“قميص الصلاحيات” الماروني يقص البلد

لبنان الكبير

علمنا التاريخ غير البعيد أن لبنان يدفع ثمن إقتتال الموارنة في ما بينهم وأحياناً يدفع ثمناً مماثلاً إذا اتفقوا… للأسف تبدت هذه الحقيقة بصورة دموية مدمرة أكثر من مرة، لا غاية سوى الأمرة والسلطة. وها هي تتبدى اليوم في واقع مخيف. الموارنة الأقوياء ما زالوا يتقاتلون على الأمرة والسلطة لكن من دون مدافع وصواريخ، ملوحين بـ”قميص” الصلاحيات وبكائية حقوق المسيحيين، وهم الذين أوصلوا بـ”خطيئة معراب” اللبنانيين، مسيحيين ومسلمين، الى خسارة حقوقهم الطبيعية والأساسية وحوّلوهم الى شعب معتر في “لبنان قوي” و”جمهورية قوية”.

البلد منهار، لا بل تحت الحضيض، وكل همهم الصلاحيات. أي صلاحيات في بلد منكوب شعبه مفجوع ومؤسساته أنقاض؟ صلاحيات الخراب؟ صلاحيات جهنم؟

وعلق مصدر مقرب من مرجعية سياسية على أزمة “قميص الصلاحيات” قائلاً: “كنا نقدم الدماء من أجل بقاء لبنان، وضمان حريته واستقلاله، حتى أننا قدمنا الدماء من أجل المحافظة على السلم الأهلي، عضضنا على جراح قتلانا، نحن وغيرنا من الأفرقاء، الذين خسروا أعز الناس، وجميعنا قلنا المهم أن يبقى الوطن، ليأتي آخر الزمان أقزام السياسية، جوعى للسلطة، يشعلون بيروت من أجل سيجارة على الكرسي… لا يمكن القول إلا بئس هذا الزمان”.

ما إن دعا رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إلى جلسة لمجلس الوزراء، حتى أعلنت الحرب باسم الصلاحيات، تحديداً من “التيار الوطني الحر”، الذي سيقاطع عدد من وزرائه الجلسة، بأمر من رئيس التيار جبران باسيل، الذي يخوض حرب الرئاسة التي لم يرشح نفسه لها رسمياً بعد، أما “أخوه” في اتفاق معراب، فقد أشارت مصادره لموقع “لبنان الكبير” الى أن الأولوية القصوى هي لانتخاب رئيس جمهورية ويمكن لمن يحرص على شؤون الناس أن يتوقف عن تعطيل انتخاب الرئيس أما الملفات الحساسة فيمكنه تمريرها عبر المراسيم الجوالة، اذ لا يمكن القبول بتعود الآخرين على الشغور الرئاسي وادارته بطريقة معينة، “فلينتخبوا رئيساً، وبذلك ينتظم عمل المؤسسات الدستورية وبعدها يمكن انتظام عمل مؤسسات البلد كله، ويمكن حينها معالجة كل الأمراض اللبنانية وليس الطبية فقط”.

اتفاق معراب توافق على الموقف خوفاً على الصلاحيات المارونية، علماً أن توافق قطبيه ينتج رئيساً، ولكن عبثاً، وقد احتميا بالكنيسة المارونية التي أبدت خشيتها على الدور المسيحي عموماً والماروني خصوصاً، ولكن نسيت أن الأقربين أولى بالمعروف، ولا بد من أن تكون أقرب عظة موجهة الى طرفي اتفاق معراب، كي يتوافقا لمصلحة لبنان عموماً والمسيحيين خصوصاً لا أن يتقاتلوا على الحكم والحصص.

أوساط الرئيس ميقاتي استهجنت في حديث لموقع “لبنان الكبير” رد الفعل بالعصب الطائفي حول الجلسة التي دعا إليها رئيس الحكومة، “الذي حاول منذ اليوم الأول تجنب الاستفزاز وتوتير الأجواء، ولم يدعُ إلى جلسة، حتى عندما كان الأمر مربحاً له شعبياً في ملف المونديال، بحيث أنه كان بإمكانه (تقريش) الملف شعبياً، فكل اللبنانيين يرضون بانعقاد جلسة من أجل مشاهدة المونديال، إلا أنه التزم بالوعود التي قطعها، بعدم استفزاز أحد، وتحديداً المسيحيين، ولم يدعُ إلى جلسة، ولكن أن تأتي المستشفيات وتقول انها ستتوقف عن استقبال المرضى بدءاً من الثلاثاء، وان مرضى الكلى والسرطان سيصبحون في حال الخطر،! فإن عدم تحمل الدولة مسؤولياتها يعد عملاً جرمياً في هذا الظرف، وبما أن هذا الأمر كما قالت المستشفيات يحتاج إلى جلسة للحكومة لتقر بنوداً تتعلق بسداد مستحقاتها، وبما أن الرئيس ميقاتي قال انه لن يتخلى عن مسؤولياته، فيكون طبيعياً جداً أن يدعو إلى جلسة لمجلس الوزراء، لأخذ القرارات المناسبة في القضايا الاستشفائية والتعليمية وتسيير شؤون الناس، لا سيما أن الحكومة لم تنعقد منذ ٧ أشهر، ولا يوجد أي بلد في العالم تستطيع قطاعاته أن تعمل بصورة صحيحة من دون قرارات رسمية، ومن هنا جاءت الدعوة، وهي منزهة عن أي خطأ أو كيدية.”

واعتبرت الأوساط أن “الاعتراض على الجلسة ليس له مبرر، فإن كان الأمر دستورياً، فالدستور وضع لخدمة الناس، وإن كان سياسياً فإن هدف السياسة هو خدمة الناس، ولا يمكن لعاقل أن يرفض انعقاد جلسة بالبنود التي وضعت على جدول الأعمال، أما لجهة الميثاقية فإن نصاب الجلسة هو الثلثان، فإذا تأمن هذا يعني حكماً أن الميثاقية موجودة، فمجلس الوزراء مقسوم الى نصفين ١٢ مسلماً و١٢ مسيحياً، والثلثان يعني ١٦، لذلك سيكون هناك وزراء مسيحيون حكما، ليس أقل من ٤، إلا اذا اعتبر التيار الوطني الحر، أن المسيحيين محصورون به فقط.”

ورأت الأوساط “أننا نعيش اليوم كيدية ممجوجة مقرفة”، لافتة الى أن “هناك من يريد توتير الأجواء في البلد بصورة كاملة ليقول أنا موجود، وهو يخيّر اللبنانيين بين إبادة جماعية للمرضى، أو السير بمشروعه الرئاسي، فإما أن يكون له هذا الحضور أو فليذهب البلد إلى الجحيم، ولكن موضوع المرضى هم يتوزعون على كل الفئات، وإقرار البنود سيكون لأجلهم جميعاً، فهل هذا يعني أن التيار الوطني الحر يريد التضحية بالمرضى التابعين له، من أجل الرئاسة؟”.

شارك المقال