البلد الهامد يريد حلاً… فهل يأتي من الخارج؟

لبنان الكبير

بئس زمن أوصل فيه المسؤولون البلد ليصبح جثة هامدة، ويكتفون بوصف الحالة من عليائهم وقصورهم العاجية، لا بل يختلفون ويفاخرون ويتسابقون في ما بينهم في التوصيفات، فمنهم من يعتبر أن الناس تقبع في جهنم، وتحترق بنار أزمات هم مخططوها وفاعلوها ومرتكبوها، ومنهم من يقول اننا في عصفورية حيث تسود مفاهيم المجانين ولغتهم. وبالتالي، هل يجوز بعد اليوم أن نسأل كيف يحضر أركان الدولة لموسم سياحي بعنوان “أهلا بهالطلة” بينما يحضر “حزب الله” لموسم “أهلا بالحرب”؟

انها معمعة جهنمية وعصفورية جنونية على المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والمالية والمعيشية والأمنية، والمسؤولون في انفصام تام لا بل كل يغني على ليلاه، ولا يتكرّمون ببصيص أمل على الناس عبر خطوة ايجابية اصلاحية، بل يعدونهم بالمزيد والمزيد من الاحباط، ويجد اللبناني نفسه حائراً وحيداً ومتروكاً يتخبط في مصائبه، ويسأل: في جيب من مفتاح الحل؟

الاجابة أتت على لسان أحد المسؤولين في مراكز دراسية واستطلاعية بقوله ان الحل في لبنان اما أن يكون وطنياً أو يتم فرضه من الخارج. مفتاح الانقاذ موجود عند القوى السياسية التي عليها أن تقدم رؤية موضوعية ومنهجية تضمن أن يكون لبنان دولة مستقرة ومستقلة ولا تهدد أمن الجوار، وتعود الى حضن المجتمع الدولي والعربي، وتلتزم بالقرارات الدولية والشرعية الدولية. واذا استمرت القوى السياسية في تجاهل وضع الحلول وخارطة طريق للخروج من الأزمة التي يعيشها المواطن ووقف التمادي في الانهيار المالي والاقتصادي والأمني لا يكون هناك من حل الا التدخل الدولي من خلال دعم عسكري للجيش اللبناني للامساك بالوضع ومنع الانهيار المتنامي واعادة لبنان الى واقعه الطبيعي أي استقرار أمني وسياسي ونمو اقتصادي وانهاء هيمنة الميليشيات، بحيث أن الدول تركز على تصنيف “حزب الله” كحزب ارهابي وتحمله مسؤولية الاتجار بالمخدرات وتبييض الأموال والتهديد بمنع استخراج النفط من البحر المتوسط ما يهدد الأمن الاجتماعي الأوروبي. كل ذلك قد يخلق مبرراً عربياً ودولياً للتدخل في لبنان. ورئاسة الجمهورية يديرها الوزير السابق سليم جريصاتي والنائب جبران باسيل، وتعداد التخريب والدمار الشامل لا ينتهي ولن ينتهي حتى آخر يوم من وجود ميشال عون في القصر الجمهوري. ما هو واضح أن النهج التدميري والحاقد مستمر. رئيس الجمهورية وفريقه السياسي لم يطرحا أي خطة لانقاذ لبنان أو على الأقل لوضعه على سكة التعافي.

وفيما يبقى البلد يتأرجح على حبال العهد التعطيلية والكيدية والمصلحية، يؤكد أحد المحللين السياسيين أنه منذ سنة 1988 لا يزال الرئيس عون يمارس التدمير المنهجي للسلطة. اليوم، يدمر المؤسسات من دون حرب إذ استبيح القضاء، والحكومة تحولت الى حكومات، ولم يسلم من هذا التدمير سوى المصرف المركزي ومؤسسة الجيش. ورأينا تصرفات القاضية غادة عون تجاه حاكمية مصرف لبنان، كما أن قيادة الجيش تتعرض لحملة بين الحين والآخر. انه اصرار على متابعة المسيرة التدميرية. سر هذا العداء للوطن وأهله غير معروف المنبع لكن ما هو واضح أن لا نهج اصلاحياً لادارة البلد. جل ما رأيناه، الاتهامات في كل الاتجاهات وللمؤسسات ورؤسائها، لكن ما هي الخطة التي عطلها الآخرون؟ الله وحده يعلم. وانطلاقاً من كل المعطيات والوقائع، لا أفق للحل الداخلي انما الذهاب الى حل خارجي يغير المعادلة اللبنانية على الرغم من أن الوضع الدولي الحالي لا يسمح بإعادة تغيير موازين القوى بحيث أن الحل البديهي اليوم هو الغاء موازين القوى المختلفة لتبسط الدولة سلطتها كقوة وحيدة على الأراضي اللبنانية. من هنا نلاحظ الاهتمام الدولي بالحفاظ على مؤسسة الجيش ودعمه وتدريبه ما يعني أن له دوراً مهماً في المستقبل. ولذلك يتم طرح اسم قائد الجيش العماد جوزيف عون كرئيس للجمهورية. والسؤال المطروح اليوم، هل يأتي قائد الجيش انتخاباً أو عسكرة؟ هذا يتوقف على القرار الدولي وربما يكون ذلك فرضاً لتغيير الواقع. انه سيناريو وارد.

توقيف الحاج يتفاعل سياسياً وقضائياً

على صعيد آخر، لا تزال قضية توقيف راعي أبرشية حيفا والأراضي المقدّسة النائب البطريركي على القدس والأراضي الفلسطينية والمملكة الهاشمية المطران موسى الحاج تتفاعل على أكثر من مستوى، بحيث تتواصل زيارات الداعمين الى البطريركية في الديمان. كما عقد رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي اجتماعاً مع وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال هنري خوري ورئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود والمدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات.

وفيما أعلن الأمن العام أن “ما قامت به عناصر المديرية في مركز الناقورة الحدودي مع المطران موسى الحاج، هو إجراء قانوني تنفيذاً لإشارة القضاء من جهة، والتعليمات الخاصة بالعبور من وإلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، التي يخضع لها كل العابرين من دون إستثناء من جهة أخرى”، نفى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بالإنابة القاضي فادي عقيقي توقيف المطران الحاج في الناقورة، مؤكداً أنه خضع لآلية التفتيش المعتمدة على هذا المعبر أسوة بكلّ العابرين. وأفيد أن عقيقي طلب لقاء البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي، الذي رفض مشترطاً بداية إعادة الأموال والمساعدات التي صودرت من المطران الحاج.

التركيز على الاجراءات لاعادة الحيوية للاقتصاد

وفي وقت كان التغييريون ينفذون اعتصاماً في ساحة رياض الصلح اعتراضاً على أوضاع البلاد المعيشية، كان المنسق الفرنسي الخاص للمساعدات الدولية للبنان بيار دوكان يجول على بعبدا والسراي حيث شدد خلال لقائه ميقاتي، على “أهمية المضي في ما تم التوافق عليه مع صندوق النقد الدولي والتركيز على الاجراءات التي تؤمن اعادة الحيوية للاقتصاد”، مشيراً الى “ضرورة استكمال الشروط المفروضة لاستكمال الاتفاق الاولي باتفاق يعرض على ادارة الصندوق، وعلى اقرار القوانين ذات الصلة مثل الموازنة والكابيتال كونترول وهيكلة المصارف وقانون السرية المصرفية”.

شارك المقال