“العاقبية” تتحرك… و”العوني” يحرم العسكريين نكاية بالحكومة

لبنان الكبير

على قارعة الانتظارات يجلسون طويلاً، ويأملون كثيراً. وعلى القمم الدولية والعالمية، يعوّلون، ويراقبون ويمعنون في مقرراتها علها تتضمن ذكراً للبلد المنكوب. وعلى المؤتمرات الحوارية والنقاشية والجدلية، يركزون كي يسمعوا كلمة يتمسكون بها كالغارق الذي يحلم بقشة تنقذه. انها حالة اللبناني المسكين الذي أقفلت في وجهه كل الأبواب، وعشية عيد الميلاد، استبدل قرع أجراس الفرح بالولادة الجديدة، وبالسلام والمحبة، بقرع أجراس انذار الداخل والخارج، بالانهيارات حيث خيارات الفوضى والتصعيد في الشارع والمجاعة والسرقات والأيام السود، كلها سيناريوات واردة في السنة المقبلة وفق أحد الخبراء.

ووسط جمود سياسي داخلي، شهدت الساحة المحلية تطوراً أمنياً تمثل بتوقيف ‏مشتبه بهم في حادثة العاقبية التي أودت بحياة جندي ايرلندي، وإحراز تقدم في التحقيقات ‏التي يجريها الى جانب الجيش والقضاء و”اليونيفيل” فريق ايرلندي حضر الى لبنان لهذه الغاية. وقال مصدر أمني رسمي لبناني لوكالة “سبوتنيك”، إن “التحقيقات اتخذت، في الساعات الأخيرة، اتجاهاً عملانياً وسريعاً، بعدما تماثل الجنود الايرلنديون الثلاثة، الذين أصيبوا في الحادث، للشفاء، وفي ضوء توقيف المزيد من المشتبه بهم، والاستماع الى المزيد من الشهود. والجيش اللبناني تمكن من الافادة من تسجيلات كاميرات المراقبة في مكان الحادث، وعلى طول الخط الذي سلكته آلية اليونيفيل. والحادثة بكل حيثياتها بدأت تتكشف تباعاً كل فصولها لدى محققي مديرية المخابرات في الجيش اللبناني، خصوصاً بعد الاستماع الى عدد من الشهود، والتحقيق مع الموقوفين المشتبه بهم. والأهم الاستماع إلى إفادات عناصر المهمة الايرلنديين الناجين من الحادثة، إذ أن الاستماع إليهم، وضّح الكثير من الأمور والنقاط التي كانت لا تزال عالقة”.

كما سجلت محطة سياسية مصرية في بيروت لم تخرج عن سياق الحث على انتخاب ‏رئيس جمهورية واجراء الاصلاحات المطالب بها دولياً،‏ وذلك في ظل الحديث عن طبخة خارجية لا رائحة ولا طعم لها حتى الآن، اذ تشير المعطيات الى أنه يجري التحضير لاجتماع أميركي – فرنسي – سعودي – قطري في العاصمة الفرنسية، قبل نهاية السنة، للبحث في الاستحقاق الرئاسي. وأكد مصدر مطلع لموقع “لبنان الكبير” أن لبنان، مع بداية شهر شباط، سيوضع تحت المجهر الدولي، اذ سيكون هناك تداعٍ لشيء ما يحضّر له، والاتصالات الاقليمية والدولية قائمة في هذا الاطار، ونتائجها ستتبلور اما سلباً أو ايجاباً في الأشهر الأولى من السنة المقبلة. وكل ما يمكن أن يقوم به الداخل حالياً، هو الحفاظ على حد أدنى من الاستقرار.

وفيما يمضي البلد تحت وطأة هاجس الانهيارات، وأخطرها الاستشفائي والدوائي بحيث رفع نقيبا الصيادلة والشركات المستوردة للأدوية الصوت “بضرورة إصدار وزارة الصّحة مؤشراً أسبوعياً للأسعار”، وعلى وقع التأزم الرئاسي، زار الأمين العام ‏لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط أمس، كلاً من رئيس ‏مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، كما شارك في افتتاح أعمال “منتدى الاقتصاد العربي” في دورته ‏الـ 28 تحت عنوان “لبنان: الطريق إلى النفط”، وطالب فيه ميقاتي “المسؤولين كافة بأن يترفّعوا عن مصالحهم ‏الضيّقة، وأن يُبدوا المصلحة العامة ويعزّزوا القواسم المشتركة”، مشيراً الى أن “لبنان على ‏مفترق طرق، خلاصته إما النهوض المنتظر أو التدهور القاتم. في حال تحقّق ‏السيناريو السياسي – الاقتصادي الايجابي، تبدأ الضغوط الاقتصادية والاجتماعية بالانحسار ‏ويبدأ البلد بالنهوض من كبوته القاتمة. ويتمحور هذا الأمر حول انتخاب رئيس جديد للجمهورية ‏في أسرع وقت ممكن، وتشكيل حكومة جديدة تتعهد باعتماد نهج اصلاحي حقيقي بدعم ‏سياسي فاعل وشامل”.

ومن السراي الحكومي، قال أبو ‏الغيط: “هناك انسداد سياسي ووضع اقتصادي ‏صعب وينبغي حشد الهمم وحزم الرأي من السياسيين والاقتصاديين، وجميعهم مطالبون ‏بأن يبذلوا الجهود وفي أسرع وقت ممكن للخروج بلبنان من هذا الوضع الصعب. والمفتاح يجب أن يكون في البداية انتخاب رئيس، ‏وبالتالي، احزموا الأمر وانطلقوا الى الأمام”.

اما من عين التينة، فأشار أبو ‏الغيط الى “أننا نستشعر كل الصعوبات السياسية ‏والاقتصادية اللبنانية الا أننا نستشعر أيضاً أن لبنان بالتأكيد سوف يخرج من هذه الأزمة، و‏الأمر يبدأ بانتخاب الرئيس ثم إطلاق آليات الاقتصاد اللبناني.”

وفي هذا السياق، رأى أحد المحللين السياسيين أن “ما قاله أبو الغيط يأتي في سياق الضغط والتحفيز لتسريع انتخاب الرئيس لأن اطالة مدة الشغور، ستكون تداعياتها وخيمة على مستويات عدة. الرسالة لطيفة في ظل أزمة مصيرية، وسبقها الكثير من التحذيرات الاقليمية والدولية، لكن لا حياة لمن تنادي لأن المسؤولين لا يعملون سوى لمصالحهم الخاصة، وهذا ما يشكل حالة من الذهول لكل القادة المعنيين بالملف اللبناني، ولا يخفي ذلك بعض السفراء والديبلوماسيين في مجالسهم الخاصة”.

وفي وقت تم البت ببعض الطعون النيابية بحيث أعلن رئيس المجلس الدستوري طنوس مشلب أن “المجلس رد ‏الطعنين المقدمين من جاد غصن في المتن وحيدر عيسى في عكار، وتم تثبيت نيابة ‏رازي الحاج‎”، يبدو أن البت بالطعون السياسية في الاجتماعات الوزارية، سيطول مع ابتداع الهرطقات والتفسيرات والاجتهادات “البرتقالية” اللامتناهية، والنتيجة: عود على بدء، بين “التيار الوطني الحر” والرئيس ميقاتي، اذ أن القصة ليست “قصة رمانة انما قلوب مليانة” والتي على ما يبدو ستنفجر في أية لحظة، وكل المسكنات والأدوية المضادة للالتهابات والأوجاع والأورام السياسية، من خلال اللقاءات الوزارية التشاورية لن تجدي نفعاً، ما قد يزيد الطين بلة، والأزمات تأزماً. وبعد تصرف وزير الدفاع الوطني في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم بمرسوم المساعدات الاجتماعية للعسكريين، استتبع بتوجيه رئاسة مجلس الوزراء كتاباً اليه طلبت فيه توقيع مشروع المرسوم كما هو من دون تعديل والاعادة بالسرعة القصوى. الا أن سليم يشترط وجوب اقتران المرسوم بتواقيع الـ24 وزيراً، مع تأكيده أنه سيعتمد الصيغة نفسها في مراسيم ترقيات الضباط قبل إحالتها، وليس الصيغة المقترحة من رئيس الحكومة والمتمثلة بالمرسوم الموقع عليه ميقاتي ووزير المال ووزير الدفاع.

وفي هذا السياق، أكدت مصادر الرئيس ميقاتي لموقع “لبنان الكبير” أن “المرسوم المتعلق بالعسكريين، أقر في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء، وكان يتطلب توقيع وزير الدفاع، ويصبح ساري المفعول. لكن يبدو أن هناك من يعتبر أن عملية التصعيد في هذه المرحلة تأخذ منحى معيناً يستفيد منه شعبياً، وللأسف تأتي على حساب الناس. رئيس الحكومة سيدعو الى جلسة لمجلس الوزراء عندما يجد أن هناك حاجة ملحة لذلك كما حصل في الجلسة السابقة، وهو ماضٍ بعملية تصريف المهام. وقرارات مجلس الوزراء يجب أن تكون نافذة، ومن يريد التعطيل يتحمل مسؤوليته تجاه المواطنين. مع التأكيد أن الرئيس ميقاتي لن يقبل بالمراسيم الجوالة. وليس هناك من ايجابية أو حلحلة حتى اللحظة، لكن لا يجوز أن نكافئ العسكريين بهذه الطريقة”.

في حين أكد أحد نقباء المحامين السابقين لموقع ” لبنان الكبير” أن “التصرف اليوم على أن اجتماع الحكومة أمر محرّم، غير دستوري على الاطلاق. والمرسوم الجوال بدعة سيئة، استخدم أيام الحرب حيث كان يتعذر على مجلس الوزراء الاجتماع. للضرورات القصوى، ابتدع ما يسمى المرسوم الجوال ولا ينص عليه الدستور، ولا يمكن أن يقاس الوضع الأمني اليوم بالوضع الذي كان في الثمانينيات. واذا وجد أحد يطعن به أمام مجلس شورى الدولة، يطعن به ويبطله. المواقف في هذا الاطار، ليست من منطلق دستوري انما من منطلق سياسي، وانتخاب رئيس الجمهورية هو لب المشكلة”.

شارك المقال