باسيل يستجدي الدعم “الأصفر”… والبحث جار عن “دوحة” أوروبي

لبنان الكبير

إتفاق ترسيم الحدود لم ينعكس إيجاباً على الأزمات الداخلية، فالدولار عاود صعوده في ظل الفراغ الحكومي شبه المؤكد، وتأكد الفراغ الرئاسي في المدى المنظور، بل انه ليست هناك أي محاولات أو اتصالات لتشغيل عجلات الحكومة، علماً أن “حزب الله” دفع بكل قوته وشغل محركاته باتجاه الرئيس المكلف نجيب ميقاتي، وحليفه البرتقالي معطل التشكيل النائب جبران باسيل، الذي لا يزال يطالب بمعجزات لتمرير الاستحقاق الحكومي، مما يعني أن الوضع باق كما هو عليه.

ويبدو أن الخارج تهمه مصلحة لبنان وشعبه أكثر من الداخل، فقد لوحظ تحرك أكثر من جهة خارجية للدفع باتجاه تشكيل حكومة وانتخاب رئيس جديد للجمهورية، بل ان الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، بدأتا بتسويق فكرة فرض العقوبات على الجهات التي تعطل الاستحقاقات الدستورية، بينما لا تزال الأحزاب والأطراف السياسية تتقاتل على جنس الملائكة.

الأزمات الداخلية تحتاج إلى ترسيم حدود من نوع آخر، وفق ما اعتبر مصدر ديبلوماسي مطلع لموقع “لبنان الكبير”، قائلاً: “يبدو أن الفرقاء اللبنانيين يعبّدون الطريق أمام ترسيم حدود سياسي عبر مؤتمر دولي، شبيه بمؤتمر الدوحة، ولكن هذه المرة لن يكون في دولة عربية، بل على الأرجح في أوروبا”.

أضاف المصدر: “فرنسا حاولت مراراً وتكراراً الدفع إلى المثالثة، ولكنها تصطدم دوماً برفض سعودي أولاً، وأميركي ثانياً، وداخلي لبناني من غالبية الجهات ثالثاً، ولذلك حتى لو اتجه لبنان إلى مؤتمر دولي، فعلى الأرجح لن يكون أكثر من شبيه للدوحة، لكي يأخذ الاستحقاقان الحكومي والرئاسي مجراهما الطبيعي والدستوري.”

الى ذلك، أطل رئيس “التيار الوطني الحر” أمس وكأنه يلقي خطاباً رئاسياً في ذكرى 13 تشرين، اليوم الذي تم التخلي فيه عن الجيش، وتسبب بخسائر كبيرة في الأرواح، بسبب معركة عطش لكرسي رئاسة الجمهورية. هاجم باسيل كل الخصوم والحلفاء ما عدا “حزب الله”، فمدح أمينه العام، ناسباً اليه الفضل في ترسيم الحدود، بما يبدو أنه تودد من أجل نيل الدعم الأصفر لرئاسة الجمهورية، وهذا إن صح فهو يدل على أن كل الأخبار عن صفقات سرية في ملف ترسيم الحدود، هي حقيقة، وتحديداً بعد الكلام عن دخول دولة عربية على خط الكونسورتيوم اللبناني. وفي هذا الاطار، علّق مصدر سياسي معارض في اتصال مع “لبنان الكبير”، على كلام باسيل بالقول: “كلام ولي العهد بهذه الطريقة يعني أن هناك صفقة تحت الطاولة في ملف ترسيم الحدود، قد تكون السبب في تطيير الخط 29، وهو يناقض كل خطاباته وحملاته السابقة بما يخص هذا الخط، وإذا جمعنا خطابه اليوم (أمس) مع تصريح آخر له بالأمس القريب، يؤكد فيه أن العقوبات عنه سترفع، على الرغم من نفي السفيرة الأميركية دوروثي شيا أن تكون بلادها تتعامل بهذا الرخص في ملفات كهذه، إلا أن الوساطات مع دول إقليمية وأوروبية قد تنفع باسيل، إن كانت إحدى الدول العربية التي يبدو أنها في طريقها إلى دخول نادي الشركات النفطية العاملة في لبنان، أو الأم الحنون التي أصبح مرفأ بيروت واجهة لها فعلياً، كل ذلك يجعلنا نستنتج أن هناك صفقة سرية من أجل تعويمه سياسياً، إن كان للاستحقاق الرئاسي هذه المرة، أو الاستحاقاق الذي بعده”.

ولم يمر كلام باسيل عن 17 تشرين من دون تعليق من المصدر، الذي ذكّر بأن “الانتفاضة التي حصلت يومها، كانت ضد باسيل وعمه، وكل أركان المنظومة التي مكنتهما من التحكم برقاب اللبنانيين، وهم كانوا جميعاً سبب خراب البلد ودماره”، مؤكداً أن “17 تشرين ليست من دمر قطاعات البلد، وضرب علاقاته بمحيطه، وليست هي من تخلى عن حقوق لبنان في البحر، وطبعاً ليست هي من فجر مرفأ بيروت، بل فسادهم وإهمالهم.”

أما عن كلام باسيل بشأن الاستحقاقين الحكومي والرئاسي، فرأى مرجع دستوري فضل عدم ذكر اسمه، أن “من الأفضل أن يصمت أصحاب البدع الدستورية”، مشدداً على أن “أسوأ 6 سنوات مرت على لبنان دستورياً هي في عهد الرئيس ميشال عون، لقد جعلوا من الدستور اللبناني مهزلة، أفقدوه معناه بفبركات تناسب أجنداتهم، فالدستور لا يحدد أي حكومة تتسلم فترة الفراغ الرئاسي، بل إن الدستور يمقت الفراغ أساساً، ولكن يجب على الرئيس أن يترك قصر بعبدا ساعة نهاية عهده، وتتسلم الحكومة، أي حكومة، صلاحياته تلقائياً، فالدستور ينص على استمرارية السلطة، ولا يمكن أن يقبل بتعطيلها أو تغييبها، كل هذا الكلام عن حكومة قائمة، حكومة مستقيلة، لا يمكنها تسلم صلاحيات الرئيس هو بدع من عهد العجائب الدستورية.”

أعلن باسيل في خطابه عن انتصار في ملف الترسيم، ولكن بشبه إجماع لدى الخبراء، باستثناء الأبواق منهم، أن لبنان لم يكن منتصراً، بل أن الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصر الله في خطابه يوم الثلاثاء كان حريصاً على استعمال كلمة انتصار، وذلك يدل على أن هناك مقايضة أو تنازلاً حصل في مكان ما، إلا “التيار الوطني الحر” والعهد فيصران على تصوير ترسيم الحدود بأنه انتصار للعهد، لأنه قد يكون الإنجاز الوحيد الذي تحقق في عهد عون، إلا ربما في كوكب العونيين، فمن الممكن أنهما اعتبرا تحويل الطبيعة إلى صحراء في سد المسيلحة إنجازاً، أو غياب الكهرباء إنجازاً، للسخرية من تهديدات اسرائيل للبنان بالعتمة الشاملة بمئات بل آلاف النكات على مواقع التواصل الاجتماعي، وربما يعتبر كوكب البرتقال أن العنصرية إنجاز، فهو يمارسها ضد اللاجئين السوريين منذ أن هربوا من بطش النظام، بل ويمارسها حتى في الرياضة، وما تصريح معجزة باسيل في وزارة الطاقة ندى البستاني إلا دليلاً على ذلك، وكأن المدينة الرياضية في بيروت هي دون المستوى لتستضيف المنتخب اللبناني لكرة القدم، ويجب أن تكون الاستضافة في كسروان. لا عجب أن اللبنانيين يطلقون “الهاشتاغات” فرحاً بآخر أيام العهد.

معيشياً، تسبب ارتفاع سعر المحروقات بانتشار مافيات الحطب، التي تقتل الطبيعة اللبنانية من أجل بيعه لأهالي القرى والجبال على أبواب الشتاء، وهو يشكل بديلاً أرخص من المازوت، بل وبسبب تقنين أصحاب المولدات، يمكنه أن يؤمن تدفئة دائمة، ولكن ما قد يعتبره المواطن أرخص لجيبته، ثمنه باهظ بالنسبة الى إيكولوجيا البلد في زمن يتجه المناخ العالمي نحو التصحر.

من الحطب إلى الجبنة، مشاهد صادمة تداولها اللبنانيون على مواقع التواصل الاجتماعي، لجبنة معفنة في الأسواق اللبنانية، واكتشفت أيضاً بعد مداهمة حصلت في أحد المحال، الأمر الذي يدل على اهتراء الرقابة على السلامة الغذائية، ولذلك ليس مستغرباً تفشي وباء مثل الكوليرا، بل الخوف من أوبئة أخرى قد تتفشى بسبب انحلال الدولة ورقابتها على صحة المواطنين.

شارك المقال