عفن السياسة يسمّم اللبنانيين في مأكلهم ومشربهم

لبنان الكبير

هو بلد الغرائب والعجائب حيث يرتكب المسؤولون في لبنان جرائم بحق الشعب لم يشهدها بلد من قبل وفق أحد الديبلوماسيين المقيمين في الولايات المتحدة الأميركية. كيف لا وهم يدمرونه بكميات هائلة من المتفجرات السياسية والمالية والاقتصادية، ويحرقونه بمواقفهم السامة والمبيدة، ويغرقونه بحقدهم وكيدياتهم وأنانياتهم ولامبالاتهم كما بالمياه الآسنة التي فاضت على الطرقات في منطقة كسروان في مشاهد لم تعد مقبولة شتوة بعد أخرى من دون أن تكلف الجهات المعنية خاطرها للقيام بما يلزم منعاً لـ”بهدلة” الناس على الطرقات حيث احتجزوا في سياراتهم لساعات وساعات قبل أن يعمد بعضهم الى تركها لأن خطر الانزلاق والموت خنقاً بات اعتيادياً في بلدنا. وكالعادة، يتنصل الجميع من المسؤوليات لأن الحق على الأمطار المنهمرة بقوة على أبواب كانون. وليكتمل “النقل بالزعرور”، يلحق الحصار بالمواطنين الى منازلهم اذ باتوا يحسبون ألف حساب قبل أن يرووا عطشهم لأن مياه الشرب المعبأة والتي يدفعون ثمنها، هي بدورها ملوثة جرثومياً وبكتيرياً، وتسبب خطراً على صحتهم.

وعند سؤال أحد المسؤولين عن كل ذلك، قال: “ابحثوا عن الملوثين، القاتلين، المجرمين الذين يقتلون الشعب بأكمله بدماء باردة. انهم السياسيون والمسؤولون الذين بدل أن يخجلوا من أعمالهم وارتكاباتهم، ويستقيلوا من الحياة العامة، ويمثلوا أمام القضاء لمحاسبتهم، يتسابقون اليوم للسفر نحو دول أوروبية لقضاء عطلة الأعياد فيها مع عائلاتهم، وترك الناس هنا تغرق في همومها ومشكلاتها.

أما سياسياً، فحدث ولا حرج حيث الانقسام القاتل الذي يبقي البلد في حالة جمود، انتقل الى شباك مونديال المبارزة الأميركية – الايرانية في قطر التي تابعها بحماس جمهور المحورين. وعلى الرغم من أن المباريات رياضية بحتة، ولا تحمل دلالات سياسية، لكن انتشار التلوث السياسي انتشر في كل فضاء وفي كل الميادين حتى أن اللبنانيين تناقلوا عبر وسائل التواصل الاجتماعي “نهفاتهم” الخاصة المعتادة مع كل حدث، اذ كتب أحدهم “انها المرة الأولى التي تلعب فيها ايران وأميركا خارج لبنان”، فيما سأل آخر عن “ملجأ يقدم أرجيلة لنتابع المباراة الأميركية – الايرانية”، و”نطلب من الله التعادل في النتيجة لأن الخاسر سيقصف لبنان أو العراق”. في حين لفتت معلومات صحافية أجنبية الى أن لاعبي منتخب ايران تلقوا تهديدات بالقبض على عائلاتهم في حال لم يرددوا النشيد الوطني أمام المنتخب الأميركي، وذلك بعد أن رفضوا ترداده في مباراتهم مع انكلترا.

إذاً، هي المبارزة الأميركية – الايرانية في الملعب اللبناني، المستخدم فيها كل الأوراق التي تحول دون انتخاب رئيس، وتؤدي الى الفوضى والى إفقار الشعب الى حد الجوع، وبانتظار الرابح في المباراة السياسية، سيواصل المسؤولون المشاهدة من بعيد لبعيد، اذ بعد كلام مرشد الجمهورية الاسلامية علي خامنئي، بدا لبنان ساحة مستباحة، والكل بانتظار ما ستسفر عنه القمة التي ستعقد بين الرئيسين الفرنسي ايمانويل ماكرون والأميركي جو بايدن في واشنطن في الساعات المقبلة بحيث سيحضر ملف لبنان بينهما من دون أن ننسى دور الفاتيكان الصامت في هذا الاطار، اذ أكدت مصادر كنسية لموقع “لبنان الكبير” أن الفاتيكان طلب بإلحاح، مراراً وتكراراً، من فرنسا والولايات المتحدة اتخاذ كل الاجراءات لاخراج لبنان من أزمته، والعمل على تسهيل انتخاب رئيس الجمهورية، وتشكيل حكومة انقاذية.

وفي السياق، أشار مصدر ديبلوماسي خارجي مقرب من الادارة الأميركية في حديث لـ “لبنان الكبير” الى تلاقٍ في وجهات النظر بين الولايات المتحدة وفرنسا حول عدد من المشكلات في مناطق عديدة من العالم بينها منطقة الشرق الأوسط، ولذلك، من المتوقع أن يحصل التفاهم بين بايدن وماكرون حول الملف اللبناني، وليس مستبعداً أن تنطلق المحادثات من البيان الأميركي – السعودي – الفرنسي بحيث سيركز على الوجود الايراني في لبنان وتداعياته على الواقع الداخلي. كما هناك معلومات تقول انه سيجري البحث في موضوع فرض عقوبات جديدة على ايران خصوصاً بعد اتهامات الأخيرة لأميركا والغرب بالوقوف وراء الاحتجاجات فيها. مع التأكيد هنا أن الرئيسين سيتوافقان على مواصفات رئيس الجمهورية المقبل وعلى الهدف من انتخابه، والتشديد على عدم التنازل عن الرئيس السيادي. كما سيتطرقان الى الوضع الاقتصادي، وكيفية وضع خطة مع صندوق النقد الدولي لانقاذ البلد، ومساعدة لبنان لاستخراج النفط، مع استبعاد المعطيات التي تتحدث عن امكان حصول مفاجأة رئاسية بعد اللقاء في واشنطن. ويبقى المهم اليوم، تشبث الكتل السيادية بمواقفها، وعدم التنازل أو الخضوع لتسوية للمجيء برئيس من محور الممانعة، وارتكاب خطأ انتخاب الرئيس السابق ميشال عون لأن ذلك يعني الضربة القاضية للبلد. وفي حال لم ينتخب رئيس سيادي، فالشغور أفضل وصولاً الى تدويل القضية اللبنانية. من هنا، فإن الأميركيين والفرنسيين الذين يعلمون جيداً الواقع اللبناني، سيضغطون على ايران لتسهيل انتخاب الرئيس، وربما يقع الخيار على قائد الجيش العماد جوزيف عون في هذه الظروف لتولي سدة الرئاسة. ولا بد من الاشارة الى أن الوضع في ايران ليس في أفضل حال، وعليها التنازل عن بعض الأوراق لصالح الغرب ومنها الورقة اللبنانية كي لا تصطف الدول الأجنبية والأوروبية ضد النظام القائم الذي يواجه انتفاضة شعبية عارمة، كما من مصلحتها تقديم التسهيلات في لبنان لامتصاص النقمة الداخلية عليها.

وكشف مصدر مطلع على أخبار الاليزيه الى أن الفرنسيين أجروا محادثات مكثفة مع السعودية حول اسم لرئاسة الجمهورية، واسم قائد الجيش طرح بقوة، لكن المشكلة أن هناك تخوفاً من أن يصبح كل قائد جيش مشروع رئيس مستقبلي. الفرنسيون يريدون رئيساً على علاقة جيدة مع كل الطوائف، ويكون له دور فاعل اقليمياً، ومقبول عربياً ودولياً خصوصاً أن فرنسا ستؤمن للرئيس المقبل قوة دعم خارجية. فرنسا أولاً وأخيراً كانت ولا تزال تلعب دور محامي لبنان في الساحات الدولية. وليس مستبعداً أن نرى رئيساً للجمهورية في أقرب وقت، لكن لا يمكن الحديث عن ذلك حالياً لأن لا شيء واضح .

على صعيد آخر، تقدّم الهمُ المعيشي المالي الواجهةَ الداخلية قبيل دخول قرار رفع الدولار الجمركي الى 15 ألف ليرة حيز التنفيذ في 1 كانون الأول المقبل. واجتمع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الذي تردد أنه قد يدعو الى جلسة لمجلس الوزراء، مع رئيس المجلس الأعلى للجمارك العميد أسعد الطفيلي.

ومعيشيا ايضاً، أكد وزير الاتصالات في حكومة تصريف الأعمال جوني القرم أن “لدينا صعوبات وتحديداً في أوجيرو، وعملياً لا نزال نعمل على الموازنة القديمة. الوضع غير طبيعي وعلى الجميع تحمل المسؤولية من أجل الوصول الى نتيجة”.

في حين ناقشت اللجان المشتركة أمس قانون “الكابيتال كونترول” وعلقت البحث في البند ١٧ من المادة الثانية المتعلقة بالأموال الجديدة، وناقشت البند الأخير من المادة الثانية المتعلقة بالتعريفات أي تعريف “اللجنة”. وأرجأت جلستها الى العاشرة والنصف من قبل ظهر اليوم، على أن يتم التصريح بعد انتهاء الجلسة عن أجواء النقاش.

شارك المقال