برلماننا… نواب فولكلوريون… مراهقون… مبعثرون

لبنان الكبير

أيّاً تكن الظروف والعوامل التي رافقت استحقاق انتخابات رئاسة المجلس النيابي ونائب الرئيس، فإن الأكيد أن الجلسة خرجت عن كلّ الإيقاعات المدوزنة سياسياً وتنظيمياً التي انتهت بنكسة أولية على صعيد القوى السيادية والتغييرية التي “فلتت” الأكثرية النيابية من يدها في غياب العامل التنسيقي المتكامل والتردّد الذي بقي محيطاً بالنواب المحسوبين على قوى ومجموعات التغيير حتى الساعات الأخيرة التي كان فيها “اللي ضرب ضرب” مع “بلوك” من الأصوات لمصلحة مرشح قوى 8 آذار النائب الياس بو صعب، إذ تبيّن أن حسابات البيدر النيابي أنتجت أصواتاً إضافية لمصلحة بو صعب من خارج النواب البالغ عددهم 61 نائباً يمثّلون محوراً واضحاً مع النواب المستقلّين المحسوبين على 8 آذار.

والسؤال الذي دار في المجالس السياسية أمس، تمحور حول الأصوات السحرية الأربعة الاضافية التي نالها بو صعب، على طريقة من “أين له هذا العدد؟”، أو بمعنى أوضح من هم النواب الأربعة الذين خرجوا من حسابات الأكثرية السيادية والتغييرية لمصلحة المحور المقابل؟!

ولا تبدو الاجابة بعيدة بالنسبة لنواب حضروا الجلسة اذ ثمة زملاء مستقلين تربطهم علاقة جيدة ببو صعب، كما أنهم لا ينضوون في إطار سيادي محسوب سابقا على 14 آذار، مما يعني أن لا أكثرية واضحة ولا أقلية كاملة و”البرلمان جنون فنون”.

وعلم “لبنان الكبير” أن الأصوات الأربعة التي رجّحت كفة بو صعب من خارج “بلوك 8 آذار” محسوبة على أصوات نيابية مستقلة. وقد صوّت النائب ميشال ضاهر لمصلحة بو صعب. وهناك من النواب من كان قد غازل بو صعب في مقابلات تلفزيونية حديثة، حيث لم يُتفق على إطار كامل لتشكيل وحدة موقف بين عدد من النواب المستقلين الذين فعّلوا حركة اتصالاتهم واجتماعاتهم في الساعات الماضية ومنهم من غرّد خارج السرب. وهناك تساؤلات حول مواقف بعض النواب السياسية ومنهم على سبيل المثال النائب أحمد رستم الذي رفض عندما تم سؤاله أن يوضع في خانة مقربة من نهج تيار “المستقبل” سياسياً.

وفي سياق آخر، يعبّر نائب عتيق حضر الجلسة النيابية وصاحب خبرة طويلة في العمل البرلماني عبر “لبنان الكبير” عن خيبة لجهة النتائج التي أفرزتها الانتخابات، عبر دخول مجموعة من النواب الفولكلوريين، يضاف اليها مجموعة من النواب المراهقين، ومجموعة ثالثة من النواب المبعثرين الذين لا يدرون ماذا يريدون. وهؤلاء جميعاً في رأيه لا يبشّرون بانطلاقة ايجابية للمجلس النيابي، خصوصاً ان النائب نفسه حاول شخصياً اقناع عدد من النواب التصويت من الدورة الأولى لمصلحة النائب غسان سكاف لكن محاولاته لم تنجح. ويقول إنه لو تم التصويت لسكاف من الدورة الأولى بالزخم عينه، بدلا من الانتظار للدورة الثانية، لكان ذلك شكّل اندفاعة أكبر قوة، في وقت قلب نائب واحد الأكثرية لمصلحة بو صعب في التصويت الثاني. ويضيف أنّ معطياته تشير الى أن نائبين من النواب المستقلين الذين اجتمعوا الاثنين، صوتوا خارج إرادة ما تبقى من النواب الذين اقترعوا لمصلحة سكاف. ولا تبدو مقاربته مشجعة لناحية ما ينتظر الاستحقاقات المقبلة بما في ذلك امكان التوحّد على صعيد تسمية رئيس مكلف للحكومة. ويختم بعبارة أن “الآتي أسوأ”.

وفي غضون ذلك، علم “لبنان الكبير” أن مشاورات “على كعبها” حصلت امس بين نواب تغييريين ونواب مستقلين في الدورة الثانية من انتخابات نيابة رئاسة المجلس، على أساسها تم الاقتراع لمصلحة سكاف. ويعني ذلك ان الأصوات التي بلغ عددها 11 صوتا اضافيا لسكاف في الدورة الانتخابية الثانية لنيابة الرئاسة لم تكن جميعها من نواب تغييريين بل شملت 3 نواب مستقلين كانوا صوتوا بورقة بيضاء في الدورة الأولى. وهناك عدد من النواب التغييريين الذين استقرت اصواتهم على الورقة البيضاء.

وفي المحصلة، فاز الرئيس نبيه بري من الجولة الأولى من خلال نيله 65 صوتاً لولاية رئاسية سابعة على التوالي. وانقسّمت الأصوات بين 65 صوتاً لمصلحة بري، و23 ورقة بيضاء و40 ورقة ملغاة. وفاز الياس بو صعب من الجولة الثانية بعد نيله 65 صوتاً مقابل 60 صوتاً لغسان سكاف. وثُبّت العرف الطائفي في انتخابات أميني السر مع فوز آلان عون بـ 65 صوتاً وفوز هادي أبو الحسن بالتزكية. وفاز النواب عبد الكريم كبارة وميشال موسى وآغوب بقرادونيان بعضوية هيئة مكتب البرلمان بالتزكية. وتقبّل الفائزون التهاني في المجلس النيابي وسط انقطاع الكهرباء. وتوجّه بري الى قصر بعبدا حيث التقى رئيس الجمهورية ميشال عون. وبحث الاجتماع في موضوع الاستشارات النيابية الملزمة لانتخاب رئيس جديد للحكومة.

شارك المقال