“تنقيب” الثنائي في بحر الانتخابات

لبنان الكبير

بينما ينغمس المسؤولون واللبنانيون من رأسهم الى أَخْمَص أقدامهم في مستنقع الانتخابات فلا صوت يعلو على الأصوات التجييشية الصاخبة، يحجب هدير الماكينات الانتخابية هدير سفينة الانتاج FPSO Energean Power التي تشق طريقها عبر البحار للبدء بشفط النفط والغاز من حقل كاريش الذي أعلنه لبنان حقلاً متنازعاً عليه بموجب رسالته إلى الأمم المتحدة بتاريخ 2022/1/28.

وفي حين تتحدث معلومات غير مؤكدة عن أن السفينة بدأت بعملية الشفط من حقل كاريش، يبدو أهل السلطة كعادتهم يتلهون بجنس الملائكة حتى لو على حساب البلد وحقوقه وثروته، فيما برزت مواقف تصعيدية من “الثنائي الشيعي” على لسان رئيس مجلس النواب نبيه بري والأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله.

فقد أعلن بري استعداد لبنان الرسمي للعودة إلى مفاوضات ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل انطلاقاً من “اتفاق الإطار” الذي توصل إليه مع الأميركيين منذ أكثر من سنة “والذي يبقى الآلية الصالحة لإنجاز الترسيم الذي يمنح لبنان الحق باستثمار كامل ثرواته في البحر من دون تنازل أو تفريط أو تطبيع أو مقايضة. تحت هذا السقف، لبنان الرسمي مستعد لاستئناف المفاوضات في أي لحظة، والكرة في ملعب الأطراف الراعية للتفاوض غير المباشر ولكن ليس إلى العمر كله ولمدة أقصاها شهر واحد يصار بعدها الى البدء بالحفر في البلوكات الملزمة أصلاً من دون تردد وإلا تلزم شركات أخرى”.

في حين تولى نصر الله مهمة التهديد بإطلاق مسيّرات جوية فوق السفينة التي أبحرت باتجاه المياه الاقليمية للتنقيب في حقل كاريش “لا لنقصفها بل لنعطيها إنذاراً”، متحدثاً عن عزم الحزب، منع إسرائيل والشركات العاملة معها من استكمال أعمال التنقيب في المناطق المتنازع عليها مع لبنان.

مواقف اعتبرها المراقبون غير بريئة في هذا التوقيت بالذات عشية الانتخابات النيابية بحيث أن ملف ترسيم الحدود دخل على خط البازار الانتخابي، والمؤسف أن هذا الخطاب موسمي وتنتهي صلاحيته مباشرة بعد الانتخابات خصوصاً أن السلطة الحاكمة الحالية أو فريق ما يعرف بالممانعة وحلفاءه متهمون بإبرام الصفقات انطلاقاً من مصالح كل جهة أكانت سياسية أو قضائية أو مادية، وبالتالي، التنازل عن حقوق لبنان وعن ثروته لصالح العدو الاسرائيلي وعن جزء من أراضيه، يسمى خيانة عظمى.

وكانت المفاوضات توقفت منذ أشهر بين الجانب اللبناني والوسيط الأميركي أموس هوكشتاين لأسباب باتت واضحة أمام الجميع بعدما تم سحب الملف من الوفد العسكري الذي عمل بتقنية رفيعة وحرفية عالية، وكان يملك ملفاً متيناً محصّناً بالوثائق مقابل هزالة الملف الاسرائيلي، وهذا الكلام ليس لبنانياً انما جاء على لسان الموفد الأميركي في مجالسه الخاصة وفق مصدر مطلع لموقع “لبنان الكبير”، لكن الاسرائيليين توحدوا حول موقف واحد في ملف الترسيم في حين أن التنازل المشبوه عن المصالح الوطنية سيبقى وصمة عار تلاحق المسؤولين، وسيكتب التاريخ بأحرف عريضة: مسؤولو لبنان ارتكبوا خيانة بحق بلدهم، وباعوه بحفنة من المصالح الشخصية .

وفي المحصلة: عندما يتفق اللبنانيون بعد عمر طويل، ستكون حصتهم جرّة فارغة يغلفها ملح البحر في حين أن جرة الاسرائيلي ستكون مزخرفة بعشرات المليارات من الدولارات.

وفي البارزار الانتخابي، توقف الجميع عند تحول وزير الداخلية بسام مولوي الى ما يصح تسميته بـ “أبو ملحم الانتخابات”، بكلامه عن أن التصويت في الانتخابات النيابية حق وواجب “خصوصاً الطائفة السنية التي تعتبر مشاركتها في الانتخابات النيابية بمثابة دفعة في الاتجاه الصحيح لإبعاد المفسدين عن السلطة، واختيار الأنسب والأصلح لقيادة لبنان في الفترة المقبلة”.

شارك المقال