الدولار يخرق الخمسين… والبورصة الرئاسية مفلسة

لبنان الكبير

ليل لبنان طويل وليس هناك من بارقة في بزوغ الفجر قريباً لأن الخارج غير مكترث بنا، وكيدياتنا السياسية تكاد تودي بالبلد الى الهلاك والاندثار وصولاً الى القضاء على الوطن، هكذا اختصر أحد السياسيين المشهد العام بحيث أن ناقوس المرحلة الخطيرة والدقيقة يدق، وطبول الفوضى وربما الاغتيالات تقرع، و”من له أذنان للسمع… فليسمع”.

البوادر لا تطمئن، والمؤشرات سلبية أكثر من أي وقت مضى، وليس مستبعداً أن يكون تحرك أهالي شهداء المرفأ بالتزامن مع انعقاد الجلسة الحادية عشرة لانتخاب الرئيس، بداية لتحرك عام كبير على خلفية الأحوال المعيشية والاقتصادية، وما الأصوات التي علت من داخل البرلمان بضرورة ايجاد صيغة لانتخاب الرئيس وايقاف مسلسل التعطيل، وسابقة اعتصام بعض النواب، والنوم في قاعة المجلس الى حين إبقاء الجلسة مفتوحة لدورات متتالية لانتخاب رئيس، سوى استدراك للمرحلة الخطيرة المقبلة.

إذاً، جلسة انتخاب الرئيس لم تؤد الى أي نتيجة، وتكرر سيناريو الجلسات السابقة، الا أنها جاءت بمفاعيل ثلاثية الأبعاد بحيث نفّذ أهالي ضحايا انفجار المرفأ الذين حضّروا عريضة للمحاسبة في جريمة 4 آب، وقفة احتجاجية عند الطريق المؤدية الى المجلس النيابي أمام مبنى بلدية بيروت، رافعين صور الشهداء واللافتات المطالبة بمنع عرقلة التحقيق والسير بالحل، بمشاركة عدد من النواب. وهدفت الوقفة الى الضغط من أجل إكمال التحقيق، ودعم اقتراح القانونين اللذين تقدم بهما النواب جورج عقيص وملحم خلف وبولا يعقوبيان، بمنع توقف التحقيق عند ورود أي طلب رد حتى لو لم يتم قبوله.

واعتبر أحد المطلعين أنه ليس مستبعداَ أن يكون هذا التحرك بداية لتحرك عام كبير في البلاد شبيه بانتفاضة 17 تشرين، لكن بوجه آخر أي يأخذ طابع العنف والتعدي على الممتلكات العامة والخاصة، والخشية من أن نكون قد بدأنا بمرحلة يمكن أن تؤدي الى اغتيالات.

والبعد الثاني للجلسة، تجسد بالموقف المتقدم الذي سجله النائب هادي أبو الحسن اذ دعا الى التشاور وكسر الجمود “وإلا قد نضطرّ كنواب (اللقاء الديموقراطي) لتعليق مشاركتنا في الجلسة المقبلة إذا استمر هذا الوضع على ما هو عليه”. وأكد أحد نواب اللقاء في تصريح لموقع “لبنان الكبير” أن الهدف من هذا الموقف، هو التحفيز وايصال رسالة الى كل المعنيين خصوصاً الذين يصوّتون بالورقة البيضاء بأن الأوان آن للشروع بتسوية داخلية تأخذ في الاعتبار الانقسام الحاصل وحالات البؤس والعوز والفقر الذي يتفاقم. مبدأ المقاطعة وتعطيل النصاب ليس من ثقافتنا، لكن على مدى 11 جلسة، يستمر كل فريق في متراسه، لذلك أتت الصرخة من “اللقاء الديموقراطي”. كان التعبير في الجلسة بتعليق المشاركة، ربما يكون هناك تصعيد آخر أو طريقة أخرى أو خيار آخر للتعبير عن رفض مسلسل التعطيل. والمعطيات الحالية تشير الى أننا لا زلنا في مأزق كبير.

اما البعد الثالث، فيتجلى باعتصام بعض النواب تحت قبة البرلمان الى موعد الجلسة المقبلة، ومن المتوقع أن يرتفع عددهم. وفيما اعتبر البعض أن هذه المبادرة لن تقدم ولن تؤخر في انتخاب الرئيس، تمنى أحد المحللين السياسيين أن تنتقل كالعدوى بين النواب. انه قرار سليم في ظل غياب الحوار الوطني وما يسمى التسوية غير المتوقعة. ويمكن أن تشكل هذه المبادرة، المخرج في الاستحقاق الرئاسي في ظل انعدام أي مؤشر جدي راهناً للانتخاب. كل ما يجري يدفعنا الى الاستنتاج أن هناك مؤامرة كبيرة في البلد، ومن عطل تشكيل الحكومة يعطل انتخاب رئيس الجمهورية، وبالتالي، يدفع بالبلد الى المجهول. المهم اليوم هل يبقى الكيان أو لا يبقى؟ الوضع خطير للغاية وكأن المطلوب القضاء على الوطن.

وفي السياق، عمّمت مجموعات في الثورة، دعوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي للنزول إلى الشارع للاعتصام والتضامن مع النواب المعتصمين داخل المجلس النيابي تحت عنوان “لوقف مسرحية الخميس البرّية ومن أجل انتخاب رئيس للجمهورية وإحياء مؤسسات الدولة”.

وبالعودة الى مجريات الجلسة فقد توزعت نتائج الاقتراع فيها على الشكل التالي: 34 صوتاً للنائب ميشال معوّض، 37 ورقة بيضاء، ‏‏2 لزياد بارود، صوت واحد لصلاح حنين، 7 لعصام خليفة، 14 لـ”لبنان الجديد” ‏و15 ورقة ملغاة، وبرزت ورقة تحمل عبارة “العدالة لضحايا 4 آب” فاعتبرها الرئيس ‏نبيه برّي ملغاة، كما برز إسم بيرني ساندرز وهو مرشّح سابق عن الحزب الديموقراطي ‏للإنتخابات الرئاسية الأميركية. كما اقترع أحد النواب لميلاد بوملهب، ‏فصرخ الأخير “الله أكبر” فأوعز بري بمنعه من الدخول إلى البرلمان. واثر اعلان النتيجة ، ‏فقد النصاب، ورفع الرئيس برّي الجلسة، من دون تحديد موعد للجلسة الثانية عشرة‎.‎

‎وأشارت المعلومات الى أن أصوات نوّاب “لبنان القوي” توزّعت بين ‏الأوراق البيض، وعبارة “الأولويّات الرئاسيّة” ‏الى جانب اسم الوزير السابق زياد بارود الذي اقترع له نائب رئيس مجلس النواب الياس بو ‏صعب‎.

وفي بداية الجلسة، دخل “نواب التغيير” حاملين لافتات عليها صور ضحايا وشهداء انفجار ‏المرفأ، فقال لهم النائب قاسم هاشم: “ما تفعلونه هو استغلال لدم الشهداء”. فاندلع سجال بين ‏هاشم ونائب حزب “الكتائب” الياس حنكش.‏

أما معيشياً، فقد تحقق ما كان متوقعاً، وبلغ سعر صرف الدولار مقابل ‏الليرة خمسين ألفاً وما فوق، بحيث قفزت أسعار المحروقات والسلع الاستهلاكية بصورة كبيرة، حتى أن الدولار لن يرحم الفقراء في رغيف خبزهم، اذ أعلن رئيس نقابة الأفران والمخابز العربية في ‏بيروت وجبل لبنان ناصر سرور أن “الافران تتجه الى التوقف عن العمل في صالات العرض ‏والتوزيع على المحال والسوبرماركت في حال لم يصدر وزير الاقتصاد في حكومة ‏تصريف الأعمال أمين سلام تسعيرة تتلاءم مع الارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار”.‏

شارك المقال