ضحية لأمن الدولة وضحية للطاقة الشمسية… والحكومة ضحية الرئاسة

لبنان الكبير

يهرع العالم لحل أزمة الطاقة العالمية، إما عبر مصادر بديلة للغاز الروسي أو عبر تكثيف البحث عن وسائل طاقة بديلة، بينما لبنان يعيش على العتم، بل أكثر من ذلك أصبح كل صاحب مولد أميراً تخضع له الرعايا، فقد علا صراخ المواطنين امس في غالبية المناطق اللبنانية، من دولرة فاتورة المولد، وإن اشتكى أحد يكون الرد: “ما عاجبك وقف”… ابتزاز مقزز للبنانيين في أبسط حق من حقوقهم، الكهرباء، ليس عبر وزارة الطاقة البرتقالية، بل عبر مافيا المولدات، المدعومة من المنظومة السياسية كلها، فكل حزب وكل فريق يملك ملازمين في هذه المافيا، وهم يتقاسمون النفوذ في المناطق اللبنانية، ولا يضاربون على بعضهم البعض.

سياسياً، اعترفت السلطة أخيراً بأن الحكومة لن تتشكل، وَأَشَارَتْ مصادر خاصة لموقع “لبنان الكبير” الى أن “الجميع اقتنع اليوم بعدم جدوى تشكيل الحكومة في هذا الوقت، فحتى لو قدم الرئيس المكلف نجيب ميقاتي تشكيلة حكومية يوافق عليها رئيس الجمهورية ميشال عون، لن يكون هناك وقت لتنال الثقة في مجلس النواب، كونها يجب أن تعد البيان الوزاري، وتأخذ وقتاً في مناقشته، وعرضه على الكتل النيابية، لتستطيع الحصول على الثقة، وهذا أمر شبه مستحيل في المدة المتبقية قبل الاستحقاق الرئاسي، ولذلك اعتبر الجميع أن محاولة تشكيل الحكومة مضيعة وقت”.

أما على الخط الرئاسي، فيبدو أن خطاب رئيس مجلس النواب نبيه بري كان له صدى كبير، بحيث ارتفعت مجدداً حظوظ رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، بما يملك من علاقات داخلية وخارجية. وعلى الرغم من أن رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط يفضل شخصية محايدة تماماً، إلا أن معلومات “لبنان الكبير” أكدت أن جنبلاط وبري سيدخلان الاستحقاق الرئاسي متفقين، كما جرت العادة قبل “العهد القوي”. أما المرشحون الآخرون، فعلم “لبنان الكبير” أن النائب ميشال معوض، سيحاول إظهار قوة علاقاته الخارجية، عبر سلسلة من المنح والتقديمات الخارجية التي ستكون عبره هو، وتحديداً في الشأنين الزراعي والغذائي، وقد حدد موعداً الأسبوع المقبل مع وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال عباس الحاج حسن، لتقديم مشاريعه، في ما يبدو أنها محاولة لرفع حظوظه الرئاسية، عبر علاقاته مع الخارج.

ويبدو ملف الترسيم البحري في فصوله الأخيرة، اذ أشارت مصادر متابعة لموقع “لبنان الكبير” الى أن الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين، من المفترض أن يصل الى لبنان في السابع من الشهر الجاري، والأجواء إيجابية، بحيث أن هناك محاولة أخيرة من إسرائيل لتعديل نقطة بين البلوك 8 و10، وهذا الأمر يرفضه لبنان الرسمي، ولكن لا يبدو أنها ستكون عائقاً أمام إنجاز الاتفاق، وقد طلب الاسرائيليون أن لا يحتفل لبنان بملف الترسيم كأنه انتصار عليهم، من أجل عدم التأثير على الانتخابات المرتقبة عندهم.

أمنياً، يرجح أن تكون هناك خطوة مرتقبة للرئيس ميقاتي، وفق مصادر خاصة لموقع “لبنان الكبير”، لافتة الى أن “الملف الأمني يقلق ميقاتي، لذلك هو بصدد اتخاذ خطوات لدعم القوى الأمنية والعسكرية، ولكن ليس واضحاً حتى الآن من أين سيكون تمويل هذا الدعم، الا أنه على الأرجح من خزينة الدولة، وذلك من أجل الاستقرار الأمني في البلد، وتحديداً مع عدم وضوح الرؤية في الاستحقاق الرئاسي، وما قد ينتج من تداعيات في حال كان الفراغ سيد الموقف”.

والأمن بالأمن يذكر، فقد انفجرت قضية حقوق الانسان مجدداً في لبنان، بعد الاشتباه بوفاة موقوف بسبب تعذيبه من عناصر في جهاز أمن الدولة، وبينما التسريبات تقول إن الموقوف وهو سوري الجنسية، توفي بذبحة قلبية، انتشرت صور الجثة في وسائل الاعلام، وتبدو علامات التعذيب واضحة عليها، اذ يبدو أن الموقوف تعرض للتعذيب بشدة، من جلد وحرق وضرب. وفي ما وصفه الحقوقيون بأنه محاولة للفلفة القضية، أشار جهاز أمن الدولة في بيان، الى أن الموقوف اعترف بأنه ينتمي إلى تنظيم “داعش”، بما يبدو أنه تبرير للتعذيب الذي تعرض له، ولكن البيان أكد أن الأمر في عهدة القضاء، وسيكون هناك تحقيق شامل في الملف، وتم توقيف ضابط و5 عناصر على ذمة التحقيق في القضية.

في هذا السياق، تحدثت مصادر حقوقية لموقع “لبنان الكبير” عن القضية، مستذكرة النظام الأمني السوري – اللبناني القمعي في عهد مضى عليه الزمن. وقالت: “جريمة كهذه لا يمكنها أن تمر من دون محاسبة، من العناصر إلى القيادات المعنية التي كانت تغض النظر عن الموضوع، ربما ما زال هناك بقايا مدرسة النظام الأمني السوري البائد، كانوا عناصر في ذلك الزمن، وَأَصْبَحُوا اليوم يشرفون على التحقيقات ويديرونها، ويجب فصل هؤلاء من القوى الأمنية اللبنانية، التي لا تشبه المدرستين الحربية والأمنية اللبنانيتين”.

أضافت المصادر: “كنا نفتخر بلبنان، بعد العام 2005، وعلى الرغم من كل السيئات، فنحن نعيش في بلد ديموقراطي إلى حد ما، ثم تحصل حادثة كهذه، ومن المؤكد أنه إذا لم يقم القضاء اللبناني بدوره، فالقضاء الدولي سيتحرك، ويجب علينا إدانة هذه الحادثة بشدة، فقد تطالنا نحن الممارسات نفسها يوماً ما، وقد تتسبب برفض المواطنين الخضوع للتحقيق خوفاً من أن يطالهم التعذيب نفسه”.

المنظمات الحقوقية من جهتها أكدت لـ “لبنان الكبير” أنها في حال لم تصل إلى نتيجة مقنعة في هذه الجريمة، فستتجه إلى القضاء الدولي، والمنظمات الحقوقية الدولية. ورأى مصدر حقوقي كبير أن “ما حصل هو مخالفة صارخة للقانون 65 الذي يجرّم التعذيب، وهناك عدة إجراءات يجب اتخاذها فوراً، بحيث أن التحقيق يجب أن يتولاه جهاز أمني غير الجهاز الذي ارتكب الجريمة”، متمنياً “أن تتحول القضية إلى القضاء المدني وعدم بقائها مع القضاء العسكري”. وشدد على وجوب “تبرؤ جهاز أمن الدولة من هذه التصرفات بوضوح، وعدم إصدار تصاريح تبدو كأنها تبرر الجريمة، لأن أي اعتراف انتزع من الموقوفين من خلال التعذيب غير معترف به، ويوجب إطلاق سراح الموقوفين الذين تعرضوا للتعذيب، وعدم استعمال اعترافاتهم ضدهم، وإعادة التحقيق من جديد، هذه أبسط قواعد حقوق الانسان”.

بينما يحاول اللبنانيون بشتى الطرق الحلول مكان دولتهم الفاشلة، تضربهم المأساة، فقد سجلت أول حالة وفاة بسبب ألواح الطاقة الشمسية، لشاب من عكار بصعقة كهربائية مفاجئة خلال تنظيفه الألواح الشمسية، يوم الجمعة. هذا الأمر يلقي الضوء على الفوضى الحاصلة في التجارة الجديدة “المربحة” في البلد وهي الطاقة البديلة، بحيث أًصبح الجميع مهندسي طاقة شمسية بين ليلة وضحاها، وبينما تسيطر الفوضى على القطاع، تغيب رقابة الدولة، تاركة الشعب لمصيره.

شارك المقال