انتظارات لبنان… ملح ووهم خطوط البحر

لبنان الكبير

على مفارق الانتظارات الطويلة يمضي اللبنانيون أيامهم، وعلى ايقاع الاستحقاقات والتطورات الداخلية والخارجية يدوزنون نمط حياتهم، وعلى الأمل بغد أفضل يتناسون مآسيهم المعيشية اليومية لأنهم شعب متروك لمصيره، يصارع للبقاء والاستمرار مع مسؤولين غير آبهين سوى بمصالحهم ومكاسبهم والحفاظ على مواقع نفوذهم.

انتظارات كثيرة في الأيام المقبلة ترقى الى مستوى المصيرية، ومنها ملف ترسيم الحدود البحرية في ظل حديث البعض عن ايجابية في الوصول الى اتفاق خلال أيام، فيما يرى البعض الآخر أن بعض التفاصيل، فرملت هذه الايجابية المفرطة مع التأكيد أن الترسيم لن يحصل خلال العهد الحالي.

وفي هذا الاطار، أوضح أحد الخبراء لـ “لبنان الكبير” أنه بغض النظر عن المفاوضات القائمة حالياً والتي تصطدم بنقاط وبتفاصيل صغيرة لكنها دقيقة ومهمة جداً كالنقطة 31 شمال الخط 23 التي تمتد على مسافة 7 كلم، وتقتطع من الخط 23، ثلاثة كيلومترات مربعة، فإن الخلاف حول النقاط التفصيلية اليوم يعود الى تخلي لبنان عن الخط 29 ما يعني أننا تخلينا عن رأس الناقورة كنقطة ترسيم برية حقيقية للترسيم البحري. وبالتالي، أعطى الطرف اللبناني حجة للاسرائيلي للمطالبة بما يسمى الـb1، ولم يستدرك أن ذلك سينعكس على الترسيم البري وعلى الخط الأزرق الذي يتضمن 13 نقطة خلافية من دون الحديث عن مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وبلدة الغجر. اذاً، التخلي عن الخط 29 خلق للبنان مشكلة جديدة، تحاول اسرائيل الافادة منها أقله لتأجيل الترسيم الى ما بعد انتخابات الكنيست الاسرائيلي. السيد حسن نصرالله قال منذ يومين ان أعيننا وصواريخنا على حقل “كاريش”، وربط الاستخراج بموضوع الترسيم علماً أنه بغض النظر عن هذه المواقف، فإن استخراج الغاز من “كاريش” سيسبق الاستخراج من لبنان بسنوات. وبالتالي، في حال حصل الترسيم سنحتفل بنصر زائف بالخط 23، وبتنازلنا عن الخط 29 نعطي الحق لاسرائيل بالمطالبة بالنقطة b1 في رأس الناقورة ما يعطيها حجة مستقبلاً في إعادة الترسيم الحدودي البري، وهنا الخطر الأكبر من تنازل السلطة عن الخط 29.

انتظار آخر قديم جديد، يتمحور حول تأليف الحكومة، والسيناريوهات المتوقعة في حال التشكيل أو عدمه خصوصاً في ظل الفوضى المتنقلة في مختلف المناطق، والتخوف من تدحرجها ككرة الثلج وصولاً الى انفجار اجتماعي كبير، اذ أشار أحد الخبراء الاقتصاديين لـ “لبنان الكبير” الى أن ما جرى الأسبوع الفائت على صعيد اقتحامات المصارف لا يبشر بالخير على الرغم من أنه أمر بديهي في ظل غياب الدولة والانهيارات على المستويات كافة. وهنا السؤال: هل هذا مؤشر الى الفوضى الكبرى؟ طبعاً، فليس مستبعداً أن نشهد على تفلت لسعر صرف الدولار ما يقودنا الى فوضى اجتماعية عارمة ولا قدرة للسلطة على ضبط الشارع، وتقصيرها وعجزها يوم الجمعة الفائت خير دليل، اذ لم تتمكن من اتخاذ إجراءات محددة وبالسرعة المطلوبة على الرغم من بعض الاجتماعات والتحقيقات التي حصلت على هذا الصعيد. الواضح أن الكباش ضمن الفريق الواحد لا يزال قائماً وعلى أشده، والمؤشرات تدل على ذلك مع العلم أن “التيار الوطني الحر” قد يستفيد من هذه الفوضى ليقول ان حكومة تصريف الأعمال لا تستطيع مواجهة الانهيار، وبالتالي، ضرورة تشكيل حكومة وفق شروطه من دون اغفال أن المصارف مستفيدة أيضاً من الاقفال لناحية تأجيل الدفع بانتظار الحل. والهاجس اليوم، في حال تشكلت الحكومة بعد عودة الرئيس المكلف نجيب ميقاتي وحصلت على ثقة مجلس النواب، من عدم قدرتها على ضبط الأمور وفرملة انهيار الليرة. نحن نمر بأيام صعبة وخطيرة، ولا نعرف ماذا يمكن أن يحمل معه الخميس المقبل من تطورات، لكن يبقى الثابت الأكيد أن السلطة تستخدم كل وسائل التهويل لضبط إيقاع الانهيار والفوضى المقبلة. المجتمع اللبناني معرض لكل أنواع الاستباحة بفضل هذه المنظومة التي لم تقم أي اعتبار لأي حاجة أساسية ولم تضع أي خطة رؤيوية مستقبلية. السيناريو قاتم ولا تباشير أمل حتى هذا اليوم.

وبالعودة الى ملف تشكيل الحكومة، لفت أحد المحللين الى أن هناك ضغطاً هائلاً من “حزب الله” لتأليف الحكومة في أوائل تشرين الأول المقبل، وهذا ما عبّر عنه الرئيس ميقاتي حين قال انه عندما يعود من السفر سينام في القصر الجمهوري الى حين ولادة الحكومة، لاسيما أن الحزب استطاع اقناع رئيس الجمهورية والتيار العوني بالتنازل عن توسيع الحكومة ٦ وزراء سياسيين وأن يوافقا على تعويم الحكومة الحالية مع تعديلات يراعي فيها الرئيس المكلف، مطالب رئيس الجمهورية بمعنى أن يترك له تسمية الوزير السني في حال كان هناك تغيير لوزير الاقتصاد، وهذا يسري أيضاً على وزير الطاقة على أن يختار ميقاتي، وزير المهجرين خصوصاً أن الوزير الحالي تطاول عليه بصورة شخصية. الاصرار على تشكيل الحكومة يعود الى أسباب عدة: أولاً، التخوف في ظل الفراغ الرئاسي الذي بات شبه محسوم، من أن يقدم “التيار الوطني الحر” على خطوات غير مدروسة تؤدي الى مزيد من تحلل الدولة وتفككها خصوصاً أن ذلك سيترافق مع انهيار أكبر لليرة، ونصبح في مرحلة الفوضى الاجتماعية. ثانياً، في حال اضطر “حزب الله” الى حرب ضد اسرائيل على خلفية الترسيم والاستخراج، يحتاج إلى حكومة فعلية قائمة لأنها قادرة على التفاوض مع المجتمع الدولي. وبالتالي، ليس ممكناً مواجهة الفوضى الاجتماعية أو مواكبة الحرب من دون حكومة كاملة الصلاحيات وتحديداً لأن التشكيلة هي تشكيلة محاصصة. اذاً، التوجه اليوم نحو التشكيل من خلال تعويم الحكومة الحالية مع تعديلات طفيفة.

وفي هذا السياق، أوضح أحد الدستوريين أنه لا يمكن تعويم الحكومة الحالية لأنه صدر مرسوم تكليف الرئيس ميقاتي بتشكيل حكومة جديدة، وهي لا يمكنها أن تذهب الى البرلمان لنيل الثقة. وبالتالي، لا يمكن تعويم الحكومة الحالية الا في حال اتفق الرئيس المكلف مع رئيس الجمهورية على أن تبقى الحكومة كما هي أو اجراء بعض التعديلات الطفيفة عليها، حينها يمكن أن تتجه إلى البرلمان لتأخذ ثقته. وقال: صحيح أن الرئيس ميقاتي هو نفسه الذي كلف للتأليف، لكنه يحمل صفتين: صفة رئيس حكومة تصريف أعمال فقدت ثقة المجلس مع انتخاب مجلس جديد، وصفة رئيس الحكومة المكلف، ولو لم يصدر مرسوم بتكليفه بالتشكيل ولا تزال الحكومة حكومة تصريف أعمال لكان من الممكن البحث في إمكان طلب الثقة من جديد من المجلس النيابي لأنه صادر مرسوم تشكيلها سابقاً، لكن طالما أصبحت هناك واقعة دستورية جديدة بالتكليف، فلا يمكن للرئيس المكلف الا التشكيل ثم نيل الثقة من عدمها في البرلمان. اذا اتفق الرئيس المكلف مع رئيس الجمهورية على ابقاء الحكومة، فهي تعتبر كأنها حكومة جديدة بغض النظر عن الأسماء، ويبقى أن تنال ثقة المجلس النيابي كما لو أنها حكومة جديدة .

الراعي: المقاومة بالوحدة وبالولاء الكلي للبنان

رأس البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي القداس السنوي لراحة أنفس “شهداء المقاومة اللبنانية” الذي تقيمه “رابطة سيدة ايليج”، في المقر البطريركي في كنيسة سيدة ايليج في بلدة ميفوق – قضاء جبيل. وطالب في عظة ألقاها بعد الانجيل، بـ”تشكيل حكومة جديدة قادرة وانتخاب رئيس للجمهورية قبل نهاية عهد الرئيس أي قبل 31 تشرين الأول، يكون رئيساً متمكناً من كل المواصفات التي يجمع عليها جميع اللبنانيين، وبحماية القضاء من كل تسييس أو ارتهان أو مساومة للنافذين ومن أي قرار يمس بمبادئه الجوهرية، ونصب أعيننا حماية التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، هذه الجريمة الكبرى في التاريخ”.

ورأى أن “المقاومة لا تقتصر على السلاح بل تشمل الصمود في الوحدة الداخلية والولاء الكلي للبنان الوطن والتحلي بالأخلاق والقيم والحفاظ على رسالة لبنان ونموذجيته”.

شارك المقال