فتوى وطنية لـ”التغيير الرئاسي”… باسيل يغرق في طحين النازحين

لبنان الكبير

تهرع الأطراف السياسية لتشكيل الحكومة من أجل إدارة الفراغ الرئاسي، بما يبدو كأنه رسالة واضحة الى الشعب اللبناني والعالم، أن الفراغ حتمي، مع كل التبعات التي يمكن أن يخلفها، وحدها دار الفتوى حذرت من الفراغ، فقد اجتمع امس النواب السنة تلبية لدعوة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان الذي تحدث في مستهل الاجتماع عن مخاطر اللادولة، وعن أهمية رئاسة الجمهورية، وتحديداً من جهة النظرة العربية والدولية إلى لبنان، وقال: “لا يَخفَى عليكُمْ أنّ البَقَاءَ لِلأَوطَانِ وَالدُّوَل، مَنُوطٌ بِفَعَالِيَّةِ مُؤَسَّسَاتِها الدُّستُورِيَّة، وَعَلى رَأْسِهَا رِئاسةُ الدَّولة. فالرَّئيسُ هو رَمزُ البِلاد، وَحَامِي دُستُورِها الذي عليه يُقْسِم؛ وأُشِيرُ هُنَا إلى الأَهَمِّيَّةِ الفَائقَةِ لِمَنْصِبِ رِئاسَةِ الجُمهُورِيَّةِ في لُبنانَ بِالذَّات، فَالرَّئيسُ المَسِيحِيّ، رَمزٌ وَوَاقِعٌ لِلعَيشِ المُشتَرَك، الذي يَقُومُ عليه النِّظَامُ الذي اصْطَلَحَ عَليهِ اللبنانيون. وَيَنظُرُ إليهِ العَرَبُ بِاعترافٍ وَتَقدِيرٍ لِلتَّجْرِبَةِ اللبنانية، لأنَّهُ الرَّئيسُ المَسِيحِيُّ الوَحِيد، في العَالَمِ العَرَبِيّ. إنّ رَئيِسِ الجُمهُورِيَّةِ في النِّظَامِ السِّيَاسِيِّ اللبنانِيّ، هو رَأْسُ المُؤَسَّسَاتِ الدُّسْتُورِيَّةِ القَائمَة. ولا يَنْتَظِمُ عَمَلُهَا وَلا يَتَوَازَنُ إلاّ بِحُضُورِه، مِنْ خِلالِ انْتِخَابِ مَجلِسِ النُّوَّابِ له. ولِضَرُورَاتِ انْتِخَابِ رَئيسٍ جَديد، ينبغي الحِفاظُ في الفُرصَةِ الأَخِيرَةِ على وُجُودِ النِّظَامِ اللبنانِيّ، وَسُمعَةِ لُبنانَ لَدَى العَرَبِ وَالدَّولِيِّين فقد تكاثَرَتِ الأَزَمَات، وَتَكَاثَرَتْ الاستثناءَات، وَتَكَاثَرَتْ حَالاتُ الغِيَابِ أَوِ الضَّعف، أو الانْسِدَادِ في سَائرِ المُؤَسَّسَاتِ وَالمَرَافِق، بِحَيثُ دَخَلْنَا في وَضْعِ الدَّولةِ الفَاشِلة، وَنَحنُ سَائرونَ بِسُرعَةٍ بِاتِّجَاهِ اللادَولَة؛ وَيُوشِكُ العَرَبُ وَالعَالَم، أَنْ يَتَجَاهَلُوا وُجُودَ لبنان، بِسَبَبِ سُوءِ الإِدَارَةِ السِّيَاسِيَّةِ على كُلِّ المُستَوَيَات. لا بُدَّ مِنْ رَئيسٍ جديدٍ لِلجُمْهُورِيَّة، وَأنتُمُ المَسؤولون عن حُضُورِهِ أَو إحضَارِه، وستكونون في طَلِيعَةِ المَسؤولين عَنْ غِيابِهِ لأيِّ سببٍ كان. لا بُدَّ مِن رئيسٍ جديدٍ يُحافظُ على ثوابتِ الوَطَنِ والدَّولة، فَيَا أيُّها النُّوَّابُ الكِرام، ساهِمُوا – وهذه مسؤولِيَّتُكُم – في التغيير، وفي استعادَةِ رِئاسَةِ الجُمهُورِيَّة، لاحْتِرَامِها وَدَورِها بِالدَّاخِل، وتُجاهَ الخارج”.

وتطرق المفتي دريان إلى مواصفات رئيس الجمهورية المقبل، وفندها إلى أربع هي:

– الحِفَاظُ على ثَوَابِتِ الطَّائفِ وَالدُّستُور، والعَيشِ المُشتَرَك، وَشَرعِيَّاتِ لُبنانَ الوَطَنِيَّةِ وَالعَرَبِيَّةِ وَالدَّولِيَّة. وَلا يُمكِنُ التَّفرِيطُ بها مَهمَا اخْتَلَفَتِ الآرَاءُ وَالمَواقِفُ السِّيَاسِيَّة، لأنَّهَا ضَمَانَةُ حِفظِ النِّظَامِ وَالاسْتِقرَارِ وَالكِيانِ الوطني.

– إنهاءُ الاشتباكِ المُصَطَنَعِ وَالطَّائفِيِّ والانقِسَامِيِّ بِشَأْنِ الصَّلاحِيَّات، وَالعَودَةُ إلى المَبدَأِ الدُّستورِيِّ في فَصلِ السُّلُطاتِ وتعاوُنِها.

– الاتِّصَافُ بِصِفاتِ رَجلِ العَمَلِ العَامِّ الشَّخصِيَّةِ والسياسية، لأنّ رَجُلَ العَمَلِ العَامِّ – كما يقولُ عُلماءُ السِّيَاسَة – تَحكُمُهُ أخلاقُ المُهِمَّة، وأخلاقُ المسؤولية.

– الاتِّصافُ بِالحِكْمَةِ والمَسْؤوليةِ الوَطنيةِ والنَّزَاهَةِ، وبالقدرةِ على أن يكونَ جَامعاً للبنانيين، والانصرافُ الكُليُّ مَعَ السُّلُطاتِ الدُّستُورِيَّةِ والمُؤَسَّساتِ والمَرَافِقِ المُتاحَة، لإخراجِ البِلادِ مِنْ أزَمَاتِها، وَمَنْعِهَا مِنَ الانهيارِ الكامِل. لا بُدَّ مِنْ رئيسٍ بِهذِهِ الصِّفَات. أو نَتَفَاجَأُ بِاختفاءِ النِّظَامِ ثُمَّ الدَّولة.

لقاء دار الفتوى أثبت مرة أخرى دورها الوطني الجامع، وتمسكها بالتعايش والنموذج اللبناني، وهذا اللقاء سيكون بمثابة منارة تنير الطريق في وجه التطرف والتعصب الطائفي المنتشر، وكذلك هو تحذير من خطورة انهيار الدولة وانفلات الوضع الاجتماعي.

وبينما لا تزال جراح مركب الموت، الذي امتزج فيه الدم العربي اللبناني والسوري والفلسطيني، مفتوحة، كان رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل يصوب مجدداً على النازحين السوريين، في كلمة ألقاها في ذكرى تأسيس الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم، وتطرق فيها من دون أي مقدمات إلى موضوع الطحين، فاعتبر أن 40% من الطحين المدعوم تذهب إلى النازحين السوريين. ولحظت الأوساط السياسية عدم تعليق باسيل بأي شكل على كارثة مركب الموت، ولم تصدر عنه حتى تعزية، بل ان رئاسة الجمهورية حتى تتصرف وكأن الضحايا هم أولاد جارية، فلم تعلن الحداد على من قضوا في هذه الكارثة، واقتصر دور لبنان الرسمي على تواصل وزير الأشغال العامة في حكومة تصريف الأعمال علي حمية مع الجانب السوري للتنسيق، علماً أن هذا دور وزير الخارجية.

وأشار مصدر سياسي معارض في حديث لموقع “لبنان الكبير الى أن “العهد يرمي فشله على الجميع، ولكن من أهم أسباب فشله التفريق بين اللبنانيين، فقد تحركت رئاسة الجمهورية مستنفرة معها كل أركان الدولة في حادثة مقتل رجلي أعمال لبنانيين، في حادثة تحطم طائرة مروحية في إيطاليا، ولكن لم يرف لهم جفن في كارثة مركب الموت، وهم بذلك يفرقون بين الشعب، ثم يستغربون كيف غنى لهم الشمال هيلا هو”.

المأساة تحب المأساة، فقد كان يوم لبنان بالأمس عنوانه الدم، من صيدا إلى طرابلس والبقاع، إشكال ذبح فيه شخص بوحشية، حين تناوب ثلاثة أشخاص على ضربه بالسكين، وألقت القوى الأمنية القبض لاحقاً على مرتكبي الجريمة، وقال أحدهم أثناء ذلك: “أنا مدعوم من سرايا المقاومة التابعة لحزب الله”. وبغض النظر عما إذا كان الأمر صحيحاً أم لا، فهو يدل على عقلية منتشرة، أن الحزب فوق القانون، ومن فائض قوته يحاول المجرمون الاحتماء به.

لكن الحزب ليس لديه وقت لمتابعة الفوضى الداخلية في لبنان، فهو مشغول بالتطورات في بلده الأم إيران، التي لا تزال المظاهرات فيها تعم الشوارع منذ ثمانية أيام، ويبدو أن الأمور متجهة إلى التصعيد. وفي حين ينادي المتظاهرون بالحرية، تعتبر السلطة الإيرانية أن ما يحصل مؤامرة، لذلك قصفت قواعد في شمال العراق، متهمة المعارضة الكردية الايرانية بالوقوف خلف التظاهرات، وهذا خرق جديد لسيادة العراق الذي لا تزال النار فيه مشتعلة تحت الرماد بسبب التدخل الايراني في شؤونه، ولكن يبدو أن إيران لا تعترف بسيادة البلدان بل هي تفعل ما تريد متى تريد.

شارك المقال