إمتحان التأليف على نار طبخة خارجية للإستحقاق الرئاسي

لبنان الكبير

تلاميذ في عمر المراهقة درسوا وحضروا لامتحاناتهم الرسمية، متحملين مسؤولياتهم كاملة، فبدوا أكثر بلوغاً من المتحكمين بالسلطة، الذين يتعاملون مع الاستحقاقات المصيرية والملفات المهمة بمراهقة سياسية لم يسبق لها مثيل، فرضت واقعاً غير صحي وغير منطقي وغير مقبول وفق أحد المثقفين.

واقع غير سليم يبدأ من أعلى سلم المؤسسات الدستورية وصولاً الى أدناها، بحيث أن الاستشارات النيابية اليوم وغداً ستضع كل القوى السياسية مع الرئيس المكلف أمام مسؤولياتهم الوطنية خصوصاً بعد أن تحدثت معلومات عن أن مختلف الأطراف تتعاطى مع الاستحقاق الحكومي، تكليفاً وتأليفاً، باستخفاف ولامبالاة، لأن عمر الحكومة اذا تشكلت سيكون قصيراً، والاهتمام سينصب من اليوم حتى ٣١ تشرين الأول المقبل على الاستحقاق الرئاسي الذي قال مصدر مطلع لموقع “لبنان الكبير” إن هناك أرجحية كبيرة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية وإن الفراغ المتوقع لن تسمح به الدول الصديقة والداعمة، بحيث يتم تدارس بعض الأسماء في الأروقة الديبلوماسية والتي هي بعيدة كل البعد عن الأسماء المتداولة، لكن في الوقت عينه لا يجوز إسقاط التطورات الاقليمية من الحسبان وقد تقلب المقاييس في اللحظة الأخيرة لأن المنطقة على فوهة بركان وغليان.

وبالعودة الى الاستشارات غير الملزمة، فقد تعددت السيناريوات بين من يقول إن الأصوات القليلة التي حصل عليها الرئيس المكلف حرّرته من الشروط خصوصاً من قبل “التيار الوطني الحر”، وبين من يرى أن على ميقاتي أن يزين الأمور بميزان الجوهرجي في التشكيلة الحكومية، خصوصاً أن هناك أطرافاً أعلنت أنها لا تريد المشاركة، وأخرى تصر على عدم الاستمرار في النهج المتبع لناحية الحقائب التي باتت كأنها حصة مثبتة لهذا الفريق أو ذاك، كوزارتي المالية والطاقة، التي توضع حول سلوك وزرائها علامات استفهام.

وإذا كان الكثير من المراقبين يستبعد التأليف لأسباب باتت معروفة، كالشروط المسبقة والعراقيل وارتياح الرئيس المكلف مع الحكومة الحالية التي يمون على معظم وزرائها، فإن مصدراً مقرباً من ميقاتي أكد لـ”لبنان الكبير” أن “الجو العام للتأليف إيجابي حتى اللحظة خصوصاً اذا صفت النوايا وصدقت الوعود بحيث أن معظم الكتل وعد بالتسهيل، وبالتالي، في حال سارت الأمور بالايجابية الموعودة، ستكون هناك حكومة جديدة كاملة الصلاحيات في وقت قريب اذ أن الرئيس ميقاتي يريد التسريع لاعتبارات عدة: أولاً، لأن الواقع الحياتي والمعيشي لا يحتمل التأجيل. ثانياً، لأن حكومة مكتملة الصلاحيات أفضل بكثير من حكومة تصريف أعمال. ثالثاً، لاستكمال الملفات الضرورية خصوصاً وأن عمر الحكومة أشهر قليلة قبل الانتخابات الرئاسية”.

وفي وقت تم الحديث عن تشكيلة في جعبة الرئيس المكلف من المتوقع أن يرفضها رئيس الجمهورية بعد عرضها عليه الأسبوع المقبل، لأنها لن تكون وفق رغبات النائب جبران باسيل، أكد المصدر أن ميقاتي “لا يزال على موقفه من عدم الرضوخ للشروط من أي طرف كان، لكنه في الوقت نفسه يسعى الى تأمين مشاركة كل الجهات لأن مصلحة الوطن تقتضي في هذا الوقت الصعب أن تكون هناك حكومة كاملة الصلاحيات وأن تسهل القوى المشاركة فيها وغير المشاركة، عملها لانجاز الملفات الملحة”، لافتاً الى أن “هناك تصوراً أولياً لشكل الحكومة المقبلة التي ربما لن تكون تجميلية لحكومة تصريف الأعمال كما يتم التداول به، بل أكثر من ذلك لكن مع التأكيد أن بعض الوزراء سيستمر في وزاراته لضرورة استمرارية العمل. لكن ذلك يبقى رهن نتائج الاستشارات التي ستكون جولة استطلاعية حول الآراء مع العلم أنه لا بد من الأخذ في الاعتبار نتائج الانتخابات النيابية التي نتجت عنها خارطة جديدة للمجلس. وبالتالي، لا يجوز التشاؤم ان كان في التأليف أو في انتخاب رئيس جديد للجمهورية بعد أشهر قليلة لأن تجربة الانتخابات النيابية التي قيل الكثير عن تطييرها أو تأجيلها جرت في موعدها، والاستحقاقات الدستورية تتم بشكل جيد، وهذا ما نأمله في التأليف”.

وفيما يشير مصدر متابع للتأليف الى أن تكتل “لبنان القوي” يريد حصصاً مهمة، على الرغم من إنكاره ذلك، تحسباً للفراغ الرئاسي في حين أن أجواء كتلة “الجمهورية القوية” توحي بأنها غير مهتمة بالمشاركة أو بالحقائب بقدر اهتمامها بأن تكون هناك حكومة منتجة، لفت أحد الخبراء الدستوريين الى أن المرحلة ستكون زاخرة بالتحليلات الدستورية المتعلقة بالحكومة وبالاستحقاق الرئاسي وامكانية الفراغ. وفي ما يتعلق بالتأليف، فإذا قررت أكبر كتلتين مسيحيتين عدم المشاركة لأسباب سياسية، هذا سيسهل الطريق أمام ميقاتي ويعفيه من موضوع الميثاقية شرط أن تأتي الحكومة مناصفة بين المسيحيين والمسلمين.

الراعي: انتخاب رئيس في أقرب وقت

طلب البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي في عظة ألقاها في بازيليك سيدة لبنان في حريصا “الاسراع في تشكيل حكومة وطنية بحاجة البلاد اليها ولكي يتركز الاهتمام فوراً على التحضير لانتخاب رئيس انقاذي للجمهورية”. وقال: “ننتظر من الرئيس المكلف تشكيل حكومة على مستوى الأحداث تشجع القوى الوطنية على المشاركة فيها وتعزز الشرعية والنزعة السيادية والاستقلالية في بلادنا وتجاه الخارج”.

ورأى أن “لا تفسير لأي تأخير في التشكيل سوى الهائنا عن هذا الاستحقاق الدستوري”، مناشداً “جميع الأطراف أن تتعاون مع الرئيس المكلف بعيداً عن شروط لا تليق بهذه المرحلة الدقيقة”. وشدد على وجوب “أن تخصص هذه الأشهر الأربعة الباقية من عمر العهد لخفض نسبة الحقد والانتقام والكيدية والمطاردات القضائية البوليسية التي لم يألفها المجتمع اللبناني، وأن تخصص للتخفيف من معاناة الناس وضبط الأوضاع الأمنية ولتحييد لبنان ولاحياء التحقيق القضائي في جريمة تفجير المرفأ. ويجب أن تخصص لخطة التعافي من أجل مواصلة المفاوضات الحدودية حول النفط والغاز، وخصوصاً تخصص لانتخاب رئيس جديد للجمهورية في أقرب وقت ضماناً لوحدة الكيان اللبناني ولاستمرار الشرعية واستباقاً لأي محاولة لاحداث شغور رئاسي نحن نرفضه. واذا عجز السياسيون، فإننا ننادي مجدداً بمؤتمر دولي خاص بلبنان لمعالجة مرضه”.

فشل في الامتحانات المعيشية

وعلى المقلب الحياتي والمعيشي، فإن فشل السلطة في امتحان معالجة شؤون الناس اليومية ذريع وغير مبرر حتى أن الطبيعة أشفقت على الفقراء وأمطرت لهم خيراً في أواخر حزيران علها تروي عطشهم لأن المياه غائبة عن المنازل، وأسعار الصهاريج تكوي. اما عند الافران، فانتظر الناس لساعات في الطوابير للحصول على ربطة خبز واحدة، ووقع العديد من المشكلات على أولوية الدور، وحصل إطلاق نار في بعض المناطق ما دفع جهات معنية الى التحذير من الدم في صفوف الجائعين والمنتظرين رغيف خبز.

واذا فشلت السلطة في تأمين أبسط عاملين لاستمرار الحياة، الخبز والمياه، فكيف يمكن أن نطلب منها حلولاً في القطاعات كافة التي تتهاوى الواحدة تلو الأخرى وليس آخرها القطاع الدوائي والاستشفائي مع تحذيرات من عودة ارتفاع عداد كورونا بشكل سريع ما ينبئ بموجة وبائية جديدة. كل ذلك، إلى جانب غلاء المواد الغذائية والاستهلاكية، سيدفع الناس الى ثورة اجتماعية كبيرة لا تحمد عقباها وفق ما قال أحد الخبراء الاقتصاديين، مؤكداً أن كل الدعم وجسور المساعدات من الخارج لم تعد نافعة من دون السير بخطة انقاذية شاملة.

شارك المقال