الجنون يلحق القضاء… الدولار يغني على ليلاه… باسيل يصنّف المسيحيين

لبنان الكبير

يمكن اختصار ما يجري في لبنان بحفلة الجنون: حفلة جنون في السياسة على مستوى الاستحقاق الرئاسي وما يجري من مسرحيات على مسرح المجلس النيابي وبينهما الخلاف على جنس ملائكة الحكومة، وفي القضاء وما يرافقه من تناقضات واختلافات غير مسبوقة داخل الجسم القضائي على خلفية التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، وفي المعيشة وتحليق سعر صرف الدولار، وما واكبه من ارتفاع في أسعار السلع الاستهلاكية والمحروقات، واللبنانيون ينفذون الأحكام المبرمة الصادرة بحقهم من قبل مجانين بمجانين.

وبما أن الملف الرئاسي لا يزال في قمقم التعطيل من دون أي بصيص أمل حالي للخروج منه، لا بد من البدء بحفلة الجنون على خط ميرنا الشالوحي حيث يتابع رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل حملته على الحكومة ورئيسها نجيب ميقاتي. وأشار “التيار” في بيان الى “أننا لن نجادل اكثر دولة الرئيس ميقاتي، كونه المعروف بصدقه ومصداقيته، وخصوصاً أنّه دأب مؤخراً على اعتماد وسيلة جديدة اثباتاً لهذا الصدق وذلك عبر تحريف لا بل تزوير ما يجري معه من أحاديث في لقاءات خاصة، شأنه في ذلك ما يقوم به مؤخراً في اصدار المراسيم المتلاعب بها”، نافياً نفياً قاطعاً “ما نسبه زوراً إلى باسيل في مسألة الوزراء المسيحيين وإشارة الصليب إذ أن الاخير لا يمكن أن يقول مرةً عبارة كهذه بأن ليس كل من يرسم إشارة صليب هو مسيحي. وصلت الأمور الى استثارة الغرائز الطائفية طلباً لشعبوية وتحصيناً لشخص في الأداء المخالف للدستور والميثاق”.

واستغرب المكتب الاعلامي لميقاتي “نفي باسيل أن يكون قال عبارة: ليس كل من يرسم إشارة صليب هو مسيحي، خلال اللقاء الذي جمعهما بعد أول جلسة لمجلس الوزراء”.

وفي هذا السياق، اعتبر مصدر مقرب من رئيس الحكومة في تصريح لموقع “لبنان الكبير” أن الأمور واضحة كسطوع الشمس. عندما يكون هناك 7 وزراء مسيحيون يمثلون الموارنة والأرمن والكاثوليك والأرثوذكس والأقليات، يجتمعون في الحكومة الى جانب وزراء مسلمين ودروز، ثم يقول النائب جبران باسيل أن اجتماع الحكومة غير ميثاقي لأنه لا يحترم الشراكة الاسلامية – المسيحية، فهذا يدل على أنه لا يعترف بالمسيحيين الا اذا كانوا من “التيار الوطني الحر”. باسيل لديه تمييز عنصري بين المسيحيين أنفسهم، وكلامه أن ليس كل من يرسم إشارة صليب هو مسيحي، يقارنه بالفعل والممارسة. اليوم لا يوجد أي تبادل لاتهامات أو اعادة تراشق في البيانات بل بالعكس هناك واقع يتم الحديث به وهو أن باسيل يريد تصنيف المسيحيين على هواه، مسيحي درجة أولى ومسيحي درجة ثانية، ويريد في الوقت نفسه استهداف الحكومة، وتسعير الحرب عليها وعلى رئيسها، والتآمر على الطائفة السنية. ولو كان الكلام في اللقاءات الخاصة والأحاديث محرّف ومزوّر، فليقرن القول بالفعل وليثبت عكس ذلك أي الاعتراف بأن المشاركة المسيحية تعطي الشرعية والدستورية والميثاقية للحكومة.

أما على صعيد الجنون القضائي، فأكد مصدر دستوري لموقع “لبنان الكبير” أنها المرة الأولى في لبنان، تطرح مسائل قانونية فيها الكثير من وجهات النظر على المستوى القضائي. يتبين بوضوح اليوم أن هناك اختلافاً جذرياً بين النيابة العامة التمييزية والمحقق العدلي طارق البيطار حول الاجتهاد القانوني الذي أصدره الأخير. وهنا ستنشأ أكثر من اشكالية، وتنفيذ القرار سيكون موضع اختلاف قضائي. الاجتهاد ستكون له تداعيات على أكثر من صعيد، وسينتج عنه الكثير من الاشكاليات في الاجراءات حتى القضائية.

إذاً، عودة القاضي البيطار ‏الى ملف التحقيق في انفجار مرفأ بيروت خرقت رتابة المشهد السياسي بحيث عيّن جلسات استجواب لكل من النائب غازي زعيتر والنائب السابق نهاد المشنوق في 6 شباط المقبل، ورئيس الحكومة السابق حسان دياب في 8 شباط. وقرر ابلاغهم لصقاً بمواعيد الجلسات.

وفيما أفادت معلومات صحافية أن “النيابة العامة التمييزية ستعمم على الأجهزة عدم تنفيذ التبليغات وقرارات اخلاءات السبيل الصادرة عن المحقق العدلي التي تعتبرها باطلة”، نفت مصارد النيابة العامة التمييزية، الادعاء على عدد من القضاة.

وأرسل النائب العام لدى محكمة التمييز القاضي غسان عويدات، كتاباً الى البيطار، جاء فيه: “إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلا بِسُلْطَانٍ… بالكيل الذي به تكيلون يكال لكم ويزاد لكم أيها السامعون. بموجبه نؤكد لكم أن يدكم مكفوفة بحكم القانون ولم يصدر لغايته أي قرار بقبول أو برفض ردكم أو نقل أو عدم نقل الدعوى من أمامكم”.

وفي ظل هذا الشرخ القضائي، عقد اجتماع في مكتب وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال ‏هنري خوري في حضور رئيس مجلس القضاء الأعلى وعدد من القضاة للتباحث في ‏قانونية قرارات البيطار.‏ في حين علّق المتحدّث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس، على ‏استئناف المحقّق العدلي في انفجار مرفأ بيروت عمله، وتوجيه اتّهامات إلى كبار ‏المسؤولين، بالقول: “ندعم ونحثّ السّلطات اللّبنانيّة على استكمال تحقيق سريع وشفّاف في ‏الانفجار المروّع في مرفأ بيروت. ضحايا هذا الانفجار في آب 2020، يستحقّون ‏العدالة ويجب محاسبة المسؤولين”.‏

أما حفلة الجنون السياسية فتوجت في ساحة النجمة حيث تحوّلت الجلسة التي كانت مقرّرة لمناقشة قانون استقلالية ‏القضاء في لجنة الادارة والعدل، إلى ما يشبه حلبة الصراع بين فريق ‏يمثله “حزب الله” وحركة “أمل” يتّهم النواب الآخرين بتسييس القضاء. وأشارت معلومات صحافية الى أنّ بعض التعليقات اتسمت ‏بحدية بالغة وألفاظ عالية النبرة من فريق “حزب الله” و”أمل”.

من جهة أخرى، التقى رئيس الحزب “التقدمي ‏الاشتراكي” وليد جنبلاط، مساء أول من امس في منزل كريمته داليا، رئيس “التيار الوطني الحر” ‏النائب جبران باسيل، وتم عرض لمختلف تطورات الساعة والاستحقاقات بمجملها. ويأتي ‏اللقاء بعد اجتماع عقده مع وفد “حزب الله” أيضاً في اطار سياسة الانفتاح والتواصل ‏التي يعتمدها جنبلاط مع القوى السياسية كافة، اذ أشار النائب وائل أبو فاعور بعد زيارته رئيس مجلس النواب نبيه بري الى أن رئيس “الاشتراكي” سيحاول بكل الوسائل الوصول الى تفاهمات ‏حول مسألة الرئاسة.

وأوضح أحد المراقبين لـ “لبنان الكبير” أن هناك بوادر طبخة رئاسية سرية تحضر، لكن من المبكر الكشف عنها لأنها لم تنضج. “حزب الله” يسعى الى تصحيح العلاقة مع “التيار” فيما الرئيس بري يتكفل بجنبلاط. وبالتالي، تتم صفقة الاستحقاق الرئاسي من خلال تأمين 65 صوتاً، ولا يمكن استبعاد أي خيار في هذا الاطار، لكن في الوقت نفسه، ليس من السهل لأي طرف تأمين نصاب الثلثين.

على صعيد آخر، فرضت الخزانة الأميركية امس، عقوبات على الخبير الاقتصادي حسن مقلّد بسبب تحويله أموال “حزب الله”، وتمَّ إدراجه مع ولديه ريان وراني على لائحة العقوبات الأميركية. كما فرضت الولايات المتحدة عقوبات على 3 أشخاص و3 كيانات يُزعم ارتباطها بـ “حزب الله”. وحظرت الخزانة الأميركية شركة صرافة لبنانية بسبب صلات مع الحزب.

شارك المقال