الصراخ اللبناني يتعالى حتى أعلى مستويات الانهيار

لبنان الكبير

يدفع دومينو الانهيار الاقتصادي في عروضه الجديدة التي قدّمها خلال الأيام الماضية التي تلت استحقاق الانتخابات النيابية، إلى حلقات من الصراخ اللبناني على طريقة “لا تندهي ما في حدا” مهما تعالت وتيرة إعلاء الصوت التي عادت أمس من بوابة القطاع الطبي مع تجاوز دولار السوق السوداء في التعاملات الصباحية عتبة الـ35 ألف ليرة لبنانية قبل أن يتخطى الـ 36 ألفاً مع تقدّم ساعات بعد الظهر. وكانت الكلمة أمس للأطباء والسائقين العموميين وأصحاب الأفران الذين اختصروا الصورة الوطنية الاجتماعية المحتضرة.

وفوق كلّ الأزمات كانت تحضّر منصّة سياسية مع دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى عقد جلسة عامة في الساعة الحادية عشرة من قبل ظهر الثلاثاء المقبل في 31 أيار في القاعة العامة لمجلس النواب في ساحة النجمة، لانتخاب رئيس ونائب رئيس للمجلس النيابي وأميني سر وثلاثة مفوضين، عملاً بأحكام المادة 44 من الدستور. وتزامنت الدعوة مع استكمال عمليات إزالة العوائق الاسمنتية والأسلاك الشائكة من محيط المجلس.

وعلم “لبنان الكبير” أن الاستعدادات ليوم الثلاثاء المقبل بدأت تستكمل على صعيد الكتل النيابية التي منها من حسمت خياراتها لناحية اختيار بري أو التصويت بورقة بيضاء. وتتّجه التكتلات السيادية المعارضة في غالبيتها لإعادة انتخابه الى خيار الورقة البيضاء، في مقابل اتجاه التكتلات المحسوبة على قوى 8 آذار الى انتخابه. أما النواب المستقلون، فيقسمون الى قسمين: الأول بعض النواب الذين يدورون في فلك مقرب من النهج العام لتيار “المستقبل” ويتجهون الى انتخاب بري، في مقابل نواب مستقلين آخرين علم أنهم يتشاورون مع نواب تغييريين للخروج باطار موحد لناحية عدم التصويت له. وكذلك، عُلم أن عملية البحث في تشكيل التكتلات النيابية باتت أكثر وضوحاً مع بداية مشاورات عابرة للدوائر والمناطق، بما يشمل عدداً من النواب في عكار وطرابلس وبيروت. ولم يحسم حتى اللحظة الاتجاه الى شكل التكتل الذي سيحدد وفق ما تنتجه المشاورات التي لا تزال في عناوينها الأولية. وفي المقابل، يتجه نواب مستقلون آخرون الى الانضمام لتكتل يضمهم الى جانب نواب الأحزاب الناشئة عن الانتفاضة.

تظاهرات واعتصامات

على صعيد شريط الأزمات المتلاحقة، تحوّلت الساعات الماضية إلى يوم مظاهرتيّ بامتياز، بعدما نفّذ عدد من الأطباء اعتصاماً أمام مصرف لبنان في بيروت. وعبّر المعتصمون عن رفضهم لسياسات مصرف لبنان والمصارف بحق المودعين عموماً، والأطباء وعاملي القطاع الصحي والمستشفيات خصوصاً، وعملوا على قطع الطريق.

واعتصم أصحاب الأفران أمام وزارة الاقتصاد للمطالبة بتأمين القمح للمطاحن، ووضع تسعيرة لربطة الخبز تناسب سعر الصرف. وكذلك، نفذ عددٌ من السائقين العموميين اعتصاماً في ساحة الشهداء، وقطعوا جسر الرينغ، احتجاجاً على الانهيار غير المسبوق لليرة اللبنانية، معبّرين عن سخطهم نتيجة الارتفاع غير المسبوق في أسعار المحروقات. ولم يكن ينقص الأزمات المتراكمة سوى التلويح بأزمة مياه في الأفق بين بيروت وجبل لبنان، في وقت لا يجد اللبناني من يرشّ على واقعه المتهالك ولا حتى نقطة مياه.

وأشارت مؤسّسة مياه بيروت وجبل لبنان الثلاثاء الى أنّ “الشحّ الحاصل في مادة المازوت، والغلاء المطرد في الأسعار، والانقطاع المتمادي للتيار الكهربائي، عوامل أساسية تحدّ من قدرة محطات الضخّ على تأمين التغذية بالمياه. وبلغت الانعكاسات السلبية لذلك حدّها الأقصى بل إنّ الأمور تتّجه إلى المزيد من التأزّم”، مؤكدة أنّ “محطات الضخّ تعمل بقدرتها الدنيا علماً أنّ أيّ عطل في مولّداتها يحتاج إلى تأمين مبالغ بالعملة الصّعبة، سواء لشراء قطع الغيار أم لسداد فواتير التصليح. ومعلوم أنّ الأعطال في هذا المجال تتكرّر في وقت تفتقر المؤسّسة إلى العملة الصّعبة غير المتوافرة”.

وأعلنت المؤسسة أنّها “ستضطرّ مكرهة إلى البدء باعتماد برنامج تقنين حادّ وقاسٍ، لا سيّما على المناطق الساحليّة التي تتغذّى بالمياه من محطّات الضخّ العاملة على المولّدات أو الكهرباء لدى توافرها”، آملة في “تحسّن الأوضاع العامة، لأنّ استمرار الوضع على ما هو عليه قد يؤدّي إلى النفاد التامّ للقدرة على التغذية بالمياه إلى حدّ الانقطاع التام”.

شارك المقال