مسرحية لبنانية سوداء: كلنا بانتظار هوكشتاين

لبنان الكبير

رئيس الجمهورية ميشال عون يتابع الاتصالات الجارية لمعالجة التطورات التي استجدت بعد التحركات البحرية التي تقوم بها سفينة وحدة انتاج الغاز الطبيعي “انيرجيان باور” قبالة المنطقة الحدودية البحرية المتنازع عليها.

رئيس مجلس النواب نبيه بري يرأس جلسة انتخاب اللجان النيابية الماراتونية والاستثنائية بمجرياتها وهفواتها وحركات بعض نوابها “الصبيانية”، ويعلن أن الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين سيزور لبنان الأحد أو الاثنين للبحث في ملف ترسيم الحدود البحرية.

رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي يتابع نتائج الاتصالات الديبلوماسية الجارية بشأن ملف ترسيم الحدود البحرية، وما هو متوقع على صعيد مهمة هوكشتاين، مؤكداً أن الدولة اللبنانية تتابع معطيات هذا الملف السيادي بامتياز، والذي تجري معالجته بالطرق الديبلوماسية للخروج بنتائج ايجابية.

هؤلاء هم الممثلون الأبطال الذين يتوزعون مهام خداع الناس على خشبة مسرحية بحيث أن كل من يشاهدها لا يمكن لكثرة حيرته وتساؤلاته الا أن يضع عقله في كفه. كيف لا وكل الخبراء يؤكدون أن البيانات والمواقف لا تقدّم ولا تؤخّر في شيء، وليست سوى كلام بكلام لا طعم له ولا رائحة طالما أنه لم يتم تعديل المرسوم 6433 وإيداعه لدى الأمم المتحدة، لأنه ورقة القوة الوحيدة في يد لبنان للحفاظ على حقوقه وسيادته البحرية .

وأكد مصدر متابع لملف الترسيم لموقع “لبنان الكبير” أن الرئيس عون وقع في 5 أيلول 2020 تعديل المرسوم ولكن لم يُرسل الى الأمم المتحدة بطلب من النائب جبران باسيل، ما يدعو الى التساؤل: هل هناك بازار سياسي من أجل رفع العقوبات عنه؟

والمسرحية تدخل في ذروة حبكتها الاخراجية، عندما يحاول اللاعبون الأساسيون اقناع اللبنانيين بأنه بمجرد وصول الوسيط الأميركي سيتحول الوضع بسحر ساحر من سوداوي الى وردي، ويستعيد لبنان كامل حقوقه ليبدأ في أقرب فرصة بالتنقيب واستخراج النفط وبيعه بمليارات الدولارات ليسد رمق الشعب الجائع. لكن عندما ينتهي هذا المشهد يتبين أن إظهار الوسيط وكأنه خشبة الخلاص ليس سوى ذر للرماد في العيون لأنه لا يحمل جديداً، وسيعود ليطرح عرضه السابق المنحاز الى اسرائيل والذي يحرم لبنان من الخط 29، وبينما يتنقل بين لبنان واسرائيل وأميركا في ملف التفاوض، يكون الجانب الاسرائيلي قد بدأ بالانتاج وحينها لا يحق لأي طرف الاعتراض.

في الخلاصة، وصول هوكشتاين الى بيروت ليس الا لشراء الوقت ويكون “اللي ضرب ضرب واللي هرب هرب”.

وتتلاحق المشاهد الغريبة مع سحب ملف التفاوض من يد الوفد العسكري التقني، الذي يتفق الجميع على أنه محط ثقة، وقام بواجبه على أكمل وجه ولعب دوره بحرفية عالية وتظهر ملفاته ووثائقه وخرائطه ومستنداته أن حدود لبنان البحرية هي خط 29 وليس 23، مع العلم أن خط 29 كان يُعرف بخط عون في المفاوضات، فانقلبت المقاييس 360 درجة، أي من التمسك بالـ29 الى التمسك بالـ23 وكأن سحر ساحر ألقى لمسته التخريبية الجهنمية لا بل ذهب في سوء نيته الى التساؤل: عندما تقول شركة “انيرجين باور” ان لدينا ضمانات خارجية، من أعطاها هذه الضمانات؟ طبعاً الأميركي. لكن هل يعطي الأخير الضمانات اذا لم يحصل عليها من طرف ما في لبنان؟

برأي أحد الخبراء أن الموضوع لا يقتصر على حقل “كاريش” وحسب، انما على الـ 1430 كلم2 بين الخط 23 والخط 29، ولبنان حتى اليوم لم يحدد خطه البحري في الأمم المتحدة ما يريح اسرائيل، التي أعلنت عبر وزيرة الطاقة عن دورة التراخيص الرابعة بما فيها البلوك 72 الذي في جزء كبير منه موجود في حقل قانا جنوب الخط 23 .

وبالعودة الى المشهد السياسي، وفي جلسة مجلس النواب لانتخاب اللجان لم يتمكن المايسترو الرئيس بري من دوزنة ايقاعها بحيث كان يرغب في التوافق وإبعاد كأس الانتخابات التي ستستمر لأسابيع، مع العلم أن هناك بعض اللجان فاز بالتزكية في حين أن البعض الآخر شهد معارك شرسة .

وعلى الضفة الحكومية، فإن المعلومات تؤكد أن هناك تريّثاً في المشاورات في تشكيل الحكومة التي ينقسم حولها اللبنانيون بين فريقين: فريق يؤيد اعادة تشكيل حكومة برئاسة الرئيس ميقاتي وفريق يعارض هذا الخيار، وبالتالي الانقسام كبير والسجال حاد بينهما على الرغم من أن حظوظ الرئيس ميقاتي لا تزال الأوفر. مع العلم أن التوافق على تسمية شخصية معينة صعب الا أن التشكيل صعب جداً خصوصاً أن الحكومة المقبلة ربما ستتولى السلطة التنفيذية بشكل كامل في حال الفراغ الرئاسي.

وفي هذا الاطار، أعرب رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، في تصريح لموقع “لبنان الكبير” عن تأييد الرئيس ميقاتي للتكليف “باعتبار المرحلة تتطلب تدويراً للزوايا”، مؤكداً “أننا مع رئيس جمهورية يتمتع بشرعية مسيحية ووطنية في آن معاً، لأن هذه المرحلة تختلف عن المراحل السابقة وتحتاج الى شخصية وطنية قادرة على التواصل مع الجميع من دون استثناء ومع المجتمع الدولي أيضاً”.

وقال فرنجية: “نحن بالطبع مع الخط 29 لكن دولياً لم تبلغ الدولة اللبنانية الأمم المتحدة به حتى الساعة، لأنه لم يتم توقيع المرسوم بعد توقيع الوزير ميشال نجار. ولا يزال الأمر ملتبساً، لذلك لا بد من توقيعه وابلاغ الأمم المتحدة بالأمر، من أجل حفظ ثروتنا النفظية وسيادتنا على المياه الاقليمية اللبنانية”.

وفيما الجيش يواصل عمليات الدهم في بعلبك، أوقف 64 شخصاً من الجنسيّات اللبنانيّة والسوريّة والفلسطينيّة، أثناء محاولتهم مغادرة البلاد عبر البحر بطريقة غير شرعية بين منطقتي القليعات والشيخ زناد – الشمال.

وجنوباً، أقدمت دورية من القوات الاسرائيلية على مضايقة المزارعين اللبنانيين الذين يعملون في أرضهم في سهل مرجعيون، المحاذية للسياج التقني المحيط بمستعمرة المطلة، حيث ترجل أحد الجنود من الجيب العسكري وقام برفع سلاحه في وجه المزارعين، طالباً منهم مغادرة المكان، ومهدداً إياهم بإطلاق النار في حال عدم الاستجابة بحسب “الوكالة الوطنية للإعلام”.

وما يزيد في المشهد السوداوي سوداية، ما ورد في التقرير الصادر عن برنامج الأغذية العالمي ومنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) الذي دعا إلى اتخاذ إجراءات إنسانية عاجلة في 20 دولة اعتبرتها الأمم المتحدة “بؤرة ساخنة للجوع” في العالم، من بينها 5 دول عربية، هي سوريا والسودان واليمن والصومال ولبنان.

وأعلن البنك الدولي أن الوضع في لبنان ازداد بؤساً بسبب انفجار مرفأ بيروت وأزمة الديون، مشيراً الى أن لبنان يواجه عاماً آخر من التراجع وسط تزايد نسبة الفقر والتضخم الجامح وتعطيل الخدمات الأساسية، و”نتوقع انكماش اجمالي الناتج المحلي الحقيقي للعام الرابع على التوالي، مما يؤدي الى المزيد من الانخفاض في نصيب الفرد من اجمالي الناتج المحلي الحقيقي وتقليص القوة الشرائية لأصحاب الأجور”.

شارك المقال