لفتة من غوتيريش للبنان وسط معمعة الانتخابات

لبنان الكبير

جرت أمس الانتخابات النيابية في عدد من الدول العربية، حيث بلغت نسبة اقتراع المغتربين نحو 60 بالمئة، على أن تستكمل غداً في بعض دول الانتشار الأخرى، وسط تأهب رسمي وسياسي وشعبي باعتبار أن هذا الاستحقاق مصيري للبلاد والعباد، ووُضع تحت مجهر المراقبة الدولية التي ستحاسب على الخروق التي قد تسجل في الداخل والخارج.

وبغض النظر عن حسابات الربح والخسارة، وعن لعبة الحواصل والأصوات التفضيلية وفذلكات القانون المعتمد وخزعبلاته، وبعيداً عن ضجيج الماكينات الانتخابية، وصواريخ المواقف الاستفزازية والنارية، هناك شعب وبلد في مهب المصير المجهول بسبب التخوف من الفراغ على المستويين الحكومي والرئاسي الذي باتت حواصله مرتفعة بعد الحسابات الفاشلة لطبقة سياسية اعتمدت كل معايير الإباحة في السرقات والفساد والسمسرات والصفقات. وهذا ما يتم التداول به في المجالس السياسية على أرفع المستويات، بحيث أنه “رح تروح السكرة وتجي الفكرة”، لكن ليس هناك من يتجرأ على تبني هذه المخاوف الداهمة حتى أن بعض المراقبين يؤكدون أن ما قبل 15 أيار ليس كما بعده بمعنى: اما الذهاب الى حلحلة عبر مؤتمر دولي لانتشال البلد من مستنقع أزماته، أو من خلال طاولة حوار وطني برعاية دولية طبقها الأساس الخلافات بين اللبنانيين في محاولة لتقريب وجهات النظر بغية ردم فجوة التباينات العميقة حول مفهوم الدولة اللبنانية، واما على البلد السلام.

الثابت الأكيد والواضح الوحيد أن الوضع غير قابل للاستمرار على ما هو عليه، لكن لا حياة لمن تنادي في الداخل، والتعويل اليوم على المجتمع الدولي الذي بات على علم “بالطنجرة وغطاها” في لبنان، والذي يظهر حرصه من خلال المنابر والتقارير الدولية على استعادة البلد الى خطه التاريخي وثوابته الوطنية كدولة سيدة ومستقلة تحتكم الى المؤسسات الدستورية. وما صرح به الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في تقريره النصف سنوي الأخير الذي رفعه الى مجلس الأمن يصب في الاطار نفسه بحيث شدد على “تشكيل سريع للحكومة بعد الانتخابات”، معتبراً أنّ “احتفاظ حزب الله بقدرات عسكرية كبيرة ومتطورة خارجة عن سيطرة الحكومة اللبنانية لا يزال يشكّل مصدر قلق بالغ، وهذا يمثل انتهاكاً لقرارات مجلس الأمن”. ودعا “دول المنطقة التي لديها علاقات وثيقة مع الحزب الى تشجيعه على نزع السلاح والى أن يتحوّل حزباً سياسياً مدنياً فقط”.

تقرير يحاكي الواقع حسب المراقبين، ويعكس وجهة نظر الأمم المتحدة حيال سلاح الحزب، لكن المطلوب ليس تشخيص المرض انما ايجاد العلاج وكيفية الشفاء من الداء الذي يصيب لبنان ويكاد يؤدي الى هلاك الكيان، مع التأكيد أن لا حل لكل المشكلات اللبنانية على الصعد كافة اذا لم تحل معضلة السلاح.

احصاءات الانتخابات

بعد اقفال صناديق الاقتراع في الدول العربية مساء، أعلن وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بوحبيب، في مؤتمر صحافي من وزارة الخارجية أن “نسبة الاقتراع في الجولة الأولى من انتخابات المغتربين بلغت حوالي 60 بالمئة”.

أضاف: “لدينا نتائج تقريبية ونسبة الاقتراع في كل الدول حوالى 59% والنسبة الأكبر في سوريا نحو 84% وثم طهران 74% فقطر 66% تليها الكويت والأردن 60 % والبحرين 66% والسعودية 49% وعمان 66% وبغداد 48% ومن ثم مصر”.

المغترب اللبناني لا يساوم ولا يبيع ويشتري بقضايا وطنه، فهو الذي انسلخ عن تراب أرضه واجداده لا بُد أن يسعى للعودة إليها والاستقرار فيها يوماً، وهذا ما عبّر عنه المغتربون في صناديق الاقتراع في الدول العربية، كلٌ حسب رأيه مارس حقه في المشاركة، ويعتقد أن خياره هو الأفضل.

ووفق المعلومات الأولية التي حصل عليها “لبنان الكبير”، فإن غالبية الأصوات التي سُجّلت في الدول العربية صبّت لمصلحة لوائح التغيير في غالبية المناطق اللبنانية، وإذا صحّت المعلومات فهذا يدل على النقمة والحقد في نفوس الشباب في الخارج تجاه دولته ورغبته في تغيير الطبقة التي هجرته ودمّرت بلده، ونهبت مدخراته، وأفقرت شعبه.

الانتخابات في السعودية

بالنسبة إلى العملية الانتخابية في السعودية، تم تنسيقها من خلال تقسيمها إلى مركزين، الأول في السفارة اللبنانية في الرياض، والثاني في القنصلية اللبنانية في جدّة. وأشار مصدر خاص في الرياض ل “لبنان الكبير” الى أن “هناك أقلاماً تغطي جميع الدوائر الانتخابية في لبنان، والأسماء المُسجلة تخطت ما كانت عليه في العام 2018 بأشواط، بحيث أن أعداد الناخبين بلغت حوالي 13239، وهناك نسبة كبيرة من المغتربين صوتت للمرة الأولى هذا العام، وهذا يُبشر بالخير، وفي الوقت نفسه يدل على الأمل في تغيير الطبقة الحالية”.

وأكد أحد المندوبين في الرياض أن “نسبة الإقتراع عن مناطق شمال لبنان خجولة جداً مقارنة بغيرها، أي أن المناطق السنية شبه مقاطعة للإنتخابات، منها بقرار شخصي، وأخرى تضامناً مع عزوف الرئيس سعد الحريري عن المشاركة في الاستحقاق الانتخابي، الأمر الذي أثّر على الصوت السني في جميع المناطق حصراً، في حين هناك إقبال مسيحي كبير جداً في الرياض وجدّة بشكل عام، في مقدمها حزب القوات اللبنانية، مع حضور خجول للكتائب، اضافة إلى تواجد الحزب التقدمي الاشتراكي بشكل منظم وكبير جداً مع حضور لافت لماكينته الانتخابية”.

وأكد أحد المغتربين في مدينة جدّة أن قسماً كبيراً من اللبنانيين سافر خارج السعودية كي لا يُجبر على الإقتراع من شركته التي يعمل فيها عن طريق” المونة” لدعم لوائح معينة، وهناك قسم آخر مقاطع للإنتخابات لأنه لا يرى من يستحق الإقتراع له”.
ومن خلال استطلاع قام به “لبنان الكبير” لحوالي 17 مغترباً من كل لبنان، بين الرياض وجدّة، أكدوا أن الأرقام عموماً ذاهبة الى لوائح التغيير مع التمني، وأن نسبة الإقبال على الإقتراع تخطت ال 50٪ وهذا الرقم فاق الاستحقاق الماضي، ولكن يبقى الخوف من تبديل الصناديق أثناء ايصالها الى لبنان كما حصل في العام 2018.

شارك المقال