فعلاً فخامة الرئيس: يجب أن تضحوا من أجل لبنان

لبنان الكبير

غرّد رئيس الجمهورية ميشال عون عبر “تويتر” لمناسبة عيد الأضحى المبارك، قائلاً: “نستخلص العبر من معاني التضحية وسموها، فحبذا لو يضحي البعض بمصالحهم وأنانياتهم من أجل مصلحة وطنهم وهناء شعبه”. دعاء في محله في مناسبة دينية جليلة لكن الداعي وفريقه السياسي وضعهما الشعب اللبناني في قفص الاتهام بتهمة شهوة السلطة، وإحراق البلد بمن فيه تحقيقاً لمصالحهما وحفاظاً على مكاسبهما وتجسيداً لأنانياتهما، وما التعطيل المتلاحق على المستويات كافة منذ بداية العهد الى اليوم سوى دليل على أولوية واحدة: “أنا أو لا أحد… ومن بعد حماري ما ينبت حشيش”.

حلّ عيد الأضحى المبارك، ولا أحد من المسؤولين يضحّي بكرسي وزاري من هنا أو بحصة تعيين من هناك، ويتناتشون فتافيت ما تبقى من بلد، ولم يتكرّموا على اللبنانيين بعيدية تشكيل حكومة جديدة كاملة الصلاحيات، لا بل على العكس فإن مسار التأليف يتعقد كل يوم أكثر حتى أنه انتقل من مرحلة الخلاف الى مرحلة التحدي بين رئيس الجمهورية وفريقه السياسي من جهة والرئيس المكلف نجيب ميقاتي من جهة ثانية، فقدموا الشعب بأكمله أضحية على مذبح خلافاتهم وكيدياتهم وعنادهم واستهتارهم وفشلهم. وفي حين حكي الكثير عن احتدام صراع الصلاحيات بين الرئاستين وعن الحصص والشروط والشروط المضادة والتنازل والعناد والتشبث بالمواقف، وتمترس كل طرف وراء متراسه، قيل ان “التيار الوطني الحر” اذا لم تتشكل حكومة كما يريدها، فهو يدرس كل السيناريوهات والخيارات ومنها انسحاب الوزراء المسيحيين من حكومة تصريف الأعمال في حال دعا الرئيس ميقاتي الى جلسة لتمرير الملفات الملحة. ووصلت الرسالة الى الرئيس المكلف الذي شدد على أن “حكومتنا تتعرض لحملة جائرة ومنظمة بهدف وقف الخطوات الأساسية التي نقوم بها لحماية حقوق المودعين والحفاظ على القطاع المصرفي الذي يشكل ركيزة أساسية من دعائم الاقتصاد اللبناني”.

ومع الدخول في عطلة العيد الرسمية، يبدو أن مرحلة “عض الأصابع” انطلقت بانتظار من يصرخ أولاً، بحيث لفتت معلومات الى أن وزير السياحة في حكومة تصريف الأعمال وليد نصار التقى الرئيس عون موفداً من الرئيس ميقاتي وحاملاً رسالة مرتبطة بالملف الحكومي، إلا أن التعويض عن استنزاف الوقت جاء من خلال الاستعدادات لعقد جلسة تشريعية لمجلس النواب في مهلة قريبة تدرج في جدول أعمالها المشاريع الأساسية التي تتطلب تصديقاً من البرلمان.

لكن في عيد الأضحى لا بد من قراءة هادئة وواقعية للمسار الحكومي من قبل سياسي ودستوري مخضرم وصف ما يجري بـ “العجز البائن الناتج عن عدم الأهلية للحكم التي تتطلب: المعرفة والارادة والقدرة”، مشيراً الى أن “هذه المواصفات منتقصة لدى معظم متولي السلطة. فثمة من يقدر ولا يعرف ومن يعرف ولا يقدر. المطلوب تولية من يتمتع بمواصفات الحكم الصالح لا من تأصلت لديه هواية الحكم وشبق السلطة. المسألة لا تحتاج الى أي تعديل في أي نص دستوري أو ميثاقي وانما الى أشخاص مؤهلين للحكم وتولي السلطة وهذا ينتظر صحوة شعبية عارمة تطيح التشكيلات المتطيّفة وتعيد الوطن الى مساره الحضاري. ما نراه اليوم أمامنا مريض يحتاج الى عملية قلب مفتوح. لا نسأل عن طبيب مسلم أو مسيحي انما عن طبيب مؤهل ويملك الكفاءة. كفى محاصصات طائفية ومذهبية تحزبية بمعزل عن الأهلية للحكم. نحن نعاني أمراً واقعاً في عدم الأهلية. الحكام يحتمون بالطائفية للحصول على المحاصصات الشخصية. نحن مصابون بطبقة حاكمة لا تقرأ واذا قرأت لا تفهم واذا فهمت لا تريد. انها طبقة فاشلة ومتحكمة بالبلد والشعب اللبناني أصبح مدجناً على الرغم من أنه هو صاحب الحق وصاحب القرار وهو المرجعية”.

وأكد أن “الطبقة الحاكمة تتألف من أشخاص فاشلين. والوضع الحالي يتطلب رجال دولة يقدمون وليس رجال سلطة يساومون، وعلى الفاشلين الاستقالة وليس التشبث بالسلطة. البطولة في التخلي عن السلطة وليس بتولي السلطة على الرغم من عدم الأهلية. التفريغ أو الفراغ جريمة بحق البلد. وفي الفراغ نصبح في حالة انقلابية على الدستور لأننا نكون تخطينا المواعيد الدستورية لتشكيل السلطة ما يستدعي صحوة شعبية. وفي الخلاصة: أعطي خبزك للخباز ولو أكل نصفه”.

اجراء الاستحقاق الرئاسي في موعده

وفي ظل التعقيد على المستوى الحكومي، قفز الاستحقاق الرئاسي الى رأس الأولويات لدى مختلف القوى إلا أن التواصل والتنسيق بين الكتل بحسب اصطفافاتها السياسية لم يحصلا بعد ولم يجر التداول في ما بينها بالمواصفات المطلوبة لرئيس الجمهورية المقبل التي على أساسها يتم اختيار الشخصية للوصول الى الموقع الأول في الدولة، لكن كل الجهات ان كانت لناحية ما يعرف بـ 8 آذار أو المعارضة الحالية ستقوم بكل ما أمكن للتوافق على رئيس على قدر المرحلة وعدم السماح للفراغ أن يكون “فخامة الرئيس” لأنه قاتل ومدمر في الأحوال الطبيعية، فكيف اذا حصل في بلد يغرق بالأزمات ويعاني من الانهيارات على الصعد كافة؟

ويشدد نواب كتلة “اللقاء الديموقراطي” على ضرورة احترام المواعيد الدستورية واجراء الاستحقاق الرئاسي في موعده بحيث يتم انتخاب رئيس يكون لكل اللبنانيين وليس فريقاً أو طرفاً، ويطبق الدستور ويحترم اتفاق الطائف ويعمل على ترتيب العلاقات مع العرب ودول الخليج، ويدعم تطبيق برنامج صندوق النقد الدولي الذي يكون بداية الخروج من الأزمة الاقتصادية. وتكون من أولوياته الاهتمام بالوضع الاقتصادي الاجتماعي ومدخله صندوق النقد الدولي وخطة التعافي الاقتصادية وترتيب العلاقات مع دول الخليج والانفتاح على دول العالم واحترام القرارات الدولية واطلاق عجلة الحلول لاسيما الخدماتية منها كالكهرباء والمياه والاتصالات. ويعتبرون أن “علينا البدء بعلاج حقيقي، واذا وجد الحكم الرشيد والحوكمة الحقيقية فيمكن الخروج من الأزمة بسرعة خصوصاً اذا ترسمت الحدود وتم تلزيم حقول النفط”.

التفاوض في الناقورة نهاية الشهر

وعلى صعيد ملف الترسيم البحري، أشار مصدر مواكب لـ “لبنان الكبير” الى أن التواصل قائم وبصورة يومية بين المسؤولين اللبنانيين والوسيط الأميركي آموس هوكشتاين الذي سيزور اسرائيل الأسبوع المقبل، بحيث جرت محاولات لترميم الانتكاسة التي سببتها مسيرات “حزب الله”، وستتم العودة الى التفاوض في الناقورة في نهاية الشهر الجاري لأن الاسرائيليين لم يتقبلوا الطرح اللبناني كما هو وسيعودون الى التفاوض انطلاقاً من التسليم بأن حقل “قانا” للبنان و”كاريش”لاسرائيل، لكن سيجري التفاوض حول امتداد الخط 23.

ولفت المصدر الى أن هناك اصراراً من الأميركيين على الوصول الى اتفاق نهائي بين لبنان واسرائيل في ملف ترسيم الحدود البحرية، وفي حال حصل الترسيم تهدأ الأوضاع بين البلدين، حينها تتشجع الشركات على الاستثمار في الحقول اللبنانية.

شارك المقال