إنتخابات الاغتراب: المهمّة أنجزت

لبنان الكبير

شهدت المرحلة الأولى من عملية الاقتراع الخاصة بالمغتربين نسب إقبال مشجعة إلى حدّ ما تحقّقت على مدى جولتين في غالبية الدول ومنخفضة في أفريقيا خصوصاً، في وقت تتّجه الأنظار إلى المرحلة الثانية الخاصة بانتخابات المقيمين الأحد المقبل في 15 أيار. وتمثّلت وجهات الاقبال الأكثر كثافة أمس في كلّ من الامارات العربية المتحدة وفرنسا وأستراليا. وإذا كان نصف المهمة قد تمّ بنجاح فإن “بيت القصيد” يتمثل حتماً في النصف الآخر و”إن غداً لناظره قريب”، بحيث سيكون لبنان أمام أسبوع ماراتونيّ تتسارع خلاله الأيام للوصول في يوم الاستحقاق إلى صورة انتخابية كاملة متكاملة من شأنها تحديد مكونات البرلمان الجديد.

وأشارت مصادر رئاسة الحكومة عبر “لبنان الكبير” إلى أن كلّ المؤشرات التي كانت تنبأت بعدم حصول الانتخابات في موعدها على مدى الأشهر الماضية أثبتت عدم صحتها وأنها مجرّد تحليلات لا قيمة فعلية لها، نافية كل ما يقال عن أن حصول الانتخابات في الداخل اللبناني لا يزال مسألة غير مضمونة حتى إثبات العكس الأحد المقبل. وجزمت بأن انتخابات الداخل حاصلة في موعدها، معبرةً عن رضاها للنتائج المحقّقة تنظيمياً ومشاركةً على صعيد انتخابات الاغتراب.

وعن استمرار الرئيس نجيب ميقاتي حكومياً في مرحلة ما بعد الانتخابات، قالت: “لا بدّ من انتظار ما سينتج على صعيد توازنات المجلس النيابي الجديد أولاً وإذا كانت ستنتج ستاتيكو نيابي يعيد انتخاب ميقاتي رئيساً، مع الاشارة إلى أن الحكومة تعتزم استكمال الإجراءات الجراحية الاقتصادية في مرحلة ما بعد الانتخابات وفي طليعتها إقرار قانون الكابيتال كونترول”. وتلفت المعطيات الى أن المسار المتاح هو إما استمرار حكومة تصريف الأعمال وإما تأليف حكومة مشابهة للحالية، ثم إسقاط حسابات نتائج المجلس النيابي الجديد في مرحلة ما بعد استحقاق الانتخابات الرئاسية المقبلة.

إلى ذلك، أكدت مصادر رئاسة الحكومة أن مشروع قانون “الكابيتال كونترول” آت لا محالة في الأسابيع الأولى من مرحلة ما بعد الانتخابات، وأن بنوده ستكون معدّة للنقاش والتعديل بما يتلاقى مع أي هواجس مرتبطة بهوية البلاد، مع التأكيد أنه لن تكون هناك مخاوف على تغيير هوية لبنان في هذا الخصوص.

غرفة العمليات

زار رئيس الجمهورية ميشال عون غرفة العمليات المخصّصة لمراقبة انتخابات المغتربين، وشدّد على موضوع “الميغاسنتر” الذي لم يُقرّ بعد، ثم كانت له وقفة في غرفة هيئة الرقابة حيث اطّلع على كيفية مراقبة الانتخابات في الخارج. وهنأ المسؤولين في وزارة الخارجية، متمنياً أن تنتهي الانتخابات من دون مشكلات أو اعتراضات. وقال: “ما تقومون به ليس عملاً سهلاً، وان شاء الله تتحسّن الأمور في الانتخابات المقبلة بحيث تكون أسهل من اليوم مع إمكانية أن يكون هناك رمز للتصويت وتأتي النتيجة من دون صناديق وأقلّ كلفة على الدولة”.

من جهته، تفقد ميقاتي أيضاً وزارة الخارجية لمواكبة المرحلة الثانية من الانتخابات في الخارج، وقال: “من خلال ما بدأ يصل من نتائج، يمكننا القول إن النتائج ونسب الاقتراع جيدة. وتابعت مع شركة DHL عبر ممثليها هنا مراحل نقل الصناديق الانتخابية الى لبنان بمهنية ودقة”.

أضاف: “فلنتذكر فقط حجم التشكيك الذي سمعناه منذ شهرين بحصول الانتخابات، ليتبين اليوم أن المرحلتين الانتخابيتين قد أنجزتا ضمن الظروف الطبيعية وبشكل عادي وهادئ”.

واعتبر وزير الداخلية بسّام مولوي خلال زيارته غرفة عمليات مراقبة الانتخابات، أنّ “نجاح العمليّة الانتخابيّة في الخارج هو مؤشّر هام ويدلّ على أنّّ اللّبناني بحاجة الى الحرية والديموقراطية، ولم نرَ مقاطعة في الدول العربية والأجنبية”، مشيراً إلى أن “على اللبنانيين أن يفتخروا بلبنان، وبإيماننا بالدولة علينا أن نكون جميعاً في أقلام الاقتراع”. وأوضح أنّ “ما جرى في ألمانيا هو وجود شعيرات في نسيج أوراق الاقتراع، ولا يعرّضها لتكون لاغية”.

الراعي

بدوره، ثمّن البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي “دور الحكومة والوزراء المعنيين وأركان السفارات والبعثات الديبلوماسية على حسن إدارة العملية الانتخابية في بلدان الاغتراب” مشيراً الى “أننا رأينا اللبنانيات واللبنانيين يتوجهون إلى مراكز الاقتراع، ومعالم القهر والغضب والأمل بادية على وجوههم وفي تصاريحهم. كانوا مقهورين لأنهم اضطروا إلى مغادرة لبنان تاركين بيوتهم وعائلاتهم. وكانوا غاضبين على الذين تسببوا بهجرتهم القسرية لاسيما في السنوات الثلاث الأخيرة”.

أضاف: “لاحظنا أنهم بغالبيتهم في عمر الشباب وفي عز العطاء، فهل تعي الجماعة السياسية أي لبنانيين هجرت ومدى الأذى الذي ألحقته خياراتها وأداؤها وفسادها بأجيال لبنان ومستقبل هذه الأمة العظيمة؟ بانتظار يوم الانتخاب في لبنان، ندعو المواطنين جميعاً إلى الإقبال الكثيف على الاقتراع لأنه لحظة التغيير وإلا لات ساعة مندم”.

ورأى أنّ من “الانتخابات النزيهة تبدأ الديموقراطية الصحيحة، ومن كثافة الاقتراع الواعي والحر تستمد الانتخابات شرعيتها الشعبية مع شرعيتها الدستورية. أن ينتخب المواطنات والمواطنون هو أن يوكلوا وطنهم ودولتهم ومصيرهم إلى من يختارون من بين النساء والرجال المرشحين. إنها لمسؤولية جسيمة تستدعي التأني والمقارنة ثم الاختيار. لا تجري الانتخابات لاختبار مدى احترام تداول السلطة فقط، بل لاختبار مدى حيوية المجتمع اللبناني في ممارسة الفعل الديموقراطي، ومدى حماسته للتغيير السياسي. فلا يأمل شعب أن يحظى بحوكمة رشيدة إذا كان اختياره لممثليه سيئاً”.

شارك المقال