لفتة عربية… عجلة ميقاتية… وباسيل “بدو وما في”

لبنان الكبير

لم ينتظر الرئيس المكلف نجيب ميقاتي مرور 24 ساعة على الانتهاء من الاستشارات النيابية غير الملزمة حتى توجه صباح أمس الى القصر الجمهوري حاملاً لائحة تتضمن تشكيلته الوزارية وسلمها الى رئيس الجمهورية ميشال عون للاطلاع عليها ودرسها ووضع بعض الملاحظات والتعديلات، مع تأكيد أطراف مواكبة للتأليف لـ “لبنان الكبير” أن التشكيلة متوازنة وقابلة للحياة، والأسماء المقترحة غير مستفزة لأي طرف لأن الرئيس المكلف يريد أن يأكل العنب ويشكل حكومة كاملة الصلاحيات ولا يريد قتل الناطور في عز أزمة اقتصادية تخنق البلاد والعباد. وفي الوقت نفسه، فإن ميقاتي لن يبقى طويلاً في أرجوحة الذهاب والاياب من والى بعبدا، وعلى الرغم من المرونة التي سيبديها في بعض التعديلات الا أنه لن يكون عرضة للمساومة والتنازل والابتزاز من قبل أي طرف. وفي حال رفضت بعبدا التشكيلة، سينصرف ميقاتي الى حكومة تصريف الأعمال لانجاز الملفات الملحة والخروج من قمقم الأزمات المتتالية لأنه لن يقبل الوقوع في فخ التعديلات والتعديلات المضادة، ويعلم أن عامل الوقت يلعب ضده.

ما ان وصل الرئيس المكلف الى القصر الجمهوري حتى “ولعت” وسائل التواصل الاجتماعي من مؤيدي “التيار الوطني الحر” الذين اعتبروا أن التشكيلة قدمت بقصد عدم الموافقة عليها وهي مؤشر أولي إلى أن ميقاتي لا يريد حكومة قبل نهاية ولاية الرئيس عون ما دفع الكثيرين الى القول ان المكتوب والرد يقرأ من العنوان: عراقيل في وجه التشكيل مع العلم أن رئيس الجمهورية لم يرفض التشكيلة برمتها بل يريد درسها ويطلب تعديلها.

هذه الاشارات اضافة الى مواقف النائب جبران باسيل التصويبية على الميثاقية وحاكمية مصرف لبنان وتركه الباب مفتوحاً أمام المشاركة في الحكومة من عدمها، تدل على أنه يريد أن يكون موجودا في سلطة تنفيذية تواكب انتهاء الولاية الرئاسية. وكل ما يصرح به في العلن، نصفه شعبوي والنصف الآخر يخدم وضعيته السياسية بمعنى أنه لا يستطيع إخبار جمهوره بأنه يريد حصة وأنه المعرقل الأساس في ولادة حكومة كاملة الصلاحيات وفي الوقت نفسه لا يمكنه التخلي عن الحصة، وفي الخلاصة: “بدي وما فيني”. هذا الغموض والتهرب من اعلان الموقف الواضح، دليل على عدم الشفافية والوضوح، وكل ما قاله عن المداورة لا يصب الا في خانة الاستهلاك بمعنى أنه يعلم مسبقاً أن “الثنائي الشيعي” لن يتخلى عن وزارة المالية، وبالتالي، تصبح مطالبته بوزارة الطاقة مشروعة وبديهية حتى لو قبل باستبدال الوزير في وقت يعلم أن كل القوى السياسية طلبت من الرئيس المكلف سحب وزارة الطاقة من “التيار الوطني الحر” لأنه فشل فيها فشلاً ذريعاً بغض النظر عن حجة “ما خلونا”.

وفي ظل التسريبات عن التشكيلة الجديدة المؤلفة من 24 وزيراً بينهم وزراء من الحكومة السابقة، يجد باسيل نفسه محاصراً بين خيارين مرّين: اما عدم المشاركة أو القبول بالموجود مع العلم أن أحد المتابعين للملف الحكومي أوضح لـ “لبنان الكبير” أنه لا يجوز أن يخدع باسيل الناس ويظهر أنه الحمل الوديع، فهو ان شارك في الحكومة أو لم يشارك موجود فيها من خلال الوزراء في الحكومة الحالية، وتقع على عاتقه اليوم كما على عاتق “المفبركين” في القصر الجمهوري مسؤولية تسهيل التأليف مع التخوف من اللجوء الى “الفذلكات والفبركات” الدستورية والميثاقية لأن لعبة الحصص باتت مكشوفة ونافرة. وبالتالي، التشكيلة في بعبدا والكرة في ملعب باسيل.

وفيما علم موقع “لبنان الكبير” أن هناك أطرافاً لا تريد وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي وزيراً في الحكومة الجديدة، وعمدت الى التسويق لاسم آخر في حينأان الرئيس ميقاتي يراه مناسباً وناجحاً في وزارته، تسربت بعض المعلومات عن التشكيلة اذ استبدل وزير الاقتصاد والتجارة أمين سلام بوزير الصناعة الحالي جورج بوشكيان. أما وزارة الصناعة، فقد تذهب الى نائب حالي. كما استبدل وزير الطاقة وليد فيّاض بوليد سنّو وهو من الطائفة السنيّة. وأبقى ميقاتي على الوزير عباس الحلبي في وزارة التربيّة، والاسم الدرزي الثاني الذي طرحه هو السيّدة إيناس جرمقاني. ووزير الأشغال العامة علي حمية هو ضمن التشكيلة وفي الوزارة نفسها والوزيرة نجلا رياشي بقيت وفي الوزارة نفسها. أما اسم وزير المال فبقي شاغراً بانتظار التوافق على الاسم مع رئيس مجلس النواب نبيه بري.

إذاً التشكيلة الحكومية التي هي نسخة معدّلة عن الحكومة الحالية، والتي اعتبر أن أبرز ما جاء فيها انتزاع وزارة الطاقة من “التيار”، في حال أبصرت النور، ستتركز عناوينها الأساسية على جملة أولويات لاستكمال ما بدأته حكومة تصريف الأعمال ولوضع خطة التعافي على السكة الصحيحة باعتبار أن المرحلة اقتصادية بامتياز، ومن هذه الأولويات: خطة النهوض بقطاع الكهرباء واستكمال المفاوضات مع صندوق النقد الدولي ومتابعة مفاوضات ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل اضافة الى ملف الأمن الغذائي.

لفتة عربية باتجاه لبنان

على صعيد آخر، عُلم أن عدداً من وزراء الخارجية العرب سيصلون بدءاً من اليوم الى لبنان للمشاركة في الاجتماع التشاوري لوزراء الخارجية العرب، السبت المقبل، بحضور الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط تحضيراً لاجتماعات القمة العربية التي ستعقد في الجزائر في تشرين الأول المقبل، وسيلتقون الرؤساء الثلاثة.

وأشار أحد المعنيين في حديث لـ “لبنان الكبير” الى أن “هذه اللفتة العربية الى لبنان، رسالة واضحة أنه ليس هناك نوع من التخلي أو ادارة الظهر العربي لهذا البلد الذي لا يزال في دائرة الاهتمام العربي وان كان ذلك لا يزال مرتبطاً بجملة شروط ومنها البدء بتغيير السياسة الداخلية والخارجية للدولة اللبنانية وضبط الحدود والاصلاح. وليس مرتقباً أن يترتب عن الزيارة نتائج نوعية انما تعطي اشارة الى أن المظلة العربية لا تزال قائمة فوق لبنان لكن ليست بالضرورة مستمرة اذا استمرت السياسة اللبنانية على ما هي عليه. الزيارة هي رسالة الى لبنان في تحديد خياراته إن كان ينتمي الى الحضن العربي أو يريد الذهاب نحو المحور الايراني بحيث أن لكل خيار ثمنه. اذا اختار لبنان المحور الايراني فعليه تحمل تبعات ذلك. واذا أراد العودة الى الحضن العربي، فهناك استعداد لاعادة الاحتضان والمساعدة. ولا يمكن أن نغفل زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن الى المنطقة في تموز المقبل واجتماعه مع القادة العرب، ولبنان من العناوين الموجودة على طاولة البحث، بطريقة أو بأخرى، وعلى المسؤولين اللبنانيين أن يدركوا أن ما سينتج عن اجتماعهم مع الوزراء العرب سيشكل إحدى الاوراق لخلفيات الموقف العربي في القمة العربية – الأميركية”.

الترسيم الحدودي والعملية السيبرانية

وعلى المقلب الحدودي، أكدت وزيرة الطاقة الاسرائيلية كارين الحرار، أن “إسرائيل مستعدة للتوصل إلى تفاهمات مع لبنان حول موارد الغاز في البحر المتوسط وملف ترسيم الحدود البحرية”، مشيرة إلى استعداد إسرائيل للتوصل إلى تفاهمات، “وبوساطة الوسيط الأميركي نحن مستعدون للتقدم لحل هذا الملف”.

في سياق آخر، ادعى وزير الأمن الإسرائيلي بيني غانتس، في المؤتمر السيبراني الدولي في جامعة تل أبيب، أنّ “إيران تحاول تعطيل عمل اليونيفيل في لبنان، بالتعاون مع حزب الله، من خلال تنفيذ عملية سيبرانية، تهدف إلى سرقة مواد حول انتشار اليونيفيل في المنطقة لاستخدامها من حزب الله”.

شارك المقال