وسام رئاسي لـ”الفراغ”… ومحاولة “تجليس” باسيل عبر بكركي

لبنان الكبير

يخيم الهدوء  على  الساحة السياسية نوعاً ما، فالبلد في حالة ترقب لنهاية عهد الرئيس ميشال عون، ولن يكون هناك  حراك  في أي ملف قبل ذلك، وهذا ما أجمعت عليه كل القوى  المحلية والاقليمية، لا تشكيل حكومة، لا إقرار لخطة نهوض اقتصادي، لا ترسيم حدود، قبل  أن تنتهي ولاية العهد الذي وضع لبنان في عزلة دولية، بل حتى وضع  نفسه في عزلة عن  القوى السياسية اللبنانية، ويحاول فريق العهد ابتداع  زوار لقصر بعبدا كي لا يبدو خاوياً، إن كان عبر استقبال  الناشطين العونيين، الذين يملأون مواقع التواصل  الاجتماعي بصور زيارتهم  القصر ولقائهم الرئيس، أو عبر استقبال مالكة أحد المطاعم المعروفة، بينما لا يزال رئيس  اللبنانيين يرفض استقبال أهالي شهداء تفجير مرفأ بيروت، اذ يخاف المحيطون به من أن يجرح شعوره بما قد  يتحدثون به. وبينما يضج قصر الشعب بالناشطين البرتقاليين، لا يمكن لأي مواطن من انتماء اَخر زيارة “بي الكل” إلا بعد التأكد مما قد يقوله للرئيس، هذه هي الديموقراطية الحقيقية في العهد القوي، على المواطن أن يعيش من دون كهرباء، وماء، وخبز، وكل مقومات العيش الكريم، وأن يبقى صامتاً في المقابل، لأن ميشال عون استطاع تحقيق حلمه ووصل إلى رئاسة الجمهورية، ثم يستهجن الإعلام البرتقالي، كيف يعد اللبنانيون الدقائق والثواني حتى ينتهي “العهد القوي”.

لا تزال خطوات رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط وانفتاحه على “حزب الله” تثير الجدل، ولكن الأمر لا يعدو كونه مشهداً في الإعلام، فوفقاً لمعلومات “لبنان الكبير”، لم ينقطع التواصل يوماً بين حارة حريك والمختارة، على الرغم من كل الحملات ضد بعضهما البعض. فجنبلاط محترف في السياسة، ويعلم تماماً أن العداء المطلق مع أي كان هو خسارة، فكيف مع طرف مثل “حزب الله”، الذي يمثل ما يمثل في مكونه الشيعي، وهو أحد أقوى الأذرع الإيرانية في المنطقة؟ وجنبلاط بعلاقاته الدولية يستطيع التنبؤ برياح الإقليم، وليست هناك نية لدى أميركا اليوم لمهاجمة إيران، لا بل يبدو أن الوضع في الإقليم متجه إلى الهدوء، وقد يكون السبب الحرب الأوكرانية – الروسية، وعطش أوروبا الى الغاز، وحاجتها إلى مصدر آخر، موجود في البحر المتوسط. وبينما تلتقط “أنتينات” المختارة رياح فيينا، يبدو أن معراب تخرج برهان خاسر مجدداً، ولكنها لا تجرؤ على مهاجمة جنبلاط كما هاجمت الرئيس سعد الحريري، الذي تصرف وفق منطق ربط النزاع مع “حزب الله”، من أجل مصلحة لبنان العليا، بحيث تصمت القوى السيادية اليوم أمام خطوات البيك الانفتاحية. وهذه الخطوات يبدو أنها تقلل من حظوظ رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية في الوصول إلى الرئاسة، بل هي تضرب حظوظ كل المرشحين المحتملين، اذ أن جنبلاط يريد رئيساً لا ينتمي أو يؤيد أي محور من المحاور في البلد، ولكن في الوقت عينه مواصفاته شبه مستحيلة، فحتى لو وجدت شخصية لا تفضل محوراً على آخر، من المستحيل أن تقبل بسلاح خارج شرعية الدولة، يسرح ويمرح في ساحات الدول العربية تنفيذاً لأجندات إيران التوسعية.

وأشار مصدر مطلع على أجواء الاستحقاق الرئاسي في حديث لموقع “لبنان الكبير”، الى أن “كل ما يجري اليوم هو تضييع وقت، ومحاولات دفش أسماء جديدة، ولا  يجب أن  ننسى  أنه في الدول المعنية  بالشأن اللبناني كالولايات المتحدة وفرنسا هناك لوبيات، وكل لوبي منها صديق لأطراف لبنانية، ويبدو أن ثمة تسوية ركبت منذ أشهر عدة، في الرئاستين الأولى والثالثة، وهي تسوية ترضي المحورين، فلماذا كل هذا العبث اليوم؟ هل هناك من يحاول تطيير هذه التسوية؟ أم أن الأمر هو رفع السقف من أجل الحصول على مكتسبات جديدة؟ للأسف في  هذا البلد ممكن أن ينام اللبنانيون على واقع ويستفيقوا على آخر”.

الحج إلى الصرح البطريركي في الديمان مستمر من كل الأطراف، وبالأمس كانت حصة رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، الذي شدد على أن “بكركي تبقى فوق الجميع وفوق الاستغلال والاستعمال وفوق سقف الأذى والإهانة”.

واعتبر أن الاستحقاق الرئاسي لن يأتي بالتغيير المطلوب، ربما يقصد صهر العهد أنه لن يعطيه الحصة الوازنة التي كان يحصل عليها في عهد عمه، حيث سيطر على أكثر من نصف مرافق الدولة، وأوصل البلد إلى جهنم عبرها. وفي الحقيقة فان أي رئيس مقبل، مهما كانت هويته، سيكون أفضل من عهد الدمار بأبعاد وأبعاد.

معيشياً، بشرت السلطة مواطنيها بتجديد عقد الفيول مع دولة العراق، الذي يؤمن ساعة كهرباء يوميا، ويجب أن يشكروا دولتهم على هذا الإنجاز العظيم، في ظل وهم فكرة استجرار المحروقات من إيران، الذي يكثر الحديث عنه في الإعلام ولكن لا يوجد أي طرح رسمي للموضوع وفقاً للرئيس نجيب ميقاتي، وهو لا يعدو كونه بروباغندا إعلامية ممانعة.

وفي السياق عينه، يبدو أن طوابير البنزين عائدة، بعد تعديل مصرف لبنان آلية استيراد المحروقات، وبدأت مافيا الشركات المستوردة بالتبشير بهذه العودة.

أما إقليمياً، فالمشهد  الأبرز هو محاولة اغتيال الكاتب سلمان رشدي، واعلان السلطات الأميركية أن المهاجم لبناني الأصل ويدعى هادي مطر، ويأتي ذلك وفقاً لفتاوى كل من المرشد السابق لإيران الامام الخميني، والمرشد الحالي علي خامنئي، وكذلك مرشد الجمهورية اللبنانية السيد حسن نصر الله في خطاب سابق، منصّباً نفسه ولياً على  المسلمين، الذين حسب اعتباره قصروا في عدم تنفيذ فتوى الخميني بقتل رشدي، واصفاً إياه بالمرتد، وكأنه ينقص لبنان أزمات  دولية، ومن المرجح أن منفذ عملية الطعن ينتمي الى “حزب الله”، الذي يجلب ويلات  جديدة إلى لبنان، وإن لم تكن عبر حكومات الدول، فستكون عبر مواطنيها وتغيير نظرتهم إلى اللبنانيين في بلاد الاغتراب.

شارك المقال