“6 شباط” باريسي… خارطة طريق للإنقاذ؟

لبنان الكبير

بعد “قطوع” عواصف الجنون القضائي التي ضربت لبنان الأسبوع الماضي وكادت أن تقتلع البلد بمؤسساته المتخلخلة والمهترئة والمتزعزعة، ينتظر اللبنانيون بفرح عظيم العاصفة الطبيعية التي ستأتيهم بالخير وبالثلج الأبيض الذي يغطي تحت بساطه شيئاً من إحباطهم وأوجاعهم، وبعضاً من أحقاد السلطة الغائبة عن السمع والوجود واستهتارها وأوساخها.

انطلق الأسبوع بجمود، بركود، بفتور، بخمول، تجلى في الاحتمال الكبير لإرجاء جلستين: الأولى، لمجلس النواب وانتخاب رئيس للجمهورية، والثانية لمجلس الوزراء، وتسيير الأمور الطارئة، لكن الأسعار وحدها تشهد لهيباً، وحريقاً وحركة تصاعدية غير مسبوقة ما انعكس على القطاعات كافة، اذ تداعت النقابات والاتحادات العمالية الى إضراب عام في 8 شباط المقبل لاعلاء الصوت في وجه السلطة: “كفاكم الرقص فوق جثث الفقراء. كفاكم ظلماً وبطشاً واستبداداً، كفاكم أنانية وحقداً وكراهية للبلد وشعبه لأنه اذا كان للباطل جولة، فللحق ألف جولة وجولة، وحق المساكين لن يذهب هدراً”.

البداية، من جلسة انتخاب الرئيس الثانية عشرة أو جلسة الخميس، إذ أكد مصدر مقرب من عين التينة لموقع “لبنان الكبير” أن رئيس مجلس النواب نبيه بري لا يتجه الى الدعوة لعقد جلسة انتخابية هذا الأسبوع، لكن لا قرار نهائياً حتى الساعة، ولم يبلغ النواب بأي موعد حتى هذه اللحظة. الرئيس بري لا يريد أن تستمر الجلسات بلا نتيجة والتي توصف بالمسرحية والمهزلة، وأوضح أكثر من مرة أنه ينتظر خرقاً ما أو أي جديد يمكن أن يبدل في المشهد الانتخابي، وقراره بالدعوة الى جلسة من عدمه لا يتعلق أبداً بالاعتصام داخل البرلمان، ولا يرد الكيل بمكيالين كما يقولون في بعض الصحف. هو لا يتوقف عند هذا الأمر، لكنه ينتظر لحظة ما. اليوم، هناك حركة سياسية، ويحضّر لشيء على الصعيد الرئاسي، لكن الأمور تحتاج الى مزيد من التشاور للانضاج. وفي هذا الاطار، برزت مواقف رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط الذي طرح 3 أسماء، لكن “الثنائي الشيعي” لن يسير بها انما يتمسك برئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية بحيث يتم العمل حالياً لتأمين 60 صوتاً له كما أنه قادر على تأمين الميثاقية. والسؤال هنا: في حال تأمّن 60 صوتاً لفرنجية، وطلب “الثنائي” أو الرئيس بري تحديداً أصوات نواب “اللقاء الديموقراطي” لانتخاب الرئيس وملء الشغور، ماذا سيكون موقف جنبلاط؟ هل يعطل؟ هناك استبعاد لذلك خصوصاً أنه كما يقول عنه الرئيس بري دائماً لا يضيّع البوصلة في الأمور المفصلية والوطنية، واذا كان يشكل “بيضة القبان” في انتخاب الرئيس فلن يقف حجر عثرة في وقت الجميع يعلم جيداً أن البلد ذاهب الى الدمار الكلي اذا استمرت الأوضاع على حالها. وعُلم أن جنبلاط سيزور بري قريباً.

أما ما يتعلق بالجلسة الحكومية الثالثة، فهي بدورها كتب لها الارجاء على الرغم من أن القطاع التربوي الرسمي يهدد بنسف السنة الدراسية بعد أسابيع من الاضراب، بحيث استبعدت مصادر مقربة من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في تصريح لموقع “لبنان الكبير”، الدعوة الى عقد جلسة للحكومة هذا الأسبوع لأن الرئيس ميقاتي يسعى دوماً الى عدم التصعيد وتبريد الأرضية، ويدرس الأمور بصورة هادئة، وهو حريص على عدم صب الزيت على النار من خلال اجتماع الحكومة. وبالتالي، هو ينسق مع الجميع قبل الدعوة الى جلسة، وهناك المزيد من التشاور لأن البلد عرضة للكثير من الخضات. رئيس الحكومة يرغب في تسيير شؤون الناس بالسرعة الممكنة، لكنه يأخذ في الاعتبار أيضاً آراء الجميع لأنه يريد الحصول على نتائج ايجابية، وأكل العنب وليس قتل الناطور. وربما يكون على جدول أعمال الجلسة المقبلة أكثر من بند اضافة الى الملف التربوي الذي سيكون البند الأساس. وفي الجلستين السابقتين شارك “الثنائي الشيعي” على اعتبار أن الأمور المطروحة ملحة وطارئة، وهذه المشاركة ستنسحب على الجلسة المقبلة.

وبما أن الأفق مظلم، ولا بوادر قريبة للانفراج خصوصاً بعد فشل التواصل بين مختلف القوى السياسية في التوافق على اسم لرئاسة الجمهورية، تتجه الأنظار الى اللقاء الخماسي المقرر عقده في باريس في ٦ شباط المقبل لبحث الوضع في لبنان والاستحقاق الرئاسي في حضور ممثلين عن فرنسا، والولايات المتحدة، والسعودية، ومصر وقطر، ومن المرجح أن يكون على مستوى مديري الخارجية ومسؤولي الملف اللبناني في هذه الدول.

وفي هذا السياق، لفت مصدر مطلع لموقع “لبنان الكبير” الى أن المستجدات في المنطقة خصوصاً الأمنية منها وغيرها من الحسابات والتسويات الاقليمية، دفعت الدول الخمس الى رفع مستوى التداول في الملف اللبناني ووضع ما يشبه خارطة طريق ليس للاستحقاق الرئاسي ومن ثم الحكومي وحسب، انما للحكم ككل في الدولة بشكل يمكن أن يرضي كل الأطراف، ويأخذ في الاعتبار التركيبة اللبنانية أي خارطة قابلة للتطبيق ولانقاذ البلد. ولم يستبعد المصدر أن تنتج عن اللقاء الخماسي وثيقة مماثلة لتلك التي صدرت عن الدول الخليجية وعدد من الدول المتعاونة في ضوء المهمة التي قام بها وزير الخارجية الكويتي في وقت سابق. كما هناك معلومات عن أن بعض الأطراف اللبنانية نقلت الى المسؤولين في الدول المشاركة في الاجتماع، أسماء المرشحين المعتبرين توافقيين أي قائد الجيش العماد جوزيف عون، الوزير السابق جهاد أزعور والنائب السابق صلاح حنين.

واعتبر أحد وزراء الخارجية السابقين في تصريح لـ “لبنان الكبير” أن من الصعب للغاية فصل المشكلة اللبنانية عن الصراع الأساس في المنطقة بين الأميركي – الاسرائيلي – السعودي من جهة، والايراني من جهة أخرى، لذلك لا أتوقع الكثير من الاجتماع الخماسي في شباط لأن هناك فريقاً أساسياً في هذا الصراع غير موجود أي الجانب الايراني. ربما يكون الحوار الأميركي – الايراني هو الكفيل بحلحلة بعض الأمور ان لم يكن لايجاد نوع من التفاهم الكامل حول لبنان.

فيما شدد أحد النواب على ضرورة أن يقوم النواب بواجباتهم الدستورية، ولا ينتظروا لقاءات واجتماعات خارجية لأنه لا يجوز ربط مصير البلد بأمور يمكن أن تتغير وفق المستجدات الكثيرة في المنطقة.

وعلى صعيد آخر، وفي وقت اتخذت سلسلة اجراءات مالية، وصدر عن مصرف لبنان تعميم ‏جديد قضى بإلغاء المادة الرابعة من القرار الأساس رقم 13384 بشأن السحوبات النقدية، ‏على أن يعمل بالقرار فور صدوره لمدة 28 شباط 2023 قابلة للتجديد، وجّه المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات كتاباً الى ‏النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم، طلب فيه تسطير استنابات قضائية فورية إلى ‏أفراد الضابطة العدلية كافةً بغية إجراء التعقّبات والتحقيقات الأولية كافةً والعمل على توقيف ‏الصرّافين والمضاربين على العملة الوطنية والتسبّب بإنهيارها، واقتيادهم مخفورين إلى ‏دائرة النيابة العامة المالية لإجراء المقتضى القانوني وإفادته بالنتيجة بالسرعة الممكنة‎.‎

من جهة ثانية، وفي انتظار أي اجتماع لمجلس القضاء الأعلى لبحث التطورات ‏على خط انفجار تحقيقات المرفأ، أفيد أن النائب ‏علي حسن خليل تقدم بشكوى جزائية ضد المحقق العدلي في جريمة تفجير المرفأ ‏القاضي طارق البيطار أمام القاضي عويدات وأخرى أمام التفتيش ‏القضائي في شأن ما اعتبره أخطاء مسلكية ارتكبها البيطار‎.‎

شارك المقال