“فرح” الطبيعة تخفف كآبة السياسة… و”رادار” جنبلاط نحو قائد الجيش

لبنان الكبير

كل المؤشرات، وفي مختلف القطاعات والمؤسسات، تدل على أن الأعظم آتٍ اذا لم تحصل أي عجيبة انقاذية، وحدها العاصفة “فرح” الآتية من فوق بلسمت الجروح، ونظفت بأمطارها الغزيرة ارتكابات لا بل جرائم السلطة بحق البلد وأهله، وكست ثلوجها المرتفعات التي تحولت الى ملجأ للأمل في الخلاص من مستنقع الألم، وانعكس بياضها ارتياحاً في النفوس المتعطشة الى فسحة فرح وسلام في أجواء اليأس والاحباط، ولتبرد بصقيعها وجليدها القلوب الملتهبة من معيشة محاصرة بنار جهنم من كل الجهات.

وكأن برودة الطقس، كربجت المؤسسات، وفرملت التحركات والمساعي الهادفة الى خرق التعطيل اذ لم تشهد الساحة السياسية سوى بعض اللقاءات والمشاورات التي تبقى نتيجتها الى اليوم صفراً على مقياس الكتل النيابية وفق أحد النواب الذي أكد لموقع “لبنان الكبير” أن هناك بعض الساعين الذين يحاولون التقدم ولو خطوة واحدة في الملف الرئاسي، لكن “محلك يا واقف” اذ باتت هناك قناعة لدى كثيرين بأننا لا نزال في المربع الأول وكأننا في اليوم الأول من المشاورات لانتخاب الرئيس في وقت دخلنا فيه الشهر الرابع من الشغور.

وفي هذا السياق، يسعى رئيس الحزب “التقدمي الإشتراكي” وليد جنبلاط الى تسجيل خرق ما في الاستحقاق الرئاسي، ويلتقي مع مختلف الأطراف للتشاور، وكان موعده أمس مع رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة، حيث قال: “نحاول اختراق بعض الحواجز للوصول إلى توافق يعطينا أملاً في انتخاب رئيس لأننا لا نستطيع أن نبقى في دوامة الورقة البيضاء وهذا رأي مشترك مع الرئيس بري”.

ورأى جنبلاط أن “هناك شيئاً مخيفاً وهو العداد أي انهيار الليرة اللبنانية في كلّ لحظة والهندسات المالية التي يجريها مصرف لبنان لا تنفع اذا لم يحصل اصلاح حقيقي من خلال انتخاب رئيس للجمهورية وتبني مشروع البنك الدولي”.

كما زار وفد من “‏اللقاء الديموقراطي” برئاسة النائب تيمور جنبلاط، البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي في بكركي، وقال النائب راجي السعد باسم ‏الوفد: “ليس هناك أي اتفاق على اسم معين، ولكن هناك نوع من التراتبية في الأسماء المطروحة، نحن لا نتكلم عن موقف اللقاء الديموقراطي انما عن كل الاجتماعات التي حصلت بين الأفرقاء والكتل كافة وحتى على صعيد الدول الخارجية، بأن اسم قائد الجيش يتم التداول به كثيراً. هناك أسماء يتداول بها، واذا حصل في النهاية اتفاق كبير على اسم قائد الجيش نتكلم بعدها عن تعديل الدستور. ولكن حتى الآن لم نصل الى اتفاق على اسم من أجل تعديل الدستور، وعند الاتفاق على الاسم لكل حادث حديث”.

وأكد أحد نواب “اللقاء الديموقراطي” لموقع “لبنان الكبير” أن “التواصل جار مع كل الكتل النيابية في محاولة للخروج من الجمود القاتل، لكن الى اليوم يمكن القول ان هذه الحركة لم تثمر ولم تؤد الى أي نتيجة يمكن أن تسجل خرقاً في الجدار الرئاسي. ومن خلال هذا التواصل، تبين أن اسم قائد الجيش الأكثر تداولاً بين الأفرقاء بمعنى أنه لدى كل كتلة لائحة بأسماء مرشحين، لكن اسم قائد الجيش يتكرر في العديد من اللوائح. واذا مزجنا الآراء في الخارج والداخل، فإن قائد الجيش الأكثر قبولاً الى اليوم، لكننا في الوقت عينه لم نصل بعد الى مرحلة الاجماع عليه أو الى مرحلة طرح التعديل الدستوري لانتخابه رئيساً للجمهورية. وكل ما يتم التداول به عن أن جنبلاط يسير بفرنجية انطلاقاً من أنه لن يقف حجر عثرة في وجه انتخاب الرئيس اذا كانت أصوات كتلة اللقاء الديموقراطي ترجح الكفة أو أن الرئيس نبيه بري يقنعه في هذا الاتجاه، تكهنات، وليست هناك أي اشارة من هذا القبيل. جنبلاط يستشعر الحركة الخارجية، ويستخدم راداراته ليلتقط الاشارات التي تظهر أن هناك تداولاً لبعض الأسماء في الأروقة الدولية، ومن بينها اسم قائد الجيش المتداول بقوة”.

وفيما هناك مسار طويل بين أكبر كتلتين مسيحيتين أي “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” للتوافق على اسم للرئاسة، قدّم عددٌ من المنتمين الى “التيّار” من بلدة العيشيّة، وهي مسقط رأس قائد الجيش، استقالاتهم، التي تأتي هذه على خلفيّة الهجوم الذي شنّه النائب جبران باسيل عليه. ولفت أحد القياديين السابقين في “التيار” في تصريح لـ “لبنان الكبير” الى أن “هناك أموراً غير طبيعية وغير صحيحة في التيار. في السابق، كان الرئيس ميشال عون يشكل غطاء سياسياً له، لكن اليوم كشف هذا الغطاء، وهناك أعداد كبيرة في صفوف المناصرين غير راضين عن سياسة رئيس التيار النائب جبران باسيل. ولا بد أننا سنشهد على انسحابات كبيرة متتالية. لا شك في أن الكثير من المناصرين يحترمون قائد الجيش، ولا يريدون الهجوم عليه بهذا الشكل، لكن الانسحابات تعني أيضاً أن المنسحبين غير موافقين على ترشح باسيل لرئاسة الجمهورية”.

وفي وقت تعقد في بكركي قمة روحية مسيحية بعد ظهر اليوم، يعدّ رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي العدة للدعوة الى جلسة ‏حكومية ثالثة هدفها الأساس ملف التربية، هذا الأسبوع أو مطلع الأسبوع المقبل، لكن الدعوة الى الجلسة الثانية عشرة لانتخاب رئيس للجمهورية لا تزال ضبابية وسط ترجيح عدم انعقادها.

أما على الجبهة القضائية التي تبدو هادئة، فإن جمر الخلافات لا يزال تحت الرماد، وقابل للاشتعال في أي لحظة في ظل هذا الشرخ الكبير بين وجهتي نظر في الجسم القضائي، وطالما أن اأامور الخلافية لم تجد طريقها الى الحلحلة، فإن كل احتمالات التصعيد واردة حتى ان أحد الدستوريين أكد لموقع “لبنان الكبير” أن القضية خرجت من يد القضاء كلياً، وباتت بحاجة الى تدخل سياسي لرأب الصدع بين القضاة. والشكاوى الجزائية التي تقدم بها النائبان علي حسن خليل وغازي زعيتر، ضدّ القاضي طارق البيطار أمام النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات وأمام التفتيش القضائي، تعني المزيد من عرقلة التحقيق، وهي بمثابة تثبيت عداوة بينهم وبين المحقق العدلي. وعادة لا يجوز أن تكون هناك لا صداقة ولا عداوة بين المدعى عليهم والقاضي. أما في حال أراد البيطار كشف القرار الظني كما يتم التداول في منتصف شهر شباط، فهو لا يمكنه اتخاذ أي اجراء لأن يده مكفوفة، وسيعتبر القرار غير قانوني لأنه مبني على باطل وما بني على باطل فهو باطل. لا نعرف الى أين تتجه الأمور لأننا أمام اشكالية قضائية حقيقية تحصل لأول مرة.

شارك المقال