تأليف ميقاتي بين المواصفات والضرورات والمحظورات… و”اللاتسمية” تلحق الرئاسة

لبنان الكبير

تسير الاستحقاقات الدستورية من انتخاب رئيس المجلس ونائبه الى تسمية رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وفق ما تشتهيه رياح المنظومة، التي أعادت رص صفوفها، وجاءت الصورة التي جمعت الرؤساء ميشال عون ونبيه بري ونجيب ميقاتي في قصر بعبدا بعد الاستشارات لتؤكد المؤكد أن القوى الأكثرية في الانتخابات النيابية وهمية ومشتتة ومنقسمة على ذاتها، ومن راهن عليها في التغيير، خاب أمله واندثرت أمنياته بتحقيق خرق في جدار سياسة المحاصصة والتعطيل.

طُويت صفحة التكليف لتفتح على مصراعيها معركة التأليف بحيث تم تحديد موعد الاستشارات لتشكيل الحكومة التي يجريها الرئيس المكلف مع الكتل والنواب يومي الاثنين والثلاثاء، مع ترجيح أن يقدم تشكيلته الى الرئيس ميشال عون خلال أسبوع على أبعد تقدير، وتأخذ في الاعتبار متطلبات المرحلة المعقدة والتغيير على مستوى المجلس النيابي.

وعلى الرغم من التأكيد على عدم امكان تشكيل حكومة وأن تسمية الرئيس ميقاتي ليست سوى التسليم بأنه الأفضل في إدارة المرحلة، التي سيكون عنوانها السباق الرئاسي، أشار مصدر مقرب من الرئيس المكلف الى أن هناك محاولة حثيثة وجدية للتأليف، وأن عدداً كبيراً من القوى السياسية والكتل وعد بالتسهيل، كما أن هناك مسودة تشكيلة ستعرض على الرئيس خلال أسبوع، مع العلم أن الكفة تميل الى إبقاء القدم على قدمه أي حكومة تصريف الأعمال مع تعديل في الأسماء لا يتعدى الخمس وزارات.

ولفت في هذا الاطار قول ميقاتي انه “اذا لم تؤلف حكومة جديدة، فالحكومة الموجودة مكتملة المواصفات”، ما فسره البعض بأنه احتمال لتعويم الحكومة الحالية اذا اصطدم التأليف بالعقبات المعروفة، بحيث أكد مصدر سياسي لـ”لبنان الكبير” أن “حكومة تصريف الأعمال حددها الطائف بالمعنى الضيق الا أنها تبقى مطاطة تبعاً لحاجة البلاد. فاذا اقتضت الحاجة أن تتخذ هذه الحكومة قرارات انقاذية ضرورية ستقوم بذلك. في الخلاصة، يمكن القول في هذا الشأن إن الضرورات تبيح المحظورات”، معتبراً أن كلام ميقاتي “موجه الى الفريق الذي يظن أنه سيعرقل تأليف حكومته اعتقاداً منه بأنه يبقي البلاد في فراغ. وهذا ما يؤثر على موضوع تسليم رئاسة الجمهورية لاحقاً”.

وبغض النظر عن التحليلات الكثيرة حول مشهد الاستشارات النيابية أول من أمس، والتي أوحت بأن زمن الأكثريات الوازنة قد ولّى مع عدم قدرة الأكثرية الرابحة في الانتخابات النيابية على توحيد صفوفها، بدا لافتاً خيار “اللاتسمية” من القوى المسيحية خصوصاً الكتلتان الكبريان “لبنان القوي” و”الجمهورية القوية” بحيث حصل ميقاتي على تسمية 13 نائباً مسيحياً، 15 نائباً من السنّة (من أصل 27) و26 نائباً من الشيعة (من أصل 27)، في حين أن الصوت الدرزي ذهب لصالح السفير السابق نواف سلام (6 من كتلة “اللقاء الديموقراطي”).

وفي هذا السياق، يرى كثيرون أن القوى تعاطت مع التكليف باستخفاف لأن الانتخابات الرئاسية باتت الحاضر الأبرز على الساحة السياسية، ما يدفع الى التساؤل: ألم يجد المسيحيون شخصية سنية لديها الكفاءات اللازمة لتسميتها لتشكيل الحكومة؟ وماذا لو طبّق النواب السنّة والشيعة خيار المقاطعة على انتخابات رئاسة الجمهورية؟

أسئلة أجاب عنها سياسيون مخضرمون أجمعوا على أن النواب في المبدأ لديهم حرية القرار في التسمية من عدمها، لكن عدم تسمية الكتل المسيحية الوازنة ليس تفصيلاً إذ كان بإمكان الطرفين أن يسمّيا شخصية مناسبة للمرحلة اذا لم تتوافر شروطهما في الرئيس ميقاتي والسفير نواف سلام. والأخطر من ذلك أن هناك أطرافاً سنية بدأت تدرس خياراتها في الاستحقاق الرئاسي وعدم انتخاب أي رئيس. وهذا المشهد إن دلّ على شيء فانما يدل على أن المعنيين، يلعبون بالصحة الوطنية إذ أن الحالة الصحية على المستوى الوطني مفقودة خصوصاً أن الزعامة السنية المتمثلة بالرئيس سعد الحريري الذي يمثل النسبة الأكبر من السنّة في لبنان غير متوافرة. وبالتالي، هناك حالة تفتت وتشتت وتناقض. وفي النتيجة، عدم انتخاب رئيس مجلس نيابي كما عدم تسمية رئيس حكومة أمر غير طبيعي لأن في السياسة هناك مبدأ يقول ان الحلول ولو كانت ناقصة أفضل من لا حلول.

القضية الفلسطينية بين عون وهنية

على صعيد آخر، جدد رئيس الجمهورية خلال استقباله رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية على رأس وفد، موقف لبنان من القضية الفلسطينية والمتمثل بتأكيد “حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على كامل ترابه الوطني وعاصمتها القدس وتكريس حق العودة الى أرض فلسطين للاجئين الفلسطينيين”، معتبراً أنه “لا يمكن لأحد أن يتصور القدس من دون كنيسة القيامة وغيرها من الأماكن المقدسة”.

وعبَّر هنية عن “تقدير الشعب الفلسطيني للدعم الذي يلقاه في لبنان، رئيساً وشعباً، على الرغم من الظروف الصعبة التي يمر بها”. وأطلع الرئيس عون على آخر التطورات في فلسطين وما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي في مدينة القدس وغزة والضفة الغربية.

وعلى مقلب آخر، وفيما كانت الحرائق تتنقل من منطقة الى أخرى من الشمال الى الجنوب، لوّحت وزيرة الطاقة الاسرائيلية بأن الجيش الإسرائيلي جاهز لأي سيناريو عسكري في حال قرر لبنان الذهاب في هذا الاتجاه، لافتة الى أن إسرائيل لا تزال “تنتظر ما ستسفر عنه الوساطة الأميركية”. ونفت أن تؤثر تهديدات “حزب الله” “على استمرار إسرائيل في التنقيب عن الغاز في منطقة حقل “كاريش”.

شارك المقال