يوم عربي طويل… بين “رقة” فخامته و”كنافة” دولته

لبنان الكبير

بين “كلمة رقيقة” للرئيس ميشال عون خلال لقائه وزراء الخارجية والمندوبين العرب في بعبدا، أمس، على حد قول الأمين العام للجامعة العربية أحمد ابو الغيط، وبين “كنافة” الرئيس المكلف نجيب ميقاتي في الديمان مع البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، راوح المشهد اللبناني على خشونته ومرارته، من دون أي رهان على الآتي من الأيام، لجهة ما يمكن أن يتمخض عنه اللقاء الثالث بين عون وميقاتي، لمحاولة تقاسم “كنافة الحكومة الجديدة”، فيما الروزنامة الوحيدة التي يتابعها اللبنانيون باهتمام كبير هي تلك المتعلقة بالعد العكسي لـ”عهد جهنم”.

كان يوما عربيا طويلا، فيه الكثير الكثير من الكلام، الذي لا يقدم أبدا طالما سقف العهد لا يتجاوز أولويات “حزب الله” التي خرّبت علاقات لبنان بالعرب، في وقت هو بأمس الحاجة إليهم لدعمه في أيامه السود.

صباحا، زار الوزراء والمندوبون العرب قصر بعبدا حيث استقبلهم الرئيس عون. وقال أبو الغيط: “ان هذا الاجتماع التشاوري هو الثالث، ويعقد بالتراضي والتوافق بين كافة الدول العربية. والدور كان على لبنان في استضافته، والوزراء رحبوا بالحضور وبتأييدهم للشعب اللبناني والحكومة اللبنانية والرئاسة اللبنانية. وقد استمعنا الى كلمة رقيقة شرح فيها فخامة الرئيس عون موقفه، وعرض للوضع اللبناني وللظروف اللبنانية كما وللحاجة الى الدعم العربي للبنان. ومن جانبنا، كجامعة عربية، فإننا نقف خلف الدولة اللبنانية والحكومة اللبنانية والشعب اللبناني، ونتمنى للبنان كل الخير والتوفيق.”

وكان عون أكد على أهمية العلاقات العربية – العربية، ولا سيما في هذا الظرف الدقيق الذي يجتازه العالم العربي وما يواجهه من تحديات تستوجب اقصى درجات التشاور والتعاون المشترك، معتبرا “ان التعاون والتضامن بين الدول العربية الشقيقة امر مهم في ظل ما تشهد دولنا من أزمات وضغوط وتحولات”. وشدد على “ان لبنان الذي يعاني من سلسلة أزمات متراكمة، يعاني ايضا من أعباء يتحملها من جراء الاعداد الكبرى للاجئين والنازحين على ارضه، وهو لم يعد قادرا على تحمل هذا الواقع، وموقف المجتمع الدولي لا يشجع على إيجاد حلول سريعة”، آملا من وزراء الخارجية العرب “المساعدة لمواجهة هذه التحديات”، مؤكدا “ان لبنان وعلى الرغم من ظروفه الراهنة الصعبة، مصمم على مواجهة التحديات وإيجاد الحلول للخروج من ازماته.”

كما زارت الوفود العربية عين التينة حيث استقبلها رئيس مجلس النواب نبيه بري، مؤكدا لهم “ان لبنان لن ينسى أشقاءه العرب، ولن ينسى الطائف ولا الدوحة ولا الكويت في يوم من الأيام لكن الآن لبنان يطلب ويتوق الى أشقائه العرب ويتمنى مجيئهم والدخول الى صلب ما يشكو منه لبنان”، مشددا امامهم على ضرورة عودة سوريا الى جامعة الدول العربية.

ميقاتي والراعي

على الضفة الحكومية، ترقّبٌ للّقاء الثالث بين عون وميقاتي مطلع الاسبوع. وفيما لا رهان كبير على خرق يُمكن ان يتحقق سريعا في جدار التشكيل، برزت زيارة قام بها ميقاتي الى الديمان، بدت لافتة من حيث الشكل لإظهار انه ليس في وارد تخطي المسيحيين ولا صلاحيات الرئيس المسيحي في عملية التأليف، ومن حيث المضمون أيضا.

وبعد لقائه البطريرك الراعي في خلوة ناقشت المستجدات على الصعيد السياسي والحكومي، قال: “شرحت لصاحب الغبطة التطورات الاخيرة وضرورة الاسراع في تشكيل حكومة، وأنني لهذا السبب قدمت التشكيلة الحكومية في اليوم التالي للاستشارات النيابية غير الملزمة. صاحب الغبطة كان متفهما لكل الامور، وشكرته على كل الدعم الذي يقدمه للحكومة واصراره على تشكيل حكومة بسرعة. كما شكرته على الثقة التي يمنحني اياها دائما وعلى عاطفته ومحبته، وتشديده على أنني أشكل جسر عبور بين كل الطوائف”.

المداورة و”الكنافة”

وردا على سؤال عن المداورة في الحقائب، أجاب ميقاتي: “من حيث المبدأ انا ارفض الحديث عن اشخاص وحقائب محسوبين على فريق محدد، وعلينا ان نكون جميعا للوطن وحكومة وطنية بكل معنى الكلمة، والا فلن ينهض البلد”. وعن وزارة المال، اشار الى “انني اخترت وزيرا جديدا، وبقيت الحقيبة ضمن التوزيع الطائفي القائم. وفي أحد لقاءاتي الاعلامية قلت ما من حقيبة يمكن ان تكون حكرا على طائفة محددة، لكن في هذا الظرف بالذات حيث ان الحكومة سيكون عمرها محدودا، لن نفسح المجال لخلاف يتعلق بوزارة المال. المهم ان تقوم الحكومة بواجبها، سواء اكانت حكومة تصريف اعمال او حكومة جديدة من أجل الوصول بسلام وأمان الى رئاسة الجمهورية”. وتوجه “لمن يزعم القول انني لا اريد تشكيل حكومة”، قائلا: “انني شكلت حكومة وارسلتها الى فخامة الرئيس، واذا كان راغبا في تعديل شخص او شخصين فلا مانع لدي، لكن لا يمكن لفريق القول “اريد هذا وذاك” وفرض شروطه، وهو اعلن انه لم يسم رئيس الحكومة ولا يريد المشاركة في الحكومة، ولا يريد منحها الثقة”. ولفت الى أنه “لا يمكن لرئيس الجمهورية أكل الكنافة وترك قالبها، عليه ان يختار ماذا يريد وعليه يتم التغيير في التشكيلة إذ لا يمكن لطرف ان يقدم طلباته ويفرض شروطه”.

اما على خط ملف ترسيم الحدود الجنوبية البحرية، فقال ميقاتي: “وصلتنا معلومات مشجعة يمكن تحسينها أكثر ولكن لن اعلّق عليها قبل الاطلاع على الرد الرسمي والخطي على العرض اللبناني”.

وفيما بدا ان الضوء الاخضر الاميركي تأمّن، ليسلك الغاز المصري طريقه الى لبنان للمساعدة على حل ازمة الكهرباء، وصل وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض إلى القاهرة، للمشاركة في الاجتماع الموسع في قطاع المياه والصرف الصحي. ويتوجه فياض الى بغداد عاصمة العراق عقب زيارة القاهرة تلبية لدعوة نظيره وزير النفط العراقي احسان عبد الجبار إسماعيل لإجراء محادثات حول المواضيع ذات الاهتمام المشترك وخصوصا لجهة تمديد وتطوير العقد الموقع وتمتين الشراكة بين لبنان والعراق بغية استمرار توريد الفيول لزوم معامل الانتاج التابعة لمؤسسة كهرباء لبنان.

شارك المقال