد” و”مش وقتها”، في إغداق الكم الكبير من ضخّ الشائعات والأخبار المضللة التي تحركت على أكثر من مقلب خلال الساعات الماضية. ولم يكن ينقص الأجواء المشحونة الدالة على أن “حزب الله” يبدو “محشوراً” على بعد أيام من استحقاق الانتخابات النيابية، سوى الاحتكام الى لغة العنف المادي بعد كل أنواع العنف المعنوي التي مورست في الأسابيع الماضية بغية الضغط على المرشحين المعارضين له على امتداد دوائر حضوره الأساسية. لكن ما طرأ أمس وصل إلى الذروة بعد الاعتداء بالضرب على المرشح عن دائرة “البقاع الثالثة” (بعلبك – الهرمل) على لائحة “بناء الدولة” حسين رعد، بعدما عمد الحزب إلى استخدام كل الطرق الضاغطة الممكنة لسحب ثلاثة مرشحين شيعة من اللائحة والضغط المباشر على من تبقى من دون النجاح في سحب المزيد من المرشحين حتى اللحظة.

لكن ما أثار القلق الجدي حول واقع الانتخابات، انطلاقاً من معطيات “لبنان الكبير”، تمثل في الساعات الماضية في محاولة ايصال رسائل سياسية مصدرها وجوه في محور “الممانعة” وفحواها أن الانتخابات باتت قاب قوسين أو ادنى من التأجيل وأنها لن تحصل في موعدها المقرر. وقد أتى التلويح بهذه الأقاويل ونسبها الى كواليس أدلى بها رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط في لقاء خاص، علماً أن تأويلات من هذا النوع غير دقيقة ولا صحة لها. ويأتي زج اسم جنبلاط في التعبير عن رسائل من هذا النوع، في وقت أشارت المعطيات الى محاولات مكثفة للضغط على جنبلاط من بوابة انتخابات الجبل بعد المهرجانات الانتخابية الحاشدة بين المتن والشوف وعاليه. وتكثفت الأبواق التي تسلط الضوء على مواقف جنبلاط وتحالفاته الانتخابية ومحاولة بث الشائعات التي يراد منها تخفيف وطأة مواجهته مع “حزب الله” والقول بأن المقعد الدرزي في بيروت مضمون و”في الجيبة” وسيتم تحييده عن المعركة الانتخابية، علماً أن المعطيات تشير الى معركة طاحنة ستدور على هذا المقعد وأنه غير مضمون أو “مسوكر” خصوصاً أن ثمة خلافات ناشبة تحت الطاولة بين حلفاء “حزب الله” في محاولة لحضه على منح أصوات شيعية داعمة للمرشحين الدرزي والانجيلي على لائحته في “بيروت الثانية”. وهناك من يعبّر عن نار تغلي تحت رماد اللائحة بين حلفاء الحزب سعياً الى كسب مقعد كلّ منهما بما يجعل العين على المقعد الدرزي.

وفي غضون ذلك، هاجم النائب جبران باسيل أمس بعضاً من حلفائه على اللائحة الانتخابية في دائرة “بيروت الثانية” بعد اتهامهم بأنّهم يحاولون انتزاع مقعد الأقليات منه. وأشار إلى أنهم “يريدون أخذ المقعد ويقاتلون عليه ولكن ليس بأصواتهم، وهذا ليس من حقّهم فهم لا يمثلون شيئاً”. واعتبر كلام باسيل أنه يحمل “غمزاً ولمزاً” من ناحية حليفه النائب طلال أرسلان الذي يريد الفوز بالمقعد الدرزي في “بيروت الثانية”، مع الاشارة الى أن الفوز بالمقعد يحتاج الى دعم أصوات خارجة عن السياق الدرزي نظراً الى قلة الناخبين الدروز في الدائرة والدور الذي يضطلع به الناخب السني أو الشيعي في المنطقة في تقرير وصول المرشح الدرزي الى الندوة البرلمانية، في وقت يبدو “حزب الله” مرتاحاً لجهة إمكان تأمين حاصل ثالث بسهولة في “بيروت الثانية” الى جانب قدرته على الفوز بالمقعدين الشيعيين. وتدور التساؤلات حول ما اذا كان الحزب سيختار دعم وصول المقعد الدرزي أو المقعد الانجيلي بعدما كان دعم المقعد الانجيلي في الانتخابات الماضية.

وفي ظل تصاعد مؤشرات خشية محور “الممانعة” من نتائج الانتخابات، لم تخلُ خطبة المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان أمس من الرسائل الحاشدة للانتخابات، معتبراً أن “التردّد والورقة البيضاء حرام والحياد جريمة كبرى. وسنقول نعم كبيرة جداً للائتلاف الوطني المتشكل من الثنائي الوطني وشركائه”. وتوجّه قبلان إلى الناخبين الشيعة خصوصاً بالقول: “الاستحقاق الانتخابي عبادة كبرى، وفريضة وطنية وأخلاقية ودينية حاسمة، والتردّد ممنوع بل حرام، وترك المعركة الانتخابية حرام، والورقة البيضاء حرام، لأن البلد والسلطة أمانة الله، إيّاكم أن تضيعوها، ومن يعتزل المعركة الانتخابية، إنّما يعتزل أكبر فرائض الله”.

أضاف: “معركتنا مع شياطين الإنس أخطر من معركتنا مع شياطين الجن، والأميركي مع حلف إقليمي تطبيعي يخوض معركة إنهاك لبنان، وحرق الأخضر واليابس، بهدف صهينة لبنان، والحياد ما هو إلّا جريمة كبرى، والمعركة معركة مصيرية. وهنا أقول لسماسرة واشنطن، مَن يتاجر بوطنه أسوأ من إبليس، ونحن نعرف تماماً الأسعار والفواتير وثمن الحملات المسعورة، لكن أتأسف لخوض واشنطن وحلفائها حرب حرق البلد، عبر طبقات سياسية ومالية وإعلامية بأثمان بخسة”.

شارك المقال