لا “فرح” بالاستحقاقات… واللوم المسيحي على النواب!

لبنان الكبير

اشتدت حدة العاصفة “فرح” في الساعات الماضية، وعزلت بثلوجها وخيراتها المناطق الجبلية تماماً كما عزلت السلطة لبنان عن العالمين العربي والغربي، وأودت به الى ما بعد جهنم حتى أن اللبنانيين الذين أرادوا أن يرفعوا الصوت عالياً من نقابات متعددة، اعتراضاً على سياسات التجويع والافقار، أجلوا الاعتصام الذي كان مقرراً أمام مجلس النواب الى موعد آخر.

لكن برودة الطقس التي انعكست جموداً على الساحة السياسية حيث لا جلسة نيابية لانتخاب الرئيس اليوم، لم تؤثر على حرارة اللقاءات والنقاشات في بكركي التي لطالما لعبت دوراً وطنياً يتجاوز الكنيسة المارونية، تسلم به غالبية اللبنانيين من جميع الطوائف، اذ كان البطاركة الموارنة يلعبون أدواراً أساسية في الأزمنة المفصلية، ونحن اليوم في مرحلة شبه وجودية في تاريخ البلد.

اتجهت الأنظار أمس الى بكركي التي شهدت قمة روحية مسيحية عكست تصاعد القلق من الشغور الرئاسي، وتداعياته البالغة الخطورة على مختلف المؤسسات والمرافق اضافة الى التفاعلات اليومية للانهيار المالي والاجتماعي. وصدر عن المجتمعين بيان، عبروا فيه عن قلقهم العميق تجاه الأزمة الاجتماعية والاقتصادية، مطالبين “المسؤولين في الدولة بحكم مسؤوليّتهم بإيجاد الحلول لهذه المآسي التي لا تتحمّل أيّ إبطاء”. وأكدوا أنه “لا يحقّ لأحد أن يجازف بمصير الوطن. إن أساس الكيان اللبناني ومصدر قوّته الفريدة هو الشراكة الوطنيّة الإسلاميّة – المسيحيّة، ولنا ملء الثقة بتضامن رؤساء الطوائف الإسلامية معنا”. وطالبوا المجلس النيابي بـ”الاسراع في القيام بواجبه الوطني وانتخاب رئيس للجمهورية”.

وأشاروا الى “أننا نأتمن البطريرك (بشارة) الراعي على الاجتماع مع من يراه مناسباً تحقيقاً للمضمون أعلاه بما في ذلك دعوة النواب المسيحيين إلى اللقاء في بكركي، وحثّهم على المبادرة سويّاً، مع النواب المسلمين، وفي أسرع وقت ممكن، الى انتخاب رئيس للجمهورية”.

وأكد مصدر متابع لموقع “لبنان الكبير” أن بكركي تستشعر خللاً غير مسبوق، وخطر تفكك الدولة والكيان. والقادة الروحيون أرادوا مخاطبة ضمائر المسؤولين لتحمل مسؤولياتهم، لكن المعضلة الأساس اليوم أن هناك خطين في البلد: خط وطني سيادي أولويته لبنان، وخط أولويته اقليمية، مشيراً الى أن الفاتيكان مستاء جداً لما وصل اليه الوضع في لبنان، ويتواصل مع قادة الدول لحثهم على انقاذ بلد “الرسالة” وسط معلومات عن اتصال حصل أخيراً مع كبار مستشاري الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قبيل انعقاد “اللقاء الخماسي” في العاصمة الفرنسية، لحضّهم على السعي من أجل الاسراع في انتخاب رئيس الجمهورية في لبنان قبل أن تؤدي الأوضاع فيه إلى الفوضى. ولفت المصدر الى أن ما نتج عن القمة بمثابة اعلان يضيف البعد الوطني الجامع الذي اعتادت عليه بكركي إن كان في عظات الأحد أو خلال اجتماعات مجلس المطارنة الموارنة. المواقف تجسد بعداً مبدئياً وأخلاقياً، والتحدي في مدى تقبل المسؤولين السياسيين أو “اللامسؤولين” لمواقف تتكرر وستتكرر. ما صدر عن القمة يأتي في سياق زيادة مستوى الضغط المعنوي، وكما يقال “ما على الرسول الا البلاغ”، موضحاً أن القادة الروحيين في القمة عبّروا عن أوجاع الناس، والمسؤولية الأخيرة تقع على عاتق المسؤولين الذين عليهم اما الوصول بلبنان الى شاطئ الأمان أو ابقاؤه في جهنم كما هي الحالة اليوم. ويبقى التعويل على أن يتبع هذه القمة لقاء لقادة الرأي من مختلف الطوائف لزيادة الضغط المعنوي على متولي السلطة ومتقاسميها، اذ لم يعد جائزاً السكوت عن المأساة التي يمر بها لبنان وسط معلومات عن امكان تبلور نتائج القمة ابتداء من الأسبوع المقبل.

وقبيل القمة الروحية، عقد المطارنة الموارنة اجتماعهم الشهري، وجددوا في بيان “الالحاح على المجلس النيابي أن يسرع في المبادرة إلى عقد الجلسة الانتخابية التي نص على آليتها وشروطها الدستور لاختيار رئيس جديد للدولة، ولاسيما أن الأوضاع العامة باتت على شفير الانهيار الكارثي الكامل، الذي قد لا تستطيع أي قوة مواجهته”. وأشاروا الى أنهم تابعوا “بذهول وأسف شديدين، الصراع المحتدم في السلك القضائي، والذي يهدد بتعطيل سير العدالة ولا سيما في ما يتعلق بكشف حقيقة تفجير مرفأ بيروت”، مستصرخين “ضمائر المعنيين، مع الآلاف من ذوي الضحايا ومن المنكوبين بنفوسهم وأجسادهم وأرزاقهم، من أجل تحييد هذه القضية عن التجاذبات السياسية”. وطالبوا بـ “متابعة التحقيق حتى صدور القرار الظني، وفي أسرع وقت ممكن”.

من جهة أخرى، حضر أمس المحقق العدلي في جريمة إنفجار المرفأ القاضي طارق البيطار إلى مكتبه في قصر العدل في بيروت. وفيما تردد أنه عقد اجتماعاً مع رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود خصص لايجاد حلّ معيّن في قضية انفجار المرفأ، وأن الاجتماع يأتي غداة الاجتماعات التي حصلت بين وزير العدل هنري خوري وعبود وبين وزير العدل ومدعي عام التمييز غسان عويدات، أشارت معلومات صحافية الى أن لا صحّة لما تمّ تداوله عن لقاء جمع عبود مع البيطار.

الى ذلك، وفيما من المتوقع أن يزور وفد من كتلة “الوفاء للمقاومة” برئاسة النائب محمد رعد، اليوم، الرئيس السابق ميشال عون في الرابية، كشفت مصادر “اللقاء الديموقراطي” أن “لا شيء مؤكداً حتى الآن حول اقتناع الرئيس نبيه بري بالمضي في ترشيح قائد الجيش جوزيف عون للرئاسة”.

شارك المقال