نصر الله “يفتي” بحتمية جلسات الضرورة وميقاتي يقضيها بـ”الشورى”

لبنان الكبير

البلد على وشك الدخول في عطلة الأعياد، مما يعني أن الملفات كلها ستسفّر إلى العام المقبل، تحديداً الاستحقاق الرئاسي، بعدما فشل السياسيون في الاتفاق على رئيس للجمهورية، وبدل أن ينكبوا على التشاور في ما بينهم، يبدو أن جلّ همهم أين يقضون العطلة، فقد حجزوا تذاكر سفرهم إلى الخارج مع عائلاتهم، بينما غالبية الشعب لا تعرف كيف تستطيع قضاء يومها، وأولويتها قوت عيشها وليس الاحتفال بالأعياد.

قبل الدخول في العطلة حرص رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي على عقد جلسة تشاورية في السراي الحكومي، حضرها مع 19 وزيراً، من ضمنهم وزراء “التيار الوطني الحر” الذين قاطعوا الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء، وذلك من أجل حل معضلة عقد جلسات للحكومة في حال كانت هناك ضرورة لذلك. وكان الاجتماع هادئاً اتسم بالحوار، وعرض كل طرف وجهة نظره، وزير الدفاع موريس سليم ووزير الشؤون الاجتماعية هكتور حجار اقترحا تسيير الأمور عبر مراسيم جوالة، إلا أن الرئيس ميقاتي ومؤيديه اعتبروا أنها لا تكفي أحياناً، ويجب عقد جلسة للحكومة في حال كانت هناك ملفات لا تحتمل التأخير. وكان هناك تساؤل خلال الجلسة إن كانت موافقة كل الوزراء ضرورية على مرسوم ما، حتى يتم إقراره، لذلك اتفق على تشكيل لجنة من الوزراء – القضاة في الحكومة: وزير الثقافة محمد وسام المرتضى، وزير العدل هنري خوري، وزير التربية عباس الحلبي ووزير الداخلية بسام مولوي، من أجل تحديد الملفات الضرورية وغير الضرورية.

وبينما حاول الوزراء العونيون الايحاء بأن ميقاتي تراجع عن موقفه من موضوع عقد جلسات للحكومة عند الضرورة الملحة، أكدت أوساطه لموقع “لبنان الكبير” أن هذا الكلام غير صحيح، لافتة الى أن “الرئيس ميقاتي سيدعو إلى جلسة لمجلس الوزراء في حال كانت هناك ملفات ضرورية، تحديداً إن كان الأمر يتعلق بالأمن الاجتماعي أو الصحي، وهذه ملفات لا تحتمل الدلع السياسي، بسبب عدم اتفاق الأطراف السياسية على انتخاب رئيس للجمهورية، ولا يجب أن يكون الناس ضحية الخلاف السياسي ولا بأي شكل، لا سيما أن الرئيس ميقاتي مهّد لعقد جلسة التشاور مع البطريركية المارونية، من أجل سحب ذرائع الهواجس الطائفية والدور المسيحي”.

وعلى خط الخلاف بين ثنائي “مار مخايل”، فإن “حزب الله” لن يخرج من التفاهم مع “التيار الوطني الحر”، إلا إذا أراد الأخير ذلك، هذا ما أكده الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصر الله، خلال لقاء مطول مع فريق العمل الحكومي في الحزب، ونفى كل ما يشاع عن أن الجلسة كانت رسالة سياسية أو صفعة أو غيرها مما وصفت به. وقال: “موقفي أقوله أمام الله. وُضعنا من أقرب المقرّبين إلينا في القطاع الاستشفائي في خطورة ما تواجهه المستشفيات عموماً ومرضى السرطان خصوصاً، كما قطاع الاتصالات عموماً وهيئة أوجيرو وخدمة الانترنت خصوصاً، في حال لم تنعقد الجلسة. أجرينا اتصالات مع النائب جبران باسيل الذي كان حاسماً برفض انعقاد الجلسة بناءً على موقفه باعتبار الحكومة مستقيلة. فيما رئيس الحكومة في المقابل كان مصرّاً على أن تيسير هذه الأمور لا يتحقق إلا بعقد جلسة. عملنا على تصغير جدول الأعمال، وبين رفض الوزير باسيل وإصرار الرئيس ميقاتي، اخترنا أن نقوم بما يسهّل تلبية حاجات الناس، مع تفهم عدم المشاركة العونية، من دون أن تكون لذلك أي أهداف سياسية أو رسائل أو غيرها، وخصوصاً أن التواصل كان قائماً بهذا الشأن مع باسيل”. أضاف نصر الله: “فجر يوم الجلسة، كانت المعلومات تشير إلى نجاح باسيل في تعطيلها عبر مقاطعة ثلث الوزراء، ومن جهتنا لم نستنفر أو نجرِ أيّ اتصالات لعقدها. وعلى الرغم من الوضع الطارئ، كنا نعتقد أن إلغاء الجلسة يمكن أن يفتح الباب أمام خيارات أخرى، لكننا فوجئنا لاحقاً بحضور عضو تكتل (لبنان القوي) وزير الصناعة (جورج بوشيكيان) الذي أمّن النصاب”.

البلد يحتاج إلى رئيس للجمهورية لانتظام عمل مؤسساته، هذا أمر محسوم، وقد بدا لافتاً التحرك الخارجي للدفع من أجل انتخاب رئيس، والحراك هذا يسير في اتجاهين، قائد الجيش العماد جوزيف عون، ورئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، الذي فاجأ الجميع بعلاقاته بالخارج، بل المفاجأة كانت بعلاقته بأحد رجال الأعمال اللبنانيين البارزين، وعلم “لبنان الكبير” أن رجل الأعمال هذا يتحرك منذ أسابيع باتجاه عدة عواصم دول إقليمية من أجل إقناعها بفرنجية، وقد نجح في هذا الأمر مع العديد منها. وتفيد المعلومات بأن فرنجية هو الأقرب اليوم الى سدة الرئاسة، ولكن تقع عليه مسؤولية إثبات أنه على مسافة واحدة من الجميع. وتتوقع مصادر مرجعيات سياسية أن يشهد عهد فرنجية، في حال انتخب، حكومات الوحدة الوطنية التي كان يشهدها البلد سابقاً، وسيشرك الجميع في العملية السياسية، مما سينعكس إيجاباً على الوضع السياسي والأمني والاقتصادي في البلد.

أما العماد عون، فيمتلك حيثية كبيرة في الخارج، والأهم أنه على علاقة أكثر من جيدة بالرئيس ميقاتي، وقد ظهر هذا الأمر في الزيارة التي قام بها الاثنان الى الناقورة عقب الحادثة التي حصلت مع “اليونيفيل” في العاقبية.

وبالحديث عن حادثة “اليونيفيل”، فإن الأمر لا يزال يؤرق راحة المسؤولين السياسيين، حتى أن “حزب الله” يريد لفلفلة الموضوع، ولا يعتبر أن توتراً مثل هذا يصب في مصلحته، ولا يريد أن يكون هناك عداء مع قوات الطوارئ الدولية، على الأقل في هذه المرحلة، ولكن على الرغم من رفض “حزب الله” الاعتداء، تعتبر عدة جهات سياسية أن حوادث كهذه لا يمكن أن تحصل لولا فائض القوة الذي يغذيه الحزب لبيئته.

الحادثة رفضتها جميع القوى السياسية المحلية، وكل الدول المعنية بالشأن اللبناني، وكانت وزارة الخارجية السعودية قد أصدرت بياناً أعربت فيه عن إدانة المملكة واستنكارها الشديد للهجوم الذي تعرضت له قوة الأمم المتحدة في جنوب لبنان، والذي أدى الى مقتل جندي أيرلندي وإصابة أخرين، وطالبت بـ “إجراء تحقيق فوري وشفاف حول ملابساته”.

شارك المقال