الاستشارات الملزمة والأقليات الكثيرة

لبنان الكبير

لم تنته مفاعيل الجلسة النيابية الأولى التي شكّلت انطلاقة امتلأت بالثغرات التي كان يمكن تفاديها على صعيد انتخابات رئاسة المجلس النيابي ونيابة الرئاسة لو أن النواب المحسوبين على قوى الانتفاضة كانوا أصحاب خبرة وسرعة بديهة في حسم توجّههم بين ترشيح أحدهم لموقع نائب الرئيس أو دعم إسم آخر. وكان للحيرة المستمرّة وتأجيل اتخاذ القرار النهائي حتى الساعات الأخيرة التي سبقت جلسة الثلاثاء وعدم اتخاذ موقف مباشر وسريع انعكاس على صعيد تجميع النقاط لمصلحة قوى 8 آذار التي لم تدخل مشرذمة واستفادت من الواقع المشرذم لبعض النواب المستقلين الذين لم يصوّتوا لمصلحة النائب غسان سكاف. وتتمحور العبرة الأولى التي تأكّدت بعد انتخابات رئاسة المجلس حول وجوب الشاور والتنسيق الأكبر بين النواب الذين يطمحون الى التعاون من أجل الفوز بالاستحقاقات المقبلة التي تبدو قريبة وفي طليعتها الاستشارات النيابية الملزمة لانتخاب رئيس مكلف تأليف الحكومة.

لكن تأكد وفق المعطيات التي تنقلها مصادر نيابية مواكبة عبر “لبنان الكبير” أنه لا يمكن توسيع البيكار كثيراُ والرهان الدائم على فرز نيابي مشابه لما حصل في انتخابات رئاسة المجلس ونائبه، بعدما قرأ أكثر من فريق أن الأكثرية متحركة أو بمعنى آخر لا وجود لأكثرية بل أقليات تتقارب أو تتباعد بحسب الملف. وهذا ما تؤكده أوساط النواب التغييريين التي تقول إنها ستتخذ مبادرات خاصة بها في كلّ الاستحقاقات الأساسية المقبلة، وستعمل على اختيار مرشح لرئاسة الحكومة بما يتوافق مع واقع رؤيتها السياسية والاقتصادية واعتمادها سياسة اليد الممدودة لمن يجاريها في التصويت للمرشحين الذين ستختارهم في الاستحقاقات الآتية. وسيتبنى النواب التغييريون سريعاً مقاربات واضحة خاصة بنظرتهم الى هذه الاستحقاقات بدءاً من رئاسة الحكومة حيث سيكون لهم مرشحهم.

وفي غضون ذلك، لفتت المعطيات إلى أنّ النواب المحسوبين على قوى الانتفاصة أنفسهم لا يتبنون مقاربة موحدة بل هناك وجهات نظر عدة تدور بينهم في غالبية المضامير، بما يعني أن الخطوة المقبلة ستكون بالنسبة اليهم في محاولة تخطي النقاط الخلافية بينهم قبل الانتقال إلى المرحلة الثانية المرتبطة ببناء المقاربات الخاصة بهم. وعُلم أنّ فكرة تشكيل ائتلاف كبير يضم النواب التغييريين إلى جانب عدد من النواب المستقلين منهم تتقدّم، بحيث سيتخذ التجمع مسمى الائتلاف أو التكتل لا الكتلة، باعتبار أن النواب التغييريين ليسوا منبثقين من حزب ناشئ واحد بل من مجموعة أحزاب. كما أن انضمام عدد من النواب المستقلين اليهم وفق المنحى الظاهر سيحوّل التكتل الى اتخاذ صيغة الائتلاف، اذ أن هناك مشاورات معقودة في هذا الإطار مع 3 نواب عن دائرة صيدا – جزين بشكل أساس.

وتتمحور الأنظار حول ما اذا كان استحقاق رئاسة الحكومة سينتج التسمية نفسها على صعيد النواب السياديين والتغييريين. ويبقى الترقّب هو القائم حالياً بانتظار ما يمكن أن تظهره الأيام المقبلة، لكن ما تأكد أن الانطلاقة ستكون مشابهة لناحية وضع أسس ومواصفات خاصة برئيس الحكومة العتيد لفتح المشاورات ما بين كل القوى السيادية اضافة الى القوى التغييرية. وعلم “لبنان الكبير” أن مجموعة من النواب السياديين المستقلين يتجهون الى تسمية القاضي نواف سلام لرئاسة الحكومة كاتجاه أولي انبثق من مشاورات في ما بينهم، لكن المعطى سيكون بطبيعة الحال قابلاً للتداول بينهم وبين الكتل المقربة منهم في العناوين الاستراتيجية. وفي المحصلة، تواجه الكتل السيادية والنواب التغييريين امتحان التوافق على إسم واحد لرئاسة الحكومة. فهل سيكسبون إحدى أهم الجولات المقبلة على صعيد الاستحقاقات الكبرى؟

شارك المقال