بإنتظار “الرسام” الأميركي… والكسوف الكامل لعهد الجنرال وصهره

لبنان الكبير

تابع اللبنانيون أمس كسوفاً جزئياً للشمس وهم يتطلعون الى لحظة الكسوف الكامل والأخير للعهد العوني الذي عتّم أيامهم وأحلامهم، والذي يبدو مصراً حتى اللحظة الأخيرة على عدم تفويت فرصة ليستحق من الشعب “وسام أسوأ عهد” في التاريخ اللبناني وربما الفينيقي.

في وقت تتجه فيه الأنظار الى وصول الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين الى بيروت في الساعات المقبلة تمهيداً لتوقيع اتفاق الترسيم بين لبنان واسرائيل في الناقورة، تقدم الحدث أمس على الساحة السياسية زيارتان قام بهما الرئيس المكلف نجيب ميقاتي والسفير السوري علي عبد الكريم علي الى القصر الجمهوري، بحيث يمكن في الشكل وضعهما في الاطار البروتوكولي الوداعي الا أنهما تحويان الكثير من الدلائل والرسائل السياسية الدراماتيكية في ظل أوضاع معيشية أكثر من مأساوية ودراماتيكية، ولعل ما صرح به نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا فريد بلحاج عن أن الاصلاحات في قطاع الكهرباء لا تزال بعيدة خير دليل، اذ أكد أن “هناك إصلاحات مهمة يجب على الدولة اللبنانية اتخاذها، وعندما تصل الى مستوى من التمكن الذي يعطينا القدرة على النظر بإيجابية الى امكان المضي قدماً في دعم هذا المجال، فنحن مستعدون للدعم”.

إذاً، زيارتان لافتتان في توقيتهما الى القصر الجمهوري، الأولى للرئيس ميقاتي، والثانية للسفير السوري. وجاءت الزيارة الأولى بعد مفاوضات ووساطات لتشكيل الحكومة لم تنجح حتى الآن في خرق جدار التعطيل، وبدل أن تكون للاعلان عن الاتفاق حول الحكومة الجديدة، أتت بروتوكولية، وداعية على مسافة أيام قليلة من انتهاء ولاية العهد أي لا لون ولا طعم لها على صعيد التأليف، وخير دليل ما قاله ميقاتي بعد لقاء دام 20 دقيقة: “نقلوا كل شي على الرابية ما في محل نام” بعدما كان وعد سابقاً بأنه سينام في القصر حتى التشكيل.

وفيما أكد مصدر مطلع على التشكيل لموقع “لبنان الكبير” أن الأمور لا تزال معقدة وأن لا شيء جديد يمكن البناء عليه في التأليف على الرغم من استمرار المساعي في هذا السياق ما يتوافق مع ما أعلنه المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم أنه “على الرغم من كلّ ما يقال العمل مستمر في محاولة لتشكيل الحكومة”، أشار رئيس الجمهورية ميشال عون في دردشة مع الاعلاميين المعتمدين في القصر الجمهوري الى أن ما يجري حالياً في تشكيل الحكومة يناقض مبدأ وحدة المعايير، فالجهات المشاركة في الحكومة تسمّي هي وزراءها، وعندما يأتي دور “التيار الوطني الحر” في عملية التسمية، يصار الى التمسك بالتدخل واختيارهم الوزراء وليس الجهة السياسية المعنية، وهذا أمر غير طبيعي ولا يمكن القبول به. وبالتالي، كل المعطيات تقول ان لا حكومة في العهد الحالي كما لفت أحد النواب السابقين الذي اعتبر أنه طالما هناك وصي على رئاسة الجمهورية وعلى بعبدا اسمه جبران باسيل، من المستحيل التأليف، والكل بات على علم أن ما يمنع ولادة الحكومة هو الطلبات المتكررة والمتجددة والمتناقضة.

أما الزيارة الثانية التي اتخذت طابعاً وداعياً، لكنها أتت قبل ساعات من موعد الاجتماع الذي كان مقرراً للوفد اللبناني برئاسة نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب مع الجهات السورية المعنية والذي ألغاه الجانب السوري في اللحظات الأخيرة، مع العلم أن الرئيس عون كان أجرى اتصالاً بنظيره السوري بشار الاسد، وبحث معه في ملف الترسيم البحري. وفيما أشارت معلومات الى أن الزيارة ألغيت بسبب الارتباطات السورية المسبقة وأن الجانب السوري طلب تحديد موعد آخر غير الذي كان مقرراً اليوم الاربعاء، أفادت مصادر ديبلوماسية أن الحكومة السورية بعثت برسالة إلى وزارة الخارجية اللبنانية تقول فيها إن الوقت غير مناسب لمثل هذه الزيارة من دون تحديد موعدٍ آخر. أما السفير السوري، فأوضح أن “هناك لبساً حول تشكيل وفد لبناني إلى سوريا، والموعد لم يلغَ بل يُتفق عليه لاحقاً بسبب ارتباطات سابقة في سوريا”.

ورأى بعض المتابعين أن العهد تلقى صفعتين في أيامه الأخيرة: الأولى بعدم التشكيل الحكومي لأن فريقه السياسي لن يتمكن من الحصول على حصة الأسد التي تجعله يتحكم باللعبة السياسية في مرحلة الشغور، لكن لا يمكن نعي التشكيل اليوم لأن الوساطات لا تزال قائمة وإن بوتيرة أقل من السابق. والثانية تتجلى في عدم الموافقة على البحث في النزاع الحدودي البحري بين لبنان وسوريا في ظل احتفاء العهد بتوقيع اتفاق الترسيم مع اسرائيل “العدوة” التي اعترفت بلبنان الدولة فيما الدولة “الشقيقة”، ترفض الترسيم معه.

وفي هذا الاطار، اعتبر عدد من النواب أنه كان يجب على الرئيس عون أن يقوم بخطوة الترسيم منذ 6 سنوات وليس في الأيام الستة الأخيرة. الموقف السوري أتى كصفعة للعهد بعد كل ما قام به في المؤتمرات الدولية ودفاعه عن النظام السوري من خلال وزير الخارجية جبران باسيل حينها، ولم يمرر الاجتماع حتى شكلياً على الرغم من أن نتيجته محسومة سلفاً. هذا يعكس نوايا النظام السوري الذي لا ينظر الى لبنان ككيان نهائي انما كمحافظة سورية، ويؤكد أنه لا يريد الترسيم ولا مراقبة المعابر بين البلدين. وهذا الرد يجب أن يكون درساً للحلفاء بأن مثل هذه الأنظمة تتعاطى بهذه الطريقة حتى مع حلفائها لأنها تضع مصالحها فوق كل اعتبار تحالفي. العبرة مما حصل أن ليس لدى سوريا أصدقاء أو حلفاء بل منتفعون كي لا نقول عملاء. انها اهانة واساءة الى موقع رئاسة الجمهورية وكرامتها بغض النظر عن ساكن القصر، كما أنه استهتار بالمصالح اللبنانية لأن لبنان لا يمكنه التنقيب عن النفط في البلوكات الشمالية قبل الترسيم مع سوريا. ثم ان الطريقة التي يقارب بها رئيس الجمهورية ملفاً حيوياً وأساسياً مثل ملف الترسيم يمكن وضعها في خانة انتهاز الفرص، مع العلم أن هذا الملف مطروح منذ سنة 2006 الا أن حلفاء رئيس الجمهورية حينها وضعوا عوائق لعدم الوصول الى نتائج مرجوة .

وفيما أكد مصدر مطلع أن النظام السوري لن يقدم للبنان هدية الترسيم بالمجان بل يريد ثمنها اقليمياً ودولياً، وربما يطمح الى أن تكون أميركا وسيطاً تماماً كما فعلت في الترسيم بين لبنان واسرائيل، وتخفف عنه عبء القطيعة، أشار أحد السياسيين الى أن الموقف السوري يعتبر اهانة واساءة الى الجمهورية اللبنانية، وكان الأجدى برئيس الجمهورية وكل قادة الدولة أن يسجلوا موقفاً، لكن ما حصل العكس بحيث أن السفير السوري زار القصر الجمهوري في وقت كان يجب أن تستدعيه وزارة الخارجية، وتستوضح منه سبب الغاء الزيارة اللبنانية التي كانت مقررة اليوم الى سوريا. النظام السوري يتعاطى مع الجميع ان كان الحلفاء أو الخصوم بهذه الطريقة الفوقية. يريد اذلال الدولة اللبنانية، لكن لا يمكن أن نفهم كيف أن قادتها يقبلون بهذه الاهانة من دون القيام بواجباتهم تجاه ما تعرضت له الدولة. ماذا فعلت الدولة في هذا السياق؟ وكيف حافظت على الكيان اللبناني؟ ثم منذ 6 سنوات لم يسجل أي تحرك على مستوى الترسيم، فماذا يمكن أن يحصل خلال الأيام القليلة المتبقية من العهد؟ النظام السوري يريد أن يظهر أن الجمهورية اللبنانية غير موجودة وتابعة وهالكة، ولا يقيم أي اعتبار للحلفاء، كما أنه لا يقدم خدمات مجانية لا في ملف المسجونين ولا في ملف الترسيم الحدودي. ولا بد من التأكيد هنا أن الترسيم أكبر من الدولة السورية وأكبر من الدولة اللبنانية، والدليل ما حصل في الترسيم البحري بين لبنان واسرائيل. وبالتالي، اذا كانت هناك نية دولية بإقرار الترسيم بين لبنان وسوريا، فسيتم ذلك، واذا لم تتواجد هذه النية، فلا ترسيم. ومن المبكر اليوم الحديث عن الترسيم مع سوريا لأن ذلك يتعلق بوضعها ومستقبلها وبالتطورات في منطقة الشرق الأوسط، اذ أن النفط المشترك بين لبنان واسرائيل هو حاجة دولية، لذلك تدخلت الدول الكبرى لتسريع الترسيم، واليوم طالما ليست هناك من مصلحة دولية للترسيم مع سوريا، فإن الأمور مستمرة على ما هي عليه أي لا ترسيم، لا بري ولا بحري. وبعكس ما يعتقد كثيرون بسهولة ترسيم الحدود البرية أو البحرية مع سوريا، سيتفاجأون تقنياً ولوجستياً بأن المطبات والعوائق والحواجز ستكون أقسى من المطبات التي كانت موجودة بين لبنان واسرائيل على مستوى الترسيم الذي اتخذ مساراته مع اسرائيل، وحصلت السجالات والنقاشات والتفاوض، ودخلت دول عظمى على الخط انما هناك اشكالية كبرى مع سوريا لاعتبارات عدة: أولاً، لأن سوريا لا تعترف بالكيان اللبناني ككيان قائم بحد ذاته، بل تعتبر لبنان جزءاً لا يتجزأ من سوريا الكبرى، وهذا اأامر يعود لعشرات السنين. ثانياً، سوريا تقرر مصير لبنان على مستوى الاستراتيجيات الكبيرة على سبيل المثال في موضوع مياه نهر العاصي حيث سطت بموجب معاهدة التعاون والتنسيق التي نسجت ابان الاحتلال السوري للبنان على المياه، وتعطينا نسبة منها بقدر ما يتوافق مع مصالحها اذ لا تتعدى حصة لبنان ثلث مياه العاصي. نفهم أن العدو الاسرائيلي يحاول السطو والسرقة من ثروات لبنان، لكن لا يمكن أن نفهم أن تقوم بمثل هذه الأمور دولة شقيقة.

على صعيد آخر، أكد اللواء ابراهيم، في مؤتمر صحافي أن “ملف النازحين السوريين وطنيّ قوميّ، وله انعكاسات سلبيّة على كلّ المستويات لذلك يجب معالجته، ولبنان يرفض طريقة التعاطي التي تتمّ معه من قبل كثيرين وعلى رأسهم منظّمات إنسانية وأخرى تدّعي الإنسانية تحاول أن تملي علينا إرادتها. لن نخضع للضغوط لأنّ مصلحة الشعب اللبناني هي أوّلاً وأخيراً، ولن نُجبر أي نازح على العودة وهذا مبدأ لدينا ونسعى الى تخفيف العبء عن لبنان”.

أما لجهة مديرية الجمارك، فقد أعلنت أنها بتاريخ 24 تشرين الأول، ضبطت جمارك المطار بالتعاون مع جهاز أمن المطار حوالي 160 ألف حبة كبتاغون مخبأة بطريقة احترافية ومتجهة الى سلطنة عمان عن طريق الدوحة. أوقف المرسل والتحقيق جارٍ باشراف القضاء المختص.

شارك المقال