بكركي تستقبل وتحاول… ونصر الله بين الشائعات والنفي

لبنان الكبير

ودّع اللبنانيون سنة 2022 بالفرح والسهر والأجواء الصاخبة التي أرادوها أن تنتقل الى السنة الجديدة، وتنسيهم عام جهنم الذي وعدهم به العهد البرتقالي، ووفى بوعده بكل تفاصيله وحذافيره، لكن الأمنيات والأمل والرغبة والحلم لا تبدد الصعوبات التي تحاصرهم من كل الجوانب الحياتية والمعيشية، ولا تلغي الأثقال والمشكلات والأزمات والتعقيدات التي رُحلت الى العام الجديد، اذ يبدو أن هناك استعصاء في الحل وكأن الجميع عاجز عن أي حركة لفك أي عقدة. وفي حين يتم التحضير للقاء باريس الرباعي بين ممثّلين عن فرنسا والولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية وقطر من أجل لبنان، والمزمع عقده في منتصف الشهر الحالي، ولا ينتظر منه تحقيق النتائج المبهرة، تشهد الساحة الداخلية حركة لكن يمكن القول انها الى اليوم بلا بركة لا بل بلا أي تقدم أو نتيجة ايجابية، وكأن حدة الأزمات، أفقدت الأطراف البوصلة، وجعلت كل فريق يغني على ليلاه. هناك من يقول ان لديه مبادرة سيفرج عنها قريباً، وربما تساهم في تسهيل المسار الرئاسي. وهناك من يتحدث عن خطة “ب”، سيعلن عنها في أواخر الشهر الحالي، ربما تؤدي الى كسر الجمود الراهن. كما أن البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي يحاول بكل ما أمكن تسجيل خرق في الاستحقاق الرئاسي، ويسعى من خلال اللقاءات الكثيرة والتشاور مع مختلف المكونات السياسية، الى ايجاد مخرج ما لأن الأفق لا يزال غامضاً ومظلماً ومستقبل البلد مجهول لا بل أصبح على المحك ووضعه في غاية الدقة والخطورة. وبالتالي، هذه الدينامية على الساحة الداخلية، وإن كانت غير واضحة، وتفتقر في غالبيتها الى الحلول الجذرية الا أنها ربما أتت نتيجة اقتناع الأفرقاء السياسيين بما نصحهم به الخارج مراراً وتكراراً، بضرورة المبادرة و”تقليع شوكهم بيدهم”، وانتخاب رئيس للجمهورية كي تأتي المساعدات من الدول الشقيقة والصديقة، وأن الاتكال على الخارج في انتاج رئيس ليس في محله خصوصاً أن الدول المؤثرة لديها همومها على خلفية الحرب الروسية – الأوكرانية وفق ما أوضح أحد المطلعين لـ “لبنان الكبير”.

وبالأمس، اتجهت الأنظار نحو بكركي حيث زار وفد من “حزب الله” برئاسة رئيس المجلس السياسي في الحزب السيد إبراهيم أمين السيد، البطريرك الراعي لتهنئته بالأعياد، وأتت هذه الخطوة بعد لقاءات واتصالات حوارية استمرت لأكثر من ستة أشهر. واعتبرت مصادر مطلعة في حديث لـ “لبنان الكبير” أن التلاقي والحوار والنقاش جيد خصوصاً بين فريقين يمثلان رؤيتين مختلفتين، وهذه الخطوة تأتي في الاطار الصحيح، ولا بد أنها ستفتح الباب أمام التحاور للخروج من الوضع الحالي. وجرى النقاش في عناوين عدة، منها: الملف الرئاسي والأوضاع العامة والأوضاع المعيشية، ولم يتم التطرق الى الأمور الجدلية وموضوع الحياد والمؤتمر الدولي، اذ شدد البطريرك على حرصه على إنجاز الإستحقاق الرئاسي والتعاطي معه بمسؤولية عالية لأن البلد يعيش ظروفاً صعبة جداً”.

وقال السيد بعد اللقاء: “البطريرك الراعي أبدى رأيه وحرصه على إنجاز الاستحقاق الرئاسي والتعاطي معه بمسؤولية عالية لأن البلد يعيش ظروفاً صعبة جداً. لا توجد صفحة قديمة وصفحة جديدة بيننا وبين البطريرك الراعي لكن الأوضاع الصحية وكورونا تسببت بفسحة زمنية تزيد من الشوق، والصفحة دائماً مفتوحة بيننا. ولا تباين مع الراعي إنما تبادل لوجهات النظر إنطلاقاً من الحرص على انتخاب الرئيس للقيام بواجباته تجاه لبنان. المطلوب الإسراع في انتخاب رئيس، وأن يجري حوار حقيقي في لبنان، خصوصاً في المجلس النيابي، وهو ما دعا إليه رئيس مجلس النواب نبيه بري، للتفاهم بالحد الأدنى على رئيس يمكنه النهوض بالبلد”. ورأى أن “من حق النائب جبران باسيل أن يكون له رأيه ونحن سعداء بما أنجز من تفاهم مع التيار، ولم يكن باسيل يوماً تحت مظلة الحزب، ولا فيتو على أحد وندعو الى التوافق”.

وكان البطريرك الراعي استقبل العديد من الشخصيات، وتباحثوا في الملف الرئاسي، ومنهم النائب باسيل، ووفد من “القوات اللبنانية” برئاسة النائب ستريدا جعجع، وشخصيات سنية، آخرها زيارة الرئيس فؤاد السنيورة، كما كان لقاء مع الحزب “التقدمي الاشتراكي” برئاسة النائب تيمور جنبلاط. وأوضح أحد المحللين أن “هذه اللقاءات والمشاورات التي تحصل في بكركي منذ مدة، تهدف الى إيجاد قواسم مشتركة بين اللاعبين الأساسيين للخروج من مرحلة المراوحة في الاستحقاق الرئاسي، والبحث عن مسعى جدي تقوده بكركي في هذا الاطار خصوصاً أن كثيرين يطالبونها بالقيام بمثل هذه الخطوة في ظل التشرذم والاختلاف بين الأفرقاء. والتحرك هذه المرة لن يقتصر على لقاء الزعماء الموارنة انما يشمل كل الأفرقاء حتى أن هناك حديثاً عن ورقة سياسية، يتم التباحث فيها بين كل المكونات السياسية على أمل خرق جدار التعطيل”.

وأكدت مصادر بكركي لموقع “لبنان الكبير” أن “البطريرك لا يرتاح، ويعمل ليلاً نهاراً تسهيلاً لانتخاب رئيس للجمهورية، وأبواب بكركي مفتوحة أمام الجميع، وليس من عاداتها أن تقفلها في وجه أي جهة أو شخص. لطالما لعبت البطريركية المارونية دوراً على المستوى الوطني، ولا بد في ظل هذه الظروف الصعبة والتعقيد والتعطيل، أن تتكثف اللقاءات ويتم التشاور مع مختلف القوى السياسية. والبطريرك يحث الجميع على الاقتراع، ويشجعهم على اللعبة الديموقراطية، وانتخاب الرئيس بأسرع وقت ممكن ، مع العلم أن هناك من يقترح أمامه بعض الأسماء، لكنه يتحاشى دائماً الدخول في لعبة الأسماء”، مشيرة الى أن “البطريرك يحاول ايجاد قاسم مشترك بين القوى السياسية، وتوظيفه في الاستحقاق الرئاسي، لكنه لن يفصح إن كانت هناك خارطة طريق أو ورقة سياسية ما حتى لأقرب المقربين منه لأن هناك أموراً لا يجوز البوح بها وربما يؤدي ذلك الى افشالها. ولا يمكن الحديث عن تفاؤل أو تشاؤم، وعلينا الانتظار على أمل أن تنتج هذه المساعي ثماراً جيدة”.

وفيما يغادر البطريرك الراعي اليوم إلى الفاتيكان للمشاركة في مراسم دفن البابا بنيديكتوس السادس عشر، لفت مصدر مواكب للمسار البطريركي الى أن “المسعى الأساس هو انقاذ الجمهورية، والمعبر عبر انتخاب رئيس للجمهورية حتماً، لكن ضمن معايير السيادي، الاصلاحي، الانقاذي. والورقة السياسية هي ورقة وطنية أولاً واضحة المعالم تقوم على الحاجة الى تطبيق اتفاق الطائف بكامل مندرجاته. اما الكلام عن حوارات وأوراق ونقاشات، فهذا جزء من البروباغندا التي تقوم بها الغرف السود لمحاولة تصوير البطريركية المارونية بأنها ذاهبة في اتجاه المساومة أو المقايضة أو التسوية الترقيعية، وهذا ليس صحيحاً. بكركي تنظر الى موقع رئاسة الجمهورية ليس بمعناه المسيحي انما بمعناه الوطني”.

وزير الدفاع الفرنسي يجول على المسؤولين

على صعيد آخر، جال وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان لوكورنو على عدد من المسؤولين اللبنانيين، فالتقى رئيس مجلس النواب نبيه بري في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، بحضور السفيرة الفرنسية آن غريو، وكان عرض للأوضاع العامة في لبنان والمنطقة والعلاقات الثنائية بين البلدين. كما اجتمع لوكورنو مع نظيره وزير الدفاع الوطني في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم، وأكد على “استمرار الدعم الفرنسي للبنان وتطلع بلاده الى نهوضه”، مركّزًاً على “أهمية انتخاب رئيس للجمهورية”. ثم تفقدّ كتيبة بلاده العاملة ضمن قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان “اليونيفيل” منذ العام 1978، ولفت الى الاهتمام الذي يوليه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون للوضع في لبنان، معلناً أن لديه “تكليف من الرئيس ماكرون لصياغة برنامج تعاون عسكري بين البلدين للمرحلة المقبلة وكيفية تطويره بما يزيد من قدرات الجيش اللبناني خصوصاً في مجال رفع قدرة القوات البحرية اللبنانية”. ثم زار قائد الجيش العماد جوزيف عون في مكتبه في اليرزة.

نفي للشائعات… ونصر الله يتحدث اليوم

بعد أن نفى نجل الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصر الله، جواد نصر الله، الشائعات حول الحالة الصحية الحرجة لوالده، اضافةً الى المعلومات حول فقدان الأخير وعيه، أكد مصدر مطلع في “حزب الله” أن الأمين العام في صحة كاملة ويتماثل للشفاء بعد إصابته بالإنفلونزا، وسيلقي خطاباً في الذكرى السنوية الثالثة لمقتل قاسم سليماني ورفاقه اليوم الثلاثاء. وأشارت المعلومات الى أن نصر الله كان بصدد أن يخصص كامل كلمته يوم الجمعة الماضي للحديث عن الملفات الداخلية من موضوع رميش الى العاقبية الى الملف الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، لكن كلمته اليوم في ذكرى اغتيال سليماني، سيخصصها للوضع الاقليمي والملفات المتعلقة بالمنطقة، وسيتطرق الى الملفات الداخلية، لكن ليس بصورة مفصلة.

شارك المقال