بين رئيس بنكهة فلسطينية ورئيس مواجهة… يتناتشون جثة الوطن

لبنان الكبير

حبل لامتناهٍ من الأزمات التي تتكشف كل يوم، وآخرها الاتصالات التي قطعت في بعض المدن والمناطق عن بعضها وعن العالم في ضوء اضراب موظفي “أوجيرو” لتأتي الاجتماعات متسارعة في اللحظات الأخيرة ولا ينبثق عنها سوى حلول ترقيعية مرحلية من مسؤولين يخفقون في ايجاد الحلول لأبسط الأمور، وأكبر دليل أزمة المحروقات التي ما إن تخرج تداعياتها الحارقة من الشباك حتى تعود لتدخل على اللبنانيين من الباب العريض، اذ واصلت أسعار المحروقات أمس التحليق لتزيد من اللهيب، مسجلة أرقاماً قياسية، وأوضحت نقابة أصحاب محطات المحروقات أن مصرف لبنان يواظب على اكمال مسيرته نحو رفع الدعم غير المباشر عن استيراد البنزين ما يعني أنه بعد أيام قليلة، سيعود لبنان الى العصر الحجري بلا اتصالات ولا تواصل، وهل يمكن بعد السؤال عن تأليف حكومة وانتخاب رئيس للجمهورية، واستعادة البلد بعدما بات جثة هامدة؟

اذاً، لم تسجل أي خطوة ايجابية لا على صعيد الاستحقاق الحكومي ولا على صعيد الاستحقاق الرئاسي، الا أن مصدراً نيابياً أكد لموقع “لبنان الكبير” أن قوى المعارضة تتواصل بصورة مستمرة، وهذه المروحة من الاتصالات والنقاشات تتوسع وتأتي بنتائج ايجابية الى الآن، وما الحضور النيابي من مختلف كتل المعارضة في قداس “شهداء المقاومة اللبنانية” سوى دليل على ذلك، مع التأكيد أن اللقاءات والتقاشات ستتكثف بين الأفرقاء خلال الشهر الجاري، خصوصاً أن المعلومات تشير الى أن لا دعوة الى انتخاب رئيس للجمهورية قبل الأول من تشرين الأول المقبل.

في هذا الوقت، ينتظر أن ترتفع حدة الخطابات الى أعلى المستويات، وستشهد الساحة السياسية سجالات قوية بين مختلف القوى السياسية خصوصاً المسيحية منها، اذ من المنتظر أن يرد رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل اليوم على هجومي رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع .

وفيما أعلن النواب التغييريون مواصفات الرئيس المقبل الذي يؤمن بالدولة، بالدستور، بالقانون، ويكون فوق الأحزاب والأطراف، فوق الاصطفاف، ملتزماً كتاب الدستور، واعياً انتماء لبنان العربي، وعلاقاته الجوهرية مع الدول العربية وإيمانه المطلق بالقضية الفلسطينية، اختصر جعجع مواصفات الرئيس الجديد برئيس “يعمل عكسُن”، فيكون ممثلاً “فعلياً للشرعية”. نريد رئيس “تحد ومواجهة” إنقاذياً. واللافت أن جعجع كما التغييريين اعتبروا أنه اذا لم يؤتَ برئيسٍ هذه صفاته ومواصفاته، فليعلم الجميع أن “التاريخ سيلعننا، ونكون خنّا الأمانة الشعبية”.

انها مواصفات متقاربة، لكن تبقى العبرة في الخواتيم ان كان سيتم التوافق على اسم أو أن الدخول في التفاصيل التي تكمن فيها الشياطين ستحبط كل محاولات التقارب والوحدة، وأكد أحد النواب لـ “لبنان الكبير” أن امكان التوصل الى نتيجة ايجابية بين قوى المعارضة وارد جداً خصوصاً أن الكتل لم تضع شروطاً مسبقة لناحية الأسماء أو المطالب بل تركت الأمور مفتوحة أمام النقاش والتفاهم على اسم موحد، حتى أن طرح التغييريين للقضية الفلسطينية لن يسبب أي خلاف مع قوى المعارضة الأخرى خصوصاً الأحزاب التقليدية مثل “القوات” و”الكتائب” لأنهم الى جانب القضية الفلسطينية ومع حق العودة والحل العادل والشامل لهذه القضية.

وفي قراءة لهذه المواصفات، رأى أحد المحللين السياسيين أن “اطلاق الشعارات أمر طبيعي، ووضع المواصفات الشاملة للرئيس المقبل بحيث أن كل الأفرقاء السياسيين يرفعون السقف، ويسجلون النقاط في مرمى بعضهم البعض، ولكن في الوقت نفسه يمكن اعتبار هذه المواصفات ضرورية لاسيما أن الناس لديها هاجس أن يأتي رئيس شبيه بالرئيس ميشال عون. انها مرحلة مزايدات واطلاق شعارات وصفات كلاسيكية خصوصاً أن الوقت لا يزال يسمح بذلك لأننا في بداية المهلة الدستورية، لكن بعد الفراغ سنرى تحركات خارجية تفرض مواصفاتها على القوى السياسية كافة، وسيأتي الرئيس توافقياً. المواصفات التي تُطلق لا يمكن تطبيقها على أرض الواقع انما يمكن أن تكون هناك شخصية لديها مواصفات قريبة من تلك المطروحة، لكن ما يجمع قوى المعارضة أنها تتعاطى مع الاستحقاق الرئاسي بجدية، وتريد التلاقي في ما بينها وصولاً الى موقف موحد على الرغم من غياب التنسيق حالياً. اليوم لا يمكن أن يكون الرئيس ضد “حزب الله” كما أن الحزب لا يمكنه ايصال حليف واضح كما في السابق عندما أوصل الرئيس عون.

الترسيم والمكامن المشتركة تحت المياه

ينتظر اللبنانيون وصول الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين الى بيروت بعد غد الخميس، ليعرفوا ما يحمل في جعبته في ملف الترسيم البحري الحدودي بين لبنان واسرائيل، وقالت مصادر مطلعة لـ”لبنان الكبير”: “ان الاهتمام الخاص من الرئيس الأميركي جو بايدن بملف الترسيم البحري يعني أن الادارة الاميركية وضعت يدها على الملف وسحبته من البازار السياسي داخل اسرائيل، وقد تحرك بوتيرة سريعة في الأيام القليلة الماضية بعد اتصال أجراه الرئيس الاميركي برئيس الوزراء الاسرائيلي لتشجيعه على انهاء الملف وفق المصلحة العليا لأميركا وأوروبا”.

ولفتت المصادر الى أن المشكلة اليوم ليست في الحقلين انما في المكامن المشتركة تحت المياه بين لبنان واسرائيل، وهذا ما يتطلب حلاً، وفي السماح للشركات الأجنبية بالتنقيب في الجانب اللبناني. وهنا السؤال: هل يقبل لبنان أن تكون هناك مكامن مشتركة ويتقاسم المدخول مع العدو أو أن الحل يكون عبر تقسيم هذه المكامن؟ على سبيل المثال، “كاريش” يبعد 5 كلم عن الخط 23، من يضمن أن ليست لدينا مكامن مشتركة في هذه المساحة خصوصاً أن الاسرائيليين في مرحلة الاستخراج، ونحن لم نبدأ بالاستكشاف؟ وهنا التخوف من أن يستخرج العدو كل ما في المكامن المشتركة. هناك غموض في هذا الشأن، وعلى الدولة اللبنانية ايضاح هذه النقطة.

المصلحة الشخصية تطغى على المصلحة الوطنية في هذا الملف. لماذا لا يستعين الجانب اللبناني بتقنيين، وليعرض هوكشتاين أمام المفاوضين المسوحات الاسرائيلية وحينها يتناقشون في المكامن المشتركة وكيفية تقسيمها؟ لا بد أننا ذاهبون الى التأجيل في اتفاق الترسيم في ظل عدم وجود حكومة في اسرائيل بانتظار انتخابات الكنيست المقبلة، وستكون هناك مفاوضات غير مباشرة في الناقورة. اليوم ننتظر وصول الوسيط الأميركي الذي يريد تهدئة الوضع حالياً لأن لا أحد لديه مصلحة في الحرب لا من الجهة اللبنانية ولا من الجهة الاسرائيلية. وفي حال وجه “حزب الله” مسيرات الى حقل “كاريش”، فالاسرائيلي اليوم ليس في موقع الرد في ظل مشكلاته الداخلية، انما ربما يكون هناك بعض المناوشات والتوترات.

شارك المقال