الباص الفرنسي لا يوصل رئيساً… واستحقاق الجمهورية يتقدم

لبنان الكبير

هو خزان غاز انفجر داخل شقة سكنية في مشروع بيت مسك في المتن، أدى الى سقوط عدد من الجرحى، وتسبب بحالة من الهلع الا أن المفرح في الحادثة خبر إنقاذ مواطنة وابنها من الموت اختناقاً تحت الأنقاض، لكنها في الوقت عينه تدفع الى التساؤل: من سينقذ اللبنانيين من تحت أنقاض سلطة سرقت ونهبت وحطمت ودمرت وأشعلت البلد بمن فيه بفتيل غازاتها الطائفية والمذهبية والمناطقية والحزبية والعقلية المسمومة، فجاءت الأضرار كبيرة لا بل كارثية؟ والأنكى من كل ذلك أنها تواصل مسيرتها التخريبية بدل أن تعمد على وجه السرعة الى تبريد الأرضية علها تتمكن من انقاذ ما تبقى من بنيان الدولة، وبلسمة جروح من بقي من شعب مصاب بأكمله بإصابات خطيرة ومقلقة.

يوم أمس، بدا هادئاً بعد العاصفة التي أثارتها حادثة العاقبية مع “اليونيفيل” والتي أدت الى مقتل عنصر من الكتيبة الايرلندية وجرح ثلاثة آخرين، ولا تزال ملابساتها قيد التحقيق اذ يبدو أن هناك جهوداً تبذل لاحتوائها، ومنع الأمور من الانزلاق الى مستويات خطيرة. وزار رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وقائد الجيش العماد جوزيف عون، المقر العام لقيادة قوة الأمم المتحدة لحفظ السلام في جنوب لبنان في الناقورة، في زيارة تضامن، واجتمعا مع القائد العام لـ”اليونيفيل”الجنرال أرولدو لاثارو تم خلاله البحث في الحادثة وملابساتها والوضع في الجنوب، وشرح عمليات “اليونيفيل” والأنشطة التي تضطلع بها بالتعاون مع الجيش.

وبعد أن قدم ميقاتي وعون تعازيهما الى قيادة “اليونيفيل”، أكد رئيس الحكومة أن “الشعب اللبناني يقدر عميقاً العمل الذي تقومون به، جنباً إلى جنب مع الجيش للحفاظ على السلام والهدوء في الجنوب. لبنان ملتزم بتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي 1701، ويحترم القرارات الدولية، ويدعو الأمم المتحدة الى الزام اسرائيل بتطبيقه كاملاً ووقف اعتداءاتها المتكررة على لبنان، وانتهاكاتها لسيادته براً وبحراً وجواً. البيئة التي يعمل فيها الجنود الدوليون بيئة طيبة، والتحقيقات متواصلة في مقتل الجندي الايرلندي ومن تثبت إدانته سينال جزاءه”. فيما شدد قائد الجيش على أن “اليونيفيل الشريك الاستراتيجي للجيش في المحافظة على الأمن والاستقرار في الجنوب، واستمرار التنسيق والتعاون بينهما”.

على صعيد آخر، وحكومياً تحديدا، عقد الرئيس ميقاتي جلسة تشاورية في ‏السراي الحكومي، شاركت فيها غالبية الوزراء، بمن فيهم المحسوبون على “التيار الوطني الحر”، تم خلالها البحث في كيفية ادارة البلاد في غياب رئيس للجمهورية ‏وتفادي سيناريو جلسة مجلس الوزراء الأسبوع الماضي.‏ وتساءل أحد المتابعين في حديث لموقع “لبنان الكبير”: هل حصلت تسوية ما بين ميقاتي والنائب جبران باسيل؟ ربما نحن ذاهبون في الجلسات المقبلة في حال عقدت الى التعامل “على القطعة” أي كل وزير يشترط تمرير قرارات وزارته لاكمال نصاب الجلسات الوزارية. الا أن مصادر الرئيس ميقاتي أكدت لـ “لبنان الكبير” أنه ليس مضطراً لعقد صفقات أو تسويات تحت الطاولة، وليس في وارد المقايضة بقدر ما هو مهتم بتسيير شؤون الناس. من يرغب في خدمة الناس لن يلجأ الى التصعيد، ومن تقوده العناوين السياسية والشعبوية، يمكن أن يلجأ الى تشنيج الأجواء وتوتيرها. هدف اللقاء الى التوافق بين الوزراء على تسيير شؤون الدولة بأفضل صيغة بعيداً عن الالتباس، والتشاور في العمل الحكومي عموماً وعمل الوزارات بعد الالتباس الذي حصل على خلفية الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء، وكأن الأمور اتخذت منحى شد الحبال. وكان ميقاتي أوضح للبطريرك بشارة الراعي هدف اجتماع الحكومة خصوصاً أن بعض القرارات لا يمكن أن تسير في طريقها الى التنفيذ الا من خلال مجلس الوزراء كاملاً. وطالما الحوار كان عنوان اللقاء، فليس مستبعداً أن يكون تم التطرق الى ما اعترض عليه وزراء “التيار” سابقاً والذي يتمحور حول تفسير “الأسباب الطارئة والملحة والضرورة القصوى”، وتحديد معانيها وأبعادها وآلية تطبيقها. مع التأكيد أن الرئيس ميقاتي يحتفظ لنفسه بالدعوة الى الاجتماع عندما يجد الأمر ملحاً، وهو لا يرغب في توتير الأجواء انما التحضير لآلية عمل توافقية.

وبعد الاجتماع، لفت وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال عباس الحلبي الى أنه “تم التأكيد على مبدأ أن ما يحكم عمل مجلس الوزراء والمؤسسات الدستورية في البلد هو الدستور. ربما نكون مدعوين في مطلع الأسبوع المقبل الى جلسة تشاورية أخرى قبل انعقاد أي جلسة لمجلس الوزراء، لأن الهدف هو تسيير الأمور”.

اما رئاسياً، فالمراوحة السلبية على حالها وستستمر حتى مطلع العام ‏المقبل على الاقل، في وقت تتجه الأنظار الى اجتماع بغداد ٢ المخصص لدول جوار العراق والذي تستضيفه عمّان بين ٢٠ و٢٢ كانون الأول الجاري بمشاركة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي تحدثت المعلومات عن أنه سيثير الشأن اللبناني من باب ضرورة مساعدته في حل أزمة الطاقة، وتسريع مسار اتفاقات الغاز مع مصر والكهرباء مع الأردن، الا أن مصدراً مطلعاً أوضح لموقع “لبنان الكبير” أن لبنان ليس موضوعاً على الأجندة، والفرنسيون يحاولون التفتيش عن مصالحهم، وهم باتوا خارج سياق العمل الديبلوماسي الفاعل. في لبنان، أصبحنا في مستوى أعلى من مستوى الاشتباك على رئيس أي على هوية الدولة، بحيث هناك من يريد اسقاطها في يده بالكامل، وهناك من يريد استردادها. اذاً المعركة ليست على رئاسة الجمهورية انما على الجمهورية، و”حزب الله” سيستشرس في المرحلة المقبلة في هذا السياق.

هذا الواقع الذي وصل الى حائط مسدود، وإمكان خرقه بنافذة أمل يبدو بعيد المنال وفق المعطيات والمؤشرات الحالية، دفع البطريرك الراعي في عظته الأحد الماضي الى المطالبة بتدويل القضية اللبنانية ما أدى الى موجة من الردود الداعمة والمستنكرة، اذ أشار أحد المطلعين في حديث لـ “لبنان الكبير” الى أن “ما تحدث به البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي بالغ الأهمية حين لفت الى تدويل القضية اللبنانية التي تتجاوز فكرة المؤتمر الدولي أو تضعه في سياق امكان التنفيذ بما يعني رفع مستوى النقاش في القضية اللبنانية الى مجلس الأمن. وهنا نسأل: لماذا ذهب البطريرك باتجاه التدويل؟ أولاً، لا بد من التوضيح أن التدويل لا يعني استدعاء الخارج الى التدخل في الشؤون اللبنانية. وفي ظل اختلال موازين القوى الداخلية، وسطوة الحزب على القرار اللبناني والتهويل بإمكان تفجير الوضع اذا لم يتم القبول بشروطه في الاستحقاق الرئاسي، يمكن انجاز التوازن في موازين القوى من خلال طلب رعاية عربية – دولية للقضية اللبنانية وليس التدخل. والفرق كبير بين التدخل والرعاية التي تكون على مستويات ثلاثة: أولاً، التأكيد على ضرورة تطبيق اتفاق الطائف بما ورد فيه من بنود اصلاحية. ثانياً، التأكيد على ضرورة تنفيذ القرارات الدولية خصوصاً الـ 1701 (وما حصل مع اليونيفيل منذ يومين يؤكد أن الحزب غير ملتزم بالقرارات الدولية على الرغم من المطالبة بتطبيقه) و1680 و1559. ثالثاً، حياد لبنان عن الدخول في صراعات اقليمية”.

طوافات وباصات

وفيما أطلق وزير الاشغال العامة والنقل في حكومة تصريف الأعمال علي حميه، المناورة التجريبية لباصات النقل المشترك من مصلحة سكك الحديد والنقل المشترك، معلناً “وضع باصات النقل المشترك بعد أسبوع من تسجيلها على خطوط السير المرسومة لها بدءاً من الاثنين المقبل”، أقيم في قاعدة بيروت الجوية، احتفال بتسليم ۳ طوافات عسكرية من نوع ‎‏HUEY II مقدمة من السلطات الأميركية إلى الجيش اللبناني‎ في إطار برنامج المساعدات الأميركية. وأكدت السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا على مواصلة بلادها برنامج المساعدات الخاص بالجيش اللبناني في مجالات تطوير التدريب وتوفير التجهيزات والتقنيات ‎العسكرية العالية، وذلك انطلاقاً من الثقة بأداء الجيش المحترف ودوره في حفظ أمن لبنان.

“حزب الله” والوسائل غير المشروعة

من جهة أخرى، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس، أنّ ‏الاجتماع العاشر لـ “مجموعة تنسيق إنفاذ القانون” في أوروبا، يوميْ الأربعاء والخميس، ‏ركّز على مكافحة الأنشطة الارهابية وغير المشروعة لـ “حزب الله” في أفريقيا‎.‎‏ وأوضح أنّ “الاجتماع تمّ بمشاركة الحكومات والمنظّمات من جميع أنحاء أفريقيا إلى جانب ‏الولايات المتّحدة وإسرائيل واليوروبول‎ بحيث ناقش المشاركون كيفية مواصلة حزب الله جمع ‏الأموال في القارة السمراء، باستخدام كلّ الوسائل المشروعة وغير المشروعة ‏وبالتهرّب من تطبيق القانون والجهود التنظيمية المالية‎”.

شارك المقال