هلا بالأحد… جرار الفخار للجنرال الجبار

لبنان الكبير

“هلا بالأحد”… اليوم عيد وطني جامع فعلاً بدليل خروج العونيين بقضهم وقضيضهم من وحدة الموقف اللبناني باعتبار إنسحاب الجنرال ميشال عون من “قلعة بعبدا” هو أهم إنجاز، بل هو الإنجاز الوحيد لعهده المطبوع بالكيد والفساد لا بل بالقرف السياسي والقضائي… عهد لن تكفي كل جرار الفخار في البلد لو كسرناها على عتبة فراقه للتعبير عن مدى كره هذا الشعب العظيم للجنرال وصهره الوضيع لما فعلاه بحاضرنا ومستقبلنا.

صورة الجنرال، الذي استجدى زواراً مقابل نياشين عزيزة بالمعايير الوطنية فجعلها رخيصة جداً، أخذت مدى صاعقاً بالمفارقة مع صورة “الشيخ” إبن الشهيد في حضرة رئيس دولة إقليمية مؤثرة من دون أي لقب سوى: سعد رفيق الحريري. لا سياسة. بل منتهى السياسة في مسالك الحكام ومنافع الأخلاق. أكثر من عبرة لكن لا جدوى من هز بدن ميت.

الأعين كلها مصوبة اليوم، على مغادرة الرئيس ميشال عون قصر بعبدا، بعد 6 سنوات طوال، أودى فيها بالبلد إلى جهنم. يغادر قبل يوم من انتهاء ولايته، كي يستطيع حشد جمع كبير من المناصرين لتوديعه، كون الأحد يوم عطلة بعدما فشلت محاولات العونيين في فرض عطلة يوم الاثنين من منطلق أنه حدث تاريخي. وفي سابقة تاريخية غريبة عجيبة، نصبت الخيم على مرج قصر بعبدا تحضيراً لمواكبة وداع فخامته، سابقة لم تحصل حتى في عهد فؤاد شهاب أو كميل شمعون، هي للحالة العونية المدمرة فقط.

وقد أبى فخامة حاكم جهنم إلا أن يغادر وسط خلافات وشقاقات بين الأطياف اللبنانية، إن كان عبر الفبركة غير الدستورية، بتوقيع مرسوم استقالة الحكومة قبل المغادرة، علماً أن الحكومة بحكم المستقيلة منذ الانتخابات النيابية، أو عبر توجيه السهام إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري، أو الرئيس المكلف نجيب ميقاتي، إما مباشرة عبر مقابلات عون في ساعاته الأخيرة، أو عبر تصريحات الحاكم الفعلي للبلد، ولي العهد والصهر المدلل، رئيس الظل جبران باسيل، الذي وصف الرئيس بري بـ “الشيطان الأكبر” في صحيفة “نداء الوطن”، مؤكداً مرة جديدة حقد هذا الفريق على الطائف، وجاء في تصريح له: “باع اليوضاسيون صلاحيات الرئيس باتفاق الطائف، وامتنعوا لليوم عن تنفيذ أحسن ما فيه. وهم يتحضرون بعد ٣١ تشرين لبيع ما تبقى من صلاحيات لنجيب ميقاتي ونبيه بري. ناضلنا ١٥ سنة واسترجعنا الحقوق لنحفظ لبنان، ومستعدين للمقاومة لمنعهم من سلبها… نحنا بلّغنا وحذّرنا”.

هذا الكلام استدعى رداً مباشراً من هيئة الرئاسة في حركة “أمل” التي أصدرت بياناً جاء فيه: “بعد أن بلغ سيل التطاول والتجني على رئيس حركة أمل رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري من جهات عدة حداً لم يعد جائزاً السكوت عنه تحت أي وجه من الوجوه، (فمن ثمارهم تعرفونهم) فلا يُجنى من الشوك عنب، ولا من العوسج تين، وكي لا يفسر الصمت تسليماً بتخرصات أولئك المسكونين بالكوابيس والهواجس. نؤكد أنه من المؤسف التجني الذي يلحق بالأخ دولة الرئيس نبيه بري من جهات يعرفها القاصي والداني، والتي تتذرع حيناً بأن رئيس المجلس لا يحق له الدعوة الى الحوار وأخذ صلاحيات رئيس الجمهورية، متناسياً حوار العام 2006 بحضوره بشخصه وكانت المطالبة آنذاك بوجوب مشاركته في الحكومة، وحيناَ آخر بالتذرع بأن الرئيس بري ليس مع تأليف الحكومة وهو الذي سعى ولا يزال بإخلاص وبقوة من أجل إنجازها، لكن الحقيقة بائنة كما الشمس بأن من يتهم ويصوّب السهام نحوه هو الذي عطل تأليف الحكومة ويريد تسمية غالبية وزرائها من دون أن يمنحها الثقة، فمن هو اليوضاسي؟ وذاكرة اللبنانيين لا تزال تنضح بمقولة (كرمال عيون الصهر عمرها ما تتشكل الحكومة)”.

أضاف البيان: “ولأن الترسيم بالترسيم يذكر، والبحر دائماً هشام وإخوانه الشهداء مرّسم بالدم وبالذاكرة التي لا تصدأ، هم… هم يحاولون إخفاء دور الأخ الرئيس نبيه بري في الوصول الى التفاهم حول الحدود البحرية الجنوبية مع فلسطين المحتلة، وهو الذي أسس له وبناه وأكمله قبل العهد الحالي وإبانه وحتى خواتيمه”.

واستغرب البيان “إنضمام بعض وسائل الاعلام الى جوقة التجني كصحيفة (نداء الوطن) التي تدعي أنها تنطق باسم حزب، وترمي (الشيطنة) على غيرها”، معتبراً أن “من نكد الدهر أن تصبح الدعوة الى الحوار جريمة والنعق في أبواق الشرذمة والتفرقة والفراغ فضيلة. يا عيب الشوم”!.

وما لم تقله ديبلوماسية هيئة الرئاسة، قالته قناة NBN التي خلعت القفازات، في مقدمة نارية، مما جاء فيها: “إرحل يا خازن جهنم غيرَ مأسوف عليك… وخذ معك الحاشية وصهرك… فالبلاد صارت حافية ولا أحد يريد أن يتفركش بجبران… خذه وارحل غير مأسوف عليك وعليه.”

وكان “التيار الوطني الحر” نشر أخباراً عن أن وزراءه سيقاطعون حكومة تصريف الأعمال، وأن وزيري “حزب الله” سينضمان إليهم بالمقاطعة كرمى للتيار، وهذا ما ختمت به مقدمة NBN قائلة: “أما ما تبشرون اللبنانيين به من فوضى وفساد دستوري، تارة عبر توقيع مرسوم استقالة بدلاً من مرسوم تشكيل، وأخرى عبر مقاطعة حكومة تصريف الأعمال، فلا مكان له من الاعراب، وما تروّجون له من معلومات حول أن حزب الله لن يشارك في أية جلسات حكومية غير صحيح وفق مصادر مطلعة أكدت للـ NBN أنه لم يصدر أي شيء في هذا المجال عن الحزب الذي ما زال يقوم بجهود توفيقية.”

الردود لم تقف عند محطة “أمل” وحسب، فقد رد المعاون السياسي للرئيس بري النائب علي حسن خليل، على العهد وتياره، محملاً مسؤولية الانتكاسات في البلد لرئيس الظل جبران باسيل. وهاجم محاولة العهد إثارة نعرات طائفية ومذهبية تحت عناوين دستورية لها علاقة بموضوع ممارسة الحكومة لدورها في مرحلة الشغور الرئاسي، لافتاً الى أن الجميع يعرف من عرقل تشكيل الحكومة بشروط تعجيزية لا يمكن لأي رئيس حكومة القبول بها، فهي هدفها مصادرة قرار الحكومة. وانتقد تصويب السهام تجاه الرئيس بري بسبب دعوته للحوار، معتبراً أن هناك تواطؤاً بين الأضداد، أي “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” في هذا الأمر.

مصدر سياسي خاص علّق على معارك العهد الأخيرة في حديث لموقع “لبنان الكبير” بالقول: “هذا العهد يريد تزكية نار جهنم أكثر على اللبنانيين، يريد إختلاق أزمة في البلد قبل نهاية عهده الفاشل، فهو يعيش على خلق العداوات بين أطياف الشعب، ويسعى الى شد العصب المسيحي من منطلق يسوق له منذ مدة أن التيار وعون تحررا من قيود قصر بعبدا، والمصيبة الأكبر أن القوات اللبنانية مضطرة للسير معه بالمزايدة من أجل الشعبوية.”

أضاف المصدر: “ما لم تقله حركة أمل والرئيس بري بسبب ظروفهما الخاصة، أن العهد هذا ليس وحده، بل هناك ميليشيا إيرانية تدعمه، وإلا لما كان نفش ريشه بهذا الشكل، وما الجنون في هذين اليومين الأخيرين إلا رد إيراني على مقررات الفاتيكان مع فرنسا عن عدم المس بالنظام اللبناني في هذه المرحلة، كون فرنسا كانت قابلة للسير بصيغة لتغيير النظام في لبنان بطلب من الايرانيين، وما سرّب عن أن نواب حزب الله سيقاطعون الجلسات تضامناً مع التيار الوطني الحر ليس بريئاً، وتحديداً أن نفي الحزب حصل عبر مصادر لقناة NBN وليس نفياً رسمياً منه، وربما هو رد على كلمة الرئيس نبيه بري في مجلس النواب عندما قال (لا يمون عليي إلا الله)، بحيث أن الكلمة لم تكن رسائل داخل المجلس وحسب، كون الحزب قد يكون يحاول المونة على بري للقبول بمؤتمر تأسيسي، ولهذا السبب ينفذ التيار أجندته، بخلق مشكل كبير في البلد يدفعه إلى هذا المؤتمر.”

حال البلد لا يزال كما هو وسط ترقب لمرحلة ما بعد عهد عون، وتتخوف مصادر اقتصادية من دفع البلد نحو المزيد من التأزم اقتصادياً، لتنفيذ الأجندة الإيرانية، مما يعني مزيداً من الضغط على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الذي قد يتعرض لحملات شرسة خلال هذه الفترة.

أمر إيجابي حصل في آخر أيام العهد، هو تكريم الاعلام، بافتتاح غابة الصحافة في منطقة تربل الشمالية، في خطة تهدف الى تكريم الإعلام والتشجيع على إنشاء المساحات الخضر في لبنان. وحضر الافتتاح حشد كبير من الإعلاميين من مختلف الوسائل الإعلامية، بدعوة من وزير الاعلام في حكومة تصريف الأعمال زياد مكاري، فضلاً عن العديد من الشخصيات وفي مقدمها النائبان إيهاب مطر وأحمد الخير.

شارك المقال