اجتهاد “يعوّم” البيطار فجأة… والرئاسة تغرق في المجهول

لبنان الكبير

البلد في أفق مظلم في هذه الفترة أكثر من أي وقت، والأمور مفتوحة على كل الاحتمالات، وكل الخوف من استمرار الانسداد السياسي الذي سينعكس سلباً على القطاعات كافة حتى أن هاجس الفوضى أو التحرك الشعبي أو التفلت الأمني أو الاغتيالات، كلها باتت خيارات شبه حتمية اذا لم تستدرك السلطة خطورة الواقع، وتتخذ خطوات سريعة وجريئة قبل فوات الأوان أو القول “على الدنيا السلام”. هذا لسان حال كل العارفين والمراقبين والمحللين الذين يؤكدون أن الانفجار آت في ظل التعطيل السياسي، والتعتير الاجتماعي، والجوع المعيشي، والغلاء المستشري وتفلت الدولار.

وعلى الرغم من تسجيل حركة سياسية وقضائية بالامس الا أن رتابة المشهد السياسي لا تزال على حالها، ولم يلاحظ أي خرق في الاستحقاق الرئاسي لا بل ان الأمور تزداد تعقيداً وسط اعتبار البعض أن عدم دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري، النواب الى جلسة لانتخاب الرئيس يوم الخميس كما جرت العادة، هي رد مباشر على المعتصمين داخل المجلس.

وفيما تنتظر مفاعيل الزيارة التي قام بها وفد “حزب الله” الذي ضم المعاونَ السياسي للأمين العام للحزب الحاج حسين الخليل ومنسّق وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب الحاج وفيق صفا، الى “ميرنا الشالوحي” للقاء رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، وقول الخليل: “اننا عرضنا لانتخاب الرئيس ومسار العمل الحكومي والاجتهادات المتعددة على المستويات كافة”… شكلت عودة قاضي التحقيق في ملف تفجير المرفأ طارق البيطار، مفاجأة لدى الجميع، وأحدثت نوعاً من البلبلة اذ قرر العودة إلى الملف ‏والنظر به، بناءً لاجتهاد قانوني ودراسة قانونية معللة ومبررة بمواد قانونية‎.‎‏ وتبعاً ‏لذلك، قرر إخلاء سبيل بعض الموقوفين، كما أفيد بأنه سيدّعي على ‏ثمانية أشخاص بينهم المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم والمدير العام لأمن الدولة اللواء أنطوان صليبا‎.‎‏ في حين أشارت ‏المعلومات الأولية الى أن النيابة العامة التمييزيّة ستتعاطى مع القرار الصادر عن القاضي ‏البيطار “وكأنّه منعدم الوجود” ما يعني أنّها لن تنفّذ قرار إخلاء السبيل ولا قرار الادّعاء. ‏وعلى الأثر، أحال وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال هنري خوري نسخة من مقتطفات قرار المحقق العدلي‎ ‎‏الى ‏مجلس القضاء الأعلى. ‏

وفي هذا الاطار، لفت مصدر قانوني في تصريح لموقع “لبنان الكبير” الى أنه لا يمكن الاجابة بتسرع حول ما حصل بالأمس خصوصاً أن ما جرى غير منتظر، وبالتالي، يجب دراسة الموضوع بعمق وتمعن لأن ذلك يغير تغييراً جذرياً في فلسفة المحاكمات وأصولها. والاجتهاد قلب المقاييس 360 درجة. هو نوع من ثورة قانونية. بهذه الطريقة يتحول المحقق العدلي الى سلطان كامل ولا أحد يمكن أن يقف في وجهه، بحيث أصبحت لديه سلطات مطلقة في كل شيء. انه تغيير في معايير كثيرة في المحاكمات وفي تركيبة المجلس العدلي وفي موقع المحقق العدلي.

في الموازاة، أعلن رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي أن “مجلس الوزراء سينعقد حكماً لبت القضايا الطارئة، ولكن ليس هناك من ‏دعوة سريعة لعقد الجلسة في انتظار استكمال الملفات الطارئة التي ستوضع على جدول ‏الأعمال. ومن الملفات الطارئة التي ينبغي البت بها ‏في مجلس الوزراء اضراب المدارس الرسمية الذي دخل أسبوعه الثالث، وملف التزامات ‏لبنان تجاه الأمم المتحدة، وابرام عقد هبة مع البنك الدولي بقيمة 25 مليون دولار وعقود ‏النفايات وموضوع القمح، وغيرها‎.‎‏ وحديث البعض عن عدم ‏ميثاقية الجلسات مغلوط، بحيث شارك في الجلسة سبعة وزراء مسيحيون من أصل إثني ‏عشر وزيراً مسيحياً. اما القول إننا نريد مصادرة صلاحيات رئيس الجمهورية فهو غير ‏صحيح، فما نقوم به ينص عليه الدستور، في انتظار انتخاب رئيس جديد. الحل لموضوع ‏الرئاسة يبدأ باتفاق المسيحيين في ما بينهم وبالتالي هذا الموضوع منوط بمجلس النواب ‏وليس بالحكومة التي وجدت نفسها أمام واقع دستوري وقانوني ووطني يحتم عليها القيام ‏بعملية تصريف الأعمال”.

وفي هذا السياق، أشارت مصادر معنية لموقع “لبنان الكبير” الى أن محاولة التصويب أن المشكلة مسيحية في عدم اتفاق الموارنة على اسم لرئاسة الجمهورية غير دقيقة وغير منطقية لأن من يعطل النصاب معروف. انه مسار تعطيلي تحالفي، ويبدو أن هناك أدواراً تناغمية لمحاولة شد العصب على المستوى المذهبي والطائفي. من هنا، أهمية ألا يبقى الشعب ضحية هذه المأساة الهزلية وألا يكون ضحية تمويه الاشكال الحقيقي الذي ليس هو مسيحي – اسلامي، لكن وطني بامتياز يتعلق بخطورة تغيير هوية لبنان.

فيما أكدت مصادر مقربة من بكركي أن البطريركية المارونية لا تتدخل في الشؤون السياسية انما هي مؤتمنة على الثوابت والمرتكزات الوطنية السيادية الكبرى، وعلى الميثاق والعيش المشترك وعلى توازن المؤسسات وعلى عدم اختراع بدع سياسية تكرّس كأنها أعراف دستورية.

وفي وقت يواصل الدولار التحليق، بالتزامن مع ارتفاع أسعار المحروقات، عقدت في ساحة النجمة جلسة المال والموازنة برئاسة ‏النائب ابراهيم كنعان، لدرس اقتراح قانون ‏اطار لاعادة التوازن الى الانتظام المالي في لبنان. وأكد النواب أنهم ليسوا مع عملية شطب الودائع التي نجمت عن النقاشات ‏والتفسيرات التي أُعطيت للخطة‎.

شارك المقال