حملة باسيل على السنة: بعد الاهتراء… هراء

لبنان الكبير

“بعد الاهتراء وصلنا الى الهراء” هذا ببساطة التفسير المنطقي للعدوان الباسيلي – العوني، على الرئيس نجيب ميقاتي ويستخدم صواريخ شخصية للنيل منه فيما الحقيقة أنه يواصل “مجد” هذا العهد، الذي ومنذ لحظة قسمه على الدستور بدأ آخر حروب الجنرال ضد هذا الدستور – الطائف مستهدفاً بالقصف العشوائي، الذي يتقنه، وبعد تحييد “حزب السلاح” بإتفاق مار مخايل، السنة في وجودهم السياسي وفي السلطة، وكانت الرئاسة الثالثة الهدف الذي يركز عليه الجنرال وصهره دائماً وهما يدمران كل مقومات الدولة ويتصرفان بمنطق “الملكية العائلية”.

يقول مصدر متابع للحالة العونية الشاذة: “يخطئ من يظن أن الحرب العونية على السنة هي مجرد تفصيل في السياسة، انها نهج يستهدف الانقلاب على الطائف وعلى حقيقة لبنان العربية. فهل شهدنا عهداً كانت فيه علاقات لبنان بالعرب بهذا التردي؟”.

ويرى المصدر أن ثمة فاتورة على “التيار الوطني غير الحر” سدادها لقوى خارجية وداخلية مقابل كل التسهيلات التي أعطيت له ومكنته من تجميع سلطات كثيرة في يده، والأكيد أن استهداف السنة والعرب على رأس هذه الفاتورة.

المعركة محتدمة اذاً، وبدأ النواب السنة ينخرطون فيها دفاعاً عن الرئاسة الثالثة.

النائب إيهاب مطر اعتبر أن “تطاول العهد بكل ملحقاته، على الرئاسة الثالثة ليس من شأنه سوى تخريب كل النسيج السياسي والوطني ودق اسفين في التعايش بين المكونات الأساسية” لهذا البلد.

وقال مطر في حديث لـ”لبنان الكبير”: “منذ وصول رئيس الجمهورية ميشال عون الى سدة الرئاسة ونحن نلمس محاولات متكررة ومستميتة لضرب اتفاق الطائف وخرق الدستور عبر الانقضاض على موقع رئاسة الحكومة التي هي ركيزة رئيسة من ركائز حياتنا الوطنية، فالرئاسات الأولى والثالثة وحتى الثانية هي لكل اللبنانيين وليست لجهة أو فريق”.

ولاحظ أن “الرئاسة الأولى ومعها التيار الوطني الحر يتناسيان عن قصد أن الدستور واضح جداً في تحديد مهام رئيس الحكومة، وأعطى الرئيس المكلف الحق بتقديم تشكيلة حكومته والتحدث باسمها وعرض بيانها الوزاري أمام المجلس النيابي لنيل الثقة”.

اما نائب المنية أحمد الخير فرأى أنه “بات واضحاً أنّ العهد يفضِّلُ تعطيل البلد وشلّ المؤسّسات وعرقلة خطة التعافي وممارسة كل ما هو سلبي على مستوى الحياة السياسية اللبنانية مقابل المحافظة على مصالحه الضيقة وأحلامه وأوهامه بالوصول الى سدّة رئاسة الجمهوريّة وتوابعها”.

أضاف: “يحسب أرباب العهد وحاشيته، وبسبب الفراغ السياسي في لبنان وبالتحديد على مستوى الطائفة السنية، أنهم قادرون على استهداف موقع رئاسة الحكومة على اعتبار أنها في هذه الاثناء تشكل الحلقة الأضعف، فيمعنون في تعطيل تشكيل الحكومة واستهداف هذا الموقع الوطني، وقلب الحقائق ورفع نبرة الخطاب للتغطية على الفشل الكهربائي والمائي وعلى جهنم المستمرة”….

ومن المتوقع أن تتوالى التعليقات في الأيام المقبلة من القوى السنية في البلد، من نواب ووزراء سابقين وحاليين، اذ يبدو أن عون وصهره لن يغادرا قصر بعبدا، إلا وهناك إشكال كبير في البلد. وعند انتخاب عون رئيساً للجمهورية علق سياسي مسيحي سابق، وهو من المخضرمين في السياسة، ويعرف عون جيداً، بالقول: “علمنا كيف بدأ عهد عون، ولكننا لن نعلم كيف ينتهي، هذا الرجل لن يترك موقعه، إلا ويكون قد دمر البلد، أنا أعرفه جيداً، وخابزو وعاجنو”.

وعلق مصدر متابع لآخر المجريات بين العهد وميقاتي، في حديث لموقع “لبنان الكبير” على ما يحصل بالقول: “العهد يخوض آخر معاركه، ولكنها معركة خاسرة، وهو إن استطاع في فترة من الفترات الانقضاض على موقع رئاسة الحكومة، فلن ينجح اليوم، والرئيس ميقاتي رابح في كل الأحوال، كونه رئيساً مكلفاً ورئيس حكومة تصريف الأعمال في الوقت نفسه، بينما العهد أيامه معدودة، على أمل ألا يترك خلفه إشكالاً سيصعب حله بين المكونات اللبنانية بسبب محاولات ضرب اتفاق الطائف”.

أما على صعيد الاستحقاق الرئاسي، فلوحظ تحريك للملف من جهة المرشح الأبرز رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، وعلى الرغم من كل النفي، إلا أن معلومات “لبنان الكبير” تؤكد أن “حزب الله” يعمل من أجل إيصال فرنجية رئيساً، ولكن العمل يتم بسرية تامة، كي لا تضرب حظوظ الأخير بسبب علاقة الحزب بالأمر، وعقد لقاء بين المبعوثين الداعمين لفرنجية ورئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط، الذي أعرب عن رفضه لوصول فرنجية، ليس لشخصه فالعلاقة بين الحزبين أكثر من جيدة، إلا أن جنبلاط يفضل شخصية مستقلة غير حزبية لرئاسة الجمهورية، فهو في حساباته يرى أن المرحلة المقبلة تتطلب شخصية مستقلة تماماً عن الأحزاب والمحاور اليوم. ولكن المعلومات تؤكد أن جنبلاط مرن ويمكن أن يسير بفرنجية في حال كانت هناك ضمانات معينة. أما عن خطوات المرشح نفسه، فعلم “لبنان الكبير” أن هناك جولة خارجية قريباً لفرنجية، لتعزيز موقعه عبر علاقاته الدولية. في حين أن باسيل استسلم للأمر الواقع، ومن المستحيل أن ينال الرئاسة في هذه المرحلة، وهو الآن يفاوض من أجل الاحتفاظ بحصته من الجبنة التي سيتم تقاسمها في المرحلة المقبلة، وقد يسير بفرنجية إن أخذ ضمانات منه ومن “حزب الله” بأن تكون حصته “في الحفظ والصون”.

معيشياً، عقد أمس اجتماع للجنة الأمن الغذائي، برئاسة رئيس الحكومة وحضور وزراء: الزراعة، الصناعة، الاقتصاد، الداخلية، الدفاع والثقافة، وأفادت معلومات “لبنان الكبير” أن الجلسة كانت نارية، وتوجه فيها وزير الزراعة عباس الحاج حسن إلى وزير الاقتصاد أمين سلام بكلام قاس وعالي النبرة، متهماً إياه بالكذب بسبب عدم التزامه باتفاق سابق يقضي بشراء محصول القمح من المزارعين اللبنانيين، مما دفع الأخير إلى التعهد بتنفيذ الاتفاق، وسيعلن عن هذا الأمر الأسبوع المقبل. ويقضي الاتفاق بأن تشتري وزارة الاقتصاد محصول القمح المحلي الذي يقارب الـ 40 ألف طن، وبسعره العالمي، إما بالدولار الفريش أو بما يوازيه حسب السوق السوداء. واقترح الحاج حسن استعمال القرض الذي حصل عليه لبنان من البنك الدولي لدعم القمح بقيمة 150 مليون دولار، قائلاً: “على الرغم من أنني ضد فكرة الاقتراض ولكن بما أنه تم، يجب أن يستثمر في الداخل اللبناني، ولدعم المزارع وتشجيعه، بدل أن يذهب إلى خارج البلد”. وأصر الحاج حسن على أن تكون آلية تسليم القمح بإشراف الجيش اللبناني، وكان قد اتفق مع قيادة الجيش على دورها في هذا الأمر، والآليات المقترحة ثلاثة: عبر مديرية الحبوب والشمندر السكري، بحيث تشتري المحصول بصورة مباشرة من المزارع، وتعطيه سند قبض يمكن صرفه من مصرف لبنان فوراً ومن دون تأخير، أو عبر مديريات خاصة بوزارة الاقتصاد داخل المحافظات، أو بصورة فورية والدفع المباشر عبر المطاحن.

على خط آخر، يبدو أن البلد سيشهد ارتفاعاً غير مسبوق في سعر صرف الدولار، بسبب اتجاه المصارف الى الاضراب ثلاثة أيام بدءاً من يوم غد الاثنين، وهناك تخوف من أن يتم تمديده. وبينما تعتبر المصارف أن هناك تعدياً عليها بسبب توقيف أحد كبار المصرفيين، يرى بعض الفرقاء السياسيين أن المصارف تحاول ابتزاز الدولة للتهرب من المسؤولية.

أما الدولة فلا تزال غارقة في كارثة القطاع العام، الذي لم يقبض موظفوه رواتبهم حتى اليوم، وإن تأخر الدفع أكثر فقد يصبح البلد في حالة فوضى، وتحديداً بسبب عدم قبض القوى الأمنية والعسكرية رواتبها، فالعناصر حتى لو أرادوا أداء الخدمة، لن ييستطيعوا تحمل كلفة تنقلهم بسبب غلاء المحروقات. ولكن يبدو أن هناك بشرى “سارة” من الدولة لمواطنيها حتى تستطيع تحصيل بعض الواردات للخزينة، فقد تقدم أحد المستشارين في وزارة الطاقة باقتراح يقضي باستيفاء 200 ألف ليرة سنوياً عن كل لوح طاقة شمسية كضريبة، أي أن المنزل الذي يمتلك 10 ألواح يدفع مليوني ليرة سنوياً للوزارة، وكأنها ضريبة على الشمس.

وفي صورة قد تكون من بين الأسوأ في تاريخ لبنان، تم التداول عبر مواقع التواصل صورة لورقة ملصقة على باب إحدى الصيدليات كتب عليها: “بعد أن قامت شركات الحليب بتسليمي فقط علبتين من الحليب رقم واحد، نتيجة التواطؤ بين المصرف المركزي والشركات، أعلن عن تقديم وجبة لكل طفل مجاناً حتى نفاد الكمية، عطيني القنينة مع مي وخذها مع حليب”. وكأنه لا يكفي المواطن ما هو فيه، حتى يصبح الأطفال الرضع في خطر، بسبب عدم وجود حليب لإطعامهم.

اقليمياً، وحده صوت القذائف والصواريخ يصدح عالياً، ووحدها غزة تقاوم الإجرام الصهيوني، وباللحم الحي. آلة القتل الاسرائلية لا ترحم بشراً ولا حجراً، بينما قوى الممانعة تكتفي بجيوشها الالكترونية دعماً للصمود الفلسطيني، لا 100 ألف مقاتل، ولا 100 ألف صاروخ، ولا إسرائيل تدمر بعشر دقائق كما يدّعي “فيلق القدس”، الذي يقاتل في كل أصقاع الأرض إلا في القدس، ولسان حال ايران يقول: أيها الفلسطينيون قلوبنا معكم ولكن سيوفنا يجب أن تبقى في غمدها، لأننا نتفاوض مع “الشيطان الأكبر” من أجل فك الحصار الاقتصادي عنا، ولكن لا تخافوا سنحاربهم على مواقع التواصل، وندعو عليهم كل يوم. وبعد الدمار والشهداء سنحتفل بالانتصار على إسرائيل.

شارك المقال