لبنان بين أميركا والسعودية: لا سلاح خارج شرعية الدولة

لبنان الكبير

اتجهت أنظار العالم إلى قمة جدة للأمن والتنمية، التي حضرها الرئيس الأميركي جو بايدن، وافتتحها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بكلمة قال فيها: “المنطقة والعالم يواجهان تحديات مصيرية كبرى، تستدعي مواجهتها بتكثيف التعاون المشترك، في إطار مبادئ وميثاق الأمم المتحدة التي تقوم على احترام سيادة الدول، وقيمها، واحترام استقلالها وسلامة أراضيها”.

واذ حضرت دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والعراق والأردن هذه القمة الاستثنائية، فإن لبنان “المنبوذ” تقريباً من أشقائه العرب جراء السياسات التي ربطته بالمحور الايراني، حضر فقرة في بيان أميركي – سعودي مشترك، عبّر فيه الجانبان عن دعمهما المستمر لسيادة لبنان وأمنه واستقراره، وللقوات المسلحة اللبنانية التي تحمي حدوده وتقاوم تهديدات المجموعات المتطرفة والإرهابية.

كما أشار الجانبان إلى أهمية تشكيل حكومة لبنانية، وتنفيذ إصلاحات سياسية واقتصادية هيكلية شاملة تضمن تغلب لبنان على أزمته السياسية والاقتصادية، وعدم تحوله إلى نقطة انطلاق للإرهابيين أو تهريب المخدرات أو الأنشطة الإجرامية الأخرى التي تهدد أمن المنطقة واستقرارها، مشددين على أهمية بسط سيطرة الحكومة اللبنانية على جميع الأراضي اللبنانية، بما في ذلك تنفيذ أحكام قرارات مجلس الأمن ذات الصلة واتفاق الطائف، من أجل أن تمارس سيادتها الكاملة فلا تكون هناك أسلحة إلا بموافقة الحكومة اللبنانية، ولا تكون هناك سلطة سوى سلطتها.

وعبّرت القمة العربية – الأميركية عن دعمها لسيادة لبنان، وأمنه واستقراره، وجميع الاصلاحات اللازمة لتحقيق تعافيه الاقتصادي. ونوه القادة بانعقاد الانتخابات البرلمانية، بتمكين من الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي.

وبالنسبة الى الانتخابات الرئاسية المقبلة، دعوا جميع الأطراف اللبنانية الى احترام الدستور والمواعيد الدستورية. وأشادوا بجهود أصدقاء لبنان وشركائه في استعادة وتعزيز الثقة والتعاون بين لبنان ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ودعمهم لدور الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي في حفظ أمن لبنان. ونوه القادة خصوصاً بمبادرات دولة الكويت الرامية إلى بناء العمل المشترك بين لبنان ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وبإعلان دولة قطر الأخير عن دعمها المباشر لمرتبات الجيش اللبناني.

وأكدت الولايات المتحدة عزمها على تطوير برنامج مماثل لدعم الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي. كما رحب القادة بالدعم الذي قدمته جمهورية العراق للشعب اللبناني والحكومة اللبنانية في مجالات الطاقة والإغاثة الإنسانية. ودعوا جميع أصدقاء لبنان الى الانضمام للجهود الرامية الى ضمان أمن لبنان واستقراره.

بعدما كان لبنان منارة للقمم العربية، أصبح اليوم يناقش على أنه ضحية النفوذ الايراني، الذي يحتكر قرارات البلد المصيرية فيه، بينما هو يأخذ موقف المتفرج على أزماته الداخلية، وأبرزها المسرحية القديمة نفسها، أي تشكيل حكومة، ولكن مع استقدام أبطال جدد. وعلى الرغم من الهدوء الذي يشهده محور ميشال عون – نجيب ميقاتي، فإن ما من فريق سياسي متفائل بتشكيل الحكومة، بحسب أحد المتابعين للملف الحكومي، فبعبدا تريد أن تترك سلطة للصهر بعد نهاية العهد، وميقاتي يريد أن يعيد أمجاد رئاسة الحكومة إلى ما قبل العهد القوي، لذلك ليس هناك أي مؤشر على أن يشهد لبنان تشكيل حكومة في المدى المنظور. أما اللاعبون الأساسيون فلكل منهم اهتماماته، اذ أن “حزب الله” لا يفكر حتى في لعب دور الوسيط لحل الأزمة، وهو يركز على الاستحقاق الرئاسي الذي أصبح قاب قوسين، ويعمل على توفيقة بين حليفيه سليمان فرنجية وجبران باسيل، كي تستوي طبخة الرئاسة، بقبول الأخير أن يتنحى هذه الفترة، ولو بالصورة، تحديداً بعد فشل العهد في كل الملفات، بدءاً من وزارة الطاقة، وفي المقابل ستحفظ حصة وازنة له في العهد الجديد، والأهم أن يكون الرئيس صديقاً لـ”حزب الله”.

أما عين التينة فهي تعلم أن تشكيل الحكومة في هذه الظروف شبه مستحيل، وتحاول التركيز على الملفات التي من شأنها أن تساعد البلد، وذلك عبر تشريع القوانين الاصلاحية المطلوبة من صندوق النقد، ولاسيما أن علاقتها مع بعبدا لا تفسح المجال كي يحاول الرئيس نبيه بري إخراج أرنب الحل كما جرت العادة.

كل هذا يحصل بينما يجلس وليد جنبلاط في مقعده المفضل في المختارة، يحمل هاتفه، ويبدأ بالتغريد على موقع “تويتر”، وقد يكون أكثر السياسيين المرتاحين الى وضعهم، فهو لا يملك زمام المبادرة بين بعبدا والسراي، ولكن من المستحيل أن يتم تخطيه من أحد، إن كان بقوته وعلاقاته السياسية، أو بنتائج الانتخابات التي ثبتته زعيم الدروز الأوحد.

ولجهة الوضع المعيشي، لا تزال طوابير الخبز تنتشر، ولكن شهد اللبنانيون ما لم يشهدوه من قبل، بل هو ربما مشهد لا يحصل إلا في لبنان، حيث ألغيت جلسة محاكمات في قصر العدل، لتعذر نقل المساجين بسبب عدم توافر المحروقات، مما يرسم الصورة لحاضر العدالة ومستقبلها في لبنان، العدالة المقطوعة.

وبينما عاد فيروس كورونا الى الانتشار، من دون وجود نية من المعنيين لاتخاذ إجراءات، برز تصريح نقيب الصيادلة جو سلوم عن “دكاكين” الدواء، بحيث أعلن عن انتشار الأدوية المهربة لا سيما من تركيا، التي أصبحت تباع علناً وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، لافتاً الى أن القسم الأكبر من هذه الأدوية مزور، والقسم الآخر أضحى سماً قاتلاً بسبب عدم حفظه بالطرق الصحيحة والمعايير الصحية.

كل القطاعات في انهيار، وتحديداً مع إضراب الموظفين، ولكن هناك قطاع وحيد قد يزرع بعض الأمل لدى اللبنانيين، وهو القطاع الرياضي، اذ أن منتخب لبنان لكرة السلة، يسير من انتصار إلى آخر، وآخره الفوز التاريخي على نيوزيلندا، بصيص الأمل هذا يتوحد حوله اللبنانيون، الذين ينتظرون البت بمصيرهم، على طاولات القمم الاقليمية والدولية، بعد أن كانت مصائر الدول، تناقش في بيروت، عاصمة الشرائع.

شارك المقال