السلع بالدولار… والرئاسة بأي عملة؟

لبنان الكبير

6 شباط… الاثنين اللباط قضائياً ورئاسياً ومعيشياً، بين قصر العدل، بانتظار خطوة القاضي طارق البيطار، وباريس بانتظار دخان رئاسي ما من الاجتماع الخماسي، ولقمة الناس التي ستكون مغمسة بالدولار الأميركي، فيما الشغور ينتظر منصة “صيرفة” سياسية متقلبة بين إرادات خارجية مشتتة ومصالح داخلية متباعدة.

من المنتظر أن يشهد مطلع الأسبوع المقبل تطورات على أكثر من صعيد يمكن أن يتخذ بعضها الطابع الدراماتيكي، اذ من المتوقع عقد جلسة وزارية تربوية، وانعكاساتها على العلاقة المأزومة بين “حزب الله” و”التيار الوطني الحر”، مروراً بالاجتماع الخماسي يوم الاثنين المقبل في باريس، ويضمّ ممثّلين عن كلّ من فرنسا والولايات المتّحدة والسعودية وقطر ومصر في محاولة لتشجيع السياسيين اللبنانيين على إيجاد مخرج للأزمة، وصولاً الى الملف القضائي الأكثر حساسية وخطورة بحيث حدد المحقق العدلي في قضية إنفجار المرفا القاضي طارق البيطار جلسة لاستجواب رئيس الحكومة السابق حسان دياب والنائب غازي زعيتر والوزير السابق نهاد المشنوق.

وأشارت مصادر قضائية لموقع “لبنان الكبير” الى أن هناك حالة من الترقب في قصر العدل، والكل كما النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، ينتظرون الخطوة الأولى من البيطار الذي في حال استمر في المسار الذي يتبعه فليس مستبعداً أن يصدر عويدات مذكرة بحقه، لكن في الوقت نفسه لا بد من التأكيد أن هناك مساعي لترتيب البيت الداخلي بعيداً عن التدخلات السياسية، والضجيج الاعلامي، وهذا هو المسار الصحيح لاعادة الهيبة الى الجسم القضائي المليء بالعقلاء وبأصحاب الضمير الذين يزينون الأمور بميزان الجوهرجي.

أما في ما يتعلق بالاجتماع الخماسي في باريس الاثنين، فقد برزت معادلة في الساعات الماضية على طريقة “الدجاجة قبل البيضة أو البيضة قبل الدجاجة” اذ تساءل كثيرون إن كان الحراك الرئاسي الداخلي ينتظر نتائج الحراك الخارجي ليبنى على الشيء مقتضاه أو أن الحراك الخارجي يريد أن يلمس على الأقل أن هناك رغبة لبنانية في انتخاب رئيس جديد؟

وفي هذا السياق، شدد أحد الخبراء في تصريح لموقع “لبنان الكبير” على “أننا تعودنا انتظار الخارج لأننا قاصرون وليست لدينا رؤية ولا أحد يقدم خارطة طريق فعلية للخروج من الأزمة. والحراك الداخلي من مختلف الأطراف، وكل ما يقومون به سواء على مستوى متدنٍ أو مرتفع، هو تقديم أوراق اعتماد للدول لأي تسوية خارجية يتم التوافق عليها. ويبقى حزب الله الذي يقول دائماً انه لا يجوز انتظار الخارج وان الحل في الداخل لأنه منطقياً لا يمكنه قبول الحلول من الدول الغربية أو العربية فيكون بذلك خالف التوجه الايراني. نحن ننتظر الخارج وليس العكس”.

وبالعودة الى الاجتماع الذي اكتسب في الأيام الاخيرة أبعاداً مغايرة للاجتهادات والتفسيرات في الداخل التي كانت تقول انه يغلب عليه الطابع الانساني والمساعدات الاجتماعية للشعب اللبناني، بحيث أنه بعد اعلان وزارة الخارجية الفرنسية أن “الهدف من الاجتماع، تشجيع الطبقة السياسية اللبنانية على الخروج من الطريق المسدود”، بالتزامن مع وجود وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا في زيارة مهمة للمملكة العربية السعودية الشريكة الأساسية لفرنسا في تولي الملف اللبناني، معطوفاً على مهمة السفير المكلف تنسيق الدعم الدولي للبنان بيار دوكان، في بيروت والمنطقة وصولاً إلى واشنطن، يعني أن فرنسا أطلقت صفارة الحلحلة في لبنان. وينتظر أن تصدر عن الاجتماع توجهات بارزة ومؤثرة في الأزمة السياسية عموماً والرئاسية خصوصاً، مع العلم أن الدول المشاركة، أصبح لديها هاجس ليس من تدهور الأوضاع المالية والاقتصادية والاجتماعية وحسب، انما أيضاً من الزعزعة الأمنية التي قد تؤثر على المنطقة ككل.

ورأى مدير أحد مراكز الأبحاث والدراسات أن الايجابية من انعقاد المؤتمر أنه يؤكد على اهتمام دولي بما يجري في لبنان خصوصاً من دول كبرى مثل فرنسا والولايات المتحدة ودولة اقليمية مهمة جداً وصديقة تاريخية للبنان مثل السعودية، وأكبر دولة عربية مثل مصر وقطر التي تنشط باتجاه لبنان. انها ايجابية كبيرة تخلق نافذة أمل للبنانيين بإمكان ايجاد الحل بعدما فقدوا كل أمل بهذه الطبقة السياسية التي تعيش حالة من الانكار ضد بعضها البعض. المجتمعون يمكن أن يقدموا النصيحة للسياسيين اللبنانيين بأن يعودوا الى ضمائرهم والى حسهم الوطني والحكمة حول ما يجب أن يقوموا به تجاه وطنهم واعادة بناء الدولة بدءاً بانتخاب الرئيس. لكن ليس هناك من أمل كبير في التجاوب لأن التجربة في السابق خصوصاً المبادرات الفرنسية والنصائح العربية والمبادرة الكويتية، وكل ما جرى منذ العام 2019 الى اليوم لا يؤشر الى أن الطبقة السياسية ستعود الى رشدها وتقوم بالاصلاحات اللازمة أو بأي خطوة ايجابية على طريق انتخاب رئيس للجمهورية في المستقبل القريب. من المنتظر أن ينتج عن الاجتماع ما يشبه خارطة الطريق التي تضع اللبنانيين أمام رؤية جديدة لامكان اعادة بناء الدولة عاجلاً أم آجلاً. نحن في مرحلة تشكيل تحالف دولي لرعاية لبنان وإخراجه من أزمته، وهذا الاجتماع سيكون بداية لخطوات لاحقة.

الى ذلك، وفيما يواصل دوكان جولاته على المسؤولين عارضاً لملف الاصلاحات عموماً والكهرباء خصوصاً، بقي الهم المعيشي في الواجهة بحيث بشّر وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام اللبنانيين ببدء تسعير السلع والمواد الغذائية بالدولار اعتباراً من مطلع الأسبوع المقبل. في حين وجّه نقيب الصيادلة جو سلوم نداءً الى كل اللبنانيين وفي مقدّمهم صيادلة لبنان، للمشاركة الكثيفة في الوقفة التضامنيّة مع مرضى السرطان التي دعت اليها “مؤسسة بربارا نصار”، استنكاراً للمجزرة التي تُرتكب بحقهم نتيجة حرمانهم من دواء السرطان، وذلك عند الثانية من بعد ظهر اليوم السبت في ساحة رياض الصلح.

شارك المقال