بري ملتزم “الواجب” و”الحوار”… وتقطيع الشغور بـ”المشتركة”

لبنان الكبير

كالغارق الذي يتمسك بقشة للنجاة من الغرق، هكذا تبدو الحركة الرئاسية الداخلية التي نشطت في عطلة الأعياد من خلال الزيارات واللقاءات والاتصالات والمشاورات، بحيث أن كل الأطراف باتت على قناعة بضرورة التمسك بقشة الحوار والتوافق لانقاذ البلد بمؤسساته ومواطنيه من الغرق عميقاً اذ حينها لا يعود ينفع الندم والبكاء على الأطلال، والحسرة على الخسارة الكبيرة.

لا شك في أن الأيام الماضية، خرقت حالة الجمود القاتل، والتواصل بين مختلف الكتل والشخصيات السياسية أكان معلناً أو غير معلن، يفتح الباب أمام التحاور والتلاقي والنقاش، لكن وفق المطلعين على المسار الرئاسي، فإن كل هذه الخطوات لا تزال خجولة وغير كافية للتوصل الى انتخاب رئيس للجمهورية لا بل انها غير جدية بما يكفي لانهاء الشغور سريعاً، في حين يعتبر بعض المصادر أن هذه الدينامية تحتاج الى المزيد من الوقت لدراسة الخيار الأفضل مع امكان تسجيل خرق في الجدار الرئاسي خصوصاً أن الجميع يعي خطورة الشغور والفراغ. ولا بد من التوقف عند ناحية ايجابية تتمثل بالليونة التي تبديها الأطراف كافة في المواقف والترشيحات بعد أن كان الكل يتشبث بآرائه، وذلك يترافق مع ضغط دولي، واتصالات ولقاءات خارجية تهدف الى تسهيل المهمة على اللبنانيين.

وفي حين يذهب البعض في التفاؤل الى امكان الانتخاب بين شهري شباط وآذار، فإن رئيس مجلس النواب نبيه بري سيحدد موعداً لجلسة انتخابية أولى في السنة الجديدة، الخميس المقبل، وشددت مصادر عين التينة في حديث لـ “لبنان الكبير” على أن دعوة مجلس النواب الى انتخاب الرئيس واجب دستوري وميثاقي يلتزم به الرئيس بري الذي قال منذ اليوم الأول انه لا يمكن انتخاب رئيس للجمهورية ما لم يحصل التوافق، لكن هذا لا يعني أن بإمكانه عدم الدعوة الى جلسات انتخاب الى حين التوافق لأنه اذا لم يحصل التوافق الا بعد سنتين، هل يبقى مكتوف الأيدي؟ وفي حال طلبت الكتل النيابية الاستمهال ريثما يتم الاتفاق على اسم الرئيس، فالرئيس بري يفتح ذراعيه لهذا الأمر. وفي نهاية المطاف، التوافق هو الذي سيؤدي الى الانتخاب وليس عدد الجلسات. مبدئياً هناك جلسة لانتخاب الرئيس الخميس المقبل، لكن ليس هناك من جديد على هذا الصعيد. وليس هناك أي مسعى جدي وحقيقي حتى الآن يمكن البناء عليه لانتخاب الرئيس بحيث أن الكل يطالب بضرورة الانتخاب وأن لا يستمر الشغور لكن لا حركة فعلية. وتسريع الجلسات أو تقريب مواعيدها، أمر وارد لكن اذا لم يحصل التوافق، فلا نتيجة من ذلك. الحوار هو الأساس في انتاج رئيس الجمهورية، والتوافق على المواصفات التي تطمئن كل الأطراف.

وفيما يعتبر البعض أن الرئيس بري سيحاول تمرير المرحلة بتفعيل عمل اللجان النيابية المشتركة إلى حين إنضاج الحركة الداخلية والسعي الخارجي على اعتبار أنه لم يعد مقبولاً الاستمرار في الجلسات الأسبوعية التي باتت توصف، بالمهزلة والمسرحية كما أنه سيحاول تجنيب البرلمان الصراعات افساحاً في المجال أمام انجاح المشاورات خصوصاً أنه وعد البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي خلال الاتصال الهاتفي الذي أجراه معه عشية عيد الميلاد، بالسعي الحثيث للوصول إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية، لفت أحد المحللين السياسيين في حديث لموقع “لبنان الكبير” الى أن الرئيس بري وعد البطريرك بالعمل على انجاز الاستحقاق الرئاسي وهو يريد ذلك، لكن الموضوع ليس في يده وحده مع أنه لاعب أساس، وسيسعى في هذا الاطار. وهنا، لا يجب أن يغيب عن بالنا أن الوزير السابق سليمان فرنجية لا يزال خيار “الثنائي الشيعي”. والرئيس بري اذا لم يدعُ الى جلسة، فسيتهم بأنه يخالف الدستور، واذا دعا اليها، فسيقول البعض ان الجلسات تحولت الى مسرحية. هو يعمل وفق قناعته ويطبق القانون. اما “حزب الله”، فلم يزر الصرح البطريركي كزيارة بروتوكولية، ولم تأت الزيارة من الفراغ بل أراد الحزب من خلالها أن يخرق جدار الصمت والخلافات، وأن ينفتح على الجميع بدءاً بالمرجعيات التي يختلف معها خلافاً عميقاً حول كثير من الملفات والقضايا. وبالتالي، هناك انطلاقة جديدة من الباب المسيحي الأعلى في لبنان. وبعد الزيارة بات الحوار ممكناً ووارداً، وخطاب السيد حسن نصر الله الأخير يثبت أن الملف الانتخابي داخلي صرف ولا يجوز انتظار الخارج. وحين يقول ان قواعد اللعبة لم تتغير، فيكون يتوجه الى الخارج لكن أيضاً الى الداخل. هذه المعطيات أي زيارة “حزب الله” الى بكركي واتصال الرئيس بري بالبطريرك للتهنئة بالأعياد وخطاب السيد نصر الله الأخير، تصب في خانة الانتخاب الرئاسي الداخلي على الرغم من أن الاتصالات لا تزال خجولة بين الكتل النيابية، ولم تتبلور الى اليوم. اما التغيير في مسار الجلسات، فليس بهذه السهولة الى حين الاتفاق على شخص. ثم ان التواريخ التي توضع لانتخاب الرئيس إن كان في شباط أو آذار ليست دقيقة ولا تستند الى وقائع فعلية أو مؤشرات، كما أن التواريخ في بلد مثل لبنان تتغير فيه المعطيات بين لحظة وأخرى لا يمكن تحديدها قبل فترة من الزمن. على أي حال، فإن عطل الأعياد، أشرفت على الانتهاء، و”المياه تكذب الغطاس” في الجلسة الانتخابية المقبلة ان كانت المواقف ستبقى على ما هي عليه وان كانت الحركة التواصلية على الاعلام فقط، ولالهاء الناس عن همومهم أو أنها جدية نحو الانقاذ. الأوضاع سيئة جداً، فليذهب النواب الى جلسة مفتوحة، ليلاً نهاراً، لانتخاب رئيس للجمهورية.

السجال الوزاري والتوتر الكهربائي تابع

وفي وقت لا يزال السجال على حاله بين السراي الحكومي وميرنا الشالوحي لا بل يبدو ‏ذاهباً الى مزيد من التعقيد على خلفية دستورية الجلسات الوزارية والمراسيم الصادرة عنها اضافة الى ملف الكهرباء، تقدم بالأمس الوزيران هيكتور حجار وعصام شرف الدين بطعن ‏بمرسومَين يتعلّقان بملفّ الكوستابرافا أمام مجلس شورى الدولة‎.‎

وفي هذا السياق، قالت النائبة ندى البستاني عبر حسابها على “تويتر”، “بالوثيقة: الرئيس ميقاتي بيعطي موافقة استثنائية لفتح اعتماد بواخر الفيول. بغض النظر عن دستورية الموافقة الاستثنائية، كيف بـ٢٣ كانون الأول ما كان في لزوم لمجلس وزراء وما كان في مشكلة بفتح الاعتمادات واليوم فجأة صار في لزوم وصار في مشكلة؟”.

ولاحقاً، أشار المكتب الاعلامي لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في بيان، الى أن “التيار الوطني الحر يصرّ، بشخص نائبته ندى البستاني، على إجتزاء الحقائق في محاولة للتنصل من تدخّلها المباشر في عمل السلطة التنفيذية، عبر نشر موافقة استثنائية صادرة عن رئيس الحكومة لفتح اعتماد مستندي لتأمين الفيول لصالح مؤسسة كهرباء لبنان. لكن كالعادة، تغافلت (سعادة النائبة) عن مسألتين أساسيتين وردتا بوضوح في متن قرار الموافقة: الأولى: الاشارة الواضحة الى وجوب صدور مرسوم بالسلفة المشار اليها (صفحة ٣ من القرار) وليس كما حاولت عبثاً إغفال هذه الواقعة عن الرأي العام وأن تبدلاً ما قد حصل. والثانية: وجوب التقيد المطلق بتنفيذ بنود الخطة الموضوعة من مؤسسة كهرباء لبنان، أي الايضاح رسمياً من قبل المؤسسة كيفية اعادة هذه السلفة الى الخزينة، حتى لا تلحق بكل السلف السابقة”.

وفي الشق الدستوري، نصح البيان “مَنْ يوجّه السيدة البستاني بوجوب لفت نظرها الى التوقف عن التدخل في عمل السلطة التنفيذية والمشاركة في نقاشات تخص السلطة التنفيذية نيابة عن الوزير المختص، الحاضر الغائب، متناسية دورها النيابي، الا اذا كان التيار الوطني الحر يعتبر أننا أصبحنا في زمن الحزب الواحد الذي يتولى السلطتين التشريعية والتنفيذية معاً. أما في ما يتعلق بالاشكالية المالية والقانونية المتعلقة ببواخر الفيول، فنحيل الرأي العام على ما ورد على لسان رئيس هيئة الشراء العام جان العلية”.

وفي وقت أعلنت مؤسسة “كهرباء لبنان” أن خزين معمل الزهراني من الغاز أويل قد نفد بالكامل، ما وضع مساء‌ ‌أمس، هذا المعمل الحراري الوحيد العامل حالياً، قسراً خارج الخدمة،‌ أشار رئيس هيئة الشراء العام جان العلية الى أنه مستمر في مطالبته بإخضاع كل الصفقات العمومية للتدقيق الجنائي، فالتدقيق في مصرف لبنان غير كافٍ. صفقات وزارة الطاقة كانت تتم خارج الأسس والمبادئ القانونية على مدى 10 سنوات ووزراء الطاقة يخالفون القوانين ويرمون التهم لتغطية مخالفاتهم.

وردت البستاني عبر حسابها على “تويتر”، قائلة: “بعد مرّة سبقناك بطلب تدقيق جنائي بوزارة الطاقة ومنشد على ايدك بهيدا الموضوع. اكتر من هيك لازم تشرح للرأي العام انو حسابات وزارة الطاقة موجودة بمصرف لبنان وبوزارة المالية وتطالب معنا بالتدقيق الجنائي هونيك كمان. هيدي نصيحة لمصداقيتك اذا بعدها موجودة”.

اما عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب زياد الحواط، فغرّد كاتباً: “ما ‏أعلنه جان العلية قرار إتهامي واضح يطال المسؤولين عن قطاع الكهرباء، ‏ويستند إلى أدلة ووقائع ومعطيات. المطلوب تحرك فوري للقضاء ووضع يده على ملف ‏الكهرباء لكشف الحقيقة ومعرفة المستفيدين من الهدر والمحاسبة‎”‎‏.‏

شيا إلى الأمم المتّحدة

أعلن البيت الأبيض عن تعيين السّفيرة الأميركيّة في لبنان دوروثي شيا ممثّلة للولايات المتّحدة الأميركية في الأمم المتّحدة. ولم يُعيّن حتّى السّاعة أي خلف لشيا في لبنان، على أن تبقى في بيروت لـ 3 أشهر كحدّ أقصى.

شارك المقال