صفا وإبراهيم يحاولان… الكوليرا ينتشر… و”فخامة الشغور” يسود

لبنان الكبير

عشية الجلسة الثالثة المقررة اليوم لانتخاب رئيس للجمهورية، والتي لن تكون حاسمة وربما غير حاصلة، تكثفت الاتصالات لاحداث خرق في ملف التشكيل الحكومي، ولفت لقاء أمس جمع رئيسَ “التيّار الوطني الحر” النائب جبران باسيل والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم ورئيس وحدة الارتباط والتنسيق في “حزب الله” الحاج وفيق صفا في مركز تكتل “لبنان القوي” في سن الفيل، حيث جرى النقاش في المساعي لولادة الحكومة قبل نهاية عهد الرئيس ميشال عون. وأكدت مصادر الرئيس المكلف نجيب ميقاتي لـ “لبنان الكبير” أن المساعي قائمة وبوتيرة سريعة ومكثفة لكن التجارب على مدى الأشهر السابقة علمتنا ألا نفرط في التفاؤل، ويمكن القول اننا في مرحلة لا سلبية ولا ايجابية، والساعات القليلة المقبلة ستظهر الخيط الأبيض من الخيط الأسود، وتحدد مصير الحكومة. كما لا يمكننا الدخول في النقاشات الجارية والتبديلات التي تطرح لأنها تتغير وفق الطروحات، مع العلم أن زيارة الرئيس ميقاتي الى القصر الجمهوري ستحددها نتائج الوساطة التي ستكون أمام خيارين: اما قمحة أو شعيرة.

واذا كان الاستحقاق الحكومي أمام ساعات حاسمة يتأرجح بين خياري القمحة والشعيرة، فإن الاستحقاق الرئاسي لا يتأرجح سوى على حبل التعطيل، ولا انتظار لا للقمحة ولا للشعيرة بحيث أن الجلسة الثالثة لن تكون ثابتة في انتخاب الرئيس، ولن يعوّل عليها في تغيير “الستاتيكو” القائم لا بل على العكس كل المؤشرات والمعطيات تؤكد أن الشغور الرئاسي حتمي، وكلما اقتربنا من نهاية ولاية العهد، تزيد القناعة بأن لا رئيس في المرحلة الدستورية. لكن جديد الجلسة الانتخابية العادية قبل أن يتحول المجلس النيابي الى هيئة ناخبة في الأيام العشرة الأخيرة من الولاية الحالية، هو الانفصال بين نواب التغيير، اذ من المتوقع أن تنقسم كتلتهم الى كتلتين كي لا تنفرط حبات العنقود بصورة كاملة على الرغم من أن بعض أعضائها يفضل التموضع خارج أي تكتل ما سينعكس على التصويت اليوم، بحيث أن الخيارات ستكون متعددة بعد أن توحد التغييريون في الجلسة الأولى على التصويت لصالح سليم اده، فيما أعلنوا في الجلسة الثانية التي لم تعقد بسبب عدم اكتمال النصاب أنهم سيصوتون لمرشح واحد. وعقد التغييريون اجتماعاً بعد ظهر أمس لتحديد موقفهم من جلسة اليوم التي ستحدد ان كانوا سيلتزمون بخيار واحد أو خيارات عدة. وفيما حسم نواب المعارضة في “القوات” و”الكتائب” و”اللقاء الديموقراطي” الى عدد من المستقلين، موقفهم من السير بالمرشّح النائب ميشال معوض، يرجح أن يستمر فريق 8 آذار في التصويت بورقة بيضاء، فيما سيصوّت تكتل “الاعتدال الوطني” مجدداً لـ”لبنان”.

وتترامن جلسة اليوم أيضاً مع اصدار المجلس الدستوري الدفعة الأولى من نتائج الطعون النيابية التي في حال قبل جزءاً منها أو رفضها جميعها، لن تؤثر على خارطة المجلس النيابي على اعتبار أن الطعون قد تطال الكتل الكبرى ما يعني أن نائباً بالزائد أو بالناقص لن يؤثر على مسار انتخاب رئيس الجمهورية .

وفي هذا السياق، اعتبر عدد من النواب أن نتائج الطعون لن تؤثر على المعادلة في المجلس النيابي خصوصاً أن اكتمال نصاب الجلسة يحتاج الى 86 نائباً في حين أن الدورة الأولى لانتخاب الرئيس تتطلب 86 نائباً أيضاً، وهذه الأكثرية غير متوافرة لدى أي طرف، واذا اضطر الأمر، فإن قوى المعارضة كما الموالاة لديهما قدرة التعطيل.

أما من الناحية الدستورية، فأوضح أحد الدستوريين أنه اذا صدرت نتائج الطعون اليوم، فالمجلس الدستوري يبلغ النواب الذين قُبل الطعن بهم لكف يدهم، وتكون أُبطلت نيابتهم كما من مصلحة الفريق الفائز أن يبلغ الخاسر بقرار المجلس لأنه المستفيد من الحكم. وبالتالي، من تاريخ تبليغ النائب قرار ابطال النيابة أو كف اليد، يصبح خارج البرلمان، والطاعن الذي قبل طعنه المجلس الدستوري نائباً محله، ما يعني أنه في جلسة اليوم سيحضر النواب المطعون بنيابتهم كالعادة الى حين تبلغهم قرار المجلس الدستوري أما في الجلسة المقبلة، فإن الطاعن الفائز هو الذي يحضر جلسة انتخاب رئيس الجمهورية محل المطعون بنيابته. كل ذلك، يتوقف على قرار المجلس الدستوري، ولا يجوز استباق الأحكام لأن لا أحد يعرف مضمون الملفات، وليست لدينا المعطيات حول الطعون وأي منها جدي أو غير جدي بحيث أن بإمكان المجلس أن يأخذ بالطعون الـ 15 كاملة كما بإمكانه أن لا يأخذ بأي طعن منها. وسبق أن رأينا مثل هذه الطعون في السابق بحيث أبطلت نيابة بعض النواب ليحل محلهم النواب الطاعنون.

وفي قراءة للمشهد الانتخابي في ظل انفراط عقد التغييريين، والطعون النيابية، أشار أحد المعنيين الى أن ليس هناك من فريق قادر على ايصال رئيس للجمهورية ان كان الموالاة أو المعارضة، ولا أكثرية واضحة كما لا أقلية واضحة، وثلثا الحضور في البرلمان لا يتأمن الا بنوع من التوافق على مرشح يقبل به الطرفان. ما يحصل اليوم بين التغييريين لا أهمية له في المشهد الانتخابي الا اذا قرر بعضهم توحيد قراره مع أحد الطرفين. ما هو واضح أن “حزب الله” متمسك بالنائب جبران باسيل ولن يتخلى عنه، ولو كان يريد النائب السابق سليمان فرنجية لما كان لجأ الى الأوراق البيض، ما يعني أن هناك خلافاً داخل الفريق الممانع على فرنجية أو باسيل. كل هذه الأمور غير ناضجة حالياً، وبالتالي، لا رئيس قريباً، ونحن على الأرجح ذاهبون الى الشغور الى حين التوافق. ومن بعد ترسيم الحدود البحرية، أصبح لدى “حزب الله” نوع من الاسترخاء اذ أن الضغط الأميركي والغربي عليه سيخف كثيراً لأنه أعطاهم مكسباً مهماً في ملف الترسيم. المشهد السياسي اليوم هو مشهد ترقب أكثر مما هو مشهد انتخاب رئيس للجمهورية.

أضاف: أما لناحية نتائج الطعون التي سيصدرها المجلس الدستوري، فإذا أبطلت نيابة اثنين أو ثلاثة من النواب، فحينها يزيد عدد الفريق الممانع، لكن على الرغم من ذلك ليس بمقدور أي فريق تأمين ثلثي النصاب ما يعني أن نائبين بالزائد أو نائبين بالناقص لهذه الجهة أو تلك لن يؤثرا لأن المطلوب التوافق على انتخاب الرئيس. واذا قرر الحزب السير برئيس توافقي يمكن الوصول الى نتيجة اما اذا قرر فرض أحد مرشحيه، فهذا يعني اعادة مشهد 2014 حين انتهت ولاية الرئيس ميشال سليمان، ووضع النواب أمام خيارين: اما الفراغ الى ما لا نهاية أو ميشال عون رئيساً، فكان الخيار الثاني. لا يمكن التنبؤ اليوم ماذا سيحصل، لكن الأكيد أن لا رئيس في المرحلة الحالية. نحن أمام خيارين: اما أن يقبل الحزب بالتوافق على رئيس وحينها تعقد صفقة تتضمن التوافق على الحكومة، أو انه سيتشدد ويفرض مرشحه، ونكون أمام مرحلة طويلة من الفراغ، لكنه يواجه صعوبة الاختيار بين باسيل وفرنجية. هناك تفاهم اليوم بين الولايات المتحدة والحزب بحيث أنه لم يكن ممكناً الترسيم من دون موافقته ما يعني أن مقابل الترسيم هناك مكسب وهو تخفيف الضغط عليه. وهنا السؤال: لماذا لم يحصل التوافق الى اليوم؟ أما الذين يقولون ان هناك طبخة على النار بانتظار النضوج، فهنا نقول ان لدى اللبنانيين هاجس الخارج، لكن في النتيجة، فإن النواب هم الذين ينتخبون الرئيس، ولو توافقوا على شخص معين، فإن كل الدول لن تؤثر ولن تتمكن من فرض هذا الرئيس أو سواه بل سيتعاملون معه بكل انفتاح. من الأكيد أن الدول الصديقة والمؤثرة تتمنى اجراء الاستحقاقات الدستورية في مواعيدها، وهذا ما نسمعه بصورة مستمرة، لكن اذا لم يتجاوب النواب مع هذا التمني فلن يكون هناك رئيس. ربما يكون هناك بعض النواب الذين ينتظر كلمة السر من الخارج، لكن الأكيد أن هناك العدد الأكبر من السياديين الذين لا يقبلون بالاملاء عليهم من الخارج بغض النظر عن الدولة ان كانت داعمة للموالاة أو للمعارضة، وأقصى ما يمكن أن تقوم به الدول الأجنبية اذا لم تحصل الانتخابات، فرض العقوبات على المعرقلين، وهذا حصل في السابق. وبالتالي، العامل الخارجي يلعب دوره التأثيري على الاستحقاق الرئاسي، لكن يبقى العامل الداخلي هو الأساس. ما الذي ننتظر انضاجه بعد الترسيم؟ فالطبخة نضجت وانتهت. وفي الختام، لا بد من التأكيد أن المشكلة لبنانية مئة في المئة وليست دولية أو اقليمية. في الظروف الحالية، على الجميع الذهاب الى المجلس وانتخاب رئيس الجمهورية، ونتمنى على النواب أن يتعاطوا مع الاستحقاق الأهم بجدية أكبر بحيث أنها المرة الأولى التي نرى فيها برلماناً بهذه الصورة. وعلى الرغم من بعض الايجابيات وكسر الأحادية في القرار التي كانت سائدة في البرلمان الا أنه لا يجوز مقاربة انتخاب الرئيس بهذه الطريقة. انها مهزلة محزنة. انه المضحك المبكي.

هوكشتاين في بيروت الأسبوع المقبل

وعلى مقلب الترسيم البحري، كشف نائب رئيس مجلس النواب النائب الياس بو صعب أنّ الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين سيزور بيروت الأسبوع المقبل حاملاً نسخة من اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل ليوقّعه مسؤولون لبنانيون. من جهته، أكد هوكشتاين أنه سيزور المنطقة الأسبوع المقبل، مشيراً الى أنّ “الرئيس اللبناني ورئيس وزراء إسرائيل سيقرّران في شأن التوقيع”.

الكوليرا ينتشر بسرعة

أما على المقلب الصحي، فيبدو وضع الكوليرا غير مطمئن، اذ كشف وزير الصحّة في حكومة تصريف الأعمال فراس الأبيض أن الوباء ينتشر بسرعة، قائلاً: “صحيح أن الغالبية العظمى من المرضى من بين النازحين ولكننا بدأنا نلحظ زيادة في الحالات عند المواطنين اللبنانيين. المياه الملوثة في مناطق عدة هي العنصر الأساس الذي يسهم في رفع حالات الكوليرا، بالاضافة الى مسألة تلوث الخضار من مياه الري، وبالدرجة الثالثة تأتي مسألة مخالطة المصاب بأشخاص عدة”.

واذ أفيد عن تسجيل اصابتين في كسروان، أعلنت وزارة الصحة العامة عن تسجيل 80 إصابة جديدة في الساعات الـ48 الماضية رفعت العدد التراكمي للحالات المثبتة الى 169، كما سجلت حالتا وفاة رفعت العدد التراكمي للوفيات الى 5.

شارك المقال