موقف الرؤساء لهوكشتاين: لا أبيض ولا أسود

لبنان الكبير

إنه الأسبوع الذاخر والمتخم بملفات الترسيم على المستويات كافة، وأولها ترسيم الحدود البحرية وما يرافقها من غموض وتشرذم واختلاف عالق بين الخطين 23 و29، يليها الترسيم الحكومي وما يشوبه من تسويات ومساومات ومحاولة التأليف قبل التكليف وصولاً الى الترسيم المعيشي والحياتي الذي يبدو لقيطاً، متروكاً لمصيره الأسود.

والبداية مع الترسيم البحري الذي يشهد منذ سنوات وسنوات الكثير من التمييع والمماطلة لألف حساب وحساب، والقليل القليل من الجدية والحسم بحيث أن كل الآمال معقودة اليوم على الجديد الذي يمكن أن يحمله الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين في جعبته علّه يخرج أرنباً أبيض يبشر بنهاية سعيدة وإلا فالمنحى سيكون خطيراً ويؤدي الى مواجهة عسكرية يهدد بها الطرف اللبناني كما الاسرائيلي، لكن كلا الطرفين لا يريدانها لأن حسابات الخرائط غير مطابقة لحسابات البيادر، والكل سيخرج خاسراً بغض النظر عن النتائج.

وصل هوكشتاين الى بيروت أمس، وبدأ بلقاءاته المعلنة وغير المعلنة، فاجتمع مع وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض، والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، لينطلق اليوم في جولته الرسمية مع رئيس الجمهورية ميشال عون، ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وأكدت مصادر متابعة لـ “لبنان الكبير” أن الوسيط سيسمع موقفاً موحداً من الرؤساء الثلاثة الذين لن يعطوه جواباً أسود أو أبيض انما سيستمعون الى ما لديه من جديد ليبنى على الشيء مقتضاه.

لكن هذه الجولة من المفاوضات تختلف عن سابقاتها لأنها تأتي في ظل ظروف إقليمية ودولية ومحلية مغايرة، إذ تبدو الادارة الأميركية راغبة في انهاء الملف وتحقيق إنجاز على هذا الصعيد، خصوصاً أن اسرائيل باتت قاب قوسين من الانتاج وليس أمام لبنان متسع من الوقت، ما يعني أنه ليس من مصلحة أي طرف تمييع التفاوض الذي يجب أن يصل الى حل ايجابي في حال كان الوسيط يحمل جديداً في جعبته. كما أن التنقيب عن النفط يعد باباً مهماً لوضع البلد على سكة التعافي، إذ أن العهد في حاجة الى هذه الورقة ونجاحها بعد الانهيارات المتتالية .

وتتقاطع المعلومات بين المتفائلين بإمكان الوصول الى اتفاق نهائي، وبين المتشائمين الذين يعتبرون أن الملف شائك وفيه الكثير من التعقيدات، والخيار العسكري ليس مستبعداً مع العلم أن السفيرة الأميركية دوروثي شيا تواصلت مع كبار المسؤولين اللبنانيين للعمل على منع تفاقم الأوضاع وتطورها نحو الأسوأ.

وأكد مصدر مطلع لموقع “لبنان الكبير” أن “المطلوب اليوم الوصول الى الترسيم، أما استخدام التهديد العسكري من الجانبين اللبناني والاسرائيلي فيهدف الى تحسين شروط التفاوض، ولو كان الخيار نحو المواجهة العسكرية، لما أتى الوسيط للتفاوض”، معتبراً أن “من يقول ان لبنان في وضع ضعيف يكون ضعيف العقل، لأن لبنان قوي جداً ويملك أوراقاً وملفات ووثائق قوية، ولا يجوز الانطلاق في التفاوض من موقع الاستسلام والضعف بل من موقع القوة والحق”.

وفي حال تعثرت المفاوضات وزادت الأمور تعقيداً، لا بد من أن تجتمع الحكومة وتتخذ القرار المناسب بتعديل المرسوم 6433 وإيداعه الأمم المتحدة، إذ أنه وفق الخبير الدستوري سعيد مالك “من الناحية الدستورية يمكن أن تجتمع الحكومة لأن الأمر طارئ ويتعلق بالمصلحة العامة، ولا يمكن للحكومة التلكؤ عن الاجتماع بحجة أنها حكومة تصريف أعمال، لكن هذا مرتبط بالقرار السياسي لها”.

وبغض النظر عن النتائج المتوقعة من التفاوض، بدا لافتاً التصعيد من فريق العهد على قائد الجيش العماد جوزيف عون وعلى الوفد التقني العسكري الذي كان يتولى عملية التفاوض، ولم تستبعد المصادر أن يكون تم التحريض عليهما خلال العشاء الذي أقامه نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب على شرف الوسيط بحضور عدد من المعنيين، لكن أحد المسؤولين العسكريين أكد لـ “لبنان الكبير” أن “الوسيط الأميركي يدرك خلفيات المواقف كما أنه مطلع على الموقف العسكري المتمسك بالخط 29″، معتبراً أن “هذا الهجوم غير موفق ولن ينجح. نحن نطالب بالحق ونجعل الرأي العام يدرك ما يجري، وهذا يزعج من يعمل لمصالحه وليس لمصالح لبنان”.

وفي هذا الاطار، أكد قائد الجيش “أننا لا نتدخل في الشؤون السياسية إطلاقاً إنما يجب فهم الواقع السياسي وتحليله تمهيداً لاتخاذ القرار كما في ملفّ ترسيم الحدود البحرية. نقف خلف السلطة السياسية في أيّ قرار تتّخذه في ملفّ الترسيم”.

أما النواب التغييريون، الذين زاروا الرؤساء الثلاثة، فأكدوا ضرورة الحفاظ على الثروات اللبنانية في البحر من خلال اعتماد الخط ٢٩ وتعديل المرسوم 6433. وشدد الرئيس عون أمامهم على أن “لبنان سيبلغ هوكشتاين بالموقف اللبناني الموحّد حيال الطروحات المقترحة لاستئناف المفاوضات غير المباشرة والتي تحفظ حقوق لبنان. نرفض تهديدات العدو الاسرائيلي الذي يتصرف خلافاً للقوانين وللقرارات الدولية”.

الترسيم الحكومي

وثاني ملفات الترسيم يتمحور حول الترسيم الحكومي، الذي لا يزال في مرحلة تحديد خطوط الطول والعرض للحكومة ورئيسها ووزرائها. إذ تضاربت المعلومات بين من يقول ان الاستشارات النيابية ستجري بعد انتهاء جولة المفاوضات مع الوسيط الأميركي، وبين من يعتبر أن رئيس الجمهورية يتريث في الدعوة الى الاستشارات بهدف تأمين الحد الأدنى من التوافق على الشخصية التي سترأس الحكومة خصوصاً أن التكتلات متعددة، ولا توافق بينها على اسم، مع العلم أن الكتل السياسية التقليدية ستسمّي الرئيس ميقاتي الذي لا يزال الأوفر حظاً في حين أن القوى التغييرية لن تسمّي أحداً من المنظومة، ولا تزال على تواصل مع أحزاب المعارضة للتوافق على اسم موحد في الاستشارات النيابية.

ويبقى خيار عودة الحكومة الحالية مع بعض التعديلات عليها من أكثر الخيارات المقبولة لدى الجميع إلا أنها تواجه الكثير من العوائق والاعتراضات. وبالتالي، الملف الحكومي بتعقيداته وصفقاته سيوضع على نار خفيفة خلال هذين اليومين لتمرير المفاوضات، إلا أن المعلومات تتحدث عن إمكان الدعوة الى الاستشارات النيابية خلال هذا الاسبوع.

الترسيم المعيشي

أما ثالث ملفات الترسيم، فيتعلق بالترسيم المعيشي والحياتي والأمني المفتوح على مصراعيه أمام كل التعديات، ولا من يطالب باستعادة الحق لأصحابه إذ أن الغلاء فاحش، والمحروقات تشهد ارتفاعات يومية غير مسبوقة مع تردد معلومات عن أن سعر ربطة الخبز سيصل الى 35 ألف ليرة، اضافة الى الانذارات الصحية والدوائية والاستشفائية التي وصلت الى الخطوط الحمر، والاضرابات التي تطال مختلف القطاعات، وقد اتصل الرئيس ميقاتي بوزير المال في حكومة تصريف الأعمال يوسف خليل، لمتابعة ملف إضراب موظفي القطاع العام، والبحث في ملف الأجور والمخصصات المستحقة للموظفين وضرورة دفعها في المواعيد المستحقة لها.

وجنوباً، هزّت بلدة الدوير – النبطية جريمة راح ضحيتها الشاب حسين رمال جرّاء خلاف بين جيران، وانتشر على تطبيق “واتساب” تسجيل صوتي لأحد أقرباء طرفَيْ الخلاف يتضمّن تهديداً بالثأر.

شارك المقال