الترسيم مكتوباً… نصر الله إيرانياً… وحده بخاري تذكر الطائف

لبنان الكبير

يوم نفطي بامتياز عاشه لبنان يوم أمس، فللمرة الأولى يعلن تسلمه رسالة خطية من الولايات المتحدة الأميركية، منذ اتفاق الاطار قبل عامين، بعد زيارات وانقطاعات للوسيط الأميركي آموس هوكشتاين خلال هذه الفترة. وبوادر الاتفاق كانت بدأت تطل برأسها في الأسابيع الأخيرة، وتحديداً إثر لقاء نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب بهوكشتاين في نيوورك في 20 الشهر الماضي، ويبدو أنها ترجمت أمس بجولة السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا على الرؤساء الثلاثة، وصدرت بعدها بيانات تتسم بالايجابية، إن كان من شيا نفسها أو من الرؤساء.

جولة شيا بدأت من قصر بعبدا، حيث سلمت رئيس الجمهورية ميشال عون الرسالة الخطية من هوكشتاين، حول الاقتراحات المتعلقة بترسيم الحدود البحرية الجنوبية، وفق ما أعلن إعلام الرئاسة الأولى. ثم زارت شيا رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة، وسلمته مسودة عن اتفاق الترسيم، وعلقت بعد اللقاء بالقول: “الأمور تبدو إيجابية جداً”. أما بري فأكد في حديث صحافي أن مسودة الاتفاق النهائي حول ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل “إيجابية”، معتبراً أنّ المسودة “تلبي مبدئياً المطالب اللبنانية التي ترفض إعطاء أي تأثير للاتفاق البحري على الحدود البرية”.

وأشار إلى أنّ الاتفاق مؤلف من 10 صفحات وباللغة الانجليزية ويستلزم درساً قبل إعطاء الرد النهائي عليه، موضحاً أنّ “اتفاق الحدود البحرية مع إسرائيل سيوقع عند حصوله، في الناقورة عند نقطة الحدود.”

ثم حطت السفيرة الأميركية عند رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لتسلمه نسخة من المسودة أيضاً، وعلقت أوساط ميقاتي بالقول: “ان المقترح الأميركي المقدم يحتاج إلى دراسة تقنية قبل الاجابة السياسية. ”

إذاً، يبدو أن اتفاق الترسيم أصبح في ربع الساعة الأخير، ولبنان يتجه إلى الاستفادة من نفطه، ولكن بعيداً عما إذا تنازلت السلطة عن حقوق البلد أم لا وتفاصيل الترسيم، متى يمكن للبنان أن يحصل على إيرادات من ثروته النفطية؟ مصادر مسؤولة في قطاع البترول أكدت لموقع “لبنان الكبير” أن “هناك مساراً محدداً للأنشطة البترولية، ولبنان اليوم لا يزال في المرحلة الأولى، الاستكشاف، وفي حال اكتشفت بئر تجارية، يأخذ التحضير للمرحلة الثانية حوالي 6 أشهر، ثم يباشر بها، مرحلة التقويم وبناء البنى التحتية، التي عادة ما تأخذ بين سنتين إلى ثلاث سنوات، وبعدها تبدأ مرحلة التطوير، أي مد الأنابيب بين منشأة الحفر في البحر والساحل، وذلك من أجل وصلها بمحطة التكرير التي تحول الغاز إلى سائل، وهذا يأخذ وقتاً حوالي السنتين”.

ورأت المصادر أنه في حال استعجلت الشركة المسؤولة عن التنقيب يمكن خلال 4 – 5 سنوات البدء باستخراج الغاز، مشيرة الى أنه “يمكن لمس الايرادات على لبنان من ثروته النفطية، فور اكتشاف بئر تجارية، وحينها اقتصاد لبنان عالمياً يتم تطويره من CCC إلى B، الشركات تبدأ بالتوافد إلى البلد من أجل البدء بالاستثمارات وبناء البنى التحتية وتوقيع اتفاقات مع الدولة، فهذه الشركات ستبني منشآت خاصة بها من وحدات سكنية لموظفيها إلى مطاعم وغيرها الكثير، باختصار هي ستنشئ بنى تحتية خاصة بها، وهذا قد يكون أمراً إيجابياً في بلد بنيته التحتية مهترئة، بحيث ستقوم الشركات بإنشاء أفضل البنى التحتية في المناطق التي ستتواجد فيها، فهي لن تكون مقصداً للعاملين معها وحسب، بل ان السياسيين من دول هذه الشركات سيزورون المنشآت، اضافة الى سياسيين ومسؤولين من دول أخرى، فقطاع النفط تديره الدول وهو أمر يؤدي إلى علاقات دولية وطيدة، وهذا كله مفيد للبنان”.

من جهة أخرى، حذرت المصادر مما يتداول عن حصول لبنان على دفعة مسبقة، مهما يمكن أن يتمتع به العقد من ضوابط، وهذا الأمر حصل في فنزيلا ودول أخرى، وعلقت بالقول: “لمَ نقبل بالدفع المسبق المشبوه، ونحن يمكن أن نستفيد من الاستثمارات التي ستمطر على البلد، والتي لن تكون أقل من 15 مليار دولار كبداية، وتحديداً أن الثروة الغازية الكامنة من غير المعروف كم تبلغ وكم يمكن أن تكون قيمتها؟”. وشددت على وجوب “أن ينتبه الجميع الى أن موضوع الثروات النفطية سياسي قبل أن يكون اقتصادياً، وهذه الشركات خلفها دول، وهي تعمل على مبدأ العرقلة والتعطيل والضغط حتى نقبل لو بخسارة، وهذا ما لمسناه في مرحلة التفاوض”، لافتة الى أن “هناك بعض الآراء التي تقول بوجوب أن نسير بالدفع المسبق، هذه الآراء ستندم بعد بضع سنوات، لأنه سيكون كدين على البلد، وسيشكل خسارة وليس ربحاً”.

وكان الرأي العام اللبناني يضج بالتطورات في ملف الترسيم، إلا جماعة “العهد القوي”، التي كانت تتلهى بتسجيل انتصارات وهمية، بحيث نشر إعلام بعبدا صورة للسفيرة الأميركية تسلم عون ورقة المسودة، وهي طبيعية لسفير يسلم رئيس جمهورية ورقة، الا أنها تحولت إلى اخضاع لأميركا وانتصار لـ “العهد القوي”، علماً أن الصورة فعلياً تظهر رئيس الجمهورية في موقف ضعيف، ولا شيء فيها يوحي بالقوة، فإذا كانت السفيرة اعتبرت أنها تراعي رجلاً بعمر والدها، فإن جماعة العهد أظهرت لبنان في موقع غير محترم للدول، وهذه فعلاً سمة العهد الذي دمر العلاقات الخارجية للبلد وتسبب بعزلته.

وأطل الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصر الله في خطاب عصر أمس، بدل أن يتحدث فيه عن لبنان والتطورات فيه من الاستحقاقات كلها، خصصه بصورة شبه كاملة لإيران، فتحول من أمين عام لـ “حزب الله” إلى مبيض لصفحة إيران التي تجتاحها المظاهرات، بحيث بدأ بتعداد ما يعتبرها مزاياها بمنعها سقوط النظام الأسدي، ودعمها للحوثيين في اليمن، معتبراً أن كل ما يحصل هو مؤامرة ضد محور المقاومة، وهدفه إسقاط إيران وهي خرجت من المحنة. خطاب نصر الله يجعل الناس للوهلة الأولى يطلبون فيزا إلى طهران لزيارتها والتمتع بالحياة الديموقراطية التي يعشيها شعبها.

وبينما يترنح الاستحقاق الحكومي، فيما الاستحقاق الرئاسي فشل في أولى جلساته، مرت ذكرى اتفاق الطائف على القوى السياسية مرور الكرام، ولم يتذكرها إلا سفير المملكة العربية السعودية وليد بخاري الذي نشر تغريدة على موقع “تويتر” جاء فيها: “ذكرى مرور (33) عاماً على توقيع #إتفاق_الطائف، الاسم الذي تُعرف به وثيقة الوفاق الوطني اللبناني، التي وضعت بين الأطراف المتنازعين في لبنان، في 30 سبتمبر 1989 في مدينة الطائف وأقرّت بتاريخ 22 أكتوبر 1989 منهية الحرب الأهلية اللبنانية، وذلك بعد أكثر من خمسة عشر عاماً على اندلاعها”. هذا الأمر يدل على اهتمام المملكة بلبنان وأمنه واستقراره، وهي التي رعته بنفسها قبل 33 عاماً.

شارك المقال